"عنصرية روسيا وراء تنامي العنف والتطرف بآسيا الوسطى".. ما الحقيقة؟
"العنصرية الكامنة في روسيا تلعب دورا في عملية التطرف"
بحث موقع فرنسي مسألة “انتشار العنف والتطرف والإرهاب” في الأراضي المحيطة بروسيا، وتحديدا مناطق القوقاز ودول آسيا الوسطى بشكل عام.
ويتناول موقع "أتلانتيكو" في تقريره أسباب هذا الانتشار المزعوم، محددا المناطق التي يأتي منها هذا المد لهذه المجموعات.
تحديات القوقاز
وادعى الموقع أن "التطرف في روسيا يتركز بشكل رئيس في منطقة القوقاز، بسبب النزاعات التاريخية والإقليمية المستمرة بين روسيا الأرثوذكسية والمسيحية والأوروبية والقوقاز المسلم".
وأردف: "ومع ذلك، على عكس أوروبا الغربية، فإن التطرف في روسيا ليس منتشرا على نطاق واسع، حيث إن الحريات الدينية محدودة، كما أن جماعة الإخوان المسلمين والحركات السلفية محظورة، في حين يسود الإسلام الصوفي".
في المقابل، أشار الموقع إلى أن "التطرف يأتي بشكل رئيس من مناطق القوقاز، في حين يخضع وجوده على الأراضي الروسية للسيطرة بشكل متزايد".
أما الجديد -وفق الموقع- فهو "الهجرة من دول آسيا الوسطى، والتي تُسهل من خلال اتفاقيات التجارة الحرة وحركة الأشخاص".
وفي هذا الصدد، قال الموقع إن "أجهزة الأمن الروسية فشلت في وقف التطرف المناهض لموسكو، والذي ينبع بشكل خاص من الشيشان، الذين يتهمون روسيا بقمع المسلمين منذ قرون".
لكن أوضح -في ذات الوقت- أنه "من الصعب السيطرة على هؤلاء الأفراد القادمين من مناطق شديدة التطرف".
وتابع: "على عكس الشيشان التي كانت أكثر استقرارا في ظل نظام رمضان قديروف، فإن بلدان آسيا الوسطى تمثل تحديات أكبر من حيث قمع الإسلام السياسي، بسبب أراضيها الشاسعة وصعوبة اكتشاف بؤر التطرف".
ونوه "أتلانتيكو" إلى أن "التطرف بشكل عام ينظر إلى الروس بوصفهم مضطهدين تاريخيين للإسلام، سواء من خلال التاريخ الشيوعي أو الحروب في الشيشان في عهد فلاديمير بوتين، أو التدخل في سوريا إلى جانب بشار الأسد، والذي يُنظر إليه على أنه عدوان ضد السنة".
وأردف: "ويمتد هذا النمط من القمع إلى المسلمين من أفغانستان خلال الحرب الباردة إلى آسيا الوسطى بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، ثم إلى سوريا المعاصرة".
ومن ناحية أخرى، لفت الموقع إلى أن "التحالف بين روسيا وإيران، مرفوض من قبل بعض الجماعات السنية المتطرفة مثل تنظيمي الدولة والقاعدة".
أسباب التطرف
وتفسيرا لأسباب نشأة هذا التطرف، سلط الموقع الفرنسي الضوء على "النظرة السيئة التي ينظر بها الروس لشعوب الطاجيك والأوزبك، حيث تستمر العنصرية الصارخة رغم الخطاب الرسمي الذي يبرز روسيا بوصفها دولة متعددة الثقافات والأعراق".
وأضاف: "ورغم أن بوتين يذكر ذلك باستمرار، إلا أن العنصرية والعرقية أكثر انتشارا بين الشعب الروسي منها بين قادته".
وتابع: "بالنسبة للعديد من الروس الأصليين، فإن كونك روسيا يعني أن تكون أشقر وأوروبيا وأبيض ومسيحيا ومتحدثا بالروسية".
