"لا تقعوا في الفخ".. ما قصة شبكة مافيا أنقرة التي أثارت قلق الأتراك؟

6 months ago

12

طباعة

مشاركة

في 15 مايو/ أيار 2024، استيقظت تركيا على ادعاءات  على منصات التواصل الاجتماعي بشأن وقوع محاولة انقلاب أمنية تلتها عمليات اعتقال في العاصمة أنقرة.

وتوعد وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا عبر منصة "إكس": "من يتحدون مع المنظمات الإرهابية وامتداداتها، ومنظمات الجريمة المنظمة، لتنفيذ لعبة على رئيسنا وحكومتنا وسياسيينا، باستخدام تكتيكات منظمة جماعة غولن الإرهابية، وبدعم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بتدمير الفخاخ التي نصبوها".

وجاءت تصريحات وزير الداخلية التركي، بعد حملات اعتقال مكثفة لعناصر من جماعة غولن شملت 3 مديري شرطة بالعاصمة التركية أنقرة، وبعد شهادة في قضية مافيا لشاهد سري نالت اعترافاته مسؤولين سياسيين حاليين وسابقين، وحديث وسائل إعلام مقربة من الحكومة بأنه تم الكشف عن "مخطط انقلاب" في البلاد.

وقضية المافيا تتعلق بزعيم شبكة يدعى “أيهان بورا كابلان” الذي جرى اعتقاله ومرافقيه في مطار إيسنبوغا في أنقرة يوم 7 سبتمبر/ أيلول 2023، بينما كانوا على وشك الهروب إلى الخارج، 

وصدرت مذكرة اعتقال بحق كابلان بتهم "إنشاء منظمة لارتكاب جريمة"، وتم سجن كابلان و13 من أصل 28 شخصا آخرين موقوفين على ذمة القضية، فيما صدر أمر مراقبة قضائية بحق 15 مشتبها بهم.

فوضى أمنية

وفي هذا السياق، نشرت صحيفة "حرييت" مقالاً للكاتب التركي عبد القدير سيلفي، المقرب من أردوغان، ذكر فيه أن القضية التي يحاكم فيها 60 متهمًا بقيادة زعيم تنظيم الجريمة المنظمة "أيهان بورا كابلان" قد أثارت فوضى في المجال السياسي.

حيث تمّ القبض على ثلاثة مديرين للشرطة في أنقرة ضمن عملية الاعتقالات، وذلك بناء على شهادة سرية قدمها أحد المتهمين في قضية هذا التنظيم. وتضمنت هذه الشهادة اعترافات تتعلق بمسؤولين سياسيين حاليين وسابقين.

وأضاف أنه بعد تولي وزير الداخلية علي يرلي كايا منصبه انتشرت شائعات تفيد بأن أيهان بورا كابلان، المعروف في العالم السفلي، والذي يُزعَم أيضا أنه قريب من وزير الداخلية السابق سليمان صويلو، يقود تنظيم جريمة منظمة. 

وفي سبتمبر 2023 تم اعتقاله بتهمة "تأسيس منظمة إجرامية" و"إلحاق الأذى عمدا" و"السرقة" و"التعذيب". وتم توسيع عملية القبض على مجموعة كابلان في وقت لاحق في العديد من المدن. 

وكان بين الموقوفين أيضا باريش كورت، الذي كان عضوا سابقا في إدارة حزب العدالة والتنمية في أنقرة. وانضم أكيف ساربير أوندر إلى ملف أيهان بورا كابلان، وذلك بعد أن كان قد شغل منصب الرئيس السابق لتنظيم الحزب الجيد في أنقرة.

وجاء ذلك بعد استدعاء الرئيس رجب طيب أردوغان كلا من رئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم كالن ووزير العدل يلماز تونتش لعقد اجتماعٍ طارئٍ في القصر الرئاسي في العاصمة بعد منتصف الليل.

وأضاف سيلفي: توعّد وزير الداخلية علي يارلي كايا من يتعاونون مع المنظمات الإرهابية وأذرعها، وكذلك منظمة “فتح الله غولن”.

