كوريا الجنوبية تدعم الفلبين في بحر الصين الجنوبي.. لماذا تنزعج بكين؟
"كوريا الجنوبية والفلبين تعاونتا بشكل وثيق في الآونة الأخيرة"
صراع متداخل يرى كل طرف أنه على الصواب في ملف نزاع بحر الصين الجنوبي بين بكين والفلبين فيما تلقى الأخيرة دعما من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
وقال موقع "الصين نت"، إن "تدخل كوريا الجنوبية المتكرر في النزاع يهدف إلى الضغط على بكين وإظهار ولائها للولايات المتحدة، بالإضافة إلى تعزيز علاقاتها مع دول الآسيان؛ خاصة الفلبين، والحصول على مكاسب سياسية واقتصادية".
موقف متحيز
وذكر الموقع الصيني أن "خفر السواحل الصيني في الآونة الأخيرة اتخذ إجراءات رقابية ضد السفن الفلبينية التي تسللت بشكل غير قانوني إلى المياه المتاخمة في جزر نانشا".
وردا على ذلك، أعرب المتحدث باسم سفارة كوريا الجنوبية في الفلبين والمتحدث باسم وزارة الخارجية الكورية الجنوبية، إيم سو سيوك، عن دعم بلاده للفلبين، متهما الصين بـ"إطلاق خراطيم المياه عالية الضغط على السفن الفلبينية، مما يعرض سلامة الطاقم للخطر".
واستنادا إلى قواعد النظام ودعم حرية الملاحة على أساس مبادئ القانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، شدد المسؤولان على أهمية الحفاظ على السلام والأمن في بحر الصين الجنوبي، وفق ما ذكره الموقع.
وردا على سلوك كوريا الجنوبية الذي وصفه الموقع بأنه "متحيز بوضوح"، من جانبه، أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ وين بين، عن معارضته ومخاوفه الجدية من المواقف الكورية الجنوبية.
وفي هذا السياق، نوه الموقع أن "هذه ليست المرة الأولى التي تتحدث فيها كوريا الجنوبية باسم الفلبين بشأن قضية بحر الصين الجنوبي".
ففي السنوات الأخيرة، رحبت كوريا الجنوبية ودعمت الفلبين مرارا وتكرارا في البيانات المشتركة الصادرة عن الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان.
كما شاركت الفلبين -وفق الموقع- بنشاط في سلسلة من التدريبات العسكرية بقيادة الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، بمشاركة دول جنوب شرق آسيا ذات الصلة.
وفي الفترة من 9 إلى 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، شاركت قوات مشاة البحرية الكورية الجنوبية في المناورة العسكرية الأميركية الفلبينية.
وفي 20 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه، في مقابلة مع صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية، تحدث رئيس كوريا الجنوبية يون سيوك يو، علنا عن قضية بحر الصين الجنوبي قائلا إنه "من المهم جدا إنشاء نظام بحري إقليمي قائم على القواعد، بما في ذلك بحر الصين الجنوبي".
ومن ناحية أخرى، تضيف "الصين نت" أن كوريا الجنوبية توفر سفنا حربية للفلبين لمساعدتها في بناء قوتها البحرية والاستعداد للحرب في بحر الصين الجنوبي.
علاقة متوترة
ظاهريا، كثيرا ما تتجاوز كوريا الجنوبية الحدود فيما يتعلق بقضية بحر الصين الجنوبي و"تتغنى بصوت عال" لمساعدة الفلبين، على حد وصف الموقع.
ولكنها -من وجهة نظره- في واقع الأمر تتحرك وفقا لـ"مصالحها الأنانية الداخلية والخارجية".
وبهذا الشأن، يوضح الموقع أن "كوريا الجنوبية، أولا، تستخدم قضية بحر الصين الجنوبي للضغط على الصين والاستمرار في إظهار صدقها للمعسكر الأميركي والغربي".
وتابع: "فمنذ توليها السلطة، أقسمت إدارة يين شيويه على الوقوف إلى جانب المعسكر الليبرالي والديمقراطي، كما أنها تستمر في انتهاج سياسة مؤيدة لأميركا تتمثل في عزل الصين".
