وسط تهديد بالاغتيال.. هل يحضر الرئيس السوري أحمد الشرع قمة بغداد؟

يوسف العلي | منذ ٤ أيام

12

طباعة

مشاركة

مع بدء الترتيب لانعقاد قمة عربية في بغداد، وإعلان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، نية العراق توجيه دعوات إلى القادة العرب لحضورها بمن فيهم الرئيس السوري أحمد الشرع، برزت تساؤلات عن حضور الأخير للبلد الذي لم يهنئه بتوليه منصبه.

وفي 12 فبراير/ شباط 2025، أعلنت وزارة الخارجية العراقية، أنها بدأت تحضيراتها الإدارية والأمنية لعقد القمة العربية الاعتيادية الـ34 المقررة في العاصمة بغداد خلال مايو/ أيار من هذا العام، وذلك في ظل متغيرات كثيرة شهدتها منطقة الشرق الأوسط.

خلافا للإجماع العربي، قرر العراق السير على خطى إيران في عدم تهنئة أحمد الشرع بتولي منصب رئيس سوريا للمرحلة الانتقالية، رغم نفي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين وجود شروط مسبقة لإعادة العلاقات مع دمشق، بحسب مقابلة تلفزيونية له في 13 فبراير.

تهديد ووعيد

لكن تصريح وزير الخارجية العراقي عن دعوة الشرع إلى بغداد لحضور القمة العربية المرتقبة، جوبهت بحملة سياسية وإعلامية قادتها أطراف حليفة لإيران في العراق، وصل البعض منها إلى تهديد الأخير بالقتل في حال دخل إلى الأراضي العراقية.

وأطلق هؤلاء وسما على منصة "إكس" في 16 فبراير 2025، بعنوان "نرفض دعوة الجولاني"، نشرت خلاله تغريدات وصورا اتهمت فيها الشرع بارتكاب "جرائم" في العراق عندما كان عضوا في تنظيم القاعدة في مرحلة ما بعد عام 2003.

وبلغة تهديد واضحة باغتيال الرئيس السوري أحمد الشرع، كتب حسين الصافي، الصحفي القريب من المليشيات الموالية لإيران، قائلا: "قد يأتي الجولاني إلى العراق، ولكن لا يخرج منه اطمئنوا".

وتوعد الإعلامي في قوات الحشد الشعبي، أبو كوثر العسكري، عبر تدوينة على "إكس" في 15 فبراير، بأنهم سيكونون بـ"المرصاد" إذا قدم الشرع إلى بغداد، واصفا وزير الخارجية العراقي بـ"المنبطح".

من جهته، قال علاء الحدادي عضو "ائتلاف دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، خلال مقابلة تلفزيونية في 16 فبراير، إن "دعوة وزير الخارجية للشرع لا تمثل الحكومة العراقية، وإنما تصرف فردي لأنه لم يتم حتى الآن حسم تطبيع العلاقات مع الحاكمين الجدد في سوريا".

وفي السياق ذاته، نقل ضابط المخابرات العراقي السابق، سالم الجميلي، عبر تغريدة على "إكس" في 15 فبراير، ما دار خلال مساحة نقاشية على المنصة ذاتها بخصوص حضور الشرع إلى بغداد، والرفض الذي أبدته جميع الأطراف القريبة من إيران للدعوة التي أطلقها وزير الخارجية العراقي.

وقال الجميلي: "استمعت في مساحة على تويتر (إكس) إلى عدد من الآراء لإعلاميين بارزين، منهم: وائل الركابي، حيدر البرزنجي، حيدر الموسوي، منى سامي وآخرون. وقد أجمعت الآراء على التنديد بالدعوة التي وجّهها العراق لرئيس سوريا أحمد الشرع لحضور مؤتمر القمة العربية المقرر عقده في بغداد قريبا".

وأشار إلى "الحملة الإعلامية الواسعة التي تدعو إلى إلغاء الدعوة أو التحضير لمظاهرات خلال وجود الشرع في بغداد. وهناك من ذهب إلى القول إن السوداني (رئيس الوزراء العراقي) سيخسر شعبيته تمامًا في الوسط والجنوب".

غياب متوقع

وعن مدى زيارة الشرع إلى بغداد وتلبية دعوة حضور القمة العربية، توقع الباحث في الشأن العراقي، حامد العبيدي "عدم حضور الرئيس السوري شخصيا إلى القمة، وإنما سيبعث من ينوب عنه ليمثل سوريا، ولاسيما وزير خارجيته أسعد الشيباني".

وأوضح العبيدي لـ"الاستقلال" أن "الشرع لن يأتي إلى العراق، لأن المعطيات الكثيرة تقول ذلك، أولها عدم توجيه تهنئة له بتسلمه رئاسة سوريا، وأن دعوته للقمة يفسر على أنه سياق متبع في القمم العربية، بمعنى مرغمة عليه بغداد، ولا تعبر عن رغبة عراقية في الانفتاح على الإدارة السورية الجديدة".

واستبعد الباحث أن "يتمكن طرف عراقي من الإقدام على أي خطوة لاغتيال الشرع في بغداد، لأن هذا الأمر سيكلف الكثير، ويدخل البلد في أزمات داخلية وإقليمية وحتى دولية، لأن الحالة السورية الجديدة معترف بها دوليا والكل يتعامل معها حتى الولايات المتحدة نفسها".

ورأى العبيدي أن "الحملة الإعلامية والتهديدات التي تصدر من أطراف موالية لإيران، كلها تندرج ضمن الدعاية الانتخابية المبكرة، والاستعراض أمام الجماهير، والتحشيد الطائفي قبل الانتخابات البرلمانية العراقية المقرر إجراؤها في أكتوبر 2025".

