"مسمار في نعش مؤامرات تقسيم سوريا".. هكذا رأى ناشطون اندماج "قسد" في مؤسسات الدولة

"هذا الاتفاق ينسف أحلام الراغبين في تقسيم سوريا"
حالة من الارتياح عمّت منصات التواصل الاجتماعي، إثر إعلان الرئاسة السورية توقيع اتفاق يقضي باندماج "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) ضمن مؤسسات الدولة، والتأكيد على وحدة الأراضي السورية ورفض التقسيم، وعده ناشطون "اتفاقا تاريخيا ونصرا سياسيا".
الرئاسة السورية أوضحت في 10 مارس/آذار 2025، أن الاتفاق جاء بعد اجتماع بين الرئيس أحمد الشرع وقائد قسد مظلوم عبدي، وينص على ضمان حقوق كل السوريين في التمثيل والمشاركة السياسية داخل مؤسسات الدولة على أساس الكفاءة.
وأشارت إلى أنّ تلك المشاركة بغض النظر عن الخلفيات الدينية والعرقية، إلى جانب التأكيد على أن المجتمع الكردي جزء أصيل من الدولة السورية، مع ضمان حقوقه في المواطنة وكامل حقوقه الدستورية، معلنة الاتفاق على وقف إطلاق النار في الأراضي السورية كافة.
وأفادت الرئاسة السورية بأن الاتفاق ينص على أن المجتمع الكردي أصيل في الدولة وحقه مضمون في المواطنة والدستور، ودمج المؤسسات المدنية والعسكرية شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة، بما يشمل المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز.
وفيما يتعلق بالملف الإنساني، شدد الاتفاق على ضرورة تأمين عودة المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم مع ضمان حمايتهم من قبل الدولة السورية.
كما أكد الجانبان دعمهما الدولة السورية في مواجهة فلول نظام بشار الأسد المخلوع والتهديدات كافة التي قد تمس أمن البلاد ووحدتها.
وتعهد الطرفان برفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية، والتصدي لمحاولات بثّ الفتنة بين مكونات المجتمع السوري، كما نص الاتفاق على تشكيل لجان تنفيذية لمتابعة تطبيق بنوده، على أن يتم الانتهاء من تنفيذه بالكامل بحلول نهاية العام 2025.
قوة عسكرية
وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" هي قوة عسكرية أعلن إنشاؤها شمال شرق سوريا عام 2015، بعد أيام من إعلان روسيا تدخلها العسكري لدعم نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في مواجهة الثورة السورية، من اتحاد تشكيلات وفصائل عسكرية مختلفة ويغلب عليها المكوّن الكردي.
وتتلقى دعما مباشرا من الولايات المتحدة الأميركية، واستعانت بها في حربها ضد "تنظيم الدولة"، ويتهم كثيرون هذه القوات بارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان.
وعرفت "قسد" نفسها في بيانها الأول الذي أصدرته في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2015 بأنها "قوة عسكرية وطنية موحدة لكل السوريين، تجمع العرب والكرد والسريان، والمكونات الأخرى كافة على الجغرافية السورية".
وجاء التأسيس ببيان تعريفي أكد بدء تشكل القوات وعملها، وذلك بعد إعلان الولايات المتحدة نيتها تقديم أسلحة لمجموعة عسكرية مختارة بغرض محاربة "تنظيم الدولة"، وسوقت لها على أنها تمثل كل مكونات الشعب السوري.
إلا أنها كانت تمثل وحدات من حزب حماية الشعب الكردي وبعض الفصائل العربية والسريانية والتركمانية، وتحمل شعارا يتكون من خريطة سوريا بيضاء بخلفية صفراء وبها نهر الفرات ملونا بالأزرق ومكتوب عليه "قوات سوريا الديمقراطية" باللغة العربية والكردية والسريانية.
وتداول ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية على منصتي "إكس"، و"فيسبوك" مقاطع فيديو وصورا توثق احتفالات السوريين في عدة مدن منها حماة وطرطوس وحمص ودير الزور وغيرها، باتفاق الدولة مع قسد.
وأعربوا عبر مشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #سوريا_تتوحد، #أحمد_الشرع، #قسد، وغيرها، عن سعادتهم بإبرام اتفاق يضمن وحدة الأراضي السورية ويفشل مخططات ومشاريع تقسيم سوريا كافة ويضمن توحدها.
وأشادوا بالشرع وقدرته على إطفاء نار الفتنة وسحق فلول النظام المخلوع، وتوحيد الدولة السورية وإعادة هيبتها ورد الأكراد إلى حضن الدولة، وترهيب كل من تُسول له نفسه العبث بأمن الوطن، وردع المتآمرين.
