"شبح الفوضى".. ماذا أبلغ وزير خارجية إيران نظراءه في 9 دول بالشرق الأوسط؟
" تتولى الولايات المتحدة القيادة وتترك لإسرائيل تنفيذ المخططات"
في زيارة هي الأولى من نوعها لمسؤول إيراني كبير منذ 2014، وصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في 16 أكتوبر/ تشرين الأول 2024 إلى القاهرة، في إطار جولة إقليمية تشمل أيضا لبنان وسوريا والعراق والسعودية وقطر وسلطنة عمان والأردن وتركيا.
وتأتي هذه الجولة في ظل تهديد إسرائيل بشن هجوم انتقامي عقب هجوم إيراني استهدفها مطلع أكتوبر 2024، وتوعّدت طهران بالرد على أي اعتداء ينالها، ما ينذر بوقوع حرب إقليمية بالشرق الأوسط.
وفي هذا الإطار، بحث موقع "فرارو" الإيراني مع المحلل السياسي مهدی مطهرنيا، التوترات بين إيران وإسرائيل واحتمال نشوب حرب موسعة بينهما وتداعياتها على المنطقة.
الاتصالات متوقفة
في بداية التقرير، يسلط الموقع الإيراني الضوء على زيارة وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إلى عمان في إطار جولاته الإقليمية، موضحا أن "مسقط تُعرَف تقليديا كوسيط غير مباشر بين طهران وواشنطن".
ولأن زيارات عراقجي تعددت خلال الأسبوع الأخير، يشير الموقع إلى أن "العديد من التكهنات ظهرت حول الأسباب الكامنة وراء هذه الزيارة".
فقال وزير الخارجية الإيراني في مسقط: "إن الاتصالات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة متوقفة حاليا بسبب الظروف الخاصة في المنطقة. وسنقرر ما يجب فعله عندما نتجاوز الأزمة الحالية".
ومقدما رسالة مهمة أخرى خلال هذه الزيارة، تابع عراقجي: "نعم، في كل المشاورات والاتصالات مع دول المنطقة، أوضحت مواقف إيران بقوة وطالبت بإبلاغها لجميع الأطراف، إذ يجب أن تعرف الولايات المتحدة والدول الأوروبية وكذلك دول المنطقة موقف البلاد".
وبهذا الشأن، أضاف: "موقفنا واضح وقد أظهرناه عدة مرات، نحن لا نريد الحرب والصراع على الرغم من أننا مستعدون تماما لها. فنحن نؤمن أن الدبلوماسية يجب أن تأخذ موضعها للحيلولة دون حدوث أزمة كبيرة جدا في المنطقة".
وتعقيبا على تصريحات الوزير، يقول الموقع إن تصريحات عراقجي تؤكد على الجهود المبذولة لمنع حرب إقليمية كبيرة من جهة، لكن تصريحاته حول احتمال وقوع توتر كبير في المنطقة من جهة أخرى، تثير تساؤلات حول أسباب جولته.
حرب مصغرة
يقول المحلل الإيراني إن سفر عراقجي إلى المنطقة يأتي في سياق يمكن وصفه بأنه مشحون بالتوتر ويحمل تداعيات خطيرة للغاية على المنطقة، خاصة بالنسبة لتل أبيب وطهران".
ويشير مطهرنيا إلى أن "الكثيرين يعتقدون أن نتنياهو يسعى لإدخال الولايات المتحدة في حرب مع طهران بهدف ضرب استقرار النظام في طهران".
ومن الجدير بالذكر أنه "رغم محاولات نتنياهو جر المنطقة نحو حرب ضد طهران، إلا أن الولايات المتحدة تقود هذا التحرك، بينما تتولى إسرائيل إدارة وتنفيذ الهجمات"، وفق رأي مطهرنيا.
ومن وجهة نظره، يكمن الهدف الأساسي لكل من واشنطن وتل أبيب في استهداف إيران بطرقهما المختلفة، حيث تتولى الولايات المتحدة القيادة وتترك لإسرائيل تنفيذ هذه المخططات.
وأضاف أن "الهدف الأول من زيارة عراقجي هو تحقيق أهداف دبلوماسية. أي زيارة على هذا المستوى تُظهر جهود وزارة الخارجية لتعزيز العلاقات الأمنية مع العواصم".
