رغم تراجع شعبيته.. لهذه الأسباب مازال أنور إبراهيم حاكم ماليزيا الأبرز
في نهاية عام 2023 انخفضت شعبية إبراهيم إلى 50 بالمئة
على الرغم من تراجع شعبيته، تسود توقعات بإمكانية فوز رئيس الوزراء الماليزي، أنور إبراهيم في الانتخابات العامة المقبلة عام 2027.
وأكد الباحث والأكاديمي الأسترالي موراي هانتر، أنها في ظل الظروف الحالية، ستتمكن "حكومة الوحدة" من الاحتفاظ بالسلطة بعد الانتخابات العامة المقبلة، ما يعني أن أنور إبراهيم سيتمكن من الحصول على ولاية ثانية كرئيس للوزراء.
وبين هانتر الذي يعمل أستاذا مشاركا في جامعة "برليس" الماليزية، خلال مقال نشره موقع "يوراسيا ريفيو" الأميركي أن ولاية إبراهيم الثانية مشروطة بأن تبقى مكونات "حكومة الوحدة" كما هي؛ كي تنجح في الانتخابات.
الانتخابات القادمة
وأشار إلى أن حزب العمل الديمقراطي (DAP) -المنضوي تحت تحالف الأمل (PH) الحاكم- يضمن الفوز في الانتخابات الفرعية المقبلة في مدينة "كوالا كوبو باهارو".
ومن المقرر عقد تلك الانتخابات الفرعية في 11 مايو/أيار 2024، بينما سيجرى التصويت المبكر في السابع من ذات الشهر.
ومع ذلك، فإن التأرجح الهائل الذي سيواجه مرشح حزب "تحالف الأمل"، بانغ سوك تاو، سيؤدي في الغالب إلى زيادة خيبة الأمل داخل "حكومة الوحدة".
وأفاد بأن المرشحين من الأحزاب المعارضة عادة ما يحققون انتصارات أكبر ضد مرشحي الحكومة في الانتخابات الفرعية، نظرا لفرصة وجود تصويت احتجاجي.
وهذا ما حدث في الانتخابات الفرعية الخمس التي أجريت، عندما كان "تحالف الأمل" برئاسة رئيس الوزراء السابق، مهاتير محمد، بين عامي 2018 و2020.
وعلى هذا، يرى هانتر أنه في ضوء المناخ السياسي الراهن في ماليزيا، من المتوقع أن يتكبد حزب "المنظمة الوطنية المالاوية المتحدة"، المعروف اختصارا باسم (أمنو)، وحزب عدالة الشعب (PKR) خسائر فادحة في الانتخابات العامة المقبلة، ما لم تحدث مفاجآت.
وهنا يتساءل الباحث: هل ستكون هذه الخسائر كافية لإخراجهم من الحكومة في الانتخابات العامة المقبلة؟
ويعتقد أن السجل السيئ في إدارة البلاد لن يتسبب في إخراج حكومة الوحدة الوطنية، التي يقودها "إبراهيم" من المشهد.
شعبية إبراهيم
وينقل الباحث أن تصور الرأي العام عن حكومة الوحدة حاليا هو أن أداءها ضعيف، منوها إلى أنه في نهاية عام 2023، انخفضت شعبية إبراهيم إلى 50 بالمئة.
وأضاف أن "أمنو" و"حزب عدالة الشعب" لا يحرزان أي تقدم في معاقل الملايو، وهي الشريحة التي يريدها إبراهيم بشدة لتعزيز شرعية حكومته.
وقال هانتر إن "حزب عدالة الشعب" كان قد أُسس في الأصل بهدف تحرير إبراهيم من السجن، مضيفا أن أعضاء الحزب -الذين يزداد عددهم باضطراد- ينحدرون من "فئة B40"، الذين يطمحون إلى إصلاح ماليزيا وتحسين سبل معيشتهم.
و"فئة B40" تمثل الـ 40 بالمئة الأفقر من الشعب الماليزي، التي يبلغ دخلها الشهري 4850 رينغيت ماليزيا (نحو ألف دولار)، أو أقل.
وعلى هذا، فإن عدم نجاح "تحالف الأمل" في تحقيق الإصلاحات المطلوبة أدى إلى خيبة أمل قاعدته الشعبية التقليدية.
وفي المؤتمر الخامس والعشرين لحزب عدالة الشعب، الذي عقد أخيرا، لم تُطلَق هتافات “الإصلاح” التي كانت معتادة في المؤتمرات السابقة.
