"التقويم التشريعي".. لماذا لن يتأثر نتنياهو بانسحاب غانتس من الحكومة؟
“انسحاب غانتس حدث سياسي كبير”
بعد تهديد استمر لأسابيع، أعلن الوزير في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس استقالته من "حكومة الطوارئ"، في 9 يونيو/حزيران 2024،
وخلال مايو/أيار 2024، هدد غانتس، الذي شغل منصب رئيس الأركان سابقا، بالاستقالة من حكومة نتنياهو، “إذا لم تعتمد خطة جديدة للحرب في غزة، بحلول 8 يونيو 2024”.
وباستقالة غانتس، سيعود الائتلاف الحاكم الذي يقوده نتنياهو إلى تشكيلته السابقة قبل بدء العدوان على قطاع غزة، المكونة من 64 عضوا يمينيا وحريديا متطرفا.
وعلق موقع "المونيتور" الأميركي قائلا إن “انسحاب غانتس من حكومة الطوارئ سيحدث اضطرابا، لكنه لن يجبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على إجراء انتخابات مبكرة”.
حدث كبير
واعتبر “المونيتور” أن انسحاب غانتس وزملائه أعضاء الكنيست من حزب الوحدة الوطنية "حدث سياسي كبير في إسرائيل".
ولفت إلى أن “انضمام غانتس إلى حكومة الطوارئ (مجلس الحرب) جاء في الأصل بناء على طلب نتنياهو؛ للمساعدة في التعامل مع (عملية طوفان الأقصى) في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والعدوان الذي تلى ذلك على قطاع غزة”.
وأوضح الموقع أن "إسرائيل ليست غارقة في القتال على جبهتيها الجنوبية والشمالية فحسب، بل إنها تتخبط في خضم أزمة سياسية واجتماعية".
وقال إنه “يُنسب إلى غانتس، وعضوين آخرين في حزب الوحدة الوطنية الذي يتزعمه، الفضل في تخفيف قبضة المتطرفين على نتنياهو، مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريش”.
وأفاد الموقع بأن "احتمال أن تؤدي استقالة حزب غانتس، المنتمي إلى الوسط، إلى إجراء انتخابات في الخريف، هو احتمال ضعيف".
وشدد على أن "سيطرة نتنياهو على السلطة مضمونة، رغم الأزمات التي تهز ائتلافه الحكومي".
فمن جهة، تهدد الأحزاب الحريدية المتشددة بالانسحاب من الحكومة بسبب التجنيد المقرر لناخبيها الذكور، ومن جهة أخرى، يهدد المتطرفون اليمينيون بالانسحاب إذا مضى نتنياهو قدما في اتفاق ينهي إبادة غزة.
وقال الموقع الأميركي إنه "رغم تظاهرهم بالشجاعة، فلا بد أن كل هؤلاء اللاعبين يدركون أن انسحابهم من الحكومة قد يؤدي إلى الإطاحة بهم من السلطة تماما".
وتوضح استطلاعات الرأي أن حزب الليكود، بزعامة نتنياهو، يستمر في التعافي، بعد أن انخفضت شعبية نتنياهو وحزبه إلى أدنى مستوياتها التاريخية، بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وبالنسبة للناخبين الذين تخلوا عن الليكود في أعقاب “طوفان الأقصى” الصادم، يبدو أن تهديد غانتس بالانسحاب، ثم تنفيذه لهذا التهديد، قد غير الأمور.
وفي مؤتمر صحفي، عقده في 18 مايو، اتهم غانتس نتنياهو بـ"السماح للاعتبارات السياسية والشخصية بعرقلة الأهداف الإستراتيجية للحرب وإدارة شؤون الدولة".
وقال غانتس إنه "ما لم يضع نتنياهو خططا جادة لمستقبل الحكم في قطاع غزة، فإن حزب الوحدة الوطنية سيستقيل في 8 يونيو".
وفي المقابل، رفض نتنياهو طلب غانتس، واتهمه بأنه "يسعى خلف مصالح سياسية ضيقة".
سياسي محاصَر
وقبل أن يستقيل غانتس، فإن إعلان الرئيس الأميركي، جو بايدن، في 31 مايو/أيار 2024، عن مقترح لعقد اتفاق مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، أثار تكهنات بأن غانتس قد يعيد النظر في تهديده.
وتوقع آخرون أن تصاعد القتال مع حزب الله على طول الحدود الشمالية، قد يعطي غانتس سببا لتأخير رحيله عن حكومة الحرب.
