تقود حملة إنقاذ نتنياهو من المحاكمات الدولية.. ما قصة مجموعة HLMG؟

داود علي | 3 months ago

12

طباعة

مشاركة

رغم جرائم الحرب التي ارتكبها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إلا أن الغرب يسعى جاهدا لإنقاذه من ملاحقات المحكمة الجنائية الدولية.

وفي 27 أغسطس/ آب 2024، نشرت مجلة "إنتليجنس أونلاين" الفرنسية المختصة بشؤون الاستخبارات، تسريبات عن تشكيل حملة غربية للضغط على المحكمة الجنائية الدولية لعدم مطاردة نتنياهو.

وتفيد التسريبات بأن "ضباطا عسكريين متقاعدين من حلف شمال الأطلسي (ناتو)، من كبار مؤيدي إسرائيل، ويتمتعون بخبرة استخباراتية طويلة، طلبوا من المحكمة الجنائية الدولية عدم توجيه اتهامات إلى نتنياهو".

وفي مايو/ أيار 2024، أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان أنه قدّم طلبات إلى المحكمة لاستصدار أوامر اعتقال ضد نتنياهو بِتُهم ارتكاب جرائم حرب، وإبادة ضد الإنسانية، فيما يتعلق بالحرب في غزة.

وقال خان إن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، ووزير دفاعه غالانت، يتحملان المسؤولية عن الجرائم ضد الإنسانية في غزة.

وأضاف أن الأدلة خلصت إلى أن مسؤولين إسرائيليين حرموا بشكل ممنهج فلسطينيين من أساسيات الحياة، وأن نتنياهو وغالانت متواطئان في التسبب بالمعاناة وتجويع المدنيين في غزة.

ولا تزال جميع طلبات خان قيد النظر من قبل قضاة المحكمة، حيث لم تصدر أي مذكرات اعتقال بعد.

60 مذكرة 

وسبق أن دعت المحكمة الجنائية الدولية الدول المدافعة عن نتنياهو إلى تقديم مذكراتها القانونية، وخلال الشهور الأخيرة، تلقت أكثر من 60 مذكرة أخرى من محامين ومنظمات غير حكومية وشخصيات سياسية ومراكز أبحاث ودول.

ومن بين الأطراف التي قدمت هذه المذكرات مجموعة HLMG العسكرية الدفاعية رفيعة المستوى والتي تضم ضباط كبارا بحلف الناتو متقاعدين.

وأوردت "إنتلجنس أونلاين" أنه في مطلع يوليو 2024، سافر 11 عضوا من مجموعة HLMG إلى إسرائيل لزيارة مقر الجيش الإسرائيلي وقطاع غزة حتى وصلوا إلى ضواحي رفح، تحت حراسة عسكرية إسرائيلية مشددة. 

وطالب هؤلاء في مذكراتهم قضاة المحكمة الجنائية الدولية برفض طلبات إصدار مذكرات اعتقال ضد نتنياهو، لأنها " سابقة لأوانها وغير مبررة" حسب زعمهم. 

فوفقا لضباط مجموعة HLMG، فإن هذا القرار “سابق لأوانه لأنه يجب منح إسرائيل الوقت لإجراء تحقيقاتها الخاصة”.

كما يرون أنه قرار “غير مبرر” لأنه يضع معايير غير محتملة وغير واقعية للعمليات العسكرية الإسرائيلية. 

ويضيف الضباط، وفق إنتلجنس أونلاين، أن من شأن القرار أن "يشكل سابقة غير مقبولة للديمقراطيات الأخرى وقواتها المسلحة المنخرطة في حروب المدن".

جنرالات أوروبا

الجنرال الإسباني رافائيل بارداجي هو الذي أخذ زمام المبادرة لكتابة مذكرة المجموعة إلى المحكمة الجنائية الدولية، يطلب فيها رفض مذكرات الاعتقال.

 وبارادجي عمل مستشارا للأمن القومي لحكومة رئيس الوزراء الإسباني خوسيه ماريا أزنار بين عامي 1996 و2004.

وكان عضوا في "الحزب الشعبي" كما انضم إلى "حزب فوكس" اليميني المتطرف في عام 2018. 

وفي سبتمبر/ أيلول 2010، شارك بارداجي في تأسيس "مبادرة أصدقاء إسرائيل" التي يشغل الآن منصب مديرها التنفيذي. 

ولاحقا أسس "مجموعة الدراسات الإستراتيجية" البحثية المقربة من المحافظين الجدد في الولايات المتحدة، وأقام روابط مع ستيف بانون خلال الحملة الرئاسية لدونالد ترامب عام 2016.

ويتصدر بارداجي المساعي القانونية لدعم الحكومة الإسرائيلية، ويقضي جزءا من وقته في الولايات المتحدة.

من بين الموقعين على المذكرة أيضا الجنرال الفرنسي المتقاعد آلان لامبال، خريج أكاديمية سان سير كويتكيدان العسكرية وضابط استخبارات سابق في وزارة القوات المسلحة الفرنسية التي تتبع لها الاستخبارات الخارجية الفرنسية DGSE. 

