تجسس وإرهاب.. كيف هددت إسرائيل موظفي الجنائية الدولية على مدار عقد؟
كريم خان يسعى لإصدار أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيليين
بدأ يتكشف الكثير من الخبايا والأسرار المتعلقة بتحدي إسرائيل للمحكمة الجنائية الدولية وتهديدها والتجسس على العاملين فيها من أجل تجنيدهم لخدمتها ومنعهم من الإضرار بها.
وكانت آخر التفاصيل المثيرة عن تلك القضية، تطرقت إليها صحيفة "الغارديان" البريطانية التي أجرت تحقيقا، بالاشتراك مع مجلتي (+972) و(Local Call) الإسرائيليتين، كشفت فيه كيف أدارت إسرائيل "حربا" سرية دامت قرابة العِقد ضد المحكمة.
وجاء التحقيق بعد تصريح غامض أدلى به المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان في 3 مايو/أيار 2024، قال فيه إن "جميع المحاولات الرامية إلى إعاقة أو تخويف أو التأثير بشكل غير لائق على موظفينا يجب أن تتوقف على الفور".
ولم يقدم خان، تفاصيل محددة عن محاولات التدخل لكنه أشار إلى بند في المعاهدة التأسيسية للمحكمة يجعل أي خطوة من هذا القبيل جريمة جنائية.
وأضاف أنه إذا استمر هذا السلوك فإن "مكتبي لن يتردد في التحرك"، لكنه لم يحدد هوية مَن حاولوا التدخل، أو كيف فعلوا ذلك بالضبط.
وتبع هذا التصريح في العشرين من نفس الشهر إعلان خان أنه يسعى لإصدار أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيليين وآخرين من حركة المقاومة الإسلامية حماس.
وبين أنهم يسعون لإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير جيشه يوآف غالانت بتهم ارتكاب "جرائم حرب".
هوس التجسس
ومع هذه التطورات، أجرت صحيفة الغارديان التحقيق المذكور المشترك والذي اعتمد على مقابلات مع أكثر من 24 من ضباط المخابرات الإسرائيلية الحاليين والسابقين والمسؤولين الحكوميين، وشخصيات بارزة في الجنائية الدولية، ودبلوماسيين ومحامين مطلعين على قضية المحكمة وجهود إسرائيل لتقويضها.
وأوضح أن إسرائيل استخدمت وكالاتها الاستخباراتية لمراقبة كبار مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية واختراقهم والضغط عليهم وتشويه سمعتهم وتهديدهم، في محاولة لعرقلة تحقيقاتها.
وأفاد التحقيق المنشور في 28 مايو، بأن المخابرات الإسرائيلية اعترضت اتصالات العديد من مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك "خان" وسلفه في منصب المدعي العام، فاتو بنسودا، واعترضت المكالمات الهاتفية والرسائل ورسائل البريد الإلكتروني والوثائق.
وبحسب الغارديان، فقد كانت المراقبة مستمرة في الأشهر الأخيرة، ما أعطى لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، معرفة مسبقة بنوايا المدعي العام.
ونقل التحقيق عن مصدر مطلع، أن هناك رسالة اعترضتها الاستخبارات الإسرائيلية أخيرا أفادت بأن "خان" أراد إصدار أوامر اعتقال ضد إسرائيليين، لكنه كان تحت "ضغوط هائلة من الولايات المتحدة".
أيضا بنسودا، التي فتحت تحقيق المحكمة الجنائية الدولية عام 2021 بصفتها المدعي العام، لم تسلم من التجسس والتهديد.
وأوضح التحقيق أن نتنياهو شخصيا يبدي اهتماما وثيقا بالعمليات الاستخباراتية ضد الجنائية الدولية، لدرجة أن أحد مصادر الاستخبارات وصفه بأنه "مهووس" بالتنصت على مسؤولي المحكمة المعنيين.
وكشف أن الجهود التي تستهدف أولئك المسؤولين تجرى بإشراف من مستشاري نتنياهو للأمن القومي، وينشط فيها جهاز الاستخبارات الداخلية (الشاباك)، وشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، ووحدة الاستخبارات السيبرانية (الوحدة 8200).
