لم تكتف بتقديم السلاح.. ماذا تفعل الإمارات بمرتزقة كولومبيا في السودان؟

منذ ٨ ساعات

12

طباعة

مشاركة

كشفت معطيات ميدانية جديدة عن تورط دولة الإمارات، ليس في دعم مليشيا الدعم السريع بالمال والسلاح فقط، بل أيضا في جلب مرتزقة للقتال إلى جانبها في السودان.

وأظهر مقطع فيديو جرى تسجيله في الصحراء السودانية بالقرب من الحدود مع ليبيا، وجود مرتزقة كولومبيين يقاتلون في صفوف المليشيا في الحرب المستمرة مع الجيش السوداني منذ أكثر من 18 شهرًا.

وبتطرقها الى هذا الاكتشاف، سلطت صحيفة إيطالية الضوء على دور الإمارات فيه، مبينة أن المرتزقة الكولومبيين قتلوا أخيرا على يد القوة المشتركة للحركات المسلحة في دارفور، وهي جماعة تدعم القوات النظامية، أحد طرفي النزاع الرئيسين.

ويظهر الفيديو وثائق هوية تخص كريستيان لومبانا مونكايو وهو جندي كولومبي سابق، إلى جانب جوازات سفر ووثائق هوية لأشخاص آخرين من نفس الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية.

وقالت صحيفة "نيغريسيا" إن مقطع الفيديو لم يكشف عن مرتزقة كولومبيين في الصراع فحسب، بل أظهر أيضا وجود شبكة تجنيد أرسلت بموجب وعود كاذبة، 300 كولومبي إلى السودان.

 من جانبها، أفادت صحيفة "لاسيلا فاسيا" الكولومبية في تحقيق نشرته عن الواقعة أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بأن ما لا يقل عن 40 منهم أُرسلوا إلى السودان ضد رغبتهم في ذلك.

واندلع الصراع في السودان بين الجيش النظامي بقيادة عبد الفتاح البرهان ومليشيا الدعم السريع بزعامة محمد حمدان دقلو “حميدتي” في أبريل/نيسان 2023.

وتسبب في سقوط ما لا يقل عن 61 ألفا، ونزوح أكثر من 14 مليون آخرين، وفي أزمة إنسانية غير مسبوقة حيث يواجه 8.5 ملايين شخص جوعا شديدا، وفق تقديرات أممية.

خداع المتجندين

في هذا السياق، أُرسل الجنود الكولومبيون السابقون إلى البلاد للقتال ضمن صفوف مليشيا الدعم السريع ضد إرادتهم، وفق ما تؤكد الصحافة الكولومبية.

ووصلت المجموعات الأولى منهم إلى منطقة دارفور السودانية مرورا ببنغازي الليبية تحديدا في سبتمبر/أيلول 2023، ومن هناك نُقلوا عبر الصحراء في رحلة استغرقت ثمانية أيام.

وعلى الرغم من عدم ذكر هذا الجانب في التقارير حول هذه المسألة، شددت الصحيفة الإيطالية على نقطة أن المدينة الليبية تخضع لسيطرة قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر الذي تؤكد عدة تقارير دعمه لمليشيا الدعم السريع.

وقد أكدت شهادات المرتزقة الكولومبيين أن عملية تجنيدهم تمت عن طريق شركة كولومبية تسمى "وكالة الخدمات الدولية" (أيه 4 أس آي).

 وبأنهم تعرضوا للخداع بعد أن عرضت عليهم عروض عمل تتعلق بتوفير خدمات أمنية للبنى التحتية النفطية في الإمارات بأجور تتراوح بين 2600 و3400 دولار شهريا. 

وقد طُلب من الكولومبيين تقديم سيرة ذاتية والتوقيع على شرط السرية "مجموعة الخدمات الأمنية العالمية" الإماراتية.

وهي وفق موقعها الإلكتروني، "أول شركة أمنية خاصة في الإمارات تحصل على ترخيص لتوفير الأمن بالأسلحة". 

