مكانه لا يزال مجهولا.. أين يختبئ ماهر الأسد بعد تواتر الحديث عن وصوله للعراق؟
"مصادر عراقية تكهنت بأن فالح الفياض يستضيف ماهر الأسد في منزله ببغداد"
رغم أن مكان وجود رئيس النظام السوري المخلوع، بشار الأسد، انكشف في اليوم الثاني من هروبه إلى روسيا، لكن مصير شقيقه ماهر لايزال مجهولا منذ تواريه عن الأنظار ساعة دخول الفصائل المسلحة إلى دمشق وسيطرتها على مقاليد الحكم في البلاد.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، فرّ الأسد من سوريا، لتعلن روسيا في اليوم التالي أنه وصل أراضيها، ومنحته اللجوء الإنساني، لكنها لم تُشر إلى وجود شقيقه ماهر الذي كان يقود الفرقة الرابعة في جيش النظام، المكلفة بحماية دمشق والقصر الجمهوري.
هرب للعراق
كل ما أوردته الوكالات الدولية والمحلية من معلومات، وحتى ما ذكره ناشطون وإعلاميون عراقيون وسوريون تؤكد أن ماهر الأسد فرّ إلى العراق، ولايزال يوجد على أراضيه، رغم نفي رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ووزارة الداخلية العراقية ذلك.
ونقلت وكالة "رويترز" في 13 ديسمبر 2024، عن ثلاثة مساعدين لرئيس النظام السوري (لم تسمهم) أن "بشار الأسد لم يبلغ حتى شقيقه الأصغر ماهر، قائد الفرقة المدرعة الرابعة، بخطة خروجه".
وكشف أحد المساعدين في حديثه للوكالة، أن "ماهر غادر بطائرة مروحية إلى العراق ثم إلى روسيا"، لكن موسكو لم تعلق على ما ورد في التقرير.
وفي السياق ذاته، أكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن خلال تصريح صحفي في 17 ديسمبر، أن ماهر، القائد السابق لـ"الفرقة الرابعة"، موجود في روسيا، وذلك بعد نقله للعراق في طائرة مروحية.
لكن وزارة الداخلية العراقية نفت الخبر، وذلك عبر تصريح رسمي للناطق باسمها العميد مقداد ميري الذي قال للوكالة الرسمية للأنباء، في 16 ديسمبر 2024، إن "الأنباء التي تتحدث في مواقع التواصل الاجتماعي عن وجود ماهر الأسد داخل الأراضي العراقية عارية من الصحة".
وفي الوقت نفسه، رجحت وسائل إعلام عربية وجود ماهر الأسد قائد الفرقة الرابعة في محافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق، وفي ضيافة حليف إيران زعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني وأنه انتقل إلى جبال قنديل، معقل حزب العمال الكردستاني الإرهابي (بي كا كا).
وبحسب صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، فقد نفى هذه الأنباء مصدر مسؤول (لم تسمه) في آسايس (أمن) السليمانية في 17 ديسمبر، قائلا إنه "لم يتم تسجيل دخول ماهر برا أو عبر المطار إلى السليمانية"، وأكد أن "الأخير لم يدخل المدينة أو يتجه منها إلى إيران".
وفي 10 ديسمبر، كتب الإعلامي السوري، فيصل القاسم على منصة "إكس" قائلا: "بشار انتهى تماما، لكن ماهر لم ينته، فلاحقوه بكل الطرق والوسائل هو وعصابته قبل أن تندموا. يُقال إنه في العراق الآن. والأيام بيننا. أعذر من أنذر".
وصرّح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال مقابلة تلفزيونية في 27 ديسمبر، أن "ماهر الأسد لم يدخل العراق بعد سقوط النظام السوري خلافا لما أشيع وأوردته تقارير إعلامية".
"ضيف الفياض"
وعلى وقع هذه المعلومات، يتردد في الأوساط السياسية العراقية أنباء بأن ماهر دخل إلى العراق بالفعل ليلة سقوط النظام السوري، ووصل إلى العاصمة بغداد واختبأ في المنطقة الخضراء، وتحديدا في منزل رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض.