وأوضح المونيتور أن غانتس صمم على خطته، إذ نقل الموقع في 7 يونيو عن مسؤول كبير في حزب غانتس أن "قرار الاستقالة نهائي، حتى لو تطورت الحرب مع حزب الله".
وقال المسؤول إن في حالة تصاعد القتال على الجبهة الشمالية، فإن "غانتس سيدعم الحكومة من موقعه في المعارضة".
وأضاف: "لقد وصلنا إلى نهاية الطريق، ولا يمكننا الاستمرار مع نتنياهو".
ووصف الموقع غانتس -القائد السابق للجيش، الذي تحول إلى السياسة قبل نحو خمس سنوات- بأنه "محاصَر".
فلعدة أشهر، تعرض لضغوط من حزبه وأعضاء آخرين في المعارضة، حتى يستقيل من الحكومة ويعمل على إجراء انتخابات مبكرة.
ومرارا وتكرارا، طالبه رئيس الوزراء السابق، يائير لابيد، ورئيس حزب العمل، يائير جولان، أن يستقيل من حكومة نتنياهو على الفور.
وبحسب الموقع، فمن المتوقع أن يؤدي انسحاب غانتس إلى استقالة قادة جميع أفرع الجيش، المسؤولين عن "كارثة 7 أكتوبر"، وأن يلي ذلك احتجاجات واسعة النطاق تسعى لإجبار نتنياهو على الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة.
واستدرك: "لكن التصعيد مع حزب الله يجعل هذا السيناريو غير مرجح".
وبمشاركة غانتس، وافقت الحكومة الإسرائيلية، في 5 يونيو 2024، على تعبئة 50 ألف جندي احتياطي عسكري بحلول أغسطس/آب، ليصل إجمالي جنود الاحتياط في الخدمة الفعلية إلى 350 ألف جندي.
وفي الوقت نفسه، "مازال نتنياهو متمسكا بشركائه في الائتلاف اليميني المتطرف، فرغم الضغوط المحلية والدولية، بما في ذلك من جانب بايدن، رفض نتنياهو حل تحالفه مع ابن غفير وسموتريش".
تخفيف الضغط
وقال الموقع إن "إستراتيجية نتنياهو قد أتت بثمارها، إذ يحوز على أغلبية قوية من 64 مقعدا، والتي ستصبح 63 مقعدا إذا تبع غريمه، وزير الدفاع يوآف غالانت، خطى غانتس".
وأفاد بأن "نتنياهو يشعر بالارتياح بسبب نتائجه في استطلاعات الرأي، وبسبب الدعوة الموجهة إليه لإلقاء كلمة في مجلسي الكونغرس الأميركي".
ومن المقرر أن يلقي نتنياهو خطابه في 24 يوليو/تموز، وقد ظهرت انتقادات بشأن غيابه عن إسرائيل في مثل هذه الأوقات المضطربة.
ونوه الموقع إلى أن "بايدن رفض مرارا وتكرارا دعوة نتنياهو إلى البيت الأبيض، لكن البديل تمثل في الجمهوريين، وجزء من الديمقراطيين، الذين دعوه لإلقاء خطاب بالكونغرس".
وأضاف أن "الاحتجاجات المستمرة ضد نتنياهو قد تراجعت، وأن عددا أقل من الإسرائيليين سينزلون إلى الشوارع، في الوقت الذي يخاطر فيه الجنود بحياتهم، ذلك أن الحرب مع حزب الله أصبحت أقرب من أي وقت مضى".
وعلاوة على ذلك، أفاد بأن "عددا كبيرا من جنود الاحتياط والجنود المنتشرين على طول الجبهة الجنوبية والشمالية هم من أنصار نتنياهو واليمين السياسي".
وقال المونيتور: "يجب على نتنياهو أن يجتاز الدورة الصيفية للكنيست، التي تستمر حتى يوليو".
وأضاف أن "هذه هي النافذة الوحيدة في التقويم التشريعي للتصويت على الانتخابات المبكرة، ولن ينعقد الكنيست مرة أخرى قبل أكتوبر/تشرين الأول 2024".
وأوضح أنه "بحلول ذلك الوقت، ربما يكون بايدن قد خفف الضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب (الإبادة) في غزة، مع دخوله المرحلة الأخيرة من الحملة الانتخابية الأميركية ضد منافسه دونالد ترامب".