تكتيكات إيران العسكرية.. كيف اخترقت منظومة الدفاعات الإسرائيلية؟

"إسرائيل تمتلك أفضل منظومة دفاع جوي في العالم"
في خضم قياس احتمالات الربح والخسارة، قالت صحيفة إسبانية: إن إسرائيل التي تخوض الآن حربا ضد إيران، تمتلك واحدة من أفضل أنظمة الدفاع الجوي، وأكثرها نجاعة في العالم.
وأوضحت صحيفة الإندبندينتي أن هذه الأنظمة لا تختزل فقط في القبة الحديدية، الذي يعد النظام الأكثر شهرة في التصدي للصواريخ المعادية.

أساليب جديدة
والقبة الحديدية عبارة عن نظام متنوع ومتعدد الطبقات، له القدرة على الردّ على مختلف أنواع الصواريخ والقذائف الموجهة إلى الأراضي التي يحميها. ومع ذلك، فهو ليس معصوما من الخطأ، بل لديه كعب أخيل خاص به.
ومن بين مئات الصواريخ الباليستية التي أطلقتها إيران على إسرائيل في 13 يونيو وما بعدها، أكد الجيش الإسرائيلي أنه تم اعتراض غالبيتها.
وخلال هذا الهجمات، تمكن نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي المتطور ومتعدد الطبقات من العمل بشكل جيد في غالبية الحالات.
لكن نظرا لحجم الصواريخ التي أطلقتها إيران، سقط بعضها بشكل عشوائي على مناطق مأهولة، وفق قول الصحيفة.
وعلى عكس ما تصرح به إسرائيل، نشرت العديد من مقاطع الفيديو التي أكدت حدوث دمار غير مسبوق جراء القصف الإيراني حتى اضطر الجيش لمنع النشر وفرض رقابة عسكرية.
كما نجحت إيران في استهداف أماكن محددة مثل مصافي النفط في حيفا ومباني معهد “وايزمان” للعلوم ومجمع وزارة الجيش (الكرياه) وأيضا مقر الاستخبارات "الموساد" في تل أبيب.
وأكد الحرس الثوري الإيراني أنه استخدم في هجماته الأخيرة أسلوبا جديدا مكّن أنظمة الدفاع الإسرائيلية متعددة الطبقات من مهاجمة بعضها.
لكن تل أبيب أقرت منذ فترة طويلة بأن نظام دفاعها الجوي ليس محكم الإغلاق، حيث "تتسلل" نسبة تتراوح بين خمسة و10 بالمئة من الصواريخ وتصيب إسرائيل، وفقا لصحيفة تايمز أوف إسرائيل.
ويسقط العديد من هذه الصواريخ في مناطق مفتوحة دون أن يُسبب أي أضرار، بينما يصيب بعضها الآخر المباني ويخلف إصابات.
وقد استهدفت معظم الصواريخ الباليستية الإيرانية تل أبيب وحيفا، المكتظتين بالسكان، وبدرجة أقل منطقة بئر السبع.
ونقلت الصحيفة عن الأدميرال الاحتياطي، خوان رودريغيز غارات، أن "إسرائيل تمتلك أفضل منظومة دفاع جوي في العالم".
ويدعي جيش الاحتلال أن أنظمته الصاروخية قادرة على اعتراض 92 بالمئة من الصواريخ، وأن 8 من بين كل 100 صاروخ تسقط على الأرض.
كما أنهم يملكون أنظمة حرب إلكترونية تُقلل من دقة الصواريخ، لذلك، تسقط حيثما أمكن، بحسب قول الصحيفة.
من جانب آخر، تعمل أنظمة الملاحة الإسرائيلية على تحييد الصواريخ، لذا فهي تعمل بشكل تلقائي. ولكن في الإجمال، لا يمكن عد أنظمة الدفاع الإسرائيلي معصومة من الخطأ.