وذكر لامبال خلال اتصال أجرته "إنتلجنس أونلاين" معه أنه قاد في السنوات الأخيرة مهمتين لصالح مجموعة HLMG لدعم إسرائيل، الأولى حول الوضع الأمني في غزة والأخرى حول القضايا على الحدود بين إسرائيل ولبنان.

ويحمل لامبال درجة الدكتوراه في علم الاجتماع السياسي ويعد متخصصا في شؤون جنوب آسيا.

كما يحمل عدة درجات بعضها حصل عليها من المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية INALCO ومركز الدراسات العليا لإفريقيا وآسيا الحديثة CHEAM.

كما ترأس بعثة الاتصال المركزية للمساعدة في تقديم المساعدات للجيوش الأجنبية في وزارة القوات المسلحة الفرنسية. 

وطبقا للمعلومات التي جمعتها "إنتلجنس أونلاين"، فإن مهمة لامبال لصالح مجموعة HLMG للدفاع عن إسرائيل لم يشاور فيها السلطات الفرنسية.

وفي مطلع يوليو 2024 زار إسرائيل عن مجموعة HLMG نائب رئيس أركان الدفاع الإيطالي بين عامي 2001 و2004 الجنرال فينسينزو كامبوريني.

وشغل رئيسا لـ"مركز الدراسات الدفاعية المتقدمة" الإيطالي ثم أصبح قائد القوات الجوية، وفي عام 2008 أصبح قائد أركان القوات المسلحة الإيطالية ككل وحصل على عدة ميداليات.

وضمت هذه المبادرة من مجموعة HLMG أيضا الأدميرال الإسباني خوسيه ماريا تيران.

الذي عمل في مكتب التقييم الإستراتيجي لوزير الدفاع الإسباني وكان في السابق رئيسا للأركان المشتركة ورئيسا لمجموعة التحليل الإستراتيجي، ثم مسؤولا عن إعادة تنظيم أجهزة الاستخبارات الإسبانية.

مشاركة بريطانية أميركية رائدة

وتبدو مجموعة HLMG في الأساس مبادرة بريطانية وأميركية، ففي الواقع يقضي الجنرال البريطاني المتقاعد ريتشارد كيمب معظم وقته في إدارة المجموعة.

وكان في السابق قائدا للقوات البريطانية في أفغانستان قبل أن يتقاعد من منصبه في عام 2006، كما خدم أيضا في العراق والبلقان وأيرلندا الشمالية.

رأس الجنرال كيمب مجموعة "كوبرا" البريطانية للاستخبارات، المسؤولة عن تنسيق عمل وكالات الاستخبارات البريطانية كجهازي MI5 وMI6 منذ تفجيرات لندن في يوليو 2005، وكذلك تفجيرات مدريد في عام 2004 وبالي في عام 2002. 

كما أنه زميل باحث في معهد "الخدمات المتحدة الملكي" للأبحاث العسكرية وعضو مجلس إدارة "مبادرة أصدقاء إسرائيل" ومنظمة "مراقبة المنظمات غير الحكومية" المؤيدة لإسرائيل أيضا ومقرها القدس.

وفي مجموعة "كوبرا" للاستخبارات، يعمل إلى جانب الجنرال كيمب العقيد الأميركي المتقاعد جيفري إس. كورن، عضو المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي JINSA والخبير في قانون الحرب في الجيش الأميركي، والذي شارك كشاهد خبير أمام لجنة جوانتانامو العسكرية.

أما زميله في مجموعة HLMG ديفيد أ. ديبتولا فهو عميد معهد "ميتشل لدراسات الفضاء الجوي".

والذي يصف العقيد كورن على موقعه على الإنترنت بأنه رائد في "تخطيط وتنفيذ عمليات الأمن القومي، من المساعدات الإنسانية إلى القتال الرئيس". 

وقد خدم ديبتولا في سلاح الجو الأميركي في مسارح مختلفة أهمها في أفغانستان والعراق، وترك الجيش بعد أن حاز نحو 30 ميدالية.

كما وقع الضابطان البريطانيان السابقان أندرو فوكس وإيان لايلز على المذكرة المقدمة إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وفوكس الآن يعمل مع الجيش الإسرائيلي في غزة وفق ما روى في منتصف أغسطس الجاري لمجلة "The Spectator" البريطانية اليمينية.

ومع ذلك لا يقتصر عمل مجموعة HLMG الداعمة لإسرائيل على العسكريين فحسب، فقد سافر وزيران أوروبيان سابقان إلى إسرائيل وقطاع غزة هما: 

وزير الخارجية الهولندي السابق وعضو حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية الليبرالي المحافظ أورييل روزنثال.

ونائب رئيس الوزراء الفنلندي السابق ووزير الخارجية والمؤسس المشارك لحزب الفنلنديين القومي اليميني تيمو سويني.

وتقول مجموعة HLMG على موقعها الإلكتروني إنها أنشئت في أوائل عام 2015 في أعقاب حرب صيف عام 2014 في غزة.

وتهدف إلى دراسة “التداعيات الناجمة عن محاربة أعداء لا يحترمون قانون الصراع المسلح ولكنهم يستغلون التزام دولنا بهذا القانون لتحقيق مصالحهم الخاصة”.

وذكرت المجموعة العسكرية رفيعة المستوى، أنها تضم قادة عسكريين من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا وفنلندا وهولندا.