سفينتان حربيتان ألمانيتان تعبران مضيق تايوان.. لهذا انزعجت الصين

2 months ago

12

طباعة

مشاركة

غضب وانزعاج أعربت عنه الصين بعد مرور سفينتين حربيتين ألمانيتين عبر مضيق تايوان، أهم الممرات المائية في العالم ومحل صراع وتوترات خاصة بين بكين وواشنطن منذ عقود.

ورأى الجيش الصيني في 14 سبتمبر/ أيلول 2024، أن ذلك "زاد من المخاطر الأمنية وأرسل إشارة خاطئة"، مضيفا أنه "راقب وحذر السفينتين أثناء العبور في المضيق".

حالة تأهب

وقالت القيادة الشرقية للجيش الصيني إن عبور السفينتين، وهما فرقاطة وسفينة إمداد، هدفه "الدعاية" والتهويل العلني وإن قواتها البحرية والجوية راقبت وحذرت السفينتين خلال العبور.

وأضافت في بيان أن "تصرف الجانب الألماني يزيد المخاطر الأمنية ويبعث برسالة خاطئة، القوات في المنطقة في حالة تأهب مرتفع في كل الأوقات وستواجه بحسم كل التهديدات والاستفزازات".

في المقابل، أكد وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس في 13 سبتمبر، على هامش مؤتمر صحفي ببرلين مع نظيره الليتواني لوريناس كاسيوناس عبور القطعتين الحربيتين عبر المضيق.

وقال بيستوريوس: "ولإشارة بسيطة للغاية، وقد مثلناها دائما ومثلتها أنا دائما: المياه الدولية هي مياه دولية... إنه أقصر طريق، إنه الطريق الأكثر أمانا نظرا للطقس، وإنه مياه دولية، لذلك نحن نمر عبره".

وفي 9 سبتمبر، قال رئيس أركان الجيش الألماني الجنرال كارستن براور من العاصمة الكورية الجنوبية سيول "لا أعتقد أننا نجازف باستفزاز الصين".

وبحسب قوله، "أصبح القانون الدولي نفسه موضع تساؤل في ظل التصور والحجج التي تقدمها الصين".

وعما تعنيه الخطوة، أكدت مجلة إيطالية على "أهمية القرار الألماني بعبور المضيق رغم التحذيرات الصينية"، مشددة بالقول على أن "الأمر لا يتعلق بمجرد مسألة ممر مائي". 

وأشارت مجلة "فورميكي" إلى أن “مناقشات جرت في ألمانيا على مدى أسابيع حول إمكانية عبور هذه السفن من عدمه عبر هذا المضيق المتنازع عليه والواقع بين الصين القارية وجزيرة تايوان”.

وكانت الصحف الألمانية قد كتبت في أغسطس/ آب 2024 أن سفينتين حربيتين ألمانيتين تنتظران أوامر من برلين لتصبحا أولى الوحدات البحرية الألمانية التي تعبر المضيق منذ عام 2002. 

ليست منعزلة

وبينت المجلة الإيطالية أن "بكين تدرك أن بعض المناورات، على غرار عبور السفينتين الحربيتين الألمانيتين لأول مرة منذ عقدين، تعد بمثابة استعراض يستهدف مطلبها بضم ما تعدها مقاطعة انفصالية". 

وذكرت في نفس السياق "بالنسبة لبكين المضيق لا يقع في المياه الدولية، لأنها تعد تايوان إقليما متمردا يمكن ضمه ولو باستخدام القوة".

وعدت المجلة كذلك عبور الفرقاطة "بادن فورتمبيرغ" وسفينة الإمداد "فرانكفورت أم ماين" بأنها ليست خطوة منعزلة. 

وذلك في إشارة إلى أن كل الدول الغربية الرئيسة أقدمت في الأعوام الأخيرة على نفس الخطوة، مؤكدة بذلك على النهج الإستراتيجي الياباني الأميركي في إطار ما يعرف برؤية "منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة". 

