الانهيار السريع لمحور إيران في لبنان وسوريا.. هل ينعكس على الحوثيين باليمن؟

يوسف العلي | منذ ٥ أيام

12

طباعة

مشاركة

شكّل الانهيار السريع للمحور الإيراني في لبنان وسوريا، بارقة أمل كبيرة في إمكانية انعكاس ذلك على الواقع في اليمن، بالتحرك للإطاحة بالمليشيات الحوثية التي سيطرت منذ عشرة أعوام على صنعاء ومدن أخرى بمشاركة مباشرة من إيران وحزب الله اللبناني. 

الهزائم المتلاحقة للنظام السوري برئاسة بشار الأسد، بعد خسائر هائلة مُنِي بها حزب الله اللبناني أمام إسرائيل، إضافة إلى التهديدات الإسرائيلية والأميركية التي تواجهها إيران وأذرعها في العراق واليمن، جعلت المحور الإيراني أمام معادلة صعبة قد تنهي وجوده في المنطقة.

وبناء على هذه المعطيات التي تشكلت سريعا، يرى البعض أن المحور، الذي تشكله دول الهلال الشيعي (لبنان وسوريا والعراق وإيران)، بات كسرُه قاب قوسين أو أدنى، وهو أمر قد يلقي بظلاله على الواقع السياسي والعسكري في الأراضي اليمنية.

تغيّرات كبيرة  

وعن مدى انعكاس ما يجرى على واقع اليمن، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، إن "الحوثيين وصلوا إلى صنعاء في إطار الصفقة الإقليمية الدولية التي مكّنت الحلف الشيعي بالمنطقة من الهيمنة على مفاصل أساسية في اليمن وسوريا والعراق ولبنان".

وأضاف التميمي لـ"الاستقلال" أن "هناك تغيرات كبيرة اليوم تشير إلى أن هذا الحلف قد يكون وصل إلى نهاية مهمته الجيوسياسية التي أداها بامتياز وأسهمت في تفتيت المنطقة وإضعافها".

وأشار إلى أن "المحور حاول تقديم نفسه على أنه نصير لغزة، لكنه أمام الأحداث في سوريا اليوم تحوّل إلى حلف طائفي بامتياز ويحشّد لكي يعيد السوريين إلى أماكن النزوح والمخيمات بدلا من أن يبارك عودتهم إلى بلادهم".

وتابع: "لا شك أن جزءا كبيرا من قوة الحوثيين كانت بسبب الإمدادات الكبيرة التي تصل إليهم والإسناد الذي يقدم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من جانب الحلف الشيعي، ومن ذلك الهجمات (خلال السنوات السابقة) على شرق السعودية وعمقها".

ولفت التميمي إلى أن "الحوثيين لم يكونوا وراء الهجمات التي استهدفت المملكة العربية السعودية، إلا نادرا، لكن هناك أطرافا أخرى تنفذها ثم تحسب لصالح هذه الجماعة".

وأردف الكاتب اليمني، قائلا: "كذلك، فإن المعركة الإعلامية والسياسية للحوثيين كانت مرتبطة بشكل كبير جدا بالإسناد الذي يقدمه المحور الإيراني".

ولفت إلى أن "السعودية التي خضعت للإدارة الأميركية لم تعد اليوم تحت هذا الضعف، وربما يسمح هذا الأمر إما بتسوية سياسية بشروط تتفق مع مؤتمر الحوار اليمني الشامل، أو أن نرى مسارا عنيفا ينهي التأثير العسكري والسياسي للحوثيين على الساحة اليمنية".

وفي 3 أبريل/نيسان 2011، أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي عن مشروع اتفاقية سياسية لتهدئة ثورة الشباب اليمنية ضد الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، وذلك عن طريق ترتيب نظام نقل السلطة في البلاد، والتي انتهت بانتخابات رئاسية جديدة في فبراير/شباط 2012.

