الطريق إلى البيت الأبيض.. نقاط القوة والضعف بين ترامب وهاريس

داود علي | 22 days ago

12

طباعة

مشاركة

دخلت الانتخابات الرئاسية الأميركية مرحلة العد التنازلي أو أيام الحسم، وسط استقطاب قوي وتصاعد في حدة التصريحات بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب ومنافسته الديمقراطية كامالا هاريس.

وهذه الانتخابات التي تجرى في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، هي الستين في تاريخ البلاد، وتتزامن مع انتخابات مجلس الشيوخ الأميركي، ومجلس النواب، وحكام الولايات، والمجالس التشريعية للولايات. 

ومن المقرر تنصيب الفائز بهذه الانتخابات في 20 يناير/ كانون الثاني 2025، على أن يكون قد حسم أصوات المجمع الانتخابي، بالحصول على 270 صوتا أو أكثر من إجمالي الأصوات البالغ عددها 538.

ووقفت هاريس أمام بيت نائب الرئيس في العاصمة واشنطن، وألقت كلمة قصيرة، ولكنها لاذعة في حق منافسها، عندما وصفت ترامب بأنه "فاشي ومعتوه ومختل عقليا".

بينما واصل ترامب، هجماته عليها في منتدى في كارولينا الشمالية، وقال إن هاريس "كسولة" و"حمقاء". 

وأضاف أن "حزبها رشحها بسبب عِرقها وجنسها فقط"، ثم أطلق تحذيراته، قائلا: "قد نفقد بلادنا تماما إذا فازت هاريس بالرئاسة".

وفي ذلك التوقيت الحاسم ظهرت العديد من استطلاعات الرأي عن مدى احتمالية فوز أي من المرشحين.

فما هي نقاط القوة والضعف في حقيبة كل منهما، التي قد ترجح كفة أو تهوي بأخرى؟.

تقارب ملحوظ 

وأظهر استطلاعان للرأي تقدم ترامب على هاريس، قبل أقل من أسبوعين على الانتخابات.

وبحسب استطلاع للرأي أجرته صحيفة "فايننشال تايمز" ونشرت نتائجه في 24 أكتوبر، فإن ترامب يتقدم على هاريس في قضايا الاقتصاد.

وذكرت الصحيفة أن 44 بالمئة ممن شاركوا في الاستطلاع عبّروا عن ثقتهم في قدرة ترامب على التعامل مع القضايا الاقتصادية مقابل 43 بالمئة لهاريس.

وفي استطلاع آخر للرأي أجرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية قبلها بيوم، تبين أن الرئيس الأميركي السابق يتقدم على هاريس بنسبة 47 إلى 45 بالمئة.

وشمل الاستطلاع 1500 ناخب مسجل في الفترة من 19 إلى 22 أكتوبر، بهامش خطأ أكثر أو أقل من 2.5 نقطة مئوية.

ولكن نشرت وكالة "رويترز" البريطانية، بالشراكة مع إبسوس (شركة عالمية متعددة الجنسيات، لأبحاث السوق ومقرها العالمي في باريس) استطلاعا آخر في نفس اليوم، يشير إلى تقدم هاريس قليلا على ترامب، حيث حصلت على 46 بالمئة مقابل 43 بالمئة لمنافسها الجمهوري.

قبلها في 21 أكتوبر أظهرت صحيفة "واشنطن بوست" تقاربا شديدا بين المرشحين، خاصة في الولايات السبع الحاسمة للانتخابات الرئاسية، وهي بنسلفانيا وميشيغن وويسكنسن وكارولينا الشمالية في شرق البلاد، بالإضافة إلى أريزونا ونيفادا وجورجيا.

وقد أظهر استطلاع الرأي الذي شمل 5 آلاف ناخب في هذه الولايات، أن 47 بالمئة يعتزمون التصويت لكامالا هاريس و47 بالمئة لدونالد ترامب.

كذلك أجرت مؤسسة "إيه بي سي نيوز" الأميركية، استطلاعها لشهر أكتوبر، حيث أظهر تقدم هاريس بنسبة 50 بالمئة مقابل 48 بالمئة لترامب بين الناخبين المحتملين.

مع العلم أنه يعني تراجع نصيب هاريس التي كانت متقدمة بنسبة 52 بالمئة مقابل 46 بالمئة في نفس الاستطلاع لشهر سبتمبر/أيلول.

ومن الاستطلاعات المهمة لأكتوبر وهو الشهر الأخير قبل الانتخابات الحاسمة، ذلك الذي أصدرته شبكة "سي بي إس نيوز" بالتعاون مع شركة "يوجوف" المتخصصة في أبحاث السوق واستطلاعات الرأي.

وأظهر أن هاريس تقدمت بنسبة 51 بالمئة مقابل 48 بالمئة لترامب بين الناخبين المحتملين.

حظوظ ترامب 

وعن حظوظ الرئيس السابق، يقول عضو كتلة المحافظين في الحزب الجمهوري الأميركي والمحلل السياسي "روب أرليت" إن محاولات اغتيال ترامب أخيرا زادت من فرص فوزه بعد أن تعاطف معه معظم الأميركيين".

وفي حديث خاص لـ"الاستقلال" استدرك أن “هذا ليس سببا وحيدا أو حتى قويا لانتخاب ترامب، بل ما سيجعله في المقدمة هو اهتمامه بقضايا المجتمع الأميركي الرئيسة”.