وأكدت مصادر إعلامية عراقية لـ"الاستقلال"، طالبة عدم الكشف عن هويتها، أن "سياسيين وإعلاميين عراقيين في داخل المنطقة الخضراء يتناقلون أنباء عن وجود ماهر بالفعل، وهو في ضيافة الفياض".
وأوضحت المصادر أن "الفياض تربطه علاقة وطيدة مع النظام السوري السابق، وكان على تواصل دائم من خلال زيارات متكررة إلى دمشق يلتقي فيها بشار الأسد، حاملا رسائل الحكومات العراقية المتعاقبة طيلة سنوات الثورة السورية من 2011 إلى 2024".
وكانت آخر زيارة أجراها فالح الفياض إلى سوريا، اللقاء مع رئيس النظام المخلوع في 6 مايو/ أيار 2024، وكانت هذه الزيارة الأولى في عهد حكومة السوداني.
في 16 ديسمبر، نشر موقع "إرم نيوز" الإماراتي تقريرا أكد فيه نقلا عن مصدر عراقي رفيع (لم يسمه)، "فالح الفياض، يستضيف ماهر منذ أيام عدة في المنطقة الخضراء، بعد قدومه بسيارات مظللة، بتسهيلات من السلطات العراقية، في ليلة سيطرة الفصائل المسلحة على دمشق".
وأفاد التقرير بأن "عددا من قادة المليشيات المسلحة العراقية، بينهم قائد عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، التقى ماهر الأسد، وبحث معه تفاصيل ما حصل في سوريا".
وأشار إلى أن "خروجه من العراق لا يزال غير واضح، لكن الترتيبات الأمنية، التي كانت في موقع إقامته داخل المنطقة الخضراء انخفضت منذ أيام، ما يرجح خروجه".
وبحسب مصدر الموقع الإماراتي، فإن "الفياض هو من تبنى استضافة الأسد أمام رئيس الوزراء، الذي تساءل عن الأمر، وتداعياته، غير أنه تلقى تطمينات من الفياض، بأن المسألة لأيام قليلة فقط".
ولم يصدر أي تصريح حتى يوم 6 يناير 2025، عن هيئة "الحشد الشعبي" في العراق، بخصوص ما يتردد من أنباء عن استضافة ماهر في منزل رئيسها الفياض داخل العاصمة بغداد.
مجرم حرب
تطارد السلطات السورية الحالية ماهر الأسد (54 عاما) بوصفه أحد أركان النظام السابق، بقياده شقيقه بشار، كونه متهما بارتكاب جرائم بحق السوريين منذ اندلاع الثورة في البلاد عام 2011، لا سيما قصف المعارضين بالكيماوي.
وجاء إدراج ماهر في قوائم العقوبات البريطانية والأوربية والكندية والأميركية منذ عام 2011، نتيجة الجرائم التي ارتكبتها الفرقة الرابعة بحق السوريين في درعا وحمص وريف دمشق، حتى أطلق عليه لقب "جزار درعا".
وعام 2022، أصدرت السلطات الفرنسية مذكرة توقيف دولية بحق ماهر، إلى جانب شقيقه وضابطين في الجيش، بتهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك هجوم كيميائي على ضواحي دمشق، التي كانت تحت سيطرة المعارضة عام 2013.
ومنذ عام 2011، أخذت "الفرقة الرابعة" أحد مكونات جيش النظام السوري السابق، خطا مغايرا عن قوات النظام، بحيث أصبحت مرتهنة لإيران وتسير معها في المعارك.
وعقب التدخل الروسي لم تبد "الفرقة الرابعة" أي ميل إلى الجانب الروسي، ولم تسر تبعا لتوجيهات قاعدة حميميم الجوية في ريف اللاذقية مركز تحكم الوجود الروسي بسوريا.
إذ ركزت "الفرقة الرابعة"، التي ينحدر غالبية عناصرها من الطائفة العلوية والموالين لماهر شخصيا، دورها في حماية عائلة الأسد والسيطرة على التجارة الداخلية بين المحافظات السورية، فضلا عن التعامل الوثيق مع حزب الله اللبناني والمليشيات الإيرانية.
