إيلون ماسك يغزو العالم.. ماذا تعرف عن برنامج "ستارشيلد" للتجسس العسكري؟

9 months ago

12

طباعة

مشاركة

في 7 ديسمبر/ كانون الأول 2022، كشفت شركة "سبيس إكس" المملوكة للملياردير "إيلون ماسك"، عن تدشين وبدء بيع برنامج سري يسمى "ستارشيلد" (Starshield) يتجسس على العالم عبر أقمار صناعية.

و"ستارشيلد" برنامج ستالايت يشبه "ستارلينك" لكن الأول عسكري، والثاني مدني لتوفير الإنترنت.

"سبيس إكس"، وصفت "ستارشيلد" بأنه يوفر "أقمارا صناعية قادرة على التعامل مع الاتصالات الآمنة، أو التقاط البيانات حول الأرض، ويحمل أجهزة استشعار، وأدوات مراقبة أخرى".

وأوضحت أنه "مصمم للاستخدام من قبل الجهات الحكومية، وخاصة العاملة في قطاع الأمن القومي"، ويقوم بمهام مراقبة الأرض والاتصالات والقدرة على وضع مجموعة واسعة من الأدوات على ناقل القمر الصناعي.

ومع أن هذا البرنامج الذي يتجسس على العالم ويخترق الاتصالات متاح للبيع وفق إعلان الشركة، إلا أنها لم تعلن عن شراء أي دولة له إلا أميركا حيث تقدمت وكالات تجسس لشرائه وبدأت تستخدمه بالفعل لحماية "الأمن القومي الأميركي".

عقود سرية

منذ إعلان شركة "سبيس إكس" جاهزية برنامج التجسس "ستارشيلد" للبيع منذ أواخر عام 2021، لم يتم كشف شراء وكالات تجسس أميركية له في نفس العام إلا في فبراير/ شباط 2024.

صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، كشفت في 20 فبراير أن "سبيس إكس" أبرمت عقدا سريا كبيرا مع وكالات تجسس أميركية عام 2021.

وذكرت أنها اطلعت على وثائق سرية، تظهر أن "سبيس إكس" أبرمت عقدا بقيمة 1.8 مليار دولار مع الحكومة الأميركية في 2021، مشيرة إلى أن هذه الأموال قد تصبح جزءا مهما من إيرادات الشركة في السنوات المقبلة.

وأشارت الصحيفة إلى التعاون المتزايد بين "سبيس إكس" وسلطات الأمن القومي في البلاد، بما في ذلك إطلاق أقمار صناعية سرية واتفاقات لإيصال الإنترنت للجيش الأوكراني في خضم حربه ضد روسيا.

وحصل مشروع "ستارشيلد" على عقد بقيمة 70 مليون دولار من الجيش الأميركي في أغسطس/آب 2023 لتوفير خدمات الاتصالات للعشرات من شركاء البنتاغون والعمل مع منظمات الأمن القومي.

وكشفت "وول ستريت جورنال"، أن "سبيس إكس" بدأت في التعامل مع عمليات الإطلاق المنتظمة للأقمار الاصطناعية المخصصة للوكالات العسكرية ووكالات التجسس، قبل عقدين من الزمن (20 عاما).

ومن أبرز تلك الجهات، "مكتب الاستطلاع الوطني" (National Reconnaissance Office) التابع لوزارة الدفاع الأميركية.

وهو وكالة استخبارية تعد إحدى أكبر خمس وكالات في مجتمع الاستخبارات بالولايات المتحدة (16 وكالة استخبارية).

ووظيفته تطوير وتشغيل أنظمة استخبارات الفضاء وإدارة الأنشطة المتعلقة بالاستخبارات لحماية الأمن القومي، وتحليل صور المراقبة الجوية بالأقمار الصناعية وإرسالها لمختلف الوكالات العسكرية والاستخباراتية.

ويضم "مكتب الاستطلاع الوطني" موظفين من مختلف فروع البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية، يعتمدون على بيانات الأقمار الصناعية لتزويد وكالات الأمن القومي والوكالات المدنية في الحكومة الفيدرالية بالمعلومات.

ما "ستارشيلد"؟

لا يُعرف الكثير عن مشروع "ستارشيلد" الذي تم تصميمه خصيصا لعملاء الاستخبارات الحكوميين، ومن بين مديريه جنرال سابق في القوات الجوية الأميركية. 

لكن "وول ستريت جورنال" ذكرت أن "ستارشيلد" يوفر اتصالات آمنة وأدوات مراقبة للحكومة من المدار الفضائي، ويوظف من لديهم خبرة في هذا العمل.

وكان قد أوضح المتحدث باسم برنامج الفضاء الأميركي في بيان نشرته شبكة "سي إن بي سي" الأميركية في 27 سبتمبر/أيلول 2023 أن "ستارشيلد" يستخدم نفس النوع من تكنولوجيا النطاق العريض الموجودة في كوكبة الأقمار الصناعية ستارلينك.

وقال إن الفارق هو أن البرنامج الأول عسكري يتم توجيهه نحو الاستخدامات الحكومية، لا سيما من قبل الجيش الأميركي والوكالات المرتبطة به، والثاني ستارلينك، للاستخدامات المدنية.

