من فجّر خط أنابيب "نورد ستريم"؟.. سؤال يبحث عن إجابة منذ سنتين
في حال ثبت أن كييف أمرت بتفجير خط أنابيب الغاز، فإن مستقبل الدعم الأوروبي لأوكرانيا قد يصبح موضع تساؤل
في تطور جديد، كشفت وسائل إعلام أميركية في 15 أغسطس/ آب ما قالت إنها القصة الحقيقية لتخريب خط أنابيب نورد ستريم الذي ينقل الغاز الروسي إلى أوروبا في سبتمبر/أيلول 2022، مشيرة إلى أن هذه العملية وافق عليها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وأشرف عليها أحد الجنرالات.
وفي إطار تفاعلها مع هذه القضية، قالت صحيفة “الباييس” الإسبانية إن هذه العملية بمياه بحر البلطيق كانت من الحجم الثقيل، ولا مثيل لها منذ الحرب العالمية الثانية.
وخلال هذه العملية تم تدمير أحد خطوط "نورد ستريم"، الذي ينقل الغاز الطبيعي مباشرة من روسيا إلى أوروبا الغربية دون المرور عبر الأراضي الأوكرانية، بالمتفجرات في منطقة تشهد حركة بحرية كثيفة.
ومنذ ذلك الحين، حاولت تحريات مختلفة تسليط الضوء على هذا الحدث المفصلي الذي أعقب الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا في فبراير/ شباط 2022.
من فجر "نورد ستريم" بحسب آخر التحقيقات الصحفية؟
وأوردت صحيفة الباييس أن تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال أخيرا يشير إلى مسؤولية أوكرانيا عن العملية. ويؤكد أن رئيسها فولوديمير زيلينسكي، أذن بالعملية في البداية.
ولاحقا، عندما علمت وكالة المخابرات المركزية بالعملية وطلبت إلغاءها، حاولوا إيقافه ولم يتمكنوا من ذلك.
وظهرت فكرة التخريب في إحدى ليالي مايو/آيار 2022، أي قبل ستة أشهر من الانفجارات، خلال عشاء كان يحتفل فيه مجموعة من كبار المسؤولين العسكريين ورجال الأعمال الأوكرانيين بنجاح بلادهم في وقف الغزو الروسي.
في وقت لاحق، تم تنفيذ الخطة من قبل مجموعة صغيرة من الغواصين العسكريين والمدنيين. وقد تم تمويلها، بتكلفة تقريبية تقدر بحوالي 273 ألف يورو، من قبل رجال أعمال ويشرف عليها ضباط الجيش الأوكراني، بما في ذلك عقيد يدعى رومان تشيرفينسكي.
وذلك وفقا لشهادة أربعة مصادر مباشرة شاركت في العملية أو كانت لها معرفة مباشرة بها.
ما الحقائق التي تؤكد هذه القصة؟
قبل أيام، نشرت ثلاث وسائل إعلام ألمانية أول تقدم كبير في التحقيق القضائي بخصوص هذه العملية.
وفي يونيو/ حزيران 2024، أصدر مكتب المدعي العام الألماني مذكرة اعتقال بحق أحد أعضاء هذا الفريق، وهو مواطن أوكراني يعيش في بولندا. لكنه اختفى أخيرا؛ ويعتقد أنه فر إلى أوكرانيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن هوية هذا الرجل تقول الكثير حول الشكوك في تورطه. وقد تبيّن أنه غواص محترف يدعى فولوديمير ز.
وساعده في العملية اثنان آخران من المشتبه بهم، وهما زوجان أوكرانيان يديران مدرسة للغوص. وأكدت السلطات البولندية أنها تلقت الطلب الألماني.
ماذا يُعرف عن كيفية تنظيم الهجوم؟
ونقلت الصحيفة الإسبانية أن ألمانيا تعد الدولة الوحيدة التي تواصل التحقيق لكنها تتكتم عن تفاصيل هذه العملية، غير أن العديد من التحقيقات الصحفية كشفت الكثير من الحيثيات المتعلقة بها.
ونوهت الصحيفة إلى أن فريقا من ستة أشخاص من ذوي الخبرة في الغوص، بما في ذلك امرأة هو المسؤول عن هذه العملية.
