من خلال 3 نظريات في العلاقات الدولية.. ما مستقبل منطقة الشرق الأوسط؟

a month ago

12

طباعة

مشاركة

وسط حرب مستمرة، شكّلت أزمات أمنية خطيرة بالشرق الأوسط، ومع تصاعد نذر المواجهة بين إيران وإسرائيل في حرب شاملة، طُرحت تساؤلات عن مستقبل المنطقة.

وتحدث موقع "فرارو" الفارسي عن هذا المستقبل من منظور ثلاث نظريات في العلاقات الدولية؛ السلوك البنائي، وانتقال السلطة، والواقعية. 

وبحسب الموقع، فإن هذه التحليلات تكتسب زخمها من كون إسرائيل تعد نفسها في "حرب وجودية"، كما قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يرى أن "بقاء الصهاينة يعتمد على هذه الحرب".

وهو ما يفسر، وفقا للموقع، "تنفيذ إسرائيل لكل أنواع الأعمال غير الإنسانية والعنيفة التي يمكن تصورها، خلال الأشهر الأخيرة".

ومن هذه المنطلقات، أكد على أهمية استعراض تلك النظريات في العلاقات الدولية لمحاولة "الفهم الحقيقي لهذه التحولات والأحداث في الإقليم".

وتسهم تلك التحليلات في "تقديم توقعات حول مستقبل المعادلات المطروحة في المنطقة، إذ يعتمد الفاعلون والمنظرون المختلفون في الجبهات المتعددة إلى حد كبير على هذه النظريات".

النظرية البنائية

وشرح الموقع المفهوم النظري للنظرية البنائية في العلاقات الدولية، حيث "تقوم إلى حد كبير على المعايير الذهنية والإدراكات العقلية، التي تحكم تصور أحد الأطراف عن الطرف الآخر في ساحة التفاعلات الدولية".

وبسط تفسير النظرية بشكل أوضح قائلا: "وهو ما يعني أن الدول والشعوب تتفاعل وتفسر تصرفات بعضها بعضا، بناء على الإدراكات والفهم الذهني الذي تملكه عن بعضها".

الأمر الذي بدوره “يؤدي إلى توليد أنواع مختلفة من السلوكيات، مما يجعل هويات (الذات) و(الآخر) تتشكل، حيث نصنف الآخرين إما كأصدقاء أو أعداء أو فاعلين محايدين”.

ويطبق الموقع النظرية على الصراع الحالي قائلا: "إذا نظرنا إلى مستقبل المعادلات في التحولات الجارية غرب آسيا، فإن هناك أمرا يصبح واضحا أكثر من غيره؛ وهو أن إيران ومحور المقاومة، بسبب صمودهم في مواجهة النظام الإسرائيلي وجملة من الفاعلين الغربيين المستفيدين، ودعمهم للشعب الفلسطيني ضد حملة الإبادة الجماعية في غزة، قد تمكنوا من اكتساب شعبية كبيرة".

وتابع: "ربما يكون الشاهد الأكثر وضوحا على هذا الادعاء، هو نتائج استطلاعات الرأي التي أجراها المركز العربي المرموق (الباروميتر العربي)، الذي أكد أنه منذ بداية العدوان على غزة، ارتفعت شعبية المسؤولين الإيرانيين البارزين مثل المرشد الأعلى علي خامنئي بشكل كبير مقارنة بزعماء آخرين في العالم العربي".

وأردف: "هذا الأمر ينطبق بشكل عام على الشعبية المتزايدة لإيران، بين شرائح واسعة من الرأي العام في الدول العربية بالمنطقة".

في المقابل، قال الموقع إن "النظام الصهيوني، فقد إلى حد كبير مكانته الدولية المتصورة بسبب المجازر الواسعة التي ارتكبها في المنطقة، كما فقد حلفاؤه الغربيون سمعتهم بسبب تعاونهم معه".

وأكمل: "وبالتالي، يمتلك تيار المقاومة في المنطقة قدرة كبيرة على تشكيل الواقع بعد انتهاء أجواء الحرب والتوتر في غرب آسيا".

وبناء على ذلك التحليل، زعم الموقع أنه "من غير المرجح أن تتمكن إسرائيل والولايات المتحدة من اتخاذ إجراءات فعالة أو إيجابية تخدم مصالحهم في هذه المنطقة في المستقبل القريب، لأنهم أصبحوا أقل مصداقية من أي وقت مضى".

انتقال القوة

وفقا لأستاذ العلوم السياسية البارز في جامعة شيكاغو، جون ميرشايمر، فإن نظرية انتقال القوة تعني أن "أي نظام في الساحة الدولية منذ القدم، يمر بدورات من الصعود والهبوط بناء على نمط مشابه".

وأضاف أنه “بالنظر إلى منطقة غرب آسيا، فقد شهدت لسنوات طويلة نظاما فرضته الولايات المتحدة والفاعلون الغربيون الآخرون، حيث وُزعت الفوائد والمزايا بشكل غير عادل بين حلفائهم، وكل فاعل يقف في مواجهة هذه المصالح الكبرى كان يواجه اتهامات متعددة ويخاطر بالإقصاء”.

ورأى أن "هذه المعادلة خلقت نوعا من الاستياء بين بعض شعوب المنطقة".

ويرى الموقع الإيراني أن هذا الاستياء "يتجسد بشكل واضح، في تنامي قوة محور المقاومة خلال السنوات الماضية".

