الطوارق وفاغنر.. كيف نقلت أوكرانيا الصراع مع روسيا إلى مالي والسودان؟
أكدت مليشيا فاغنر الروسية تكبد مقاتليها وجنود ماليين خسائر
أظهرت صورة حديثة رفع مسلحين من قبائل الطوارق للعلم الأوكراني بعد قتال عنيف ضد قوات الجيش المالي المدعومة من مجموعة كبيرة من عناصر المرتزقة الروس فاغنر.
وتطرق موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي إلى خلفيات المعركة الدائرة بين الجيش في مالي يساندهم فاغنر ضد الطوارق، ودور أوكرانيا فيها.
وأكد المتحدث باسم وكالة مديرية المخابرات الرئيسة في كييف أندريه يوسوف، أن "المتمردين تلقوا المعلومات اللازمة التي سمحت بنجاح العملية العسكرية ضد مجرمي الحرب الروس".
وأضاف في تصريحات صحفية "لن نناقش التفاصيل في الوقت الحالي، ولكن سيكون هناك المزيد في المستقبل".
دعم الطوارق
والصورة المتداولة نشرتها صحيفة "كييف بوست" الأوكرانية في 29 يوليو/تموز، وقالت إنها حصلت عليها من مصادر دفاعية أوكرانية.
وبدوره، قال الموقع الإيطالي إن الصورة تؤكد دعم القوات الخاصة الأوكرانية للطوارق، وهم قبائل تسكن منطقة الصحراء الكبرى، ومنها أجزاء من شمال مالي ويشعر العديد منهم بالتهميش من جانب الحكومة المالية، ويطالبون بالاستقلال.
وبين الموقع أن الصورة تضم عناصر "بمظهر غير محلي مما يوحي بأن العملية تتجاوز مجرد نقل بسيط للمعلومات كما يدعي يوسوف".
وأشار إلى أن فاغنر، الفيلق الإفريقي حاليا، متواجدة في مالي منذ فترة بناء على طلب رسمي من الحكومة الانقلابية (المجلس العسكري) لتعويض انسحاب القوات الفرنسية والأوروبية التي كانت متواجدة في إطار مهمات مكافحة الجماعات المتطرفة والمتمردة.
وينقل أن المرتزقة الروس كانوا بصدد القيام بدورية مع جنود محليين على طول الحدود الجزائرية للتصدي لنشاط تهريب الأسلحة الذي تستفيد منه الطوارق والجماعات المسلحة الأخرى، قبل أن يقعوا في كمين ويتكبدوا خسائر.
من جانبها، أكدت المليشيا الروسية تكبد مقاتليها وجنود ماليين خسائر خلال قتال شرس مع متمردي الطوارق قرب حدود مالي مع الجزائر.
وذكرت في بيان أن قواتها قاتلت في صف جنود مالي من 22 إلى 27 يوليو وأن مقاتليها بالقرب من تين زاواتين كانوا بقيادة سيرغي شيفتشينكو، الذي يحمل الاسم الحركي (بوند).
وبينت على تطبيق تلغرام "في اليوم الأول، قضت مجموعة بوند على أغلب الإسلاميين وجعلت البقية يهربون ..لكن عاصفة رملية أتاحت للمتطرفين إعادة تنظيم أنفسهم وزيادة أعدادهم إلى 1000 شخص" وهو ما أدى إلى تكبد فاغنر والقوات المالية لخسائر كبيرة.
وبحسب ما أوردته مصادر أوكرانية، أدى القتال إلى سقوط ما لا يقل عن 20 قتيلا من فاغنر وأسر آخرين، بينما تشير مصادر أخرى إلى مقتل حوالي 80 عنصرا.
فيما أظهرت صور منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي تدمير العديد من المركبات الروسية الصنع على غرار طائرة هليكوبتر من نوع "ميل مي -24".
خارج الحدود
وبذلك، يرى الموقع الإيطالي أن الصراع بين روسيا وأوكرانيا لا يقتصر على الحدود الشاسعة للدولة الأوروبية وإنما يتسع حيث تتواجد القوات العسكرية وشبه العسكرية الروسية.
