تنظيم القاعدة يعود للظهور في أفغانستان.. كيف تتأثر علاقات طالبان بإيران؟

منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تقرير صادر عن مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، كشف أن تنظيم "القاعدة" عاد للظهور من جديد في أفغانستان في ظل حكم حركة "طالبان".

وذكر التقرير المنشور أواخر يناير/ كانون الثاني 2024، أن التنظيم أقام ثمانية معسكرات تدريب جديدة، إلى جانب خمس مدارس ومؤسسات تعليمية في جميع أنحاء البلاد.

وأفاد بأن معسكرات التدريب تقع في ولايات مختلفة، من بينها غزنة ولغمان وباروان وأوروزغان.

كما أدرج التقرير المواقع التي يستخدمها تنظيم "القاعدة" لنقل عناصره من وإلى إيران المجاورة، قائلا إن قاعدة جديدة لتخزين الأسلحة أُنشئت في وادي بنجشير، شمال العاصمة كابول.

وذكر أن "التنظيم يحتفظ بمنازل آمنة لتسهيل الحركة بين أفغانستان وإيران في مقاطعات هرات وفرح وهلمند، مع وجود مواقع آمنة إضافية في كابول".

صحة المخاوف

ونشر موقع "ذا ميديا لاين" الأميركي تقريرا استعرض فيه علاقات حركة "طالبان" مع تنظيم "القاعدة"، وتأثير ما قيل عن عودة التنظيم للظهور على علاقات الحركة بإيران.

وقال المحلل المتخصص في الشأن الإيراني لدى مركز "أبحاث الشرق الأوسط والنظام العالمي"، شاهين مدرّس، إن "إقامة القاعدة في أفغانستان أكدت صحة المخاوف القديمة التي عبر عنها العديد من المراقبين".

وتتمحور هذه المخاوف -وفق مدرّس- حول أن تصبح البلاد مرة أخرى ملاذا آمنا للتنظيمات "الإرهابية" تحت حكم طالبان.

وقال إن "تنظيم القاعدة، وطالبان التي استعادت الحكم في أفغانستان عام 2021 مع مغادرة قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة للبلاد، لديهما تاريخ مشترك من التعاون والاصطفاف الأيديولوجي".

وأفاد مدرّس بأن "طوال فترة التمرد ضد قوات التحالف، حافظ كلا التنظيمين على علاقات عميقة الجذور في رؤية عالمية جهادية مشتركة، ودعما أهداف بعضهما بعضا".

من جانبها، قالت العضو المنتدب في منصة "سبيشل أوراسيا" المختصة بالشؤون الجيوسياسية، سيلفيا بولتوك، إن "عدم الاستقرار السياسي الذي ظهر في أفغانستان منذ عودة طالبان قد وفر بيئة مواتية لعودة العمليات الإرهابية".

وتابعت: "كان هناك تصعيد ملحوظ في الهجمات، من القنابل المزروعة على الطرق والانتحارية إلى إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون، والنيران المباشرة، وعمليات الاختطاف، وجرائم العنف".

وأوضحت بولتوك أن "العديد من الحوادث التي استهدفت المواقع الدينية وقعت خلال الأعياد الدينية".

وذكرت أن "ولاية خراسان التابعة لتنظيم الدولة متورطة في الأعمال العدائية المستمرة، التي تستهدف الأقليات العرقية والمؤسسات الحكومية".

وأردفت: "بالإضافة إلى ذلك، تنشط جماعات متطرفة أخرى في البلاد، مثل (حركة طالبان باكستان) والفصيل المنشق عنها (جماعة الأحرار)".

علاوة على ذلك، ذكر تقرير مجلس الأمن أن "معسكرات تدريب انتحارية تابعة لحركة طالبان باكستان، قد أُنشئت في مقاطعة كونار".

وأفاد التقرير بأن "العلاقة بين طالبان وتنظيم القاعدة لا تزال وثيقة، وأن الأخير يحافظ على صموده في أفغانستان تحت رعاية طالبان".

ديناميكيات إقليمية

وقال مدرّس إنه "بصرف النظر عن الروابط التاريخية وأوجه التشابه الأيديولوجي بين التنظيمين، فإن وجود القاعدة يوفر لطالبان مزايا إستراتيجية، بما في ذلك التواصل مع مقاتلين متمرسين، والخبرة العملياتية، والنفوذ المحتمل في الديناميكيات الإقليمية".