وأظهرت إعلانات الوظائف في "ستارشيلد" عبر الإنترنت، أنه يجري البحث عن "أشخاص سيكون لديهم تصاريح سرية للغاية، لذا يجب تمتعهم بخبرة في العمل مع وزارة الدفاع ومجتمع الاستخبارات".

وتشمل مهام أحد المناصب المعلن عنها، أن يتولى الشخص مهمة تمثيل "ستارشيلد" أمام قيادات البنتاغون القتالية، وهي الأقسام التي تشرف على العمليات العسكرية حول العالم أو وظائف محددة، مثل النقل والأمن السيبراني.

والولايات المتحدة في طليعة القوى العالمية العديدة التي تسعى إلى تعزيز قدراتها في الفضاء، حيث استثمرت كل من روسيا والصين مبالغ ضخمة في تطوير شبكات الأقمار الصناعية الحديثة، وفق موقع "فوكس بيزنس".

ومنتصف فبراير 2024 دق رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأميركي مايك تورنر، ناقوس الخطر بشأن معلومات استخباراتية جديدة تكشف عن برنامج روسي يهدف إلى نشر أسلحة نووية في الفضاء.

وفي حين يقول البيت الأبيض إن البرنامج الروسي لم يتم نشره بعد، إلا أنه يوضح التهديد الذي تشكله برامج الفضاء العدائية.

سباق مزدهر

مع تطور التهديدات التكنولوجية العسكرية، بدأ يزيد الاعتماد حول العالم على وسائل تقنية حديثة لحماية الأمن القومي للدول مثل أقمار التجسس والاختراق وغيرها.

"إيرل كوتن"، وهو صحفي يكتب عن هذه التقنيات الحديثة، أوضح في تقرير على موقع "مديوم" في 21 فبراير 2024 أن سبب إبرام وكالات تجسس ومراقبة أميركية عقود مع "سبيس إكس"، هو "المشهد المتغير للدفاع والأمن العالميين".

"فلم يعد مجال الأمن القومي يقتصر على ساحات القتال الأرضية، بل امتد إلى الفراغ السماوي" وفق قوله.

بالمقابل، لا يزال مقاولو الدفاع التقليديون (شركات السلاح وغيرها) مقيدين بالأنظمة القديمة ولم يعودوا يلبون بشكل كامل المتطلبات العاجلة للحلول السريعة والمبتكرة في مجال تكنولوجيا الفضاء.

أوضح "كوتن" أنه في مواجهة التوترات الدولية المتصاعدة وسباق الفضاء المزدهر، فإن إستراتيجية الدفاع الوطني الأميركية مضطرة إلى التطور، لهذا تزيد تعاونها مع شركات مثل "سبيس إكس".

وقال إنه لمعالجة هذه المشكلة بشكل مباشر، وضعت "سبيس إكس" نفسها ليس فقط كمزود لخدمات إطلاق الأقمار الصناعية، بل كجزء لا يتجزأ من محفظة الدفاع الوطني الأميركي من خلال العقود السرية مع وكالات الدفاع والاستخبارات. 

وكان تقرير سابق لـ"الاستقلال" كشف أن الأقمار الصناعية التابعة للشركات الأميركية الخاصة بدأت تدخل شريكا في أسرار الأمن القومي للدول العظمى وتوفر صورا ربما تكشف أسرار الكبار.

وأنها تحولت إلى "مجتمع مدني بالفضاء" ينافس استخبارات الدول ويكشف أسرارا قد لا ترغب في كشفها وكالات التجسس المختلفة، ما جعلها ترسم واقعا جديدا، بكشفها أسرارا كانت إلى وقت قريب حكرا على أجهزة استخبارات دول كبرى تحت بند "سري للغاية".

ويطرح هذا التطور الجديد تساؤلا حول: هل أصبحت "سبيس إكس" أداة لوكالات التجسس الأميركية للتجسس على العالم؟

وتزايدت أهمية "سبيس إكس" بالنسبة للحكومة الأميركية، مع تحول الفضاء بشكل متزايد إلى ساحة متنازع عليها تعكس المنافسات الجيوسياسية على الأرض، حيث تعمل الصين وروسيا أيضاً على تعزيز قدراتهما الفضائية. 

وتلعب الأقمار الصناعية دورا رئيسا في الأمن القومي الأميركي، حيث تتعقب عمليات إطلاق الصواريخ وتوفر اتصالات آمنة، ويراقب آخرون النشاط على الأرض باستخدام الكاميرات أو أجهزة الاستشعار.

وقد أظهرت قدرة "سبيس إكس" على بناء الأقمار الصناعية وإطلاقها بسرعة، خلال حرب أوكرانيا ضد روسيا، أهمية الشركة في توفير شبكة ستارلينك الفضائية التابعة للشركة الاتصالات للمدنيين والقوات الأوكرانية.

والآن تظهر أهميتها الأكبر بالنسبة لبناء أقمار صناعية بسرعة تعمل على التجسس والاختراق للمعلومات في كل أنحاء العالم ضمن حروب الفضاء والتكنولوجيا الحديث، لكنها تكنولوجيا لصالح الكبار، لا يستفيد من الدول الفقيرة تكنولوجيا.

الكلمات المفتاحية