إسرائيل تجتاح مدينة غزة بريا.. وناشطون: الإبادة تدخل طورها الأشد والأقسى

بدأ جيش الاحتلال فعليا توغله البري في مدينة غزة ووسع تقدمه نحو وسط المدينة
بعد أسابيع من شن الاحتلال الإسرائيلي هجمات شرسة من القصف العنيف للمباني والأبراج السكنية والاستهداف المدفعي المدمر للأحياء السكنية بقطاع غزة لإجبار الفلسطينيين على النزوح جنوبا، بدأ جيش الاحتلال فعليا توغله البري في مدينة غزة، ووسع تقدمه نحو وسط المدينة.
وأفاد جيش الاحتلال في 16 سبتمبر/أيلول 2025، بأن قوات القيادة الجنوبية للجيش، النظامية وفرق الاحتياط العسكرية 98 و162 و36 "بدأت في اليوم الأخير عملية عسكرية برية واسعة في أنحاء مدينة غزة في إطار عملية “عربات جدعون 2”، التي تهدف لاجتياح مدينة غزة واحتلالها.
وحسب بيان جيش الاحتلال، فإن قوات فرقة غزة العسكرية، الفرقة 143، "تعمل في حيز الحماية مقابل بلدات النقب الغربي وتنفذ عمليات عسكرية هجومية باتجاه منطقة رفح وخان يونس، وقوات الفرقة العسكرية وتعمل في منطقة شمال القطاع".
وأعلن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في 16 سبتمبر/أيلول 2025، أن إسرائيل بدأت عملية عسكرية واسعة النطاق في غزة ضمن المرحلة البرية من عملية " عربات جدعون 2"، وأن والدبابات الإسرائيلية بدأت بالتقدم.
وجاء إعلان نتنياهو خلال مثوله أمام المحكمة المركزية في تل أبيب للرد على تهم الفساد الموجهة ضده؛ حيث يواجه اتهامات بالفساد والرّشا وإساءة الأمانة في 3 ملفات فساد معروفة بالملفات "1000" و"2000" و"4000" الأكثر خطورة.
ويتعلق "الملف 1000" بحصول نتنياهو وأفراد من عائلته على هدايا ثمينة من رجال أعمال، مقابل تقديم تسهيلات ومساعدات لهم في مجالات مختلفة؟
فيما يُتهم نتنياهو في "الملف 2000" بالتفاوض مع ناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية (خاصة) أرنون موزيس، للحصول على تغطية إعلامية إيجابية.
غزة تحترق
وعبر منصة إكس، تباهى وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، باشتداد عمليات الإبادة الجماعية بمدينة غزة، قائلا: "غزة تحترق والجيش يضرب بقبضة من حديد ويقاتل جنوده لتهيئة الظروف لإطلاق سراح الأسرى وهزيمة حماس.. لن نلين ولن نتراجع حتى اكتمال المهمة".
وتقدر تل أبيب وجود 48 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها نحو 11 ألفا و100 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، قتل العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
وكانت حكومة الاحتلال قد أقرت في 8 أغسطس/ آب 2025، خطة طرحها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لإعادة احتلال قطاع غزة بالكامل، بدءا بمدينة غزة.
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن عملية التوغل في مناطق من مدينة غزة قد بدأت بالفعل، مصحوبة بغطاء ناري برا وبحرا وجوا.
كما أفادت وسائل إعلام عبرية، بأن دبابات الجيش الإسرائيلي بدأت في التوغل بمدينة غزة، دون الإشارة إلى مزيد من التفاصيل حول نطاق التقدم أو المناطق المستهدفة.
وبدروها، عدّت حركة "حماس" توسيع الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية في مدينة غزة "فصلا جديدا من فصول الإبادة والتطهير العرقي"، مشيرة إلى أن ذلك يجرى بغطاء أميركي.
وقالت: إن "توسيع الاحتلال الصهيوني المجرم من عملياته العسكرية الإرهابية ضد شعبنا الفلسطيني في مدينة غزة، وما تشهده المدينة من تصعيد صهيوني همجي غير مسبوق، ليس إلا فصلا جديدا من فصول حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الممنهج بحق أهلنا في غزة".
