مولاي الحسن.. هكذا تمر خلافة ولي العهد المغربي للعرش عبر بوابة التطبيع

منذ شهرين

12

طباعة

مشاركة

لضمان استمرارية السلالة العلوية في المغرب، يُعِدّ الملك محمد السادس، الذي يمرّ بوعكة صحية، وريثه، ولي العهد مولاي الحسن، تدريجيا لخلافة سلسة.

يُترجم هذا الجهد إلى مبادرات طموحة في مجال البنية التحتية والتنمية، إلى جانب تحالفات إستراتيجية مع قوى عالمية لضمان حل دائم لنزاع الصحراء الغربية وترسيخ مصير المملكة.

ينبغي النظر إلى إعادة تطبيع المغرب مع إسرائيل عام 2020، بوساطة إدارة دونالد ترامب الأولى، على أنها خطوة مدروسة لجعل الرباط شريكا موثوقا به، مواليا للغرب، وتعدديا، مما يعزز مستقبل العرش.

ولي العهد

ونشر "المجلس الأطلسي" تقريرا بقلم الباحثة المغربية، سارة الزعيمي، رأت فيه أن اتفاق التطبيع مع إسرائيل "أساس لخلافة العرش في النظام الملكي".

وفي خطابه بتاريخ 30 يوليو/تموز 2025، بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لتوليه العرش، بدا واضحا أن العاهل المغربي يزداد وهنا أكثر من أي وقت مضى.

فقد بلغ الملك محمد السادس الثانية والستين، وتراكمت خلال العقد الماضي فترات طويلة من الغياب العلني وإجراء العمليات الجراحية، الأمر الذي أثار تكهنات دولية حول مدى انخراطه في شؤون الحكم، رغم محاولات الإعلام المحلي التعتيم على ذلك.

وبما ينسجم مع تقاليد خلافة السلالة العلوية منذ عام 1631، عمد الملك الحالي إلى تهيئة ولي العهد بهدوء وتدريج لتسلم مقاليد الحكم.

إذ أخذ مولاي الحسن، الذي أتم عامه الحادي والعشرين أخيرا، يضطلع بمهام ملكية متزايدة، من لقاء قادة عالميين مثل الرئيس الصيني شي جين بينغ، إلى تدشين مبادرات كبرى.

هذا فضلا عن ترقيته في يوليو/تموز 2025 إلى رتبة كولونيل-ماجور (عقيد أول) في القوات المسلحة الملكية، وهو ما يعكس صعود نجمه في دوائر الحكم وصنع القرار.

"لحكم بلد متنوع إثنيا وثقافيا مثل المغرب، وفي سياق إقليمي ودولي محفوف بالتحديات، يحتاج ولي العهد الشاب إلى أن يكون محاطا بحلفاء موثوقين وذوي نفوذ"، بحسب الزعيمي.

وقالت: "من هنا تبرز أهمية انضمام المغرب إلى الكتلة الجديدة المتشكلة ضمن "اتفاقات أبراهام"، إلى جانب الحلفاء التقليديين من "نادي الملكيات العربية" مثل الإمارات والبحرين والأردن، التي تسعى بدورها إلى ضمان انتقال سلس للسلطة حفاظا على استمراريتها".

"كما يشمل هذا التكتل لاعبين مؤثرين مثل الولايات المتحدة وإسرائيل والمجتمع الأوروبي عبر الأطلسي".

وتابعت: "لقد صمدت الملكية المغربية على مدى اثني عشر قرنا، ويُنظر إلى "المخزن" (المؤسسة الحاكمة) على أنه يملك من الحكمة ما يكفي لقراءة المشهد واستيعاب التحولات الجيوسياسية العميقة التي يشهدها الإقليم بعد انهيار آخر الأنظمة القومية العربية في سوريا عام 2024".

"فالمعادلات والتحالفات يعاد تشكيلها، والسرديات يعاد إنتاجها لصياغة إطار أيديولوجي جديد لدول المنطقة، حيث يُطرح مستقبل مشترك ومتكامل مع إسرائيل".

وفي المقابل، تستعد دول "محور المقاومة" عبر أذرعها ووكلائها لإعادة تشكيل المنطقة وفق رؤيتها، عبر طرح بديل مناهض للهيمنة يقوم على الإسلام الثوري الإيراني، مدعوما من الصين وروسيا اللتين تكثفان تحديهما للأحادية الأميركية.

وبينما يبدو أن الجزائر المجاورة تميل إلى استعادة ولاءات الحرب الباردة من خلال تقاربها المتزايد مع هذا المحور -وفق المقال- يظل المغرب ثابتا على تموضعه ما بعد الحرب العالمية الثانية، باختياره الانخراط في ميثاق جديد مع "العشيرة الإبراهيمية".