ويتابع: "إلى جانب تعزيز العلاقات الثنائية، ما يمكن أن يكون أكثر أهمية هو الوساطة ومحاولة حل النزاع بين طهران وتل أبيب".
ومن ناحية أخرى، لفت إلى أنه "بالإضافة إلى القضايا الدبلوماسية، أُشير كذلك إلى القضايا الأمنية مثل مكافحة الإرهاب والتعاون الأمني واستقرار وأمن الطاقة، وهي موضوعات هامة تُناقش خلال هذه الزيارات".
وفي هذا الإطار، يؤكد على أنه "من الممكن تتبع جهود تحقيق الأمن والاستقرار من خلال هذه الزيارات".
“حرب مصغرة”
وبالحديث أكثر تفصيلا عن الحرب، صرح المحلل السياسي قائلا: "في الساحة الدولية، انتقلت الحرب غير المتوازنة والحرب المعلقة الآن إلى مرحلة حرب مصغرة بين إيران وتل أبيب".
وهنا، يلفت الموقع إلى أن عراقجي، الذي لديه خبرة طويلة في الفريق المفاوض النووي، اكتسب خبرة كبيرة من خلال هذه الجولات الدبلوماسية.
موضحا أن "أحد أهدافه هو اقتراح مفاوضات نووية ورفع العقوبات، إلى جانب الحفاظ على الاتفاقيات الدولية في إطار الاتفاق النووي "برجام"، مما يمكن أن يؤدي إلى حل القضايا الأمنية في المنطقة ومن ثم على المستوى الدولي".
وبشكل عام، يشدد الموقع على أن "عراقجي يسعى في رحلاته الدبلوماسية إلى السيطرة على التوتر المحتمل الناجم عن اندلاع صراع كبير، أو تقليله بحد أدنى". لافتا إلى أنه يواجه العديد من المتغيرات التي قد تؤثر على هذا المسعى.
وبهذا الشأن، يقول الخبير السياسي مطهرنيا إنه "لا شك في أن جهود عراقجي جديرة بالتقدير".
لكن -بحسب رأيه- "من غير الواضح إلى أي مدى ستؤثر هذه الجهود على السياقات الكبرى والأوضاع في الشرق الأوسط، أو على عدم اكتراث العديد من الدول العربية تجاه التطورات، نظرا لوجود العديد من العوامل المؤثرة، والكثير منها خارج سيطرة طهران".
ومن ناحية أخرى، يرى مطهرنيا أن "العقد الحالي هو عقد إرساء النظام العالمي الجديد في مختلف المجالات الإقليمية والدولية".
مشيرا إلى أن "تصاعد التوترات الإقليمية نتيجة التنافس الجيوسياسي بين قوى المنطقة، مثل إيران والسعودية من جهة، والصراعات بالوكالة والحضور العسكري للولايات المتحدة وبعض الدول الغربية في الخليج من جهة أخرى، جعل الأوضاع متوترة للغاية".
إلى جانب ذلك، يعتقد مطهرنيا أن "الملف النووي الإيراني يبقى محورا رئيسا للقلق في طهران، إذ إن عدم حله قد يُستخدم كذريعة لاتخاذ إجراءات ضد إيران".
وفي النهاية، يخلص السياسي إلى أنه "على الرغم من جهود عراقجي لحل التوترات ومواجهة التحديات القائمة، إلا أنه يواجه عقبات كبيرة وصعبة".
كما يلفت إلى أن "تحذيراته من احتمال اندلاع حرب إقليمية كبيرة لا تقتصر على تل أبيب فقط، بل تشمل معظم دول المنطقة".
ويحذر مطهرنيا من أن "اندلاع حرب كبيرة سيؤدي إلى انتشار الإرهاب، بالإضافة إلى تفاقم اضطرابات تجارة الطاقة وتصاعد التطرف وخلق اقتصاد غير مستقر في المنطقة".
ولذلك، يدعو في نهاية التقرير، ليس فقط إيران، بل معظم اللاعبين الدوليين والإقليميين غير الراغبين في الحرب، إلى "البحث عن سبل السيطرة على التوترات الإقليمية".