إنجاز تاريخي
وإشادة بالاتفاق المعلن بين الدولة السورية وقسد، عدّه الباحث إبراهيم حمامي، ضربة قاصمة للانفصاليين ومحركيهم، متسائلا: “يا ترى أين ستكون اللطميات؟”
ورصد ملاحظات سريعة حول الاتفاق، ومنها أنه لم يحدث في ليلة وضحاها، بل كانت هناك اتصالات سبقته، لكن هذا لا يمنع أن توقيت التوقيع عليه كان موفقا جدا بعد أحداث الساحل.
وأكد حمامي، أن أحداث الساحل كان لها دور حاسم في تسريع الاتفاق، أولا بسبب الموقف الحاسم للدولة، وثانيا بسبب الموقف التركي وثالثا وهو الأكثر أهمية موقف الشعب السوري الذي هبّ عن بكرة أبيه لمواجهة الفلول والعصابات.
وأضاف أن أحداث الساحل اتضح بعدها أن أي مواجهة مع الدولة والحكومة تعني مواجهة مع الشعب بأكمله، بما فيه المناطق التي تحت سيطرة "قسد" في الحسكة والرقة ودير الزور.
وأشار حمامي إلى أن الاتفاق وقعه الشرع بصفته رئيسا للجمهورية العربية السورية، وهو ما يعني بشكل لا لبس فيه إقرار "قسد" بالشرعية في سوريا، لافتا إلى أن الاتفاق مكتوب باللغة العربية فقط، وهي اللغة الرسمية الوحيدة في الجمهورية.
وقال عادل حنيف داود: "انتهت مشكلة قسد بالسلم، وعاشت سوريا حرة أبية موحدة".
وعد أحمد الشوال، الاتفاق بأنه "إنجاز تاريخي بدون قطرة دم"، لافتا إلى أن رسميا المحافظات الشرقية تصبح جزء من سوريا الموحدة.
وأعلن رجل الأعمال غسان عواد، دعمه للاتفاق، وتمنى أن يصدق عبدي في مسعاه، وتعهد أمام الله بأن يكون عونا للطرفين في تنفيذ هذا الاتفاق سياسيا واقتصاديا وإداريا.
وقال: "سوريا واحدة لعموم السوريين ومعا لإنهاء مظلومية الكرد السوريين ضمن بلد واحد وحقوق مواطنة متساوية عادلة".
وبشر الكاتب والباحث أحمد دعدوش، بأن قريبا سيتم الاتفاق مع السويداء على الوحدة الوطنية، ويُستخرج الفلول من جحورهم.
وقال المدون دعيج، إن الاتفاق الذي حصل بين الشرع ومظلوم "جاء في توقيت مفاجئ، والتحليلات والتوقعات في الوقت الراهن أصبحت هباء منثورا، إذ لا تزال الأمور في غاية الضبابية".
ورصد من إيجابيات الاتفاق أن "جميع البنود تصب في مصلحة الحكومة، ولا يوجد أي احتمال، ولو ضعيفا، لحدوث تشرذم، سواء عبر إقامة دولة كردية، إقليم كردي، أو نظام لا مركزي مثل الإدارة الذاتية".
وأكد خبير الإدارة الإستراتيجية وإدارة الأزمات مراد علي، أن "الاتفاق وقع كالصاعقة على مسامع أعداء وحدة سوريا، وفلول الخيانة والغدر من بقايا النظام البائد وحلفائهم في إسرائيل والغرب وبعض الدول العربية".
وأعرب عن أمله أن يشهد عودة جميع أبناء الطوائف، من الدروز والعلويين دون استثناء، إلى حضن وطنهم سوريا، ليأخذوا مكانهم الطبيعي في كنفها، سائلا الله أن يكون ذلك قريبا وأن تنعم سوريا بالاستقرار الذي يحتضن جميع طوائفها وأديانها، لتعوض سنوات المعاناة والظلم التي مرّت بها.
وعد الصحفي قطب العربي، الاتفاق خطوة كبرى على طريق سوريا الموحدة القوية، موضحا أن المنطقة الكردية في شمال شرق سوريا تمثل 40 بالمئة تقريبا من مساحة الدولة وتضمّ آبار النفط والغاز، وثروات معدنية وزراعية أخرى.