وأكدت أن "هذه الجرائم التي تجاوزت كل الأعراف والقوانين الدولية، تجرى تحت غطاء سياسي وعسكري مكشوف من الإدارة الأميركية، التي تتحمّل المسؤولية الكاملة عن نتائج هذا العدوان"، وعدتها "شريكا أساسيا في الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الجاري في غزة".
ودعت حماس "المجتمع الدولي إلى اتخاذ قرارات ومواقف مسؤولة وحاسمة، تتوازى مع حجم هذه المجازر، وإجبار الاحتلال الصهيوني على إنهاء هذه الحرب ورفع الحصار عن غزة".
وطالبت "الدول العربية والإسلامية، بتحمّل مسؤولياتها تجاه غزة وشعبها الذي يُباد، والإسراع في كبح سلوك نتنياهو وحكومته الفاشية، والتصدّي لمخططاتهم التوسّعية المُعلَنة، التي تستهدف فلسطين والمنطقة برمّتها".
وبعد إعلان إسرائيل توسيع هجومها البري على مدينة غزة، توالت الإدانات الدولية، وحذّرت وزارة الخارجية التركية، من أن إطلاق "إسرائيل" عملية برية "سيزيد من حدة المجازر المتواصلة، وسيؤدي إلى نزوح مئات آلاف الفلسطينيين مرة أخرى، وسيعمّق معاناتهم بشكل أكبر".
فيما قال الرئيس الأيرلندي مايكل دي هيغينز: إن إسرائيل والدول التي تزودها بالأسلحة يجب أن تستبعد من الأمم المتحدة. مضيفا: "يجب ألا نتردد بعد الآن في إنهاء التجارة مع مرتكبي هذه الجرائم ضد إخواننا البشر".
وأدانت فرنسا الهجوم البري على مدينة غزة، داعية الحكومة الإسرائيلية إلى "وضع حد لهذه الحملة التدميرية التي لم يعد لها أي منطق عسكري"، وفقا لبيان الخارجية الفرنسية.
وصفت الخارجية الكندية الهجوم البري الإسرائيلي بالمروع، وقالت: إنه "يفاقم الأزمة الإنسانية ويهدد إطلاق سراح الرهائن".
وأعرب وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي عن إدانة بلاده للاجتياح البري لمدينة غزة، مؤكدا أن "تصرفات إسرائيل تصعّب إنهاء هذه الحرب".
وتزامنا مع توسيع الهجوم البري على مدينة غزة، شنت طائرات الاحتلال غارات عنيفة على قطاع غزة، ودمرت مزيدا من المنازل وخلّفت عشرات الشهداء والجرحى، فجر 17 سبتمبر، كما استهدفت نازحين بمنطقة المواصي التي تدعي أنها "منطقة آمنة" بجنوب القطاع.
وترافقت الغارات الجوية مع قصف مدفعي على عدة مناطق في مدينة غزة، وكذلك مع تفجير مدرعات مفخخة في مبانٍ تقع بالأحياء الشمالية، ضمن سياسة جيش الاحتلال في تدمير المباني السكنية والمرافق لتهجير السكان.
وبدوره، ادعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أنه لا يملك الكثير من المعلومات حول عملية إسرائيل البرية في قطاع غزة، قائلا: "أسمع أنهم يريدون الدخول (إلى غزة)، يجب أن أرى الوضع، ليست لدي معلومات كثيرة حول هذا الموضوع".
وأضاف في تصريح للصحفيين أدلى به بالبيت الأبيض قبيل زيارته الرسمية إلى بريطانيا: "إذا قامت (حركة) حماس بتشكيل دروع بشرية للحماية هناك، فسوف يواجهون المتاعب".
واستنكر ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي تجاهل الاحتلال الإسرائيلي لتداعيات شروعه بعملية برية واسعة في أرجاء مدينة غزة خلفت قتلى وجرحى وساوت المدينة بالأرض على نحو مليون فلسطيني، منددين بتوسيعه عملياته العسكرية بضوء أميركي أخضر.
واستهجنوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #غزه_تباد_تقتل_حرقا_وجوعا، #غزة_تباد، #ترامب، وغيرها، إحجام الرئيس الأميركي عن إعطاء وجهة نظره في الاجتياح البري على مدينة غزة، مؤكدين أنه تم بضوء أخضر من واشنطن.