وأضاف الباحث أنه "سرعان ما أصبح شعور الماليزيين من غير الملايو، والملايويين الليبراليين الذين يعيشون في المناطق الحضرية، فاترا تجاه تحالف الأمل".
وأوضح أنه بما أن الأغلبية في تلك القاعدة الجماهيرية لن تدعم المعارضة ممثلة في "التحالف الوطني" (PN)، فقد يقرر الكثيرون البقاء في منازلهم في الانتخابات العامة المقبلة والامتناع عن التصويت بالكلية.
وسيكون مدى إقبال الناخبين على صناديق الاقتراع عاملا حاسما للغاية بالنسبة لتحالف الأمل، وفق الباحث.
وأشار إلى أنه "من المتوقع أن تكون نسبة المشاركة في الانتخابات العامة المقبلة في المناطق الحضرية من أدنى المعدلات على الإطلاق".
وهذا بدوره سيكلف حزب عدالة الشعب عددا من أسهمه، ويحوّل بعض المقاعد المضمونة لحليفه حزب العمل الديمقراطي، إلى أخرى هامشية.
أزمة اقتصادية
وانتقد الباحث الأسترالي إدارة الحكومة للملف الاقتصادي، واصفا إياها بـ"العشوائية"، حيث زاد عجز الميزانية 100 مليار رينغيت ماليزي، مع ارتفاع أجور القطاع العام.
"ومع انخفاض الرينغيت الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد المستوردة، وازدياد تكلفة المواد الغذائية بشكل أسرع من معدل التضخم الرسمي، يجد العديد من الأسر صعوبة بالغة في تغطية نفقاتها، لعدم وجود زيادة في الأجور".
كما يتأثر انخفاض الدخل بالتغيرات الضريبية التنازلية، في حين أن خطة الدعم المستهدفة يمكن أن تلحق الضرر بالكثيرين إذا لم تنفَّذ بشكل صحيح.
علاوة على ذلك، تستمر الضائقة المتعلقة بالتعليم، والصحة العامة، وغير ذلك من القضايا الاجتماعية، ولا يهتم العديد من الناخبين حقا بقضايا السياسة الخارجية والتجارة، التي ركز عليها "إبراهيم" بشكل كبير.
وأشار الباحث إلى أن الانقسامات الناشئة داخل التحالف تشكل تهديدا كبيرا، مع نشوء خلاف بين رئيس الوزراء ونائبه أحمد زاهد حميدي.
وزعم الباحث أن هذا الخلاف بدأ يتفاقم شيئا فشيئا، حيث شبهه بالتنافس الذي حدث بين رئيس الوزراء السابق، مهاتير محمد، ونائبه أنور إبراهيم في 1998/1997.
استشراف النتائج
ورغم ذلك، يرى الباحث احتمالية أن يفوز تحالف الأمل في مدينة "كوالا كوبو باهارو" في 11 مايو.
لكن في الانتخابات العامة المقبلة، المقرر عقدها عام 2027، قد يخسر "حزب عدالة الشعب" ما يصل إلى 10 مقاعد، وقد تخسر "أمنو" ما بين 5 إلى 10 مقاعد.
وهذا من شأنه أن يمنح "التحالف الوطني" المعارض ما بين 15 إلى 20 مقعدا إضافيا، وفق الباحث.
كما يعني هذا الأمر، حصول "تحالف الأمل" و"أمنو" على ما بين 92-97 مقعدا، مع حصد "التحالف الوطني" المعارض ما بين 89-93 مقعدا.
ويفترض ما ورد أعلاه أن "حزب الأمانة الوطنية" (Amanah) -حليف الحكومة- سيحتفظ بالمقاعد الثمانية التي فاز بها عام 2022، أما إذا خسر أي مقاعد، فإن ذلك سيصب في صالح "التحالف الوطني" المعارض.
وستكون النتيجة حينها -وفق الباحث- برلمانا معلقا آخر، تصبح فيه أحزاب ولايتي "صباح" (Sabah) و"ساراواك" (Sarawak) بمثابة صانعي الملوك مرة أخرى.
وعلى هذا، يؤكد هانتر أن بإمكاننا أن نتوقع أن يبدأ "إبراهيم" بعد فترة وجيزة ولايته الثانية كرئيس للوزراء.
لكن ينوه أيضا أنه لا تزال هناك ثلاث سنوات أخرى على ولاية "إبراهيم" في منصبه، وقد يتغير الوضع بشكل جذري إذا كان هناك المزيد من عدم الاستقرار داخل "أمنو".