وقالت المصادر إن المعلومات الاستخبارية التي حصلت عليها تلك الأجهزة عبر التجسس وُزعت على وزارات العدل، والخارجية، والشؤون الإستراتيجية.
وأضاف التحقيق أن "العملية السرية ضد بنسودا أدارها شخصيا حليف نتنياهو المقرب، يوسي كوهين، الذي كان في ذلك الوقت مديرا للموساد الإسرائيلي".
وفي إحدى المراحل، طلب كوهين المساعدة من رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية آنذاك، جوزيف كابيلا.
وفي اتصال مع "الغارديان"، صرّح متحدث باسم الجنائية الدولية بأنهم على دراية بـ"أنشطة جمع المعلومات الاستخباراتية الاستباقية التي تنفذها عدة أجهزة استخباراتية معادية للمحكمة".
وأضاف أن الجنائية تطبق باستمرار تدابير مضادة لمواجهة مثل هذه الأنشطة، مؤكدا أن "أيا من الهجمات الأخيرة التي شنتها وكالات الاستخبارات تلك" لم تنجح في اختراق أدلة المحكمة الأساسية، والتي بقيت محمية وآمنة.
وقالت الغارديان إن "قرار خان بالسعي للحصول على أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير دفاعه، يوآف غالانت، إلى جانب قادة حماس، يمثل المرة الأولى التي يطلب فيها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية اتخاذ مثل هذه الخطوة ضد حليف مقرب للغرب".
بداية الحرب
وأوضحت أن تلك "الحرب" الإسرائيلية ضد الجنائية الدولية بدأت في يناير/كانون الثاني 2015، عندما انضمت فلسطين إلى المحكمة بعد أن اعترفت بها الجمعية العامة للأمم المتحدة كدولة.
وقد أدان المسؤولون الإسرائيليون انضمامها بوصفه شكلا من أشكال "الإرهاب الدبلوماسي"، وفق زعمهم.
وقال مسؤول دفاع سابق مطلع على جهود إسرائيل ضد الجنائية الدولية إن انضمام فلسطين للمحكمة "نُظر إليه على أنه تجاوز لخط أحمر" و"ربما كان التحرك الدبلوماسي الأكثر عدوانية" الذي اتخذته السلطة الفلسطينية.
وبالنسبة إلى فاتو بنسودا، المحامية الغامبية الضليعة التي انتُخبت مدعيا عاما للجنائية الدولية في عام 2012، فإن انضمام فلسطين إلى المحكمة جلب معه قرارا بالغ الأهمية.
فبموجب نظام روما الأساسي -المعاهدة التي أنشأت المحكمة- فإن الجنائية الدولية لا تستطيع ممارسة اختصاصها القضائي إلا على الجرائم التي تقع داخل الدول الأعضاء أو التي يرتكبها مواطنون من تلك الدول.
لكن إسرائيل، مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين، ليسوا أعضاء. وبعد قبول فلسطين كعضو في المحكمة الجنائية الدولية، أصبحت أي جرائم حرب مزعومة -يرتكبها أشخاص من أي جنسية- في الأراضي الفلسطينية المحتلة تقع الآن ضمن اختصاص بنسودا.
وفي 16 يناير 2015، أي في غضون أسابيع من انضمامها، فتحت بنسودا تحقيقا أوليا لما أطلقت عليه المحكمة: "الوضع في فلسطين".
لكن في الشهر التالي، ظهر رجلان تمكنا من الحصول على العنوان الخاص للمدعية العامة في منزلها في لاهاي، بحسب الغارديان.
وقالت مصادر مطلعة على الحادثة إن الرجلين رفضا التعريف عن نفسيهما عند وصولهما منزل بنسودا، لكنهما قالا إنهما أرادا تسليم رسالة إليها، نيابة عن امرأة ألمانية مجهولة تريد شكرها. وكان المظروف يحتوي على مئات الدولارات نقدا وورقة تحمل رقم هاتف إسرائيلي.
وقالت مصادر مطلعة على مراجعة المحكمة الجنائية الدولية للحادث: "في حين أنه لم يكن من الممكن التعرف على الرجلين أو تحديد دوافعها بشكل كامل، فقد خلص المسؤولون إلى أن المرجح أن إسرائيل أرادت إرسال رسالة إلى المدعية العامة بأنها تعرف مكان إقامتها".