وندد ناشطون بأن الهجوم الإسرائيلي على مدينة غزة جاء غداة اختتام القمة العربية الإسلامية التي عقدت في الدوحة على وقع العدوان الإسرائيلي على قطر، يومي 14، 15 سبتمبر، وانتهت بالتأكيد على التضامن المطلق مع قطر والوقوف معها في ما تتخذه من خطوات للرد على العدوان الإسرائيلي.
كما يأتي الإعلان عن الاجتياح الإسرائيلي البري لغزة، في وقت يتجه فيه الاقتصاد الإسرائيلي نحو مأزق تاريخي، مع عجز مالي متضخم يتجاوز 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وتهاوي ثقة المستثمرين المحليين والدوليين -بحسب ما أكدته صحيفة كالكاليست الاقتصادية الإسرائيلية-.
فقد أقر نتنياهو -أمام مؤتمر المحاسب العام في القدس- بأن إسرائيل غارقة في "عزلة سياسية" ستجبرها على تبني اقتصاد "ذي سمات أوتاركية"، أي اقتصاد مغلق يعتمد على الذات في مواجهة عزلة عن الأسواق العالمية.
وتوقع في تصريحات عكست فقدان الثقة بالقدرة على الحفاظ على انفتاح اقتصادي، أن إسرائيل قد تواجه قريبا عزلة خانقة، قائلا: "سنحتاج إلى أن نكون اقتصادا مع سمات أوتاركية. يمكن أن نجد أنفسنا في وضع تُحاصر فيه صناعات السلاح لدينا". مضيفا أن بلاده مضطرة إلى التحول إلى "أثينا وسوبر إسبرطة".
وإسبرطة، إحدى المدن اليونانية القديمة في منطقة الجنوب، بالقرب من نهر يوروتاس، وبدأ ظهورها ككيان سياسي، في القرن العاشر قبل الميلاد، ودارت حولها العديد من الأساطير، حيث تقول الأساطير اليونانية: إن ابن زيوس أحد آلهة الإغريق هو من أنشأها، وتسبب ما تعتقد أنه قوة لها بفنائها.
حرب إبادة
وحول العملية الإسرائيلية في مدينة غزة، قال الباحث في العلاقات الدولية علي أبو رزق: إن العملية التي تجرى الآن في غزة ليس بسبب فشل صفقة التبادل، وليس بسبب الأسرى العشرين. مؤكدا أن هذه ذريعة إسرائيلية للإمعان في مخطط تدمير مدينة غزة وتهجير سكانها.
وأشار إلى أن "إسرائيل" تدمر غزة لأسباب إستراتيجية تتعلق باستحالة فكرة البقاء فيها، حتى لو فشل مخطط التهجير، لافتا إلى أن الورقة المصرية الأخيرة التي ضغط فيها المصريون على الوفد الفلسطيني، ووافق عليها، هي الورقة التي اقترحها ويتكوف نفسه، يعني اقترحتها ووافقت عليها إسرائيل أيضا.
وأكد أبو رزق، أن قصة أن التأخير في الموافقة عليها هو السبب وراء العملية الجارية في غزة هذا محض هراء، موضحا أن ورقة ترامب الأخيرة والتي وصلت قبل أيام تتضمن تسليم الأسرى العشرين في اليوم الأول.
ولفت إلى أن وفد الأخضر كان يناقش المخطط، وعلى استعداد للقبول بالفكرة العامة وتسليم الأسرى العشرين مقابل وقف اجتياح مدينة غزة، قبل أن تنكشف الخديعة الكبرى ويتم قصفهم أثناء الاجتماع لمناقشة الورقة.
وأضاف الباحث في العلاقات الدولية: "لو صدقت نوايا الإسرائيلي لتسلم الأسرى العشرين ثم أكمل المهمة بعد شهرين أو ثلاثة، لكن خطته قتل لأجل القتل وتدمير لأجل التدمير".
وأكد أن فكرة أن الحرب هدفها القضاء على الأخضر هي كلام فارغ، مذكرا بأن منذ عام وأكثر وبسبب الوضع الفلسطيني المخزي، والواقع العربي الأكثر خزيا، تحول الموضوع عند الإسرائيلي إلى فرصة تاريخية، ولم تعد مشكلة الإسرائيلي مع الأخضر فقط، هو يريد الآن حسم الصراع تماما مع كل الفلسطينيين وليس إدارته، إنهاء القضية الفلسطينية ككل واجتثاثها وليس تأجيلها.
