مخطط لاستهداف 3 محافظات.. هل يشعل الحوثيون حربا جديدة في اليمن؟

يوسف العلي | 5 months ago

12

طباعة

مشاركة

عادت إلى الواجهة تحذيرات من نية الحوثيين إشعال الحرب مجددا في اليمن، وذلك بعد أطول هدنة تشهدها الأراضي اليمنية منذ انقلاب المليشيا على الحكومة عام 2014، وتدخل "التحالف العربي" بقيادة السعودية لدعم السلطة الشرعية.

وتراجعت حدة القتال في الأراضي اليمنية بشكل ملحوظ بعد اتفاق على وقف إطلاق النار، الذي توسّطت فيه الأمم المتحدة، ودخل حيّز التنفيذ في أبريل/ نيسان 2022، إذ لا تزال هذه الهدنة سارية إلى حد كبير حتى بعد انتهاء مفاعيلها في أكتوبر من العام نفسه.

"حرب قريبة"

وكشف موقع "المشهد اليمني" في 21 يونيو/ حزيران 2024، عن "مخطط" لمليشيا الحوثي المدعومة من إيران، يستهدف محافظات يمنية عدة، إضافة إلى الحدود مع السعودية، من شأنه أن يفجر حربا جديدة في الأراضي اليمنية.

وبحسب المعلومات التي أوردها الموقع المحلي، فإن "مليشيا الحوثي تحشّد عسكريا في الوقت الحالي باتجاه محافظة مأرب والساحل الغربي، وذلك بالتزامن مع تصعيد اللهجة الحوثية الرسمية نحو حرب قريبة، قد تتعدى الحدود اليمنية".

وفي سياق متصل، دعا رئيس مركز "أبعاد" اليمني للدراسات محمد عبد السلام، من وصفهم بشركاء الوطن، إلى ترك أي مماحكات سياسية في الوقت الراهن، "في ظل توجه للانقلابيين الحوثيين لاستكمال مخطط مهاجمة مأرب وشبوة والساحل والحدود".

وفي 21 يونيو، وجه عبد السلام عبر منصة "إكس"، رسائل عدة إلى مجلس القيادة الرئاسي اليمني، أولها إلى رئيسه رشاد العليمي، دعاه فيها إلى قطع إجازته وتجهيز "الدولة ومؤسساتها العسكرية والمدنية لحرب مصيرية، وربما الأخيرة مع الانقلابيين الحوثيين ومموليهم وداعميهم".

وقال الخبير اليمني في رسالته إن "الحرب هذه المرة ستكون مركبة ومعقدة ومتداخلة تستدعي الصراعات الإقليمية والدولية فيها، والانتصار سيكون للأذكى والأسرع والأكثر تركيزا على أهدافه والأكثر استغلالا لأحداث كبيرة قد نتفاجأ بها في المنطقة".

وفي رسالة ثانية وجهها إلى طارق صالح نائب رئيس مجلس القيادة، قال فيها: من المهم خفض التصعيد في جبهتين سياسية وأمنية والاستعداد للحرب، لا سيما تخفيض التصعيد في الجبهة الأولى السياسية في مأرب، وذلك بمنع تفريخ المؤتمر الشعبي العام وتمويل مقر للحزب خارج المدينة".

وتابع: "ليس الآن وقت المنافسة السياسية وإعادة هيكلة الحزب والصراع بين أعضائه في مأرب التي تستعد لحرب مصيرية، و(يجب) احتواء التصعيد في الوازعية واستيعاب الناس في تهامة الحاضن الشعبي لقوات المقاومة الوطنية".

أما الرسالة الثالثة، فوجهها الباحث إلى سلطان العرادة وهو أيضا نائب لرئيس مجلس القيادة، دعاه فيها إلى “الاستعداد لمعركة مأرب الكبرى وتوجيه أوامر بإطلاق سراح أي معتقل لأسباب سياسية أو تتعلق بالرأي”.