وأكد أن بهذا الاتفاق تكون العقبة الكبرى أمام سوريا الموحدة قد زالت، ويبقى ملف الدروز وسيكون أيسر كثيرا، أما ملف العلويين فقد حسم، وانتهى حلم فلول نظام الأسد في العودة، قائلا: "في انتظار محاسبة المسؤولين عن الجرائم الأخيرة بحق الأبرياء".
وعد رئيس تحرير صحيفة "المصريون"، جمال سلطان، الاتفاق نصر سياسي كبير تحققه سوريا الثورة، بقبول "قسد" حل نفسها، والاندماج في الجيش، ليشارك أكراد سوريا في صياغة مستقبل بلدهم الواحد مع بقية مكونات الطيف الوطني.
وبارك للأكراد ولحكومة سوريا الحرة وللشعب السوري، مبشرا بأن "المستقبل يحمل الخير والسلام للجميع".
إسقاط التقسيم
وتأكيدا على أن الاتفاق يرسخ وحدة البلاد بعيدا عن مشاريع التقسيم والانفصال، قال الصحفي سامر الأحمد: إن الاتفاق يُعد خطوة مهمة لإنهاء الانقسام ودمج المؤسسات في الدولة السورية، ما يعيد وحدة القرار الوطني، ويضع حدا لمشاريع التقسيم، ويرفض جميع طروحات الفيدرالية والإدارات الذاتية الحزبية، كما يمثل هذا الاتفاق تقدما كبيرا في بناء الدولة الوطنية الجديدة.
وأضاف أن الاتفاق يشكل مفتاحا لعودة المحافظات الشرقية إلى حضن الوطن السوري، من خلال استعادة مؤسسات الدولة وفرض سيادتها على جميع المدن والبلدات، كما يحمل الاتفاق قيمة وطنية وتاريخية مهمة عبر الاعتراف الدستوري بحقوق المكوّن الكردي بعد عقود من التهميش والظلم.
ولفت الأحمد إلى أن الاتفاق يتضمن عودة الدولة السورية إلى المحافظات الشرقية، وسيطرتها على حقول النفط والغاز التي تشكّل 90 بالمئة من ثروات البلاد، إضافة إلى استعادة سد الفرات والمساحات الزراعية، كما يتيح استعادة السيطرة على المعابر الحدودية مع العراق وتركيا ومطار القامشلي، ما يمنح دفعة اقتصادية كبيرة ويسهم في تخفيف أزمات الكهرباء والوقود والغذاء.
وأكّد أن سكان الجزيرة السورية من عرب وكرد وسريان يأملون أن يكون هذا الاتفاق بداية لإنهاء عقود من الظلم والتهميش، التي بدأت مع نظام الأسد، ثم استمرّت مع تنظيم الدولة، وأخيرا قسد، التي ارتكبت سلسلة من الانتهاكات، شملت الاعتقالات، والتضييق، ونهب الثروات، وفرض أيديولوجيات مختلفة على السكان من قبل مختلف سلطات الأمر الواقع على مر السنوات الماضية.
وقال الأحمد: "رغم أن بنود الاتفاق العامة تُعد ممتازة، إلا أن المخاوف تتركز حول آليات التنفيذ، وإمكانية المماطلة في تطبيق اندماج المؤسسات المدنية والعسكرية".
وأشار إلى أن السكان يأملون أن يؤدي الاتفاق إلى إنهاء التجنيد الإجباري، والاعتقالات اليومية، والمسيرات القسرية، كما يتطلعون إلى أن تتخذ الدولة إجراءات لتعزيز الثقة، من خلال إطلاق برامج تنموية واعدة تختلف عن السياسات الإقصائية التي اتبعها نظام البعث سابقا.
وقال خالد عواد: "بهذا الفرح العظيم تدق القيادة السورية المسمار الأخير في نعش المشاريع التقسيمية والتهويلات والحروب الإلكترونية على شعبنا العظيم، ويعلن الشعب السوري نصرا جديدا كان مداده وطوفانه وصبره وتضحياته والفداء ودماء شهدائنا الأبرار التي روت تراب أرضنا السورية".
وقال: "والله لأنكم شعب يستحق أن نفتخر فيه ونرفع رأسنا بين أمم العالم أجمع".
وشكر معمر عواد، كل من أسهم في إسقاط مشروع التقسيم في سوريا بالسر أو في العلن، مؤكدا أن سوريا رقم أولي لا يقبل القسمة إلا على نفسه أو على الرقم (1).
ورأى الكاتب أحمد الهواس، التوقيع على اتفاق قسد مع رئاسة الجمهورية "خطوة متقدمة لبناء دولة المواطنة".