وفي كلمته أمام نواب حزبه أشار رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، إلى وجود مؤامرة تستهدف تحالف حزب العدالة والتنمية وحزبه". 

تحالف الجمهور

وأشار الكاتب التركي إلى أنّ تنظيم أيهان بورا كابلان يحاول استهداف تحالف الجمهور المكون من حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية. ويجب أن يتم التعامل مع الأمر بحذر والبقاء ضمن الإطار الذي رسمه الرئيس أردوغان. 

فأردوغان واجه العديد من الحوادث المماثلة في تجربته الحكومية التي استمرت 22 عاما، بدءا من قضية إغلاق حزب العدالة والتنمية وصولا إلى محاولة الانقلاب في 17-25 ديسمبر  2013 وحتى 15 يوليو 2016. 

وإذا قال أردوغان إنهم يتابعون جميع الأحداث بجوانبها وتفاصيلها الدقيقة، فيجب أن نتوقف ونفكر في الأمر.

وأضاف سيلفي: تحدث الرئيس أردوغان لأول مرة عن الادعاءات التي تفيد بمحاولة إدراج أعضاء بارزين في حزب العدالة والتنمية في تحقيقات تنظيم الجريمة المنظمة. 

وعلى الرغم من ذلك، لم يُصدِر تصريحا بارزا ولم يستهدف أحدا بشكل مباشر، بل طلب الهدوء وأكد أنه يتابع الأمر بأدق التفاصيل. 

وأشار الكاتب إلى أن الإطار الذي حدده أردوغان هو الإطار الأكثر صحة ومنطقية، ويجب أن نبقى ضمن هذا الإطار وعدم الانجرار إلى التكهنات والتضخيم. 

فقد يكون هناك أشخاص يحاولون استغلال الوضع وإثارة الفوضى والتشويش عن طريق إثارة الشكوك وخلق ضبابية في الأحداث. 

ويجب أن نكون حذرين وألا نقع في هذا الفخ. يجب أن نتجنب الانجرار في هذه اللعبة وأن نستمر في متابعة الأمور بشكل هادئ ومنضبط..

يجب الانتباه إلى تحركات العناصر الموالية لجماعة فتح الله غولن، مثل جيفهري جوفين وسعيد سيفا، الذين يحاولون الانقضاض على هذا الأمر بشغف. يجب ألا نساعدهم على تحقيق أهدافهم.

“كونوا هادئين”

ففي خطابه الجماهيري الأخير، قال الرئيس أردوغان: "كونوا هادئين، أنا أتابع كل شيء. انتظروا قليلا وستظهر الحقائق قريباً".

وعندما بدأت فترة مكافحة العصابات، قال الرئيس أردوغان لوزير الداخلية علي يرلي كايا: "سنكمل حتى النهاية". يجب أن يتم مساءلة المسؤولين عن هذا الأمر بعد ظهور الحقائق.

وكما قال أردوغان: "نحاسب كل من يخرج عن القانون أو لديه خطأ أو نية سيئة. ليس لديهم أي عذر لعدم أداء واجبهم تجاه البلاد والشعب"... وهكذا حدد أردوغان الإطار الصحيح ووضع النقطة النهائية.

وعلق الكاتب التركي:  أتوقع الآن أن يقوم وزير الداخلية، بعد أن حقق نجاحات كبيرة في مكافحة العصابات، بتنفيذ ما قاله. ويجب أن نكون على استعداد للمفاجآت عند ظهور الحقائق.

وقد أثار الاجتماع الذي عقده الرئيس أردوغان في منتصف الليل مع رئيس جهاز المخابرات الوطنية إبراهيم قالن ووزير العدل يلماز تونش الوسطَ السياسيّ التركيّ. 

فبعض الأشخاص افترضوا سيناريوهات بسبب عدم حضور علي يرلي كايا للاجتماع ويبدو أنّهم قد استنتجوا أن غيابه يشير إلى وجود مؤامرة أو خطط مخفية. 

