مع المساواة وضد الطبقية.. لهذا يقبل سكان غرب إفريقيا على الجماعات الإسلامية

" نجحت هذه الشبكات في تقديم نهجها كخيار أكثر مساواة"
في الشهور الأخيرة، تصاعدت عمليات تنظيم "جبهة نصرة الإسلام والمسلمين" في دول الساحل، خاصة المثلث الحدودي بين موريتانيا والسنغال ومالي، بالتزامن مع خروج القوات العسكرية الأميركية والفرنسية من المنطقة.
ورغم مهاجمتها الجبهة بشكل حاد، إلا أن مجلة “جون أفريك” الفرنسية، تقر بأن سر إقبال سكان المنطقة على هذا التنظيم يكمن في أنه يقدم نموذجا اجتماعيا مغايرا للسائد، حيث يدعم المساواة ويناهض العبودية والطبقية.
وتدعي أن هذه الجبهة تعتمد إستراتيجية التغلغل غير المباشر عبر السيطرة على الشبكات الاقتصادية واستغلال الهشاشة الاجتماعية والثقافية، بهدف توسيع نفوذها دون الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة.
الجبهة تعزز نشاطها
بالحديث عن ترسيخ وجود جبهة "نصرة الإسلام والمسلمين" في السنغال وموريتانيا، نشر بكاري سامب، مدير معهد تمبكتو، مؤخرا نتائج تحقيق حول الوضع الأمني في هذه المنطقة الأخرى من المثلث الحدودي.
وقال سامب: "لا تشن الجبهة اليوم هجمات على الجانب السنغالي من الحدود، ليس لأنها غير قادرة، بل لأنها لا ترغب في ذلك، لتجنب فتح جبهة ثانية. لكنها بدأت بالفعل عملية تسلل، خاصة داخل الشبكات الاقتصادية".
وهنا، تذكر المجلة الفرنسية أن الهجومين الانتحاريين اللذين استهدفا باماكو، في 17 سبتمبر/ أيلول 2024، يظهران بشكل واضح قدرة الجبهة المسلحة على الإيذاء.
علاوة على ذلك، تلفت المجلة إلى أن فرع القاعدة في الساحل، بقيادة إياد أغ غالي، عزز عملياته في الأشهر الأخيرة في منطقة كاييس، جنوب غرب مالي.

قطع طريق الإمداد
وفي هذا السياق، توضح المجلة أنه في عام 2024، تضاعف عدد الأعمال العنيفة التي نفذتها جبهة "نصرة الإسلام والمسلمين" في المنطقة بسبع مرات مقارنة بعام 2021.
أما أهداف أنصارها، بحسب المجلة، فهي قوات الأمن المالية، بالإضافة إلى الشركات والتجار ونقاط الجمارك، وحتى القوافل التي تسلك محور داكار-باماكو عبر كاييس.
ويشير معدو تحقيق معهد تمبكتو إلى أن "هذه الإستراتيجية تهدف، على المدى المتوسط أو البعيد، إلى عزل باماكو عن طريق إمدادها الرئيسي".
وفي هذا الإطار، تبرز المجلة أن الرغبة في خنق العاصمة المالية تترافق مع تورط متزايد لجبهة "نصرة الإسلام والمسلمين" في القطاعات والمسارات الاقتصادية في هذه المنطقة الواقعة بين مالي والسنغال وموريتانيا.
إذ إن الجبهة تفرض سيطرتها، عبر إعادة بيع المواشي وفرض "ضرائب" على مستغلي الغابات أو مناجم الذهب التقليدية، مرورا بالسيطرة -عبر وسطاء- على جزء من نقل الأخشاب، على جزء من التجارة العابرة للحدود.
وفي هذا الصدد، يقول سامب: "أكثر من نشاطه الأمني، الذي يسعى إلى الحد منه، فإن النشاط الاقتصادي لجبهة "نصرة الإسلام والمسلمين" هو ما مكنها من ترسيخ وجودها عبر المسارات التجارية في موريتانيا والسنغال".
ويتابع: "حيث يُجبر بعض التجار في هذين البلدين على التعاون غير المباشر معها، بما في ذلك من خلال تقديم المعلومات الاستخباراتية وتزويد شبكاتها النشطة أو النائمة بالإمدادات".

مشاكل اجتماعية
ومن ناحية أخرى، توضح المجلة الفرنسية أنه في السنغال، تحاول جبهة "نصرة الإسلام والمسلمين" التسلل أيضا من خلال الاستفادة من المظالم الاجتماعية والثقافية.
ولا سيما عبر التوجه إلى "الطبقات الدنيا" في نظام الطبقات وإلى ضحايا ممارسة العبودية الوراثية، التي لا تزال مستمرة خاصة في منطقتي ماتام وتامباكوندا.
ومن جهة أخرى، تنقل المجلة عن أن "شبكات إسلامية قد اخترقت بالفعل منطقة باكل، مستغلة هذا التناقض الاجتماعي المستمر".
ووفقا لها، قد نجحت هذه الشبكات في تقديم نهجها كخيار أكثر مساواة وكـ "لاهوت تحرير".
وتختتم المجلة تقريرها بالقول إن "هذه الإستراتيجية أثبتت فعاليتها سابقا في بوركينا فاسو، وتعتمد بشكل خاص على غضب شريحة من مجتمع السونينكي، المجموعة العرقية التي تعود أصولها إلى منطقة الساحل في غرب إفريقيا".