وقد أنشئ تحت غطاء أنها كانت مجموعة من الأصدقاء تبحر عبر بحر البلطيق. وقد أبحروا من روستوك، على الساحل الشمالي لألمانيا، على متن المراكب الشراعية أندروميدا، المستأجرة من خلال وكالة سفر بولندية وباستخدام جوازات سفر مزورة.
وأتاح التحقيق إعادة بناء المسار التقريبي ومحطات التوقف. وأعادت المجموعة القارب على عجل ولم ينظفوه جيدا، مما سمح للشرطة الألمانية بالعثور على آثار متفجرات وعينات من الحمض النووي.
لماذا أشار معظم الخبراء في البداية إلى روسيا؟
أولاً، لأن الهجوم يتناسب مع ما يسمى بالحرب الهجينة التي تنشرها روسيا ضد الغرب من خلال التخريب والتضليل والإرباك.
ونظرا لعمق خط أنابيب الغاز الذي يستقر في قاع البحر أكثر من 70 مترا تحت السطح، لم يعتقد الخبراء أيضا أنه من الممكن تنفيذ العملية دون دعم دولة، أي دون وسائل عسكرية متطورة.
مع مرور الوقت، تبين أن العملية لا تحتاج كمية كبيرة من المتفجرات مثلما كان يعتقد في البداية، وقد ثبت أن الغواصات المدنية ذات الخبرة في المياه العميقة قادرة على الوصول إلى المنطقة.
وتجدر الإشارة إلى أن اتحادا إعلاميا ألمانيا استأجر قاربا وفريقا من الغواصين، وقاموا بإعادة بناء مشهد الأحداث لإنتاج فيلم وثائقي يصور مسرح جريمة تفجير خطوط أنابيب "نورد ستريم".
هل تم استبعاد عملية العلم الزائف؟
في الحقيقة، لا تزال هناك وسائل إعلام تصر على أن هذه النظرية لا تزال قائمة، رغم أن آخر الأخبار تجعلها أقل مصداقية.
وقد نفى زيلينسكي مرارا وتكرارا أن يكون لديه علم بالعملية أو أنه أذن بها. في المقابل، نُشرت المؤشرات الأولى للمسؤولية الأوكرانية المزعومة في مارس/ آذار 2023، بناء على جنسية الغواصين.
ما العواقب المترتبة على هذا التحقيق الحصري على المساعدة لأوكرانيا؟
ونقلت الصحيفة أنه في حال ثبت أن كييف أمرت بتفجير خط أنابيب الغاز، فإن مستقبل الدعم الأوروبي لأوكرانيا، العسكري والمالي، قد يصبح موضع تساؤل.
وقد تصبح هذه المساعدات السخية على المحك خاصة في حالة ألمانيا، حيث إن البنية التحتية كانت خاصة بها وهي الشريك القاري الذي يسهم بأكبر قدر في جهود الدفاع الأوكراني.
وتواصل برلين دعم أوكرانيا ضد القوة المعتدية وتؤكد أنه لم يتغير شيء.
في المقابل، قدم خيرت فيلدرز، الزعيم الهولندي المتطرف ،الذي يرأس حزبه من أجل الحرية، الحكومة الجديدة في هولندا، ثلاثة أسئلة إلى البرلمان تثير إمكانية مراجعة المساعدات المقدمة لكييف إذا تأكد أنها كانت وراء التخريب.
كيف سيؤثر ذلك على الانتخابات الإقليمية الألمانية المقبلة؟
ونقلت الصحيفة الإسبانية أن الأخبار التي تفيد بأن زيلينسكي نفسه قد سمح في البداية بالعملية ستظهر بلا شك في الحملات الانتخابية في المناطق الثلاث في ألمانيا الشرقية السابقة (ساكسونيا وتورينجيا وبراندنبورغ) التي ستجري الانتخابات في سبتمبر/ أيلول 2024.
وفي الحقيقة، جاءت هذه الأخبار الحصرية في صالح حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف والحزب اليساري الشعبوي العقل والعدالة، اللذين يرفضان تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا ويؤيدان التخلي عن العقوبات المفروضة على روسيا.
وقد ذهب حزب "البديل من أجل ألمانيا" إلى حد الدعوة إلى إعادة بناء "نورد ستريم" وإعادة استيراد الغاز الروسي. ويتصدر حزب البديل من أجل ألمانيا استطلاعات الرأي في المناطق الثلاث.