معاقب أميركيا ومقيد إيرانيا.. ما سر معادة أحمدي نجاد داخل بلاده وخارجها؟

a year ago

12

طباعة

مشاركة

يتعرض الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد، لمزيد من المضايقات من قبل النظام في إيران، لدرجة أنه بات مستبعدا من دائرة الشخصيات التي تحضر اجتماعات مع المرشد علي خامنئي رغم كونه عضوا بمجمع تشخيص مصلحة النظام.

وجديد ذلك، منع محمود أحمدي نجاد الرجل المثير للجدل في إيران من السفر إلى دولة غواتيمالا للمشاركة في "ندوة علمية وبحثية حول الإدارة الشاملة للموارد المائية في العالم".

نجاد في غواتيمالا

أقدمت العناصر الأمنية على مصادرة جواز سفر نجاد في مطار الخميني جنوبي طهران بتاريخ 5 أكتوبر/تشرين الأول حسبما أفاد موقع "دولت بهار" وهو وسيلة إعلامية مقربة من نجاد.

وقد أصر نجاد على السفر بعد انتظار لعشر ساعات في المطار والفندق، قبل أن تؤكد قناة "صابرين نيوز" نقلا عن "مصادر مطلعة" أنه بعد إصرار نجاد على السفر إلى غواتيمالا، "بعد التزامه بقبول المسؤولية لأمور سياسية وأمنية وتداعيات محتملة لهذه الرحلة عليهم"، فقد وافقت المؤسسات ذات الصلة على قيامه بذلك.

بحسب ما نقلته صابرين نيوز، فإن "رحلة نجاد كعضو في مجمع تشخيص مصلحة النظام ومسؤول سياسي إلى غواتيمالا قد ألغيت لهذا السبب، "كما تم نصحه بعدم القيام بهذه الرحلة بسبب العقوبات الدولية وإمكانية الاعتقال".

ونقلت قناة "صابرين نيوز" المقربة من فيلق القدس، عن "مصدر مطلع" أن مصادرة جواز سفر أحمدي نجاد "ترجع إلى الوضع السياسي الهش في غواتيمالا، فضلا عن وجود تقارير عن احتمال حدوث ظروف أمنية في هذا البلد".

كما أن إيران ليس لديها سفارة في غواتيمالا، وهناك تقارير عن النفوذ الكبير لإسرائيل في هذا البلد.

بالإضافة إلى ذلك، غواتيمالا تتماشى تماما مع السياسات الأميركية، كما كانت هذه الدولة واحدة من الدول القليلة التي نقلت سفارتها من القدس، عقب إصدار إدارة الرئيس الأميركي السابق ترامب في مايو/ أيار 2018 قرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.

 في المقابل، رأت قناة بهار على تليغرام، المقربة من نجاد وهي تعرب عن ارتياحها لهذه الدعوة، أن الحكومة الغواتيمالية، رغم قربها الجغرافي من الولايات المتحدة، "متجاهلة سياسات إدارة جو بايدن" ووجهت الدعوة لنجاد.

وتعليقا على رحلة نجاد إلى غواتيمالا قال موقع "ساعت 22" الإيراني: إن "نجاد، بعد بدايته العاصفة في استخدام الأدبيات الثورية وشعارات العدالة، وبتأثير من دائرة أصدقائه، اتجه نحو خلق الجدل وبأنشطة خارج الأعراف والقوانين، والخطب والرسائل الاستفزازية، وسرد القصص والأحاديث. ومن وقت لآخر كان يرفع اسمه في الفضاء الإلكتروني ضد المؤسسات الثورية".

تهميش متعمد

في أغسطس/آب 2023 ذكرت صحيفة "آرمان امروز" أن هناك محاولة اغتيال لنجاد، حيث بعث مكتب الأخير رسالة إلى الجهات الأمنية يؤكد فيها وجود مخططات اغتيال، وطالب باتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة للحفاظ على سلامته وصحته.

وقد جرى استبعاد نجاد عام 2021 من الترشح للانتخابات الرئاسية في إيران.

وآنذاك حذر نجاد، من انهيار وتفكك البلاد، مشددا على أن الأوضاع في إيران سيئة وأنه لا يريد أن يكون شريكا في هذا الانهيار، حسب موقع "دولت بهار" الإيراني.

وسبق أن أكد البرلماني الإيراني، أحمد علي رضا بيكي، للمرصد الإيراني في 13 إبريل/نيسان 2022 عن غياب نجاد عن لقاء مسؤولي النظام مع المرشد علي خامنئي.

وولد نجاد عام 1956 في قرية آرادان بمحافظة سمنان شمالي إيران، ثم انتقل في سن الرابعة إلى طهران، وهو حاصل على الدكتوراه في هندسة النقل والتخطيط من جامعة إيران للعلوم والتقنية عام 1997، وعمل أستاذا جامعيا.

