"لن يحل الأزمة".. لماذا ترفض مسؤولة إسرائيلية سابقة تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن؟

منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

تقترح مسؤولة إسرائيلية سابقة أن تستقبل قطر الفلسطينيين من قطاع غزة، مبينة أن “إجلاءهم نحو مصر والأردن سيؤجل المشكلة لكنه لن يحلها”.

واقترحت "روث واسرمان لاند" كذلك أن تلعب الإمارات “دورا في إصلاح النظام التعليمي والمناهج في القطاع؛ بحيث تقضي على أيديولوجية” حركة المقاومة الإسلامية حماس.

جاء ذلك في مقال نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، لـ "لاند"، وهي عضو سابق في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، وزميلة بارزة حاليا في معهد مسجاف للشؤون الإستراتيجية.

كما شغلت لاند سابقا منصب مستشارة للرئيس الإسرائيلي الراحل شمعون بيريز، كما عملت نائبة للسفير الإسرائيلي في القاهرة.

خطة ترامب

وقالت: "قبل عام، اقترحت في مقال رأي أنه في اليوم التالي للحرب في غزة، بعد أن تستعيد قوات الجيش الإسرائيلي جميع المحتجزين وتقضي على حكم حماس في القطاع، ينبغي أن تتولى جهة دولية، مثل الولايات المتحدة، إدارة القطاع بشكل مؤقت".

وأضافت أن “معظم المعلقين عدوا ذلك مجرد تفكير بالتمني، فمن ذا الذي سيقبل بالفعل أن يغرق في وحل غزة؟”

لكن اليوم، بعد أسابيع قليلة من تنصيب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تقول: “ازدادت قناعتي بهذه الفكرة بشكل كبير”.

وجاء ذلك بعد أن تحدث ترامب عن تحويل قطاع غزة إلى أصل أميركي، سواء بشكل مؤقت أو دائم، بل ذهب إلى أبعد من ذلك.

فقد شدد على الحاجة المُلحّة لنقل سكانه، البالغ عددهم نحو مليوني شخص، إلى مكان آخر، بما يتيح تنمية القطاع ووضع حد نهائي للقتال المستمر الذي يفرزه ضد إسرائيل.

وقالت "لاند": “سواء كان هذا الحل واقعيا أم لا فهذا أمر ثانوي، فمجرد إصدار مثل هذه التصريحات علنا عن الرئيس الأميركي يعد أمرا بالغ الأهمية”.

إذ إنه "يمنح فكرة -لم تُطرح من قبل- شرعية وثقلا يتيح التفكير خارج الصندوق، والنظر في حلول إبداعية قد تتعارض مع الاتجاه السائد"، وفق زعمها.

وهذا الأمر بالغ الأهمية -بحسب قولها- لا سيما أن ما طُرح بشأن غزة حتى الآن لم يُحقق أي نجاح يُذكر.

تاريخ غزة

وأضافت: "لم يتحقق السلام الذي تصوّره رئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون عند انسحابه الأحادي من غزة عام 2005، كما أن تصاريح العمل التي مُنحت لعشرات الآلاف من الغزيين للعمل داخل إسرائيل لم تؤدِّ إلى تهدئة".

كذلك، فإن عملية "الرصاص المصبوب" عام 2008 (أسمتها المقاومة حرب الفرقان) وعملية الجرف الصامد عام 2014 (أسمتها المقاومة العصف المأكول)، أخفقتا في تحقيق النتائج المرجوة.

علاوة على ذلك، فإن الحرب الحالية بين إسرائيل وحماس لم توقف استمرار انتشار الكراهية الشديدة، والتحريض داخل قطاع غزة، وفق تعبيرها.

وأضافت أن إمكانية جعل حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بقيادة أبو مازن (محمود عباس) مكان حماس، ليست إلا مضيعة للوقت.

وألمحت إلى صعوبة ذلك، منذ سيطرة حماس على قطاع غزة عام 2007، بسبب عدم تمكينها من الحكم رغم فوزها في الانتخابات التشريعية عام 2006.

"وبالمثل، فإن فكرة تكليف رؤساء عدة عشائر كبيرة في القطاع بإدارة مناطق معينة داخل غزة خلال الحرب الحالية لم تصمد سوى بضعة أيام، إذ جرى تصفيتهم على يد حماس".

ولفتت لاند إلى أن “ما أوضحته الحرب في غزة هو ضرورة تدمير بنية حماس، فوق الأرض وتحتها، لا سيما شبكة الأنفاق الممتدة في أنحاء القطاع”.