ثم طُلب من المرتزقة الكولومبيين فتح حسابات مصرفية في بنك الشمال الدولي الذي يقع مقره في أنتيغوا وبربودا، وهي دولة كاريبية تعرف بكونها ملاذا ضريبيا.

وبمجرد التوقيع على الوثائق، أُرسلوا إلى السودان مرورا بليبيا حيث وجدوا أنفسهم يواجهون واقعا مختلفا تماما عن الموعود.

دور الإمارات

بحسب الصحيفة الكولومبية، قاد العملية عقيد متقاعد مقيم في دبي فصل من الجيش الكولومبي لتورطه في العمل مع "كارتلات" المخدرات في كولومبيا ويدعى ألفارو كويخانو

وأكدت شهادات الجنود بأنه الشخص الرئيس المسؤول عن التجنيد، على الرغم من أن الوثائق التي جرى الاطلاع عليها في غرفة التجارة في العاصمة الكولومبية بوغوتا لا تحمل توقيعه.

وقال المرتزقة للصحيفة إنهم غادروا من كولومبيا في عدة دفعات إلى أبوظبي ودبي ومنها إلى بنغازي.

وفي تعليقها، سلطت الصحيفة الإيطالية الضوء على الدور الرئيس لدولة الإمارات في العملية لا سيما أنها متهمة بدعم مليشيا الدعم السريع في انتهاك للحظر الدولي على الأسلحة المتجهة إلى السودان.

وفي يوليو/تموز 2024، ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، أن العثور على جوازات سفر جرى انتشالها من ساحات القتال في السودان يشير إلى أن الإمارات تنشر سرا قوات هناك وهو ما نفته لاحقا أبوظبي. 

وفي سبتمبر 2024، قالت مصادر إن طائرة حربية قصفت غرفة عمليات للقوات الإماراتية في مطار مدينة نيالا جنوب دارفور غرب السودان.

وجاء ذلك عقب هبوط طائرة شحن محملة بالأسلحة والذخائر مقدمة من الإمارات لمليشيا الدعم السريع وهو ما أدى إلى مقتل 4 ضباط إماراتيين وإصابة 9 آخرين.

في المقابل، أصدرت وزارة الدفاع الإماراتية آنذاك بيانا زعمت فيه "وقوع حادث أثناء أداء الواجب في الدولة" دون أن توضح طبيعته أو مكان وقوعه بالتحديد، مقرَة بسقوط أربعة قتلى في صفوف جنودها.

من جانبهم، يشير خبراء، وفق ما تنقل الصحيفة الإيطالية، إلى أن الإمارات تستخدم التحالفات مع الجماعات شبه العسكرية لتوسيع نفوذها في مناطق إستراتيجية مثل السودان.

مرتزقة كولومبيا

وأكدت الصحيفة الإيطالية أن ما حدث في السودان لا يعد حالة معزولة، في إشارة إلى الحضور الثابت للمرتزقة في تاريخ كولومبيا الحديث.

وذكرت تورطهم في عام 2021 باغتيال رئيس هايتي آنذاك، جوفينيل مويز وتجنيد بعضهم للقتال بالصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط.

وفي تعليقه على إرسال جنود سابقين من بلاده للقتال في السودان، أكد الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو على ضرورة توقف أنشطة المرتزقة.

وشدد بيترو نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2024 في تغريدة على إكس، ضرورة محاسبة من يستغل الشباب الكولومبي في النزاعات الخارجية.

وطلب من وزارة الخارجية العمل على الإجراءات اللازمة لإعادة الـ300 مرتزق إلى وطنهم.

لكن الصحيفة الإيطالية تجزم بأن الأمل في العودة إلى الوطن، بالنسبة لمن بات منهم محاصرا في الصراع، يتلاشى مع مرور كل يوم. 

وأكدت أن التحدي الآن يتمثل في ضمان عدم تكرر مثل هذه الوقائع وألا تكون البلاد في المستقبل حاضنة للمرتزقة الذين يُرسلون للقتال في صراعات مندلعة في جميع أنحاء العالم.