في هذا الصدد، يذكر ما أظهرته مقاطع فيديو في الفترة بين أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 2023، من استخدام الجيش النظامي السوداني لمسيرات أوكرانية في استهدافه لقوات الدعم السريع المدعومة من موسكو في ما لا يقل عن 8 هجمات منفصلة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، أكدت عدة مصادر وقوع اشتباكات بين القوات الخاصة الأوكرانية وعناصر فاغنر في مدينة أم درمان، شمال العاصمة الخرطوم.
وكانت صحيفة "كييف بوست" قد نشرت مقطع فيديو يُظهر مشاهد لهجوم في مدينة قالت وسائل إعلام، إنها سودانية دون تحديدها بالاسم بينما أكدت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن المكان يقع في مدينة أم درمان.
وأوضحت الصحيفة أن الشريط الذي صُور ليلا بواسطة مسيرة مزودة بكاميرا حرارية، يُظهر جنودا مزودين بنظارات للرؤية الليلية، يُفترض أنها قوات خاصة أوكرانية، وهم يطلقون قاذفات الصواريخ على أحد المباني.
وفي فبراير/شباط 2024، نشرت ذات الصحيفة الأوكرانية مقطع فيديو آخر يظهر استجواب عناصر من القوات الخاصة الأوكرانية لمقاتلين من "فاغنر" في السودان.
ويظهر في الفيديو، الذي نقلته صحيفة "الغارديان" البريطانية، عسكريين أوكرانيين من القوات الخاصة يتفقدون مركبات عسكرية تحمل شعار "فاغنر" على مقاعدها.
وكانت مصادر داخل القوات الخاصة الأوكرانية قد أكدت لصحيفة "كييف بوست" بأنه “من المرجح أن تقضي القوات الأوكرانية على فاغنر وشركائهم في السودان”.
مختبرات للقتال
وبذلك، يستنتج الموقع الإيطالي أن ما حدث في السودان على مدار خمسة أشهر كان بمثابة "مختبر" لتوسيع القتال ضد روسيا إلى خارج حدود أوكرانيا.
في نفس السياق، حصلت نفس الصحيفة الأوكرانية في يونيو/حزيران 2024، على مقطع فيديو حصري يظهر تعاون قوات خاصة أوكرانية مع الثوار السوريين في تنفيذ هجمات ضد مرتزقة روس في سوريا.
وبين الموقع الإيطالي أن الهدف من هذه العمليات التي تتكرر في الدول التي تنشط فيها الشركات العسكرية الخاصة الروسية، واضح.
ويتمثل في إضعاف القدرات العسكرية لعناصر هذه المليشيات وإجبار الروس على زجهم بشكل أكبر في تلك الجبهات وبالتالي سحبهم من الصراع في أوكرانيا.
وفي الوقت نفسه، تقويض ثقة الحكومات والجماعات المتمردة المحلية في شركات الأمن الروسية المتعاقد معها على أمل أن يتم التخلي عنها كما حدث مع الفرنسيين.
ويتوقع نجاح هذه "الحملة" خاصة أن بعض الحكومات بدأت تشتكي ضعف النتائج المحرزة منذ اعتمادها على المليشيات الروسية، تماماً كما حدث مع القوات الغربية.
لذلك لا يستبعد انقلابها على موسكو إذا لم تحصل على الأقل على شحنة كبيرة من الأسلحة.
في نفس السياق، يتوقع "إنسايد أوفر" أن تتعرض الحكومات الإفريقية الانقلابية إلى ضغوط قد تمارسها النخب المحلية بأشكال مختلفة من أجل تحقيق الاستقرار والأمن وبالتالي الازدهار.
وخلص إلى أن التحركات الأوكرانية في إفريقيا، على الرغم من عدم تأكيدها، تعد "أداة مهمة لإرهاق روسيا" خاصة وأنها عمليات يصعب مواجهتها بالنسبة للقوات النظامية المحلية نظرًا لطبيعتها غير المتماثلة.