وعلى حد وصف الموقع، تتبع الجمهورية الكورية الجنوبية الولايات المتحدة واليابان بشكل يكاد يكون "منعدم المبادئ"، في حين تستمر في مهاجمة الصين.
وتابع: "ففي عام 2023، تجاوزت كوريا الجنوبية مرارا وتكرارا الحدود الحمراء للصين بشأن قضية مضيق تايوان، مما أثار سلسلة من الاحتكاكات الدبلوماسية بين البلدين، والتي أدت بدورها إلى انخفاض مستوى العلاقات بين البلدين إلى أدنى مستوياتها منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية".
وبحسب ما ورد عن الموقع الصيني، فإن "العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين لا تزال في حالة توتر وركود حتى يومنا هذا".
ومن ناحية أخرى، قال الموقع إن "منطقة جنوب شرق آسيا تُعد مجالا رئيسا للإستراتيجية الاقتصادية الحالية لكوريا الجنوبية".
ورأى أن "موقف كوريا الجنوبية النشط بشأن قضية بحر الصين الجنوبي يهدف أيضا إلى إظهار حسن النية لدول الآسيان وتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية".
وفي هذا السياق، أفاد الموقع بأن "كوريا الجنوبية والفلبين تعاونتا بشكل وثيق في الآونة الأخيرة، علاوة على ذلك، لم تكتف الدولتان بإجراء مناورات عسكرية مشتركة عدة مرات فحسب، بل صدرت كوريا الجنوبية أيضا كمية كبيرة من الأسلحة إلى الفلبين".
وقال إن "الفلبين دائما كانت عميلا مهما للصناعة العسكرية لكوريا الجنوبية، حيث وصلت مبيعات الأسلحة الكورية إلى الفلبين إلى ذروة جديدة ابتداء من عام 2019".
قوة مركزية
وفي عام 2022، ارتفعت صادرات كوريا الجنوبية من الأسلحة إلى 17 مليار دولار، "مما يجعلها تاسع أكبر مصدر للأسلحة في العالم"، وفق الموقع الصيني.
ومن أجل تحقيق هدفها المتمثل في أن تصبح رابع أكبر مصدر للأسلحة في العالم بحلول عام 2027، ذهب الموقع إلى أن "حكومة كوريا الجنوبية تواصل إثارة النزاعات في بحر الصين الجنوبي، بهدف الحصول على طلبات بيع الأسلحة من الفلبين".
وأكد الموقع أن "اختيار كوريا الجنوبية الانحياز الأحادي الجانب إلى جانب الولايات المتحدة والفلبين من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم التوترات في بحر الصين الجنوبي".
وأردف: "وفي الوقت الحاضر، تتخذ الصين موقفا منضبطا بشأن قضية بحر الصين الجنوبي، وتأمل في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي".
وتابع: "رغم ذلك، زادت الولايات المتحدة دعمها وعملياتها للفلبين على المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية، في محاولة لإثارة الاضطرابات في بحر الصين الجنوبي وتكثيف الصراعات بين الصين والدول المجاورة، وتصعيد التوتر في البيئة الجيوسياسية للصين".
ووصف "الصين نت" دعم كوريا الجنوبية لتصرفات الفلبين غير المشروعة بمثابة "صب الوقود على النار".
وخلص إلى أن "مواصلة كوريا الجنوبية الانحياز إلى أحد الجانبين سيؤدي إلى تدهور الوضع الدبلوماسي لكوريا الجنوبية".
ولفت إلى "ادعاء كوريا الجنوبية أنها قوة مركزية عالمية، ووقوفها ضد الصين وروسيا وكوريا الشمالية وأطراف أخرى دون داع".
وشدد الموقع على أن "أولئك الذين يتبعون موقفا متشددا ضد الصين لا يكسبون إلا القليل، بل ويعانون بدلا من ذلك".
واختتم الموقع: "ورغم خلافاتها الجيوسياسية مع اليابان، إلا أن كوريا الجنوبية تقلد الإستراتيجية الخارجية التي تتبناها اليابان، ومن المؤكد أنها ستعاني من العواقب".