وماهر المولود عام 1967 متزوج من منال جدعان من الطائفة السنية، وهو شخصية غامضة ونادر الظهور ويلقب بـ"المعلم"، وله شعبية كبيرة داخل الطائفة العلوية تكاد تتفوق على شقيقه الأكبر بشار.
وماهر حاصل على درجة البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية من جامعة دمشق، والتحق بعد ذلك بالكلية الحربية، ليخدم لاحقا في الفرقة الرابعة المدرعة، وعُرف لدى الشارع السوري بأنه يحمل رتبة "عميد"، قبل أن تتحدث أوساط عسكرية عام 2017 إلى ترفيعه إلى "لواء".
وتأسست "الفرقة الرابعة" من جيش النظام السابق، على أنقاض وبعض بقايا ما كان يعرف بـ"سرايا الدفاع"، وهي تشكيل عسكري أسسها وقادها رفعت شقيق حافظ الأسد من عناصر وضباط من الطائفة العلوية.
وحُلت "سرايا الدفاع" بعد نجاح حافظ عام 1984 في إبعاد شقيقه رفعت خارج سوريا؛ تجنبا لصدام عسكري مسلح بينهما بعد فشل الأخير في الانقلاب على أخيه الذي كان رئيسا للنظام بموجب انقلاب عسكري منذ 1971 وحتى وفاته عام 2000.
ويتهم ماهر بالوقوف وراء الحدث المحلي الذي هز سوريا والعالم، حينما وقع تفجير غامض استهدف اجتماعا لـ"خلية الأزمة" لقمع الثورة، في مبنى مكتب الأمن الوطني بحي الروضة الراقي وسط دمشق في 18 يوليو/ تموز 2012.
وقتل في التفجير حينها رئيس مكتب الأمن الوطني، اللواء هشام اختيار، إلى جانب أربعة من أعمدة النظام بينهم نائب وزير الدفاع آنذاك آصف شوكت، صهر بشار، وكان بين هؤلاء من كان يدفع نحو تسليم الأسد السلطة على خلفية الثورة.
في عام 1999، شغل ماهر الأسد وسائل الإعلام بعدما أفادت تقارير بأنه أطلق النار على صهره آصف شوكت إثر خلاف بينهما، ما أدى إلى إصابة شوكت ونقله إلى مستشفى عسكري في فرنسا لتلقي العلاج.
وبرغم الحادثة، استمر ماهر في تعزيز مكانته داخل النظام السوري، إذ انتخب في يونيو/ حزيران 2000، لعضوية اللجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي، في خطوة أكدت على دوره المتزايد داخل النظام.
كما تقود "الفرقة الرابعة" صناعة المخدرات، خاصة أقراص "الكبتاغون" في سوريا، والتي كشفت مقاطع فيديو لناشطين سوريين ووسائل إعلام عربية أماكنها والكميات التي كانت بداخل مقراتها بعد سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر 2024.
وفي تحقيق نشرته المجلة الألمانية دير شبيغل، في 23 يونيو 2022، كشف تورط النظام السوري عبر وحدات عسكرية وعلى رأسها "الفرقة الرابعة" في تجارة مخدرات تجاوزت قيمتها عام 2021 فقط 5.7 مليارات دولار.
المصادر
- غادر بـ"هليكوبتر" إلى العراق.. كشف تفاصيل خروج ماهر الأسد من سوريا
- العراق ينفي وجود ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري السابق على أراضيه
- تضارب أنباء بشأن وجود ماهر الأسد في العراق
- اعتقال مسؤولين سوريين وحديث عراقي عن مصير ماهر الأسد
- فيصل القاسم: ماهر الأسد في العراق الآن فلاحقوه بكل الطرق قبل أن تندموا
- خاص- رئيس الحشد الشعبي في العراق استضاف ماهر الأسد
- ماهر الأسد: "حارس العائلة" و"جزّار درعا"، فمن هو؟
- زعيم "الحشد الشعبي" العراقية يلتقي بشار الأسد في دمشق