وعلى هذا المنوال، فإن الموقع يضع عملية طوفان الأقصى في إطار "التجسيد الواضح لاستياء التيارات المعارضة للصهيونية والإمبريالية الغربية في الساحة الكبرى في منطقة غرب آسيا".

وأكمل: "تلك المعادلات التي حاولت تهميش القضية الفلسطينية عبر اتفاقيات مثل اتفاقيات إبراهام وإسقاطها في طي النسيان، قوبلت برد فعل حاسم من جانب تيار المقاومة".

وفي الواقع "تؤكد تصريحات نتنياهو، على أن هذا النظام في حالة حرب وجودية"، بحسب الموقع.

وهو ما يعني فعليا أن "إسرائيل إما يجب أن تبقى وتؤسس نظامها الجديد كما زعم نتنياهو، أو أنها ستواجه الهزيمة وستعاني من سلسلة من الأزمات الأمنية، وسيكون عليها قبول نظام جديد يتعارض مع مصالحها، حيث تلعب إيران ومحور المقاومة أدوارا محورية ورئيسية".

وبناء على ذلك المنظور، فإن الموقع يرى أن "مزايا تيار المقاومة في المنطقة، بالنظر إلى وجوده الفعلي مقارنة بوجود القوات الأميركية في الدول المستضيفة في المنطقة، وأيضا القيود الجادة التي تواجهها إسرائيل بسبب نقص العمق الإستراتيجي؛ تكون أكبر بكثير".

في الوقت نفسه، أشار الموقع إلى أن "فلسفة نظرية انتقال القوة تنص على صعود القوى الناشئة ضد القوى القائمة، أي أنه يجب أن تستعد القوى الناشئة لجميع السيناريوهات المحتملة، وتسعى إلى تحقيق تحولات جديدة وذات مغزى".

وذكر الموقع أن "المبادرة لتنفيذ عملية السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 كانت بيد تيار المقاومة".

وبحسب وجهة نظره، فإن كل هذه التحولات تدفع المنطقة لبروز نظام إقليمي مختلف. 

وأوضح أن "تصاعد العديد من الأزمات ضد إسرائيل على الأصعدة الداخلية والإقليمية والدولية يؤكد أن تيار المقاومة يمكن أن يوفر الظروف الملائمة لإنشاء نظام إقليمي جديد".

النظرية الواقعية

واستعرض الموقع تفسيرا آخر للأوضاع في الإقليم، استنادا إلى النظرية الواقعية، الذي يرى أن "قليلا من الباحثين والمفكرين في مجال العلاقات الدولية لا يتفقون على أن النظرية الواقعية تواجه، في العديد من الجوانب، أرضا خصبة في منطقة غرب آسيا، وأنه من خلال عدستها يمكن فهم العديد من التحولات في هذه المنطقة".

ووفقه، فإن هذه النظرية "تؤكد بوضوح أن العالم هو عالم الأقوياء، فإذا كان الفاعلون المختلفون يسعون لتحقيق المزيد من الأمن، يجب عليهم اكتساب مستوى أعلى من القوة".

وقال الموقع: "في إطار النظرية الواقعية في العلاقات الدولية، نواجه نوعا من اللعبة ذات المحصلة الصفرية، حيث إن زيادة أمن فاعل ما، تعني تقليل أمن آخر".

وتابع موضحا: "تتعلق النقطة الرئيسة التي تركز عليها نظرية الواقعية في تحليل مفهوم القوة أيضا بالبعد العسكري لها، وبشكل خاص القوة العسكرية والأمنية".

لذلك، يعزو الموقع "ما تقوم به إسرائيل في الوضع الحالي، إلى محاولة ضمان هدفها النهائي، وهي بقاء النظام وأمنه".

وأردف: "هذا في الوقت الذي بات هناك العديد من الفاعلين في المنطقة، الذين زادوا من التحديات الأمنية التي تواجه النظام الإسرائيلي بشكل مضاعف".

ويرى أنه "حتى الآن على الأقل، لم تتمكن إسرائيل من تأمين جدول أعمالها المطلوب اعتمادا على قوتها العسكرية". 

بينما في المقابل، "تمكن محور المقاومة، من استخدام أدوات متعددة، لتقليص دائرة المناورة للكيان الصهيوني"، وفقا للموقع.

وأكمل: "فحاليا فاعلون مثل الحوثيين في اليمن مجهزون بقدرات صاروخية ملحوظة، وحزب الله في لبنان، رغم اغتيال عدد كبير من قادته، إلا أنه في وضع جيد من حيث القوة البرية والصاروخية والطائرات المسيرة".

واستطرد: "كما أظهرت عمليات إيران، أن محور المقاومة يمتلك العديد من أوراق القوة لاستخدامها ضد الكيان الصهيوني وحلفائه في المنطقة".

وبالنظر إلى مجمل المعادلات الجارية في غرب آسيا، يتضح، وفق الموقع، أن "محور المقاومة، لديه خيارات متعددة لتصعيد الضغوط على إسرائيل".

وأضاف: "رغم أن إسرائيل أظهرت كل مظاهر قوتها باستثناء القنبلة النووية، إلا أن محور المقاومة لا يزال قادرا على تقديم مفاجآت كبيرة ضد المحتلين الإسرائيليين".

وشدد الموقع على أن "الأوضاع والتطورات الحالية في ظروفها غير المستقرة، يمكن أن تضع  سيناريوهات عديدة محبطة أمام إسرائيل والغرب من ورائها".