وأهمها القضايا المرتبطة بالواقع الاقتصادي وتحسينه، وقضايا الإجهاض والأسرة، وتقنين الهجرة والسيطرة على الحدود. 

وأضاف: "كذلك هناك نقطة ضعف لخصوم ترامب تجعله في موضع قوة، وهي أنه على غرار حرب إسرائيل وفلسطين، أدت السياسات الخارجية الفاشلة للرئيس (الحالي جو) بايدن و(نائبته) هاريس إلى حرب روسيا وأوكرانيا". 

وأردف: “في المقابل، سيقلل الرئيس ترامب من تمويل الولايات المتحدة لأوكرانيا ويشرك الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ليكونوا أكثر مشاركة ودعما ماليا لكييف”.

بالإضافة إلى ذلك، يعتقد أن ترامب سيخير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بوقف عدوانه على أوكرانيا أو التعامل مع العواقب، وهو ما لم تفعله إدارة هاريس (بايدن) على النحو المطلوب. 

وقال أرليت: "إن نقطة القوة الأساسية لترامب غير الإصلاحات الاقتصادية تكمن في سياسة تأمين الحدود الجنوبية، حيث يجب على المسؤولين المنتخبين في الولايات المتحدة فرض قوانين الهجرة وإلا فلن نكون دولة". 

وأضاف: "لا شك أن سماح إدارة بايدن وهاريس لأكثر من 14 مليون مهاجر غير شرعي بدخول الولايات المتحدة، أسهم في تقليل حظوظهم لدى شريحة معتبرة من الناخبين، خاصة أن هذا الأمر أدى إلى زيادة الأعباء المالية على دافعي الضرائب من الأميركيين". 

وذكر السياسي الأميركي أن "الناخب يهتم أكثر بالأمور التي تؤثر على حياته اليومية بما في ذلك أمن الحدود والاقتصاد وأسعار الغاز والمواد الغذائية والمساكن والتعليم وقضية الجريمة". 

وأتبع: "كثير من الأميركيين يرون أن ترامب رجل اقتصاد ولديه حلول للمشكلات الاقتصادية، وأيضا يتفوق بسبب آرائه في القضايا الرئيسة بشكل عام ومنها شؤون الأسرة والحدود والمهاجرين ونرى ذلك واضحا في تأييد ولايات نيفادا وكارولينا الشمالية وبنسلفانيا وغيرها من الولايات له".

ولكن، أن كل ذلك لا يعني أن ترامب حسم الفوز بشكل مطلق، لأن الاستطلاعات تظهر تقاربا شديدا يصل لدرجة التعادل في الولايات المتأرجحة، وفق تقييمه.

حظوظ هاريس 

أما هاريس البالغة من العمر 59 عاما، فستكون أكثر نشاطا وقدرة على تمثيل حزبها بطريقة أكثر تماسكا، كما يمكنها أن تقلب الطاولة على ترامب البالغ من العمر 78 عاما، واستغلال هذا الأمر ضده، وفق ما تقول شبكة بي بي سي البريطانية.

وتابعت في تقرير لمراسلها بأميركا الشمالية في 23 يوليو/ تموز 2024، إن "من نقاط القوة الأساسية عند هاريس أنها تستطيع حشد دعم الناخبين السود، الذين تشير استطلاعات الرأي إلى أنهم ابتعدوا عن بايدن في الأشهر الأخيرة".

وأضاف: “إذا تمكنت هاريس من حشد هؤلاء فضلا عن ضمان مزيد من دعم الأقليات الأخرى كالمسلمين والناخبين الأصغر سنا، أسوة بائتلاف (الرئيس الأسبق) باراك أوباما الفائز بانتخابات 2008 و2012، فقد يساعدها ذلك بتعزيز مكاسبها في عدد من الولايات المتأرجحة التي ستحسم الانتخابات”.

وفي 24 أكتوبر قالت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية في تقرير تحليلي عن نقاط القوة والضعف بين المتنافسين، إن نائبة الرئيس تتفوق على ترامب في قضايا جوهرية مثل الإجهاض، ونزاهة الانتخابات، وتغير المناخ، وفرض الضرائب على الطبقة المتوسطة، وإدارة الكوارث الطبيعية.

كما أوردت أن كليهما يتساوى في ملف مكافحة الجريمة والصراع في الشرق الأوسط.

لكن لترامب ميزة مهمة تجعله يتفوق على هاريس في مسألة التعريفات الجمركية، وتفوقا أكبر في ملف الهجرة.

وتحدثت الوكالة الأميركية أن تاريخ ترامب خلال سنوات حكمه السابقة يطارده، وأنه لم يعد بإمكانه الادعاء مجددا أن الاقتصاد هو نقطة قوة حملته كما فعل سابقا.

ويقول الخبير الأميركي في الإستراتيجيات السياسية “مات بينيت”: "أصبح ترامب شخصية مثيرة للجدل في السياسة الأميركية منذ 8 سنوات، والآن، بات أغلب الأميركيين متمسكين بقوة بآرائهم حوله".

وأضاف لـ “بي بي سي”  في 25 أكتوبر: "إذا كانت المشاعر المناهضة لترامب تدفع هاريس إلى المقدمة في يوم الانتخابات، فإن تركيزها الإستراتيجي الأخير سيكون قد أتى بثماره، وإذا فشلت إستراتيجيتها، فسيكون الرئيس السابق هو الكاسب الأكبر".