يذكر أن رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي قام عام 2016 بتقديم مفهوم "منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة" خلال خطابه الرئيس في مؤتمر طوكيو الدولي السادس حول التنمية الإفريقية الذي عقد آنذاك في كينيا.

وتهدف اليابان من خلال هذه الرؤية إلى تعزيز استقرار وازدهار المنطقة بأكملها من خلال تحسين التواصل بين آسيا وإفريقيا.

وبالعودة إلى الجدل الذي رافق عبور السفينتين الألمانيتين، أشارت المجلة الإيطالية إلى أنه "لا توجد حاليا مؤشرات محددة على ظروف مناخية سيئة تفسر عملية عبور السفينتين من المضيق"، وفق ما تؤكده مصادر مختلفة.

واستدركت بالتذكير أن "الفترة الحالية تتسم بهبوب الأعاصير، وأن الظروف المناخية قد تتغير بسرعة نحو الأسوأ، وكذلك بحقيقة أن الجيش لديه معدات بإمكانها تقديم توقعات جوية دقيقة للغاية".

إشارات خاطئة

وفي نفس السياق، يذكر كذلك أن المتحدث باسم قيادة المسرح الشرقي للجيش الصيني، الكولونيل لي شي، كان قد صرح في 21 أغسطس أن القيادة تتبعت ورصدت المدمرة الأميركية "يو أس أس رالف جونسون" طوال مرورها عبر مضيق تايوان.

وقال الكولونيل لي شي، إن القيادة نشرت قوات بحرية وجوية لرصد العملية الكاملة لمرور المدمرة الأميركية، وتعاملت مع المسألة وفقا للقوانين واللوائح.

وأضاف في تصريحات لوسائل إعلام محلية أن "قيادة المسرح الشرقي ستظل في حالة تأهب قصوى، وستحمي بحزم السيادة والأمن على الصعيد الوطني، فضلا عن السلام والاستقرار على الصعيد الإقليمي".

وفي الثاني من أغسطس، أدان متحدث عسكري صيني مرور الفرقاطة "إتش إم سي إس مونتريال" التابعة للبحرية الكندية عبر مضيق تايوان في 31 يوليو/ تموز".

وعده "عملا تخريبيا يرسل إشارات خاطئة إلى الانفصاليين الساعين إلى استقلال تايوان ويعرض السلام والاستقرار في المضيق إلى خطر شديد".

وفي ذلك الوقت، أوضح المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية، تشانج شياو قانج، أن بكين قدمت احتجاجا شديدا للجانب الكندي عبر القنوات العسكرية والدبلوماسية.

وشدد على أن قضية تايوان هي شأن صيني داخلي لا يقبل أي تدخل خارجي، داعيا الجانب الكندي إلى أن يتمسك بمبدأ صين واحدة.

وتكثفت المناورات الصينية العسكرية حول الجزيرة خلال العام 2023، مما يشير إلى أن بكين تعمل على فرض حصار بحري حول تايبيه كخطوة أولى قد تسبق هجوما شاملا لضم الجزيرة، وفق ترجيحات المجلة الإيطالية.

جدير بالذكر أن حوالي 40 بالمئة من حركة التجارة العالمية تمر عبر مضيق تايوان سنويا، مما يجعل هذه المنطقة نقطة عبور رئيسة للتجارة بين أوروبا وآسيا. 

وبالتالي شددت المجلة الإيطالية على أن عمليات الملاحة الحرة على طول تلك المياه “لها تأثير جيواقتصادي مباشر، لا سيما أن القيمة الإجمالية للبضائع التي تمر عبر هذا المضيق تبلغ حوالي 5.3 تريليونات دولار سنويا”.

لذلك تساءلت المجلة الإيطالية "عما سيحدث لسلاسل التوريد والإنتاج إذا قررت الصين إنفاذ القانون عليها على أساس مطالباتها الخاصة بضم جزيرة تايوان".