وينتمي نجاد إلى التيار المحافظ الذي يوصف بالمتشدد، حيث تذكر العديد من التقارير، أنه أثناء قيام الحرب العراقية الإيرانية 1980- 1988 انضم إلى الحرس الثوري الإيراني، وخدم في جهاز المخابرات والأمن العام.

لكن في السنوات الأخيرة، بدأ نجاد يختار أشد العبارات في انتقاد النظام والحرس الثوري الإيراني، إلى درجة وصف الحرس الثوري ذات مرة بـ"الإخوة المهربين"، في إشارة إلى قيامهم بتصدير واستيراد بعيدا عن سيطرة الحكومة.

حتى إن "صوت نجاد المزعج" اقترب من المرشد خامنئي، إذ قال نجاد إن مدير "إذاعة الجمهورية الإسلامية" في عهده حسن خجستة، وهو شقيق زوجة المرشد الإيراني، كان يخطط للسفر إلى إسرائيل.

وأضاف نجاد في بيان له في يونيو/حزيران 2021 أن "خجستة حل لأسبوعين ضيفا على شركة إسرائيلية في الهند، وكان يعتزم السفر إلى تل أبيب عن طريق تركيا".

عزل نجاد

ولهذا فإن ذهاب نجاد إلى الندوة الدولية التي تستمر أربعة أيام في غواتيمالا، يرها "كسرا لمحاولة عزله" من قبل النظام الإيراني، وفق مراقبين.

وتعليقا على المشهد، قال الكاتب المهتم بالشأن الإيراني عمار جلو لـ"الاستقلال"، إن "منع شخصيات من السفر إلى إيران خشية اعتقالها لفرض شروط سياسية أو مالية، هو إجراء تقوم به واشنطن عادة".

وأضاف: "لعل إيران تحاكي النهج الأميركي بخصوص بعض الشخصيات، لا سيما الذين لا يمتلكون إلا الجنسية الإيرانية، أو الذين عليهم الكثير من إشارات الاستفهام أو لديهم مواقف قد تكون ركيزة لاعتقالهم في الدول الغربية أو التي تدور في فلكها".

ومضى يقول: "ومنهم أحمدي نجاد ومواقفه الشهيرة، المعروفة بجحد واقعة الهولوكوست أو الدعوة لتدمير إسرائيل، وسواهما من المواقف الإشكالية لنجاد".

واستدرك: "هذا دون تغييب النفس الإيراني الداخلي بالتضييق على نجاد، كونه منذ ولايته الثانية أصبح يغرد خارج سرب خامنئي، وبالأدق معارض لتوجه خامنئي وتشكيلة القيادة الإيرانية الحالية المتشددة، رغم محسوبية نجاد على التيار المتشدد في إيران، والذي أثبت الواقع عدم تناغمه، بعد اختطافه لجميع مؤسسات السلطة الحاكمة في إيران".

وختم جلو بالقول: "من خلال عزل نجاد داخليا، بإقصائه عن المنصات الإعلامية الإيرانية، ومنعه من الخروج خارج إيران، تضمن السلطة الإيرانية وفاة نجاد سريريا، بالمعنى المجازي".

فيديو / صابرين نيوز: اعتصام الرئيس الايراني الاسبق محمود احمدي نجاد بعد ممانعة الاجهزة الامنية سفره الى غواتيمالا لاسباب امنية كما نقلت وكالات انباء رسمية pic.twitter.com/jbZijT2XAZ

— Hazem Kallass حازم كلاس (@Hazem_Kallass) October 5, 2023

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أعلن في 8 سبتمبر/أيلول 2023، فرض عقوبات على محمود أحمدي نجاد، الرئيس السابق لإيران، ووزارة الاستخبارات في هذا البلد.

كما عادت وزارة الخزانة الأميركية في 27 سبتمبر/أيلول 2023، للتلويح بعزمها فرض عقوبات جديدة على محمود أحمدي نجاد، وقال نائب وزير الخزانة الأميركي إن "الاعتقال غير المشروع لمواطنين أميركيين" كان السبب وراء معاقبة محمود أحمدي نجاد.

ولا يزال أحمدي نجاد يبرز على الساحة في المشهد السياسي الإيراني كسياسي له مواقف ناقدة وكاشف لأسرار مهمة تربك النظام الإيراني.

ويؤكد المهتمون بالشأن الإيراني أن نجاد يوازن هجماته وانتقاداته للبلد الذي تولى رئاستها لولايتين متعاقبتين امتدت من 2005 وحتى 2013، خشية فرض الإقامة الجبرية عليه.

ولهذا فهو لا يتوانى عن دغدغة مشاعر الإيرانيين الناقمين على الوضع المعيشي والاقتصادي في ظل العقوبات الغربية المستمرة، منها انتقده بشكل مباشر في 12 فبراير/شباط 2021 الرئيس حينها حسن روحاني لسوء الأوضاع الاقتصادية.