وأوضح أبو رزق، أن المخطط الإسرائيلي لضم الضفة الغربية والنقاشات الجارية مع الأميركي تشجع الإسرائيلي على فتح النار على الجميع ومحاربة الجميع، قائلا: "نحن في زمن لم يتم منح الرئيس الفلسطيني تأشيرة دخول للولايات المتحدة للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة".
وأرجع طول هذه الحرب حتى الآن لأن هدفها الأساسي هو التهجير، ولو أن هناك دولا عربية قبلت بمشروع التهجير لانتهت الحرب منذ عام وأكثر، والمصيبة الأعظم صراحة والتي تطيلها أكثر فأكثر، أن الرافضين لمخطط التهجير إما موافقون على استمرار القتل أو صامتون أو عاجزون عن إيقافه.
وأكد أبو رزق، أن مثل هذه الحرب المجنونة لا يمكن وقفها إلا بضغط سياسي وشعبي حقيقي ومتزامن، ضغط واحتجاجات تؤثر على عمل السفارات الغربية الداعمة للإبادة وتشل اقتصادات الدول.
وقال: "نحن أمام تصريح لنتنياهو أمس، وهو لأول مرة منذ عامين، أن بلاده بدأت تشعر بعزلة اقتصادية حقيقية، نعم، ستتوقف الإبادة إذا شعر نتنياهو وحليفه بعزلة سياسية واقتصادية حقيقية، يعني أن يفعل الساسة العرب والمسلمون ما يفعله الساسة الإسبان منذ عدة أشهر، بالضبط تماما".
وتحفظ مدير معهد لندن للإستراتيجية العالمية مأمون فندي، على تسمية الاجتياح الإسرائيلي لغزة بأنه "عملية برية"، قائلا: إن اسمها "حرب الإبادة مستمرة في غزة".
وأضاف: "عيب أن تُسمّى "عملية برية"، وأي إعلامي عربي يصفها بعملية يحتاج إلى إعادة تأهيل مهني.
وقال الصحفي محمد هنية: إن غزة تدخل مرحلة أقسى وأشد. موضحا أن دخولا بريا يعني إبادة الحجر والبشر، يعني إعدام الناس واعتقالهم والتنكيل بهم، يعني تضخم ملف المفقودين من الأهالي، يعني عذاب وجحيم لا يخطر على قلب بشر.
وقال عيسى ملاجمعه الخطيب: "بدأ الاجتياح البري الذي يعني قتل الكل في غزة بالعقيدة الصهيونية ودفعهم لتهجيرهم نحو رفح ثم مصر، وهذا بعد عقد القمة العربية والإسلامية"، داعيا الله أن يلطف على أهل غزة وينصر المقاومة.
وأكد الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي سعيد زياد، أن عملية احتلال مدينة غزة دخلت في طورها الأشد خطورة، بضعف القوة العسكرية التي اجتاحت المدينة في بداية الحرب، وأضعاف القوة النارية التي صُبّت عليها.
وأشار إلى أن الفرقتين العسكريتين النظاميتين (162, 98) تقودان العملية، مع فرق وألوية عسكرية احتياطية أخرى، وحوالي ألف دبابة، وعشرات آلاف الجنود. موضحا أن كل هذا يستهدف شريطا ساحليا ضيقا مدمرا لا تتعدى مساحة ما تبقى منه 50 كم مربع.
غداة القمة
وتنديدا ببدء الاحتلال التوغل البري غداة اختتام القمة العربية الإسلامية في الدوحة، وكتب محمد السبكي: "خلصتوا القمة العربية بتاعتكم؟! مبسووطين؟! حسيتوا إنكم عملتوا تَجَـمُّع تقدروا بيه تقفوا في وشي؟!.. طيب تمام .. بصوا بقى الحركة دي!..
دا الكلام اللي قالته حكومة وجيش الكيان ضمنيًا بعد ساعة تقريبًا من انتهاء فعاليات القمة العربية الطارئة في الدوحة".