وأوضح الباحث أن "حلفاء إيران في العراق لم يصحوا حتى الآن من ضربة إنهاء نظام بشار الأسد في سوريا وخروجها من المحور الإيراني، خصوصا أن البديل بعيد كل البعد عنهم، إضافة إلى استخدام الموضوع كمادة انتخابية كونهم لا إنجاز لهم على الأرض منذ عام 2003 وحتى اليوم".

وعلى الصعيد ذاته، توقع الكاتب والمحلل السياسي العراقي، فلاح المشعل، عدم قدوم الشرع إلى بغداد، وإنما تفويض وزير الخارجية أسعد الشيباني لحضور القمة العربية، لأسباب عديدة.

وأوضح المشعل خلال مقابلة تلفزيونية في 16 فبراير، أن "واحدا من الأسباب هي أن قمة بغداد ستفقد قيمتها، كونها تأتي بعد قمتين عربيتين، الأولى طارئة ستعقد في مصر نهاية الشهر الجاري، وأخرى تقام في السعودية لأبرز الدول المؤثرة في الملف الفلسطيني".

وقبل ذلك، وجه السفير السوري السابق لدى العراق نواف الفارس، نصيحة إلى الشرع عبر منصة "إكس" في 8 فبراير، بعدم ذهابه إلى بغداد لحضور القمة العربية، ملمحا إلى احتمالية تعرضه إلى الاغتيال هناك.

وكتب الفارس، قائلا: "نصيحة إلى السيد الرئيس أحمد الشرع: يُشاع أنكم تنوون الذهاب إلى بغداد لحضور القمة العربية، ولكن التاريخ علمنا الكثير. نتمنى عليكم إعادة النظر في هذا القرار، فبعض المحافل ليست مجرد مناسبات دبلوماسية، بل ساحات تختزن دروسًا لا ينبغي نسيانها".

"فيتو إيراني"

ورغم إرسال رئيس جهاز المخابرات حميد الشطري ولقائه الشرع في دمشق، لكن السياسي العراقي، والبرلماني السابق مشعان الجبوري، أكد أن إيران وضعت "فيتو" على تطبيع العلاقات العراقية السورية.

وقال الجبوري خلال مقابلة تلفزيونية في 30 يناير، إن "العراق ضحية فيتو إيراني على التعاطي الإيجابي مع سوريا، وإلا فإن الحكومة العراقية في البداية بعثت برئيس المخابرات وبدأت تتحدث بشكل مسؤول، لكن بعدها انقلبت وبشكل مفاجئ".

وفي 26 ديسمبر 2024، زار وفد عراقي يرأسه رئيس جهاز المخابرات، حميد الشطري، العاصمة السورية دمشق، والتقى بالرئيس أحمد الشرع الذي كان يتولى في حينها قيادة الإدارة الجديدة، وبحثا متطلبات الأمن والاستقرار في الحدود المشتركة بين البلدين.

وأضاف الجبوري، أن "الطريقة التي تجرى بها الأمور حاليا في العراق أستنتج أن هناك فيتو إيرانيا، لأن المدونين الشيعة تحولوا من كلامهم المرن في بداية الأمر إلى آخر حاد، وبدأوا بالتخوين ووصف الإدارة السورية الجديدة بالأعداء، وضرورة سحقهم".

وبحسب السياسي العراقي، فإن "إيران يبدو أنها وجهت كل وسائل الإعلام المنضوية ضمن (اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية)، الذي تموّله وتديره إيران، بمهاجمة الإدارة السورية الجديدة، والتحريض ضدها".

وأشار الجبوري إلى أن "من ينتقد الشرع ويصفه بالإرهابي، عليه أيضا أن ينظر إلى بعض المتصدرين للمشهد في العراق، فهم كذلك مدرجون على لوائح الإرهاب وارتكبوا جرائم، فلماذا يعد الأول إرهابيا والثاني مقاوما؟".

وفي ظل غموض الموقف العراقي تجاه دمشق، فإن القيادي التنسيقي، نوري المالكي، دعا في 1 فبراير إلى ضرورة الوقوف أمام ما وصفه بـ"الفتنة الكبرى" في سوريا، مدعيا أن "أتباع أهل البيت" في سوريا (الشيعة) ينتظرون مساندة شيعة العراق والحشد الشعبي لهم.

وقال المالكي، خلال كلمة له أمام مجلس عشائري بمدينة كربلاء: “لقد تم استهداف أتباع أهل البيت ويوميا نشاهد مقاطع فيديو عن مجازر تنالهم، وأن الإخوة في سوريا يبعثون فيديوهات يستنجدون أين شيعة العراق والحشد الشعبي وإيران وأين العشائر؟”

وزعم القيادي في الإطار التنسيقي أنهم (لم يسمهم) "لم يسفكوا الدماء فحسب، بل اعتدوا حتى على الأعراض"، متسائلا: "أليست هذه فتنة كبرى إن لم نقف أمامها فستعم هذه الفتنة حتى العراق".

وفي 22 يناير، خرج أكرم الكعبي زعيم مليشيا النجباء العراقية الموالية لإيران بخطاب تلفزيوني، قال فيه: إن "البعض ربما يتصور للوهلة الأولى أن المحور (الإيراني) خسر في سوريا، لكن صبرا قليلا وربما يربح المحور سوريا وغيرها.. ورهاننا على الشعوب الحرة الغيورة".