ومن جهة أخرى، هناك أشخاص آخرون حاولوا معرفة الحقيقة والتحقق من الأسباب الحقيقية وراء غياب علي يرلي كايا.

ويقال إن هناك جدولين للأعمال في الاجتماع. الجدول الأول يشير إلى أن هناك ملفا مهما يتعلق بالقضاء في تركيا حيث يتم مناقشته في الخارج.

حيث يبدو أن ملف رجل الأعمال المسجون عثمان كافالا مدرج على جدول أعمال لجنة وزراء مجلس أوروبا، وهذا الأمر سيضع تركيا في موقف صعب على المستوى الدولي.

حيث يتساءل مجلس أوروبا عن سبب عدم تنفيذ قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وبناءً على هذه الادعاءات ستقدم تركيا دفاعا بشأن هذه المسألة حتى شهر يوليو 2024. 

وهناك محاولة لحل هذا الأمر بوسائلنا القانونية الداخلية قبل أن يتخذ مجلس أوروبا قرارا بفرض عقوبات.

أمّا المسألة الثانية فتتعلق بالأحداث الأخيرة والاعتقالات التي حدثت في شرطة أنقرة والتي أثرت على الساحة السياسية، وقد أدلى أردوغان بتصريحات في هذا الصدد.

رسالة التغيير

وأضاف الكاتب التركي: لقد تابعت كلمة الرئيس أردوغان في اجتماع حزب العدالة والتنمية بعناية. ولاحظت خاصة الكلمات المتعلقة بالتخفيف في المشهد السياسي. 

لأن هناك أشخاصاً في حزب العدالة والتنمية لا يفهمون روح الفترة الجديدة. فبعض الأشخاص الذين يظهرون في وسائل الإعلام المقربة من السلطة لم يدركوا أن أردوغان قد أنشأ بالفعل مناخاً سياسياً جديداً بالتعاون مع المعارضة وبدأ ببناء سياسة جديدة.

فأردوغان أكد بشكل قوي استمرار التخفيف من حدّة السياسة التركية بحيث تعكس روح الفترة الجديدة. 

قال: "تحتاج السياسة في تركيا إلى "تخفيف" ونحن نقوم بواجبنا في هذا الصدد كما فعلنا دائمًا". 

ولذلك أعلن أردوغان بعد اجتماع الحزب أنه سيزور حزب الشعب الجمهوري قريبًا. 

وعندما قام زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل بزيارة أردوغان، كان قد طرح بعض المواضيع. 

ولكنّ ما يثير الفضول هنا هو ما إذا كان أردوغان سيتخذ خطوة فيما يتعلق بهذه الطلبات قبل زيارته لحزب الشعب الجمهوري؟ 

وقد كان أردوغان قد أكّد على نقطة أخرى في خطابه الجماهيري وهي المتعلقة بعملية التغيير في حزب العدالة والتنمية.

فقد قال: "إذا كان هناك أصدقاء متعبون، أصدقاء فقدوا حماسهم، أصدقاء لديهم أخطاء، فسنأخذهم في الحسبان ونسمح لهم بالاستراحة. سنستمر في طريقنا بتعزيز فريقنا بمساعدة أصدقاء جدد ومتحمسين وديناميكيين".

وحدد أردوغان نقطةً مهمّةً جداً. حيث قال أولا "الشعب اختارنا لقيادة البلاد لمدة 5 سنوات في الانتخابات عام 2023".

وتابع بعدها: "أعطانا الشعب تحذيرًا في الانتخابات المحلية، ولكنّ مهمة قيادة البلاد لدينا. ولذلك يجب أن نفصل بين الاثنين". 

ولم يقصد الرئيس بهذا أن يستريح على أساس رسالة الانتخابات المحلية في 31 مارس 2024. على العكس تمامًا، حذر من اليأس والركود والكسل. 

وقال: "إذا كان هناك أشخاص يقومون بتقييمات خاطئة في صفوفنا ويقرأون رسالة الشعب بشكل خاطئ وإذا كان هناك أشخاص يلجأون إلى الكسل، فسننفصل عنهم دون تردد".

الكلمات المفتاحية