وأشار إلى أن "إسرائيل" قالت ذلك عند بدئها الهجوم الكبير والزحف البري لاحتلال غزة بالكامل. قائلا: "خلاص الخطة المرسومة تحولت لواقع مرير.. والكيان بالاتفاق مع أميركا اختاروا هذا التوقيت بالذات، نفس يوم القمة العربية وبعد انتهائها مباشرة، ليقولوا ها ؟! خلصتوا لعب؟! ندخل احنا بالجد".
وأعرب الباحث أحمد عمران، عن أسفه من حصول الكارثة وإعلان الاحتلال رسميا بدء الهجوم البري على غزة، عملية ضخمة بيشارك فيها مئات الآلاف من الجنود، ومعها قصف هستيري شغال منذ الفجر على كل حاجة في المدينة.. من مستشفيات لمدارس لخيام نازحين لحد الطرقات.
ووصف المشهد بأنه "جحيم"، لافتا إلى أن أعداد الشهداء تزيد بسرعة، والمسجل حتى الآن مجرد جزء من الحقيقة، مشيرا إلى أن المنظر الأصعب إن الناس للمرة الألف بتهرب من بيوتها على المجهول، ولا يوجد مكان يسمى "آمن"؛ لأن الطائرات المسيرة ترصد أي حركة وتستهدف من يحاول النجاة.
وأكد عمران، أن كل هذا الاحتلال فعله عن قصد في ثاني يوم من القمة العربية التي انتهت بدون أي خطوة جدية، كأنه يبعث رسالة واضحة: "انتو مالكوش أي قيمة".
ورأى أن المصيبة الأكبر أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، كان واقفا في نفس التوقيت عند حائط البراق، يصلي مع الإسرائيليين، ويبلغ نتنياهو أن إدارة ترامب معهم وعايزين العملية البرية تخلص بسرعة، من غير حتى ما يطلبوا منهم تأجيل أو وقف.
وأوضح عمران، أن ذلك يعني أن الضوء الأخضر جاء من واشنطن بشكل مباشر، وأميركا تمدهم بالسلاح والغطاء السياسي وفي العلن تقول: "إحنا وسطاء".
واستنكر إسلام رضا بدء التوغل البري في أرض العزة بعد قمة عرب ليسوا بعرب ولا مسلمين، قائلا: "لن نقول أين عمر ولا خالد هنقول أين الملك فيصل لما قطع البترول عن الغرب، وقال عشنا نحن وأجدادنا على اللبن والتمر ولن يغرنا أموال البترول" عندما تجرأ الغرب على مصر وسوريا والأردن وفلسطين.
وحذر عبدالله سعود الديحاني، من أن الاجتياح البري لغزة لن يكون كالسابق، بل هذه المرة الاحتلال يريد الدمار الشامل للقطاع واحتلاله وتهجير جميع السكان، متعجبا من أن الاجتياح أتى هذه المرة بعد قمة الدوحة.
وعد ذلك رسالة واضحة وصريحة جدا من الاحتلال أن مهما اجتمعنا فهو لا يرانا شيئا بالمعادلة ولا يعدنا تهديدا له، مؤكدا أن أميركا ليست حليفا كافيا للعرب وما حدث يثبت ذلك، ولا بد من البحث عن حليف ثانٍ وتغيير منظومة التسليح لأن الأميركان ليس لهم أمان.
ترامب يتبرأ
وعن إنكار الرئيس الأميركي علمه الكثير بالعملية البرية في مدينة غزة، تساءل البحاث جمال رائف: “هل ترامب بات يجلس على مقعد المشاهدين؟!” مذكرا بأن وزير الخارجية الأميركي كان منذ ساعات يبارك عملية التوغل البري مع نتنياهو في تل أبيب. ورأى أن الأغرب أن هذا التصريح يتشابه مع تصريحه بشأن الاعتداء الإسرائيلي على قطر، متسائلا: “هل هو صادق وبات نتنياهو يتحرك دون علمه وهذه كارثة أم أنه يدرك التفاصيل كافة ولكنه يريد غسل يده من تلك الجرائم خوفا على سمعته ومصالحه الشخصية وحلم نوبل للسلام وهذه كارثة أكبر؟”
وقال الباحث ماجد أبو دياك: إن ترامب حين يصرح بأنه لا يعرف الكثير عن الهجوم الإسرائيلي، وأنه سيرى ما يحدث بخصوصه، فإن ذلك يعني أنه أعطى ضوءا أخضر للعدوان ضمن مهلة محددة وليست مفتوحة.