اتفاقيات أبراهام

وأضافت الزعيمي: "بعيدا عن هذا المناخ الوجودي الأوسع، فقد أسفرت اتفاقيات أبراهام وإعادة العلاقات مع إسرائيل في ديسمبر/كانون الأول 2020 عن فوائد متعددة لكل من الرباط وتل أبيب خلال الأعوام الخمسة الماضية".

"إذ لم يسبق أن كانت العلاقات بين الجانبين أكثر قربا على المستويات العسكرية والاستخباراتية والاقتصادية، رغم تنامي مشاعر الرفض الشعبي للتطبيع في الرباط على خلفية الحرب المستمرة في غزة".

وأوضحت أن "السابع من أكتوبر أطلق جرس إنذار لدى النخبة الحاكمة في المغرب بشأن ما يمكن أن تفعله أذرع إيران، خصوصا مع تنامي التقارب بين مقاتلي البوليساريو في الصحراء الغربية وإيران ووكلائها".

"وقد تعاظمت شهية المملكة لاقتناء الأسلحة وأنظمة الأمن الإسرائيلية في السنوات الأخيرة، بعدما وجدت في تل أبيب شريكا واضحا يتقاسم أولويات وأعداء مشابهين"، بحسب الزعيمي.

وحتى الآن، حصلت القوات المسلحة الملكية المغربية على ثلاث طائرات مسيّرة من طراز هيرون من إنتاج الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI) بقيمة تقارب 48 مليون دولار.

كما اشترت أنظمة (SkyLock Dome) المضادة للمسيّرات مقابل 500 مليون دولار، ومنظومات صواريخ (Barak MX) بالقيمة نفسها. وإضافة إلى ذلك، يستعد المغرب لاقتناء قمر صناعي للتجسس من الشركة ذاتها في صفقة تبلغ قيمتها مليار دولار.

الإسلام الثوري

وزعمت الباحثة أنه "منذ الاتفاق الثلاثي بين الولايات المتحدة وإسرائيل والمغرب عام 2020، والذي اعترفت بموجبه واشنطن بسيادة الرباط على أراضي الصحراء الغربية المتنازع عليها مقابل استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل، ازدادت جرأة المملكة وحققت نجاحات متتالية متعددة في سياستها الخارجية".

فقد انتقل المغرب، بفضل هذا الاتفاق أساسا، من مرحلة السعي وراء الاعتراف الدولي بقضيته الوطنية إلى مرحلة ممارسة السيادة بحكم الأمر الواقع على الصحراء الغربية، وفق تقديرها.

"ومع انقلاب موقف القوتين الاستعماريتين السابقتين في شمال إفريقيا، فرنسا وإسبانيا، من الحياد التاريخي إلى الدعم، وانضمام فاعلين عالميين أساسيين مثل الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة المتحدة، إضافة إلى دول عربية وأفريقية عديدة، بات بإمكان ولي العهد أن يتسلم الحكم واثقا".

"فلن يكون مولاي الحسن مضطرا للقلق من أن نصف أراضي المملكة محل نزاع دولي، وهو مدعوم بأصوات ثلاثة أعضاء في مجلس الأمن الدولي وبالزخم الإيجابي الذي أتاحته رؤية والده طويلة المدى"، وفق ادعاء الباحثة المغربية.

وقالت: "سيظل على الأمير الشاب أن يدافع عن خيارات المغرب الإستراتيجية في الانحياز إلى اتفاقيات التطبيع في مواجهة الإسلام الثوري".

"خصوصا أمام شعبه الذي تغلب عليه العاطفة والمؤيد إلى حد كبير للقضية الفلسطينية، والذي قد يميل إلى المشاعر القومية العربية أو الإسلامية أكثر من تقديرات الأمن الإقليمي واستمرار السلالة الحاكمة".

ومع دخول حرب غزة عامها الثاني، تراجعت نسبة التأييد للتطبيع مع إسرائيل من 31 بالمئة عام 2021 إلى 13 بالمئة فقط عام 2024، بحسب "الباروميتر العربي" الصادر عن جامعة برينستون الأميركية.

ورغم أن الممالك ذات الذاكرة الممتدة لقرون والقوة الإمبراطورية تنظر إلى ما وراء الحروب والصراعات المعزولة، فإن المواقف التاريخية الرمزية تظل حاسمة في بناء الوحدة الوطنية وصياغة المخيال الجمعي.

وختمت قائلة: "من هنا سيكون على مولاي الحسن إقناع مواطنيه بأنه قائد ذو رؤية يقف في الجانب الصحيح من التاريخ".