القبة الحديدية
وبينت الصحيفة أن القبة الحديدية تعد بمثابة حجر الزاوية ولكنه ليس النظام المُستخدم في هجمات الصواريخ الباليستية الإيرانية الأخيرة.
وقد بدأ تشغيل القبة الحديدية سنة 2011، وتستخدم الرادار لكشف واعتراض الصواريخ والطائرات المُسيّرة.
يتكون النظام من سلسلة تضم حوالي 10 وحدات متنقلة، تجرها شاحنات، وتنتشر في جميع أنحاء الأراضي المحتلة في مواقع استراتيجية.
وعند اكتشاف أي تهديد، يعمل العسكريون على تحليله في "مركز إدارة قتال" يعمل على مدار الساعة، ثم يقررون أي منصة إطلاق سيستخدمونها لاعتراضه.
ومن نقاط ضعف نظام القبة الحديدية أنه لا يستطيع حماية أكثر من 100 أو 150 كيلومترا مربعا، مما يحد من فعاليته.
وتزعم إسرائيل أن نسبة نجاحه تزيد عن 90 بالمئة، حيث يدمر المقذوفات على مسافة تتراوح بين أربعة و70 كيلومترا، وتقدر فترة الاستجابة بثوانٍ.
وقد طورت إسرائيل هذا النظام بدعم أميركي، حيث أسهمت واشنطن بمبلغ 1.5 مليار يورو لإنشائه بين سنتي 2011 و2021.
ووافق الكونغرس الأميركي على دعم بحوالي 940 مليون يورو أخرى في سنة 2022. وتبلغ تكلفة الصاروخ الواحد منه حوالي 43 ألف يورو.
المقلاع والسهم
أما مقلاع داوود، فقد أشارت الصحيفة إلى أنه يعمل كوسيط، بشكل مشابه للنظام السابق.
طُوّر هذا النظام أيضا بالتعاون مع الولايات المتحدة، وهو مصمم لاعتراض الصواريخ متوسطة المدى، ضمن نطاق يتراوح بين 40 و300 كيلومتر، كتلك التي يمتلكها حزب الله في لبنان، وقد استُخدم عدة مرات خلال الحرب.
وأيضا تستخدم إسرائيل أنظمة آرو (السهم) 1 و2 و3 لاعتراض الصواريخ بعيدة المدى، بما في ذلك تلك التي أعلنت إيران إطلاقها في 14 يونيو.
وقد استخدم نظام آرو، الذي يعمل خارج الغلاف الجوي، أخيرا لاعتراض الصواريخ بعيدة المدى التي أطلقها الحوثيون من اليمن.
أما نظام آرو 3، فيمكنه اعتراض الصواريخ الباليستية التي يصل مداها إلى 2400 كيلومتر.
وبالاعتماد على مسار الصاروخ المُستهدف، يُحدد النظام موقع الاصطدام بدقة.
وإذا كان موقع الاصطدام المُتوقع بعيدا عن المناطق المأهولة أو المنشآت العسكرية، يسمح النظام للصاروخ بالسقوط دون اعتراضه. وقد طُوّر أيضا بدعم أميركي.
وعلى عكس الأنظمة السابقة، يُطلق نظام الدفاع الجوي بسرعة "صاروخا اعتراضيا" بهدف تدمير الصاروخ المُتحرك قبل سقوطه داخل إسرائيل.
ونقلت الصحيفة عن المحلل العسكري، خوان مانويل بيريز تريانا، أن "جميع أنظمة الدفاع الجوي لها حدودها، وحتى الأكثر تطورا من بينها".
ويمكن أن تعاني هذه الأنظمة من حالة اكتظاظ بسبب عدد الأهداف، وقد تعاني من أعطال أو لا تشتغل بالشكل السليم. وعلى غرار أي نظام حاسوبي، فهي تحتوي على ملايين الشفرات الحاسوبية.

ثاد والشعاع الحديدي
وإضافة إلى الأنظمة السابقة، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية في أكتوبر/تشرين الأول 2024، عن نشر نظام دفاع صاروخي من طراز "ثاد" في إسرائيل لدعمها ضد إيران، إلى جانب 100 فرد لتشغيله.
ويتمثل الهدف من نشره في استكمال النظام متعدد الطبقات، ويعمل بمزيج من أنظمة الرادار والاعتراض المتطورة.
وتتخصص منظومة ثاد في الحرب المضادة للطائرات ضد الصواريخ الباليستية قصيرة المدى ومتوسطة المدى، فضلا عن بعض المقذوفات متوسطة المدى.
وتعزز منظومة ثاد استجابة أنظمة آرتس، الطبقة العليا من نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي.
وكذلك تعمل إسرائيل أيضا على تطوير نظام جديد يُعرف باسم الشعاع الحديدي، ومن المتوقع نشره في أكتوبر 2025، وفقا لصحيفة لوس أنجلوس تايمز.
يستخدم النظام الليزر عالي الطاقة حيث يتمركز على الأرض لاعتراض التهديدات الواردة ويصل مداه إلى مئات الأمتار.
يعمل الليزر على تسخين قذيفة الهدف في المناطق المعرضة للخطر، بما في ذلك محركها أو رأسها الحربي، حتى يدمر المقذوف.
وهذا يختلف عن الوسائل التقليدية التي تستخدمها إسرائيل لتدمير الصواريخ والقذائف، حيث يتم استخدام الرادار لتحديد التهديد القادم ثم يجرى إطلاق صاروخ اعتراضي لتدمير المقذوف في الجو.
وكما قال الخبراء فإن درع الليزر سيكون أرخص وأسرع وأكثر فعالية مقارنة بالقبة الحديدية.