وبحسب الغارديان، فقد أبلغت المحكمة الجنائية السلطات الهولندية بالحادثة وفرضت إجراءات أمنية إضافية، وركبت كاميرات المراقبة في بيت بنسودا.
وقالت الغارديان: "كان التحقيق الأولي الذي أجرته الجنائية الدولية في الأراضي الفلسطينية واحدا من العديد من عمليات تقصي الحقائق التي كانت المحكمة تجريها في ذلك الوقت، كمقدمة لتحقيق كامل محتمل".
ويعتقد المسؤولون في مكتب المدعية العامة أن المحكمة كانت عرضة لنشاط التجسس، ولذلك أدخلوا تدابير مضادة لحماية تحقيقاتهم السرية.
وفي المقابل، رد مجلس الأمن القومي التابع لرئيس الوزراء الإسرائيلي، عبر حشد أجهزة الاستخبارات.
وكان لنتنياهو وبعض الجنرالات ورؤساء أجهزة الاستخبارات الذين أذنوا بالعملية، مصلحة شخصية فيها، بحسب الصحيفة البريطانية.
والجدير بالذكر أنه على عكس محكمة العدل الدولية -التي تعد هيئة تابعة للأمم المتحدة تتعامل مع المسؤولية القانونية للدول - فإن الجنائية الدولية تعمل على محاكمة الأفراد.
وقالت مصادر إسرائيلية متعددة إن قيادة الجيش الإسرائيلي أرادت أن تنضم المخابرات العسكرية إلى الجهود التي تقودها أجهزة الاستخبارات الأخرى، لضمان حماية كبار الضباط من الاتهامات.
ونقل التحقيق عن أحد المصادر قوله: "أُخبرنا أن كبار الضباط يخشون قبول مناصب في الضفة الغربية لأنهم قلقون من الملاحقة القضائية في لاهاي".
وأفاد مسؤولان استخباريان انخرطا في أنشطة تجسس ضد مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية بأن مكتب نتنياهو كان يولي اهتماما بالغا بعملهما.
وأوضح أحدهما أن مكتب نتنياهو كان يزوّدهما بنقاط محددة يهتمون بها أثناء عملهم الاستخباري، وتوجيهات تتعلق بمراقبة مسؤولي المحكمة.
“سوداء وإفريقية”
وقالت خمسة مصادر مطلعة على أنشطة المخابرات الإسرائيلية إنها تتجسس بشكل روتيني على المكالمات الهاتفية التي تجريها "بنسودا" وموظفوها مع الفلسطينيين.
وتابع التحقيق أنه "بعد أن منعتها السلطات الإسرائيلية من الوصول إلى غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، اضطرت المحكمة الجنائية الدولية إلى إجراء الكثير من أبحاثها عبر الهاتف، مما جعلها أكثر عرضة للمراقبة".
وذكرت المصادر أنه بفضل وصولهم إلى البنية التحتية للاتصالات الفلسطينية بشكل كامل، تمكنت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية من التجسس على المكالمات دون تثبيت برامج تجسس على أجهزة مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية.
وأخبر أحد المصادر صحيفة "الغارديان" بأنه "إذا تحدثت بنسودا إلى أي شخص في الضفة الغربية أو غزة، فإن تلك المكالمة الهاتفية ستدخل إلى أنظمة الاعتراض".
وقال آخر إنه لم يكن هناك تردد داخليا بشأن التجسس على المدعية العامة، مضيفا: "بنسودا سوداء وإفريقية، فمن سيهتم؟".
وبحسب تحقيق الغارديان، لم يلتقط نظام المراقبة المكالمات بين مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية وأي شخص خارج فلسطين.
ومع ذلك، أفادت مصادر متعددة بأن هناك أرقام هواتف لمسؤولي المحكمة الجنائية الدولية قررت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية التجسس عليها.
ووفقا لمصدر إسرائيلي، هناك لوحة بيضاء كبيرة في إدارة المخابرات الإسرائيلية تحتوي على أسماء حوالي 60 شخصا تحت المراقبة، نصفهم من الفلسطينيين ونصفهم الآخر من بلدان أخرى، بما في ذلك مسؤولون في الأمم المتحدة وموظفون في المحكمة الجنائية الدولية.
