"صيد الثعالب".. ذراع الصين الطويلة لإعادة الخارجين عن سياج الحزب الشيوعي
"لا يبدو أن حملة (صيد الثعالب) ضد المجرمين فقط، بل امتدت لتشمل المعارضين الصينيين"
من حين لآخر، يتداول الإعلام الغربي أنباء وادعاءات عن “عمليات سرية” تلاحق عبرها الصين مواطنيها المعارضين في مختلف دول العالم وتجبرهم على العودة إلى البلاد.
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة "إي ريفرنسيا" البرتغالية تقريرا ترصد فيه ملاحقة الصين لمواطنيها المعارضين الذين يخرجون عن السياج المنيع الذي يحكم عبره الحزب الشيوعي بلد الـ1.4 مليار نسمة.
قمع صيني دولي
وبحسب الصحيفة، أطلقت الصين عام 2014 "عملية شرطية دولية واسعة النطاق تعرف باسم "صيد الثعالب".
وتهدف العملية إلى "إعادة مواطنين صينيين يعيشون في الخارج ويواجهون اتهامات جنائية في وطنهم".
وأعلنت بكين نجاح الحملة في إجبار حوالي 12 ألف مواطن صيني على العودة إلى البلاد في 120 دولة وإقليمين صينيين؛ ماكاو وهونج كونج، لـ"مواجهة العدالة".
وعلى الرغم من ذلك، واجهت تلك الحملة انتقادات تتعلق بحقوق الإنسان؛ إذ عكفت جمعيات حقوقية على اتهام الصين “بتجاهل قوانين وسيادة الدول المضيفة، حيث تلجأ السلطات الصينية إلى أساليب مشبوهة، تخالف معايير حقوق الإنسان، لفرض قوانينها الخاصة، حتى في الخارج”.
حيث نُشر أخيرا تقرير لمنظمة "Safeguard Defenders" الإسبانية يضم ما يقرب من 300 واقعة تم التحقق منها وتأكيدها، بما في ذلك واقعة واحدة في البرازيل.
وفي سياق تبرير الحكومة الصينية لهذه الإجراءات، تدعى بكين أن "المستهدفين كانوا مجرمين مطلوبين، متهمين بارتكاب جرائم مختلفة، وأنهم كانوا يعيشون في الخارج للتهرب من التزاماتهم القانونية".
وتقول الصحيفة البرتغالية إن "الحكومة الصينية تعمل على استخدام طرق غير قانونية لإجبار الصينيين على العودة للبلاد".
وذكرت أن السلطات الصينية تلجأ إلى "أساليب مسيئة، مثل الضغط على أفراد الأسرة الذين يعيشون في الصين".
وأكدت أن "الحالات التي تم التحقق منها من قبل المنظمة غير الحكومية تمثل جزءا صغيرا فقط من العدد الإجمالي؛ حيث بلغ عددها 283 حالة في 56 دولة".
ترحيل قسري
وللإجابة على سؤال: "كيف تعمل الصين على اعتقال مواطنيها حول العالم؟"، تقول الصحيفة البرتغالية إن "بكين تستخدم (مراكز شرطة متقدمة في الخارج) تعمل على تعقب وملاحقة المواطنين".
اثنان منها يعملان في البرازيل؛ أحدهما في ساو باولو والآخر في ريو دي جانيرو.
وحتى ذلك الحين، لم يكن هناك أي تقرير عن استخدام هذه المراكز لمضايقة المواطنين الصينيين، ولكنها فقط لتقديم المساعدة البيروقراطية من حين لآخر لدعم السياح وإصدار الوثائق.
وشهد عام 2017 واقعة "إعادة ترحيل قسرية" من داخل البرازيل، حيث استهدفت مواطنة تدعى وانغ موشيا، كانت قد اتهمت بـ "جرائم اقتصادية" في الصين.
ونقلت بالفعل إلى بكين كجزء من عملية "صيد الثعالب" في 4 دول مختلفة؛ وهي فيتنام وميانمار ونيوزيلندا، والبرازيل.
وادعت وسائل إعلام صينية أن "وانغ موشيا قامت بطلبيات متتالية من الملابس في الصين، واستلمتها ولم تدفع ثمنها، وبعد تضييق الضحايا عليها، فرت إلى البرازيل وتم تتبعها من قبل السلطات الصينية، التي نجحت بدورها في نقلها مرة أخرى إلى بلدها لتقديمها للعدالة".
ابتزاز حكومي
وتبين الصحيفة الآلية التي اتبعتها بكين مع المطلوبين لديها، فقد "أقنعوا وانغ وضغطوا عليها مرارا وتكرارا من خلال أقاربها للعودة إلى الصين والاستسلام"، مما يدل "أن بكين تبنت تكتيكا شائعا جدا في الحالات التي حققت فيها المنظمة الإسبانية".
وأضافت: "قامت المشتبه بها وانغ موشيا بترتيب لقاء مع ضابط اتصال الشرطة بالقنصلية العامة للسفارة الصينية في البرازيل، في ساو باولو، وذهبت إلى القنصلية لشرح الوضع والتعبير عن رغبتها في العودة إلى البلاد".
وتوثق أنه "في العديد من الحالات التي تم التحقيق فيها، فإن الحكومة الصينية تضع المتهمين في اتصال مع أقاربهم عبر مكالمات فيديو، ويكتشفون بعد ذلك أن أقاربهم يتعرضون للتحرش من قبل السلطات، التي تهددهم بقطع الخدمات الحكومية مثل التعليم والصحة في حال لم يوافق المواطن على العودة".
وتعقب الصحيفة بالقول: "لا يبدو أن حملة (صيد الثعالب) ضد المجرمين فقط، بل امتدت لتشمل المعارضين الصينيين الفارين من اضطهاد السلطات".
وتختم قائلة "الضحايا يشملون أيضا الأشخاص الذين غادروا الصين للفرار من القمع، مثل مواطني هونغ كونغ أو التبت وأشخاص من الأقلية العرقية؛ الإيغور".