وبناء على ذلك، عقد "مؤتمر الحوار الوطني الشامل" باليمن، في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، وجرى التوقيع على خطة الانتقال السلمي للسلطة في اليمن وفق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية في الرياض لتتشكل وفقها حكومة الوفاق الوطني في 7 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه.

لكن جاء انقلاب الحوثيين وسيطرتهم على العاصمة صنعاء وعدة محافظات نهاية 2014، لينسف كل ذلك.

واشتد النزاع منذ مارس/ آذار 2015، بعد أن تدخل تحالف عسكري عربي بقيادة السعودية لإسناد قوات الحكومة الشرعية في مواجهة الحوثي المدعومة من إيران، ليوقع بعد سنوات اتفاق لوقف إطلاق النار بين الرياض والمليشيا.

"انهيار سريع"

وعلى الصعيد ذاته، قال رئيس مركز "أبعاد" اليمني للأبحاث، عبد السلام محمد، "يبدي الحوثيون اهتماما بسلام موهوم، وعلاقة جيرة مع السعودية بثياب مكر الثعالب، واستسلاما قدريا لواشنطن تحت راية شعارات الموت الكاذبة".

ورأى محمد عبر سلسلة تغريدات على منصة "إكس" في 29 نوفمبر، أن "ما حصل في حلب سيحصل في الفلوجة (العراقية) وفي صنعاء، وأن التركيب عكس التفكيك".

وأضاف: "يتهم حلفاء إيران المعارضة السورية المسلحة التي سيطرت على حلب بأن لها دوافع طائفية، ولكنهم تناسوا أن الحروب الطائفية انطلقت من قم والضاحية الجنوبية وكربلاء وصعدة تحت شعار: فيلق القدس لتحرير مكة والمدينة".

وأكد أنهم “اليوم يكتوون بالنار التي أشعلوها على يد أطفال مخيمات فقدوا عائلاتهم بالبراميل المتفجرة وأصبحوا شبابا تحركهم عقيدة قتالية ترى في الحرس الثوري والحشد الشيعي ومليشيات الحوثي وقوات بشار العلوية عدوا طائفيا انتهك أعراضهم وقتل آباءهم ورمَّل أمهاتهم ويتمهم”.

ورأى الباحث اليمني أن “أفضل خيار لليمن أن يعلن عبد الملك الحوثي قبوله بتسليم السلطة في كل المناطق التي يسيطر عليها للحكومة الشرعية (اليمنية)، وتفكيك جماعته المسلحة وتحويلها إلى حزب سياسي، في إطار اتفاق وطني برعاية سعودية”.

وأردف أنه "غير ذلك عليهم انتظار انتقام الشعب مع سقوط متوقع بعد انهيار المحور الإيراني".

وخلص محمد إلى أن “المحور الإيراني يقول إن تحرّك الفصائل السورية المسلحة إلى حلب هو دعم لإسرائيل”.

لكن الأحداث تقول إن حلفاء إيران هزمتهم إسرائيل في لبنان، وكانت متجهة إلى سوريا للسيطرة على ممر لها إلى العراق، لكن يبدو أن المعارضة المسلحة قطعت الطريق، وفق رأيه.

وعلى الوتيرة ذاتها، قال الكاتب اليمني، صالح البيضاني خلال تدوينة على "إكس" في 29 نوفمبر، إن "جميع أسباب الانهيار السريع متوفرة في المشهد اليمني على الصعيدين الشعبي والإقليمي، لذلك سيكون انهيار عملاء إيران في اليمن أسرع من المتوقع".

ولفت إلى أن "الانهيار الكبير لمحور إيران بدأ من ضاحية لبنان الجنوبية مرورا بحلب وسينتهي في صنعاء. هكذا هي المشاريع المستأجرة التي تعادي شعوبها وتعمل كأدوات رخيصة لا مستقبل لها ولا ملاذ آمنا".

تحذيرات حوثية

في المقابل، حذر رئيس مجلس الحوثيين بصنعاء، مهدي المشاط من مخاطر أي تصعيد عسكري ضد جماعته.