ورأت أنه “لا يمكن تحقيق ذلك دون إجلاء سكان غزة، سواء كان ذلك بشكل مؤقت أو دائم”، في إشارة إلى مخطط التهجير.

وتابعت: “من الواضح أيضا أن الأيديولوجيا الإسلامية لحركة حماس قد تغلغلت منذ عام 2006، في كل منزل وكل كتاب مدرسي في غزة”.

وبالتالي، ترى أنه "لا بد من إدخال نظام تعليمي جديد تماما يخضع للإشراف، وهو أمر لا يمكن تحقيقه إذا بقيت حماس في السلطة أو حلّت فتح محلها".

"وفي نهاية المطاف، فإن التحريض والتعبئة الأيديولوجية تشكّل جزءا من الخطاب السائد في الضفة الغربية تحت حكم عباس وحركة فتح، تماما كما هو الحال في قطاع غزة"، وفق تقييم واسرمان لاند.

وقالت المسؤولة الإسرائيلية السابقة: إن "اللاعب الأمثل الذي يمكنه أن يسن نظاما تعليميا جديدا ومُصلحا هو الإمارات، التي أثبتت بالفعل أنها قادرة على تنفيذ إصلاحات بعيدة المدى في نظامها التعليمي"، وفق قولها.

لكنها استدركت بأن الإمارات التي طبعت علاقتها مع إسرائيل عام 2020 "لن تفكر في ذلك، حتى لو ظلت حماس في السلطة؛ لأنها لن تتمكن من العمل داخل غزة دون أن تتعرض للخطر". وترى أنه بدون السكان، لن تتمكن الحركة من مواصلة أنشطتها المسلحة.

أين يذهب الفلسطينيون؟

والسؤال المطروح هو: إلى أين يجب أن يذهب الفلسطينيون؟ وهل تعد مصر الوجهة المناسبة؟

وقالت: "لا، ليس بسبب عدم توفر مكان في شبه جزيرة سيناء، إذ إن هناك مساحة كافية، لكن ذلك سيعني تصدير المشكلة من حدود مشتركة مع إسرائيل إلى أخرى".

علاوة على ذلك، فإن الذعر الذي انتاب القيادة المصرية أمام هذا الاحتمال يبدو مبررا وفق واسرمان لاند، مشيرة إلى أن المصريين -مثلهم مثل الأردنيين- يدركون جيدا ما يعنيه استقبال نحو مليوني فلسطيني.

وأضافت أنه على الرغم من أن عددهم سيكون نسبة ضئيلة من إجمالي السكان البالغ عددهم 110 ملايين نسمة، فإن المسؤولين المصريين يدركون علاقات حماس الوثيقة بجماعة الإخوان المسلمين.

وأوضحت أن الأردن مثال مشابه، لكنه أصغر حجما وأقل استقرارا، فالملك عبد الله الثاني لديه بالفعل نسبة كبيرة من السكان الفلسطينيين، وهو لا يحتاج إلى مليوني فلسطيني إضافيين ما قد يزعزع قيادته.

إذ إن ذلك لن يؤدي إلى زعزعة نظامه فحسب، بل سيؤثر أيضا على الاقتصاد الأردني الهش والبنية التحتية المحدودة.

"وفوق ذلك كله، يشترك الأردن في حدود تمتد لأكثر من 330 كيلومترا مع إسرائيل، ومع وجود مليوني فلسطيني آخرين في جوارها، فإن المشكلة ببساطة ستغير جغرافيا البلد".

وأشارت الكاتبة إلى قطر، قائلة: "تبلغ مساحتها حوالي 11 ألف كيلومتر مربع، أي ما يقارب نصف مساحة إسرائيل، ولا يعيش فيها سوى 300 ألف قطري، إلى جانب قيادات حماس العليا"، وكذلك المقيمون الأجانب.

وتساءلت: “لماذا لا تستقبل هذه الدولة، التي تُعد عمليا الراعي العلني لحركة حماس، مليوني مدني غزّي يعيشون حاليا في مساحة لا تتجاوز 365 كيلومترا مربعا في غزة، وهي منطقة أصغر من قطر بثلاثين مرة؟”

وأضافت أن "البعد الجغرافي عن إسرائيل سيكون كافيا لمنع أي اشتباكات حدودية، فيما يمكن للمصريين والأردنيين أن يشعروا بارتياح أكبر إزاء هذا الحل".

وختمت بأنه "يمكن للفلسطينيين -مقابل استمرار الدعم المالي من الولايات المتحدة- أن يقدموا الإصلاحات الضرورية في أنظمتهم التعليمية ووسائل إعلامهم، ورسائلهم العامة، بحيث تكون أكثر شمولية، وتسامحا، وتعددية ثقافية".