ووفق ما ذكره الموقع، فإنهم "يعدون بالفعل الشيشان وغيرهم من شعوب القوقاز، رغم اندماجهم في الاتحاد الروسي، كأجانب".
وأردف: "كما أنهم يحتفظون بمعاملة أكثر تمييزا للمتحدثين بالتركية والفارسية من آسيا الوسطى، مثل الأوزبك والطاجيك والكازاخ، الذين يعدونهم مواطنين من الدرجة الثانية، أو حتى كأجانب من مستوى أدنى من الغربيين".
ومقارنة بينهما، قال الموقع: "رغم شعور الروس ببعض الاستياء تجاه أوروبا، إلا أنهم يميلون إلى تقدير الاتصال بها، في حين يتعرض الأشخاص من الناطقين بالتركية والأصول الشرقية لازدراء عرقي وتاريخي وهوياتي عميق".
وفي هذا الصدد، أكد الموقع على أن "هذه العنصرية الكامنة في روسيا تلعب دورا في عملية التطرف، على غرار مفهوم الإسلاموفوبيا في فرنسا".
وذهب الموقع إلى أن "الدعاة الإسلاميين يستغلون هذه العنصرية لتجنيد الأفراد الذين يشعرون بالتهميش والتمييز ضدهم".
ولفت إلى أن "بعض المتخصصين الروس في شؤون الجماعات الجهادية في آسيا الوسطى سلطوا الضوء بالفعل على هذا الجانب، وكشفوا كيف يمكن استغلال هذه التوترات العرقية والعنصرية لأغراض متطرفة".
تطرف نفسي
وتحدث الموقع عن أن "روسيا اتجهت بشكل متزايد نحو الصين وآسيا الوسطى والعالم العربي والإسلامي وإيران منذ عام 2014، بسبب الإستراتيجية (الأورو آسيوية الروسية) التي رفضها الغرب".
وأوضح أنه "في ذلك الوقت، كان هناك نوع من الإيجابية السياسية تجاه الإسلام من جانب السلطات الروسية".
وطرح "أتلانتيكو" تساؤلا: "إذا كانت الدولة الروسية محبة للإسلام، فكيف يمكن للمسلمين أن يشعروا بالاضطهاد؟".
وفي الواقع، قال الموقع إن "الدولة الروسية تشعر بقلق بالغ إزاء التهديد الأوكراني والبولندي وحلف شمال الأطلسي والتهديد الأميركي، وهذا القلق دفع بروسيا لأن تكون ساذجة"، على حد وصفه.
ومع اقترابها من بعض المسلمين وانضمامها إلى عضوية منظمة المؤتمر الإسلامي، يدعي الموقع أن "روسيا ربما اعتقدت أنها نجت من الجهاد، على الأقل في الداخل".
ومن ناحية أخرى، يرى الموقع أنها "ربما اعتقدت بسذاجة أنها قادرة على ذبح الإسلاميين في سوريا ودعم قمع الإسلام السياسي في طاجيكستان والارتباط بقديروف في الشيشان دون عواقب".
وخلص الموقع إلى وصف هذه الحالة من السذاجة بـ"انخفاض اليقظة من جانب الأجهزة الروسية".
وفي روسيا كما هو الحال في أوروبا، قال الموقع إن "وقود التجنيد الجهادي هو (التطرف النفسي قبل القناعات العقائدية)، حيث يتم إغراء الناس بالاعتقاد بأنهم يتعرضون للاضطهاد لأنهم مسلمون".
واستطرد: "بمجرد اقتناعهم بأنهم يتعرضون للاضطهاد من قبل غير المسلمين، يُقال لهم: تعالوا إلى مجتمع ستجدون فيه إخوة يدعمونكم".
وختم الموقع ادعاءاته: “وهذه هي الطريقة التي يتشكل بها التطرف الإرهابي الإسلامي”، وفق زعمه.