وفي خطاب مطول بثته وسائل إعلام الجماعة بمناسبة الذكرى الـ 57 لثورة 30 نوفمبر، قال إن أي محاولة للتصعيد ضدهم من أي جهة ستواجه "بتصعيد أكبر ورد أقوى".

وأضاف المشاط، أن محاولة "العدو الأميركي والبريطاني إعادة إنتاج بعض العملاء والمرتزقة بعناوين وقوالب جديدة ستفشل ولن تحقق للعدو إلا المزيد من الهزيمة والهوان".

واتهم القيادي الحوثي أميركا وبريطانيا بالتحريض ومحاولة إحداث تصعيد ضدهم خدمة وإسنادا منهما “للعدو الإسرائيلي”.

وهي ذات الاتهامات التي وجهتها إيران والنظام السوري إلى فصائل المعارضة السورية بعد إطلاق عملية "ردع العدوان" في 27 نوفمبر.

وفي تطور نوعي، أعلن الجيش الأميركي في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2024، استهداف 5 مواقع محصنة تحت الأرض لتخزين السلاح تابعة للحوثيين في مناطق مختلفة باليمن، وذلك بغارات جوية بواسطة قاذفات (بي-2)، تستخدم لأول مرة منذ إطلاق عملياتها في منطقة البحر الأحمر.

وأرجع الأدميرال الأميركي المتقاعد روبرت موريت، استخدام هذه القاذفات إلى أسباب عدة، من أبرزها قدرتها على الوصول إلى هذه الأماكن واستهدافها بدقة وبطريقة فعّالة، حسبما نقلت قناة "الحرة" الأميركية في 18 أكتوبر.

ورأى موريت أنه "رغم أهمية الضربة الأميركية، فإن للحوثيين مخازن أخرى يجب القضاء عليها، وإن البنتاغون وضعها ضمن أولوياته.

ولفت إلى أن ما يجرى حتى الآن "مواقف دفاعية" تستهدف مستودعات الذخيرة ومواقع القيادة للحوثيين، وأن استخدام هذا النوع من الطائرات فعال أكثر مقارنة بالمسيرات.

وأشار إلى أن لجوء الحوثيين إلى خزن الأسلحة تحت الأرض دليل على أن هذه المخازن تحتوي على صواريخ باليستية، وأخرى "مجنحة" وطائرات مسيرة بأنواعها المختلفة، وأن الولايات المتحدة تمكنت من تدمير العديد منها قبل استخدامها.

وادعى الأدميرال الأميركي المتقاعد أن "الضربات الأميركية قللت من قدرات الحوثيين ومنعتهم من تنفيذ المزيد من العمليات باستخدام الصواريخ والمسيرات".

وأوضح أن "السبب الآخر لاستخدام الولايات المتحدة قاذفات بي-2، هو تعزيز ودعم قدرات الجيش الأميركي في المنطقة والذين يقدر عددهم بنحو خمسين ألف جندي".

وخلص إلى أن "استخدام هذه الطائرات هو رسالة إلى طهران بأن واشنطن لديها القدرات وستستعمل ما تملكه من أسلحة للوقوف إلى جانب حلفائها".

وضمن تحالف أطلق عليه اسم "حارس الازدهار" في يناير/كانون الثاني 2024، توجه الولايات المتحدة مع بريطانيا وأكثر من 20 دولة متحالفة معهما، مئات الضربات الجوية ضد الحوثيين، لوقف دعمهم للمقاومة الفلسطينية في غزة عبر استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر.

وتواصل جماعة الحوثي شن هجمات بالبحر الأحمر وبحر العرب، ضد السفن المرتبطة بإسرائيل وأميركا وبريطانيا، في خطوة تقول إنها تدعم فيها المقاومة الفلسطينية في غزة، الذي يتعرض لإبادة جماعية متواصلة منذ 7 أكتوبر 2023.