وقال: "حين يكون الشعب ثورة بحد ذاتها، فستمضي الثورة حتى تحقيق أهدافها، ما حصل في ملاحقة الفلول أدّى إلى عودة منطقة الثروة السورية إلى سوريا، لتبقى سوريا دولة بسيطة ولكل أبنائها".
وقال المحلل السياسي ياسر الزعاترة: إن هذا الاتفاق "ينسف أحلام الراغبين في تقسيم سوريا"، ووصفه بـ"التاريخي".
وأكد أنه "بداية دون شك، لكنها بداية بالغة الأهمية". مبشرا بأن سوريا واحدة، وستبقى، بإذن الله.
وأكد الكاتب حسن الدغيم، وحدة سوريا أرضا وشعبا ورفض كل أشكال التقسيم والفدرلة والاقتصاص، وإدماج التشكيلات المسلحة في أجهزة الدولة وبناء الجيش والأمن على أسس وطنية، مع ملاحقة فلول النظام الساقط ورفض الأجندات الخارجية.
وأضاف أن الاتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية باندماجها ضمن مؤسسات الدولة السورية يأتي دافعا مهما في سبيل بناء وطن لكل السوريين، مباركا للسوريين جميعا.
مباركات وتهانٍ
وتقديما للتهاني للسوريين، قدم الصحفي السوري قتيبة ياسين، المباركات لسوريا عربا وكوردا وتركمان وعلويين ودروز ومسيحيين وإسماعيليين وآشور وكل الطوائف والإثنيات، قائلا: "سوريا حرة ولا عزاء لخامنئي ونتنياهو".
وبارك بشار إسماعيل، لسوريا هذا الاتفاق بين قسد والرئيس الشرع الذي سيكون حبل الخلاص من هذا الطوق الخانق للشعب السوري والذي سيخلص سوريا من سفك الدماء البريئة والعودة إلى الاستقرار والعيش المشترك.
ووجه مليار تحية حب لكل المكوّن السوري، قائلا: "عاشت سوريا لتبقى أمة تامة بكل أطيافها ومكوناتها".
كما هنأ إبهاب برو، الشعب السوري على هذا الاتفاق، مؤكدا أن "أهم شيء الأمن والأمن للناس المستضعفين".
وبارك الخبير العسكري محمد الحاج علي، لسوريا هذا الاتفاق "المفاجئ"، وحمد الله على وحدة الأراضي والشعب السوري في هذه الظروف "المعقدة".
إشادة بالشرع
وثناء على الرئيس السوري وامتداحا لسياساته، قال الإعلامي القطري جابر الحرمي: إنه "رغم قصر مدة حكمه يُظهر في خطواته المختلفة كفاءة عالية في التعامل مع الأحداث والمستجدات على خارطة الأرض السورية، وفي محيطها، وفي تعامله مع دول العالم".
وأضاف أن الرجل القادم من "الثورة" سرعان ما خلع تلك "البدلة" وأبدلها بعقلية رجل "الدولة"، المحترف سياسة، في بلد ليس فقط مزقته الحرب طوال 15 عاما، بل قبلها مزقته الطائفية النتنة، وحكم أقلية استبدت بالأكثرية، واستباحت كل شيء.
وتابع الحرمي: "3 أشهر فقط حقق خلالها وحدة سوريا أرضا وشعبا، مما يعني انعكاس ذلك إيجابا في مسيرة هذا البلد الذي يمثل أحد الحواضر التاريخية، وتعافيه مما هو فيه سيُغيّر معادلات كثيرة بالمنطقة"، معربا عن خوفه على الرئيس الشرع من الاستهداف.
وقال الصحفي السوري أحمد العقدة: "سيذكر التاريخ أن أحمد الشرع أسقط النظام حين ظنّ الجميع أنه باقٍ، وحافظ على سوريا موحّدة حين ظنّ الجميع أنها لن تبقى".
وأشار الإعلامي أحمد منصور، إلى أن الشرع أعلن عشية إجهاض المحاولة الانقلابية في سوريا، توقيع اتفاق يقضي باندماج "قسد" ضمن مؤسسات الدولة والتأكيد على وحدة الأراضي السورية ورفض التقسيم.
وأثنى طارق أسعد التميمي، على الرئيس السوري قائلا: "سيسجل التاريخ أن الرئيس أحمد الشرع أحد دهاة العرب والمسلمين".
وأكد أن الاتفاق مع قسد “ضربة معلم نزلت كالصاعقة على رأس خامنئي ونتنياهو وكل محور السبئيين وعواهم وصل طهران”.