إضافة إلى "أخذ تعهدات من أي ملاحق في هذا الجانب بعدم استغلال وقت الحرب لشق الصف، وإحالة كل من عليه تهم جنائية أو تتعلق بأمن الدولة إلى القضاء".

ووجه رسالة رابعة إلى باقي نواب رئيس "القيادة"، وهم: عيدروس الزبيدي، وفرج البحسني، وعبد الله العليمي، وأبو زرعة المحرمي، وعثمان مجلي، قال فيها: “إذا لم تؤجلوا الصراعات السياسية فستجدون أنفسكم أمام واقع مختلف”.

وواصل القول: "هذه المرة يخطط الأعداء لثلاث محافظات إلى جانب مأرب والحدود مع السعودية وهي شبوة وحضرموت والمهرة، وليس كما تعودنا مواجهات محدودة في مناطق معينة".

"تفجير الوضع"

وعن مدى إمكانية اندلاع حرب جديدة، قال رئيس مركز "المخا" للدراسات الإستراتيجية في اليمن، عاتق جار الله، إن "مليشيا الحوثي تمر بأسوأ حالاتها داخليا، وتدرك أنها أصبحت في وضع اجتماعي وشعبي وحتى سياسي واقتصادي صعب".

وأضاف جار الله لـ"الاستقلال": "لذلك حاولت هذه المليشيا أن تصدّر أزمتها إلى البحر الأحمر، والتشبث بالحرب على قطاع غزة والعدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، وهذا الأمر منحها نوعا من التنفس".

ولفت إلى أن "هناك في اليمن تسوية سياسية تُفرض ولها استحقاقاتها، وأيضا ثمة حرب اقتصادية، ويبدو أن الحكومة الشرعية تتفوق فيها على الحوثيين، وهي حرب قديمة، لكن كان يُتخذ فيها فيتو أميركي، خصوصا ما يتعلق بقرارات البنك المركزي اليمني".

وتابع: “لكن الآن الأميركيين رفعوا بعض الممنوعات عن السلطة الشرعية في الحرب الاقتصادية ضد الحوثيين”.

وأردف: "لذلك رأينا أخيرا قرارات للبنك المركزي أضرت بشكل كبير جدا في الحوثيين واضطرتهم إلى تغيير العملة من ورقية إلى معدنية، والتي لم ترق إلى رجال الأعمال والمستثمرين وحتى البنوك في مناطق سيطرتهم".

وفي 30 مايو، قرر البنك المركزي اليمني في عدن (تابعة للسلطة الشرعية) بوقف التعامل مع 6 بنوك امتنعت عن تنفيذ توجيهاته بنقل إداراتها إلى عدن، وسحب أوراق نقدية محلية صادرة قبل عام 2016، إلى جانب حظر الحوالات الخارجية إلا عبر البنوك وشركات الصرافة المعتمدة من طرفه.

وأكد جار الله أن "مليشيا الحوثي تحاول الضغط عن طريق الأحداث بالبحر الأحمر، والتي لم تعد متعلقة بالعدوان الإسرائيلي على غزة بقدر تعلقها في التسوية السياسية داخلية، إذ تريد الأخيرة بعض الشروط، وكذلك الأميركيون يضغطون نحو بعض المطالب".

وفي هذا السياق، يرى جار الله أن "الحوثي قد تذهب إلى تفجير حرب داخلية مرة أخرى، وأن احتمالية عودة المعارك أمر مطروح، لأن عوامل الاقتتال موجودة، واتفاقات السلام الحالية هشة وقائمة على حتمية عودة الصراع".

وأوضح الباحث أن "عوامل الاقتتال لم تنته، وإنما وصلت الأطراف المحلية إلى حالة من الإنهاك، لأن المجتمع الإقليمي والدولي أدار الصراع بتكتيك الاستنزاف للقوى المحلية، وهذا أوصل الجهات اليمنية إلى حالة من العجز من تحقيق طرف للانتصار".