فيما ذكر الموقع أن "الحدود بين أفغانستان وإيران تشهد توترا منذ سنوات".

وأوضح "تشتكي كلتا الحكومتين -إحداهما سُنّية والأخرى شيعية- من الأخرى، وتزعم كل منهما أن الأخرى تضطهد الأقليات العرقية وتفشل في حمايتها".

وأشار الموقع إلى أن "التوترات بين أفغانستان وإيران تتفاقم بسبب النزاع الطويل الأمد حول نهر هلمند".

ويقطع جزء كبير من نهر هلمند أفغانستان، ثمّ يتّجه نحو إيران، ويحوي عددا كبيرا من السدود التي توفّر الطاقة لأفغانستان، لكن في المقابل تقول طهران إن كابول تمنع ماء النهر عنها.

وقالت بولتوك: "في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حدثت هجرة طفيفة لقادة القاعدة نحو إيران، واعتقلت العديد منهم، واحتجزتهم لاستخدامهم في أي تبادل للأسرى في حالة الصراع مع أفغانستان".

وأكدت الباحثة أن "إيران تمتلك مناطق ريفية شاسعة يصعب حكمها".

وأوضحت أنه "إذا عد ذلك ميزة لمقاتلي القاعدة الذين يسعون إلى الاختباء، فإن التدفق الكبير للمهاجرين الأفغان غير النظاميين الذين يدخلون إيران سنويا يوفر فرصة مثالية لدخول البلاد دون أن يُكتشف أمرهم".

إستراتيجية كبيرة

بدوره، يعتقد مدرّس أن "اهتمام القاعدة المحتمل بإنشاء قواعد لها في إيران يعكس حساباتها الإستراتيجية، حيث تهدف إلى تعزيز قدراتها العملياتية وتوسيع نطاق انتشارها خارج أفغانستان".

وأضاف أن "قرب إيران الجغرافي من أفغانستان، إلى جانب ديناميكياتها الجيوسياسية المعقدة، يتيح للقاعدة فرصا لإنشاء مراكز لوجستية، وتجنيد أعضاء جدد، وتنسيق الأنشطة عبر الحدود".

ويرى مدرّس أن "امتلاك قواعد في إيران يمكن أن يخدم أغراضا متعددة لتنظيم القاعدة".

وأوضح أن "هذا يشمل تسهيل حركة العناصر، والوصول إلى الموارد وشبكات الدعم، وإقامة تواجد في منطقة ذات قيمة إستراتيجية كبيرة".

ومع ذلك، أشار موقع "ذا ميديا لاين" إلى أن "زيادة نشاط تنظيم القاعدة على طول الحدود قد يكون له تداعيات محلية وإقليمية".

وقال مدرّس إن "وجود قواعد لتنظيم القاعدة في إيران يمكن أن يؤدي إلى تصعيد التوترات على طول الحدود الأفغانية الإيرانية، ويقود إلى تأجيج الديناميكيات الإقليمية القائمة".

وذكر أن "المخاوف بشأن الإرهاب عبر الحدود، وتسلل المسلحين، والمخاطر الأمنية يمكن أن تدفع أفغانستان وإيران إلى تعزيز العسكرة والمراقبة على طول حدودهما المشتركة".

وتابع: "قد يؤدي هذا التصعيد إلى تفاقم التوترات، وربما إلى وقوع حوادث، وإلى مزيد من التعقيد الدبلوماسي بين البلدين".

وأردف مدرّس أن "أفغانستان وإيران قد تنظران إلى بعضهما بعضا على أنهما تهديد أو خصوم، الأمر الذي يقود إلى وجود دائرة من الشك والعداء وربما إجراءات يمكن أن تتسبب في التصعيد".  

بالإضافة إلى ذلك، أوضح أن "التوترات المتزايدة على طول الحدود الأفغانية الإيرانية قد تعطل التجارة، وتؤدي إلى تفاقم الخلافات العرقية والطائفية، وتصعيد الصراعات المحلية".

وختم مدرّس بالقول إن ذلك "قد يشجع الجماعات الإرهابية الأخرى والدول الراعية لها، مما يؤدي إلى زيادة التطرف والعسكرة والعنف في المنطقة".