وأشار إلى أن هيئة البث الإسرائيلية تؤكد عن مصادرها العسكرية أن العملية في غزة بدأت بشكل تدريجي بناء على طلب واشنطن، غير أنها تؤكد أن الهدف النهائي هو الضغط على حماس. والمقصود بذلك هو دفعها للرضوخ للمطالب الإسرائيلية بنزع سلاحها كما يؤكد نتنياهو في كل مرة.
وأكد أبو دياك، أن جيش الاحتلال لن ينجح في تصعيد الضغط على المقاومة، فهو جيش منهك وغير مقتنع بالعملية أصلا، ويتهرب الاحتياط من الالتحاق به.
وقال: "أضف إلى ذلك أن قادته أكدوا اليوم أنه يحتاج أشهرا لاحتلال غزة، وأشهرا عديدة أخرى لمواجهة المقاومة فيها، وذلك على عكس مطلب نتنياهو الذي يتعرض لضغوط من ترامب لإنجاز المهمة في غضون أسابيع".
وأضاف أبو دياك: "غزة أيها المجرمون السفلة ليست لقمة سائغة، بل هي شوكة في حلوقكم، كانت وستبقى، وستخيب آمالكم وآمال بعض المستعربين وسلطة التنسيق الأمني".
واستطرد: "ستعودون لطاولة المفاوضات، ومع نفس الوفد المفاوض.. وكما فشلتم في اغتياله، فستفشلون في فرض شروطكم عليه، وإن كان يتمتع بالمرونة اللازمة لوقف حرب الإبادة".
وسخر أحد المغردين من تصريح الرئيس الأميركي، قائلا: "إذا ترامب لا يعرف فمن الذي يعرف".
ورأى أن المحزن أن العرب للآن مقتنعون أن ترامب أميركا غير شريك أساسي في كل ما يفعله النتنياهو وحكومته، قائلا: "بالمناسبة قرار بدء الغزو البري جاء بعد البيان الوضيع
فمهما كان عدوك قويا إلا أنه يخشى الاجتماع بقلب واحد".
عزلة إسرائيل
وعن إقرار نتنياهو بأن "إسرائيل" تواجه عزلة اقتصادية، قال المحلل السياسي ياسين عزالدين: إن خطاب نتنياهو عن عزلة إسرائيل وضرورة التكيف مع اقتصاد مغلق ومعتمد على نفسه يدل على الأزمة التي تعانيها دولة الاحتلال من ناحية، ومن الناحية الأخرى تخبرنا أن نتنياهو يسير قدمًا في الحرب غير مبالٍ بنتائجها.
وأضاف أن حرب نتنياهو لن تقتصر على غزة والضفة بل على كل المنطقة، وهو طلب من المستوطنين الاستعداد لها ولأن تكون إسرائيل دولة "سوبر أسبرطة"، وأسبرطة هي دولة يونانية كانت بشعبها المكون من محاربين أشداء كرسوا حياتهم كلها للحروب والقتال؛ هذه رؤية نتنياهو للمستقبل.
وأشار عزالدين إلى أن خطاب نتنياهو أغضب قسما كبيرا من المستوطنين (لكن ليس حلفاءه) وأدى لهبوط أسعار أسهم البورصة؛ فأغلب المستوطنين يريدون حياة اقتصادية مرفهة ويرون في الحرب مرحلة مؤقتة ضرورية، لكنه صدموا عندما صارحهم نتنياهو بأنها ستكون حربًا أبدية.
ورأى أحد المغردين، أن كلام النتنياهو بأنهم باتوا في عزلة شبه كاملة يحتمل وجهين، الأول أنه يحاول لعب دور الضحية كالعادة وبالتالي استعطاف الغرب، والثاني إيهام الشعوب العربية بأن مواقف دولهم "أثّرت" على إسرائيل وبالتالي يخفف الضغط على الحكومات لكي لا ترتفع حدّة الاعتراضات عليهم وبالتالي الشكاوى على حكومته.
وحذر مغرد آخر من أن نتنياهو يتعمد استخدام هذه اللغة ويؤكدها ويدعم سرديتها ليبرر لنفسه استمرار الصراع، ويؤكد نظرية أن "إسرائيل" محاطة بالفوضى والأشرار ليستخدم ويواصل واقعيته العسكرية المتطرفة.