وأردف: "الأطراف الإقليمية وصلت إلى حالة من التنافس والتباين في الشأن اليمني وتركت ملف البلاد بهذا المستوى، في وقت ترى الجهات الدولية ترى أن الحالة اليمنية يجب أن تترسخ إلى ما وصلت إليه اليوم، والتي تعد عبارة عن كانتونات ودولة رسمية هشة وجماعات مسلحة، حتى تتبلور رؤية معينة لقيام دوليات أو دولة في اليمن".

وأكد جار الله "وجود بعض التحركات العسكرية للحوثيين في ثلاثة اتجاهات، الأول يتعلق في مدينة تعز والساحل الغربي، والآخر باتجاه البيضاء وشبوة ومأرب، والثالث يرتبط بالحدود السعودية".

دعم إيراني

وفي 16 يونيو، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، عن السر وراء احتفاظ مليشيا الحوثي في اليمن بقدراتها العسكرية من الأسلحة والمعدات الكافية لشن هجمات متواصلة بالبحر الأحمر.

وأفادت بأنه "رغم الضربات الأميركية التي قوضت إلى حد ما قدرات الحوثيين، تمكنت المليشيا من إيجاد طرق جديدة لجلب المعدات التي تحتاج إليها من إيران"، كما قال مسؤولون غربيون وحوثيون.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول غربي (لم تكشف هويته) أن "مليشيا الحوثي، بدلا من جلب الأسلحة مباشرة من إيران، وجدت طرقا جديدة عبر جيبوتي الواقعة شرقي إفريقيا".

ولفتت إلى أن الأسلحة تنتقل من الموانئ الإيرانية إلى السفن التي تنطلق نحو جيبوتي، قبل تحركها إلى اليمن. كما يستخدم الحوثيون لبنان كمركز لشراء قطع غيار الطائرات المسيّرة، التي تأتي من الصين.

وبحسب الصحيفة، فإن “رحلة الأسلحة الإيرانية تنطلق من إيران إلى جيبوتي ثم إلى اليمن”.

بينما تتدفق قطع غيار الطائرات من دون طيار من الصين إلى لبنان ومنها إلى اليمن أيضا، لتمر ترسانة الحوثي برحلة عبر 4 دول تنتهي في الأراضي اليمنية.

ولفتت إلى أن "تلك المعدات تجتمع في يد الحوثيين، مشكّلة ترسانة المليشيا التي تستهدف بها السفن في البحر الأحمر منذ أشهر".

وتواصل المليشيا الموالية لإيران شن هجمات بالبحر الأحمر وبحر العرب، تقول إنها تستهدف السفن المتجهة إلى إسرائيل أو المرتبطة بها، لدعم الفلسطينيين في غزة التي تتعرض لعدوان إسرائيلي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

ومنذ يناير/كانون الثاني 2024، توجه الولايات المتحدة مع بريطانيا وأكثر من 20 دولة متحالفة معهما، مئات الضربات الجوية على الحوثيين، في محاولة لوقف هجمات الأخيرة على السفن في البحر الأحمر.

وفي 10 يونيو، شدد الاجتماع الوزاري لمجلس التعاون الخليجي المنعقد في الدوحة على ضرورة "اتخاذ موقف حازم تجاه ممارسة الحوثيين التي تتعارض مع جهود الأمم المتحدة ودول المنطقة لإحلال السلام في اليمن".

وأدان المجلس استمرار التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية لليمن، وتهريب الخبراء العسكريين والأسلحة إلى مليشيات الحوثي في مخالفة صريحة لقرارات مجلس الأمن، ولاسيما 2216.

والقرار رقم 2216، الصادر من مجلس الأمن الدولي في أبريل/ نيسان 2015، يحسم تصنيف الأزمة في اليمن على أساس جهة "شرعية" معترف بها دوليا متمثلة بالحكومة، وبين انقلاب قادته مليشيا الحوثي.