مقاتلات "إف-35".. لماذا تعد الصفقة “الأكثر أهمية” لترامب والسعودية؟

منذ ٦ ساعات

12

طباعة

مشاركة

استقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 18 سبتمبر/ أيلول 2025 ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في البيت الأبيض بواشنطن، في أول زيارة له منذ العام 2018.

وأجرى ابن سلمان أثناء زيارة البيت الأبيض محادثات مع ترامب في المكتب البيضاوي، وقال ترامب للصحفيين: إن ابن سلمان "صديق مقرب ويحظى باحترام كبير في البيت الأبيض" وشكر السعودية على جلب استثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، وآمل أن يصل إلى تريليون".

وكشف أن الولايات المتحدة توصلت إلى اتفاق دفاعي مع المملكة، ويرى إمكانية إبرام صفقة نووية مدنية معها. مشيرا إلى أن الولايات المتحدة ستبيع مقاتلات إف-35 للسعودية في إطار اتفاق مماثل للذي عقدته مع إسرائيل.

وبحسب تقرير لـ"موقع ذا ميديا لاين"، فإن الاجتماع تناول ليس فقط بيع الطائرات، بل أيضا حزمة أمنية واسعة النطاق بين واشنطن والرياض وجهود متجددة لضمان تطبيع السعودية علاقتها مع الكيان الإسرائيلي الذي ارتكب طوال سنتين إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة.

وشدّد الموقع على أن تصريحات الرئيس الأميركي تُمثل أوضح مؤشر على نية الإدارة الموافقة على عملية البيع، رغم المخاوف الصهيونية.

الصين وإسرائيل

ووفقا لمراجعة استخباراتية أجراها البنتاغون ونشرتها صحيفة "نيويورك تايمز"، يشعر المسؤولون الأميركيون بالقلق من إمكانية وصول الصين إلى التكنولوجيا الحساسة للطائرة في حال إتمام عملية البيع.

وما هو معروف علنا هو أن السعودية