وبحسب العديد من مسؤولي الاستخبارات الحاليين والسابقين، فقد راقبت فرق الهجوم السيبراني العسكرية والشاباك موظفي السلطة الفلسطينية والمنظمات غير الحكومية المحلية الذين كانوا يتعاملون مع المحكمة الجنائية الدولية بشكل منهجي.
ووصف مصدران استخباريان كيف اخترق عملاء إسرائيليون رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بمؤسسة "الحق" الفلسطينية ومجموعات أخرى تتواصل مع مكتب بنسودا.
وقال أحد المصادر إن الشاباك ثبّت برنامج التجسس الإسرائيلي "بيغاسوس" على هواتف العديد من موظفي المنظمات غير الحكومية الفلسطينية، بالإضافة إلى اثنين من كبار المسؤولين في السلطة.
وأوردت الغارديان أنه "كان يُنظر إلى مراقبة الطلبات الفلسطينية المقدمة إلى تحقيق المحكمة الجنائية الدولية على أنها جزء من تفويض الشاباك".
واستدركت: "لكن بعض مسؤولي الجيش كانوا يشعرون بالقلق من أن التجسس على كيان مدني أجنبي يعد تجاوزا للحدود، لأنه لا علاقة له بالعمليات العسكرية".
وقال مصدر عسكري إسرائيلي عن مراقبة مسؤولي الجنائية الدولية أنه أمر "لا علاقة له بحماس، ولا بالاستقرار في الضفة الغربية".
وأضاف آخر: "لقد استخدمنا مواردنا للتجسس على بنسودا، وهذا أمر غير مشروع القيام به من قبل مخابرات عسكرية".
كمين محكم
وقال التحقيق: "بين أواخر عام 2019 وأوائل 2021، عندما نظرت الدائرة التمهيدية للمحكمة في المسائل القضائية، كثف مدير الموساد (في ذلك الوقت) يوسي كوهين، جهوده لإقناع بنسودا بعدم المضي قدما في التحقيق".
اتصالات كوهين مع بنسودا –التي تحدث عنها لصحيفة الغارديان أربعة أشخاص مطلعون على روايات المدعي العام، بالإضافة إلى مصادر مطلعة على عملية الموساد– بدأت قبل عدة سنوات.
وفي أحد اللقاءات الأولى، فاجأ كوهين بنسودا عندما ظهر بشكل غير متوقع في اجتماع رسمي عقدته المدعية العامة مع رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية آنذاك، جوزيف كابيلا، في جناح فندق في نيويورك.
وقالت مصادر مطلعة على الاجتماع إنه بعد أن طُلب من موظفي بنسودا مغادرة الغرفة، ظهر مدير الموساد فجأة من خلف الباب في "كمين" محكم.
وبعد هذه الحادثة التي وقعت في نيويورك، أصر كوهين على الاتصال بالمدعية العامة، وظهر فجأة وأخضعها لمحادثات لم تكن تريدها.
وقالت المصادر إنه رغم أن سلوك كوهين كان وديا في البداية، إلا أنه أصبح تهديدا وترهيبا بشكل متزايد.
وترسم الروايات عن اجتماعاته السرية مع بنسودا صورة سعى فيها إلى "بناء علاقة" مع المدعية العامة أثناء محاولته ثنيها عن متابعة تحقيق قد يؤدي، إذا مضت فيه قدما، إلى توريط مسؤولين إسرائيليين كبار.
وقالت ثلاثة مصادر مطلعة على أنشطة كوهين إنهم فهموا أن رئيس المخابرات حاول تجنيد بنسودا للامتثال لمطالب إسرائيل، خلال الفترة التي كانت تنتظر فيها حكما من الدائرة التمهيدية.
وأضافت المصادر أن نبرة كوهين التهديدية تزايدت، بعد أن أدرك أنه لن يستطيع إقناع المدعية العامة بالتخلي عن التحقيق.
وفي إطار التهديد، قيل إن كوهين هددها ضمنيا بأمور حول أمنها الشخصي، وتهديدات أخرى مستترة حول العواقب على حياتها المهنية إذا واصلت التحقيق.
وقالت مصادر مطلعة على هذه الإفصاحات إنه عندما كانت المدعية العامة، كشفت بنسودا رسميا عن لقاءاتها مع كوهين لمجموعة صغيرة داخل المحكمة الجنائية الدولية، لتخبرهم أنها تعرضت "للتهديد الشخصي".
ولم تكن هذه هي الطريقة الوحيدة التي سعت بها إسرائيل للضغط على المدعية العامة، وفق الغارديان.
ففي الوقت نفسه تقريبا، اكتشف مسؤولو المحكمة الجنائية الدولية تفاصيل ما وصفته المصادر بـ"حملة تشهير" دبلوماسية، تتعلق جزئيا بأحد أفراد العائلة المقربين.
ووفقا لمصادر متعددة، فقد حصل الموساد على مواد تستهدف زوج بنسودا، لكن لا تزال طبيعة تلك المواد –وما إذا كانت حقيقية أم لا– أمورا غير واضحة.
لكن هناك مصادر قالت إن إسرائيل وزعت هذه المواد على مسؤولين دبلوماسيين غربيين، في محاولة فاشلة لتشويه سمعة المدعية العامة.
وقال شخص مطلع على الحملة إنها لم تحظ باهتمام كبير بين الدبلوماسيين وكانت بمثابة محاولة يائسة لتشويه سمعة بنسودا.
حملة ترامب
وفي مارس/آذار 2020، أي بعد ثلاثة أشهر من إحالة بنسودا قضية فلسطين إلى الدائرة التمهيدية، أفادت التقارير أن وفدا حكوميا إسرائيليا أجرى مناقشات في واشنطن مع كبار المسؤولين الأميركيين حول "صراع إسرائيلي أميركي مشترك" ضد المحكمة الجنائية الدولية.
وقال أحد مسؤولي المخابرات الإسرائيلية إنهم يعدون إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، أكثر تعاونا من سلفه الديمقراطي (باراك أوباما).
وشعر الإسرائيليون براحة كافية لطلب معلومات من المخابرات الأميركية حول بنسودا، وهو أمر قال المصدر إنه كان "مستحيلا" خلال فترة أوباما.
وأوضحت الغارديان أنه خلال أبريل/نيسان 2024، تصاعدت المخاوف في إسرائيل بشأن نوايا "خان"، عندما أطلعت الحكومة الإسرائيلية وسائل الإعلام على أنها تعتقد أن المدعي العام يفكر في إصدار أوامر اعتقال ضد نتنياهو ومسؤولين كبار آخرين مثل غالانت.
واعترضت المخابرات الإسرائيلية رسائل بريد إلكتروني ومرفقات ورسائل نصية من "خان" ومسؤولين آخرين في مكتبه.
وقال مصدر استخباراتي: "إن موضوع المحكمة الجنائية الدولية تسلق سلم أولويات المخابرات الإسرائيلية".
ومن خلال الاتصالات التي اعترضتها الاستخبارات الإسرائيلية، تأكد لتل أبيب أن خان كان يفكر في مرحلة ما في دخول غزة عبر مصر وأنه يريد مساعدة عاجلة لفعل ذلك "دون إذن إسرائيل".
وأشار التحقيق إلى تقييم استخباراتي إسرائيلي آخر، جرى تداوله على نطاق واسع في مجتمع الاستخبارات، استند إلى مراقبة مكالمة بين اثنين من السياسيين الفلسطينيين.
وقال أحدهما إن خان أشار إلى أن طلب إصدار أوامر اعتقال بحق زعماء إسرائيليين قد يكون وشيكا، لكنه حذر من أنه "يتعرض لضغوط هائلة من الولايات المتحدة".
وفي الوقت نفسه، عززت المحكمة الجنائية الدولية أمنها من خلال عمليات تفتيش منتظمة لمكاتب المدعي العام، وعمليات فحص أمني للأجهزة، ومناطق خالية من الهواتف، وتقييمات أسبوعية للتهديدات، وإدخال معدات متخصصة.
وكشف خان أخيرا في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الأميركية أن بعض القادة المنتخبين كانوا "صارمين للغاية" معه بينما كان يستعد لإصدار مذكرات اعتقال.
وذكر أن أحد كبار القادة الغربيين قال له: "هذه المحكمة أُسست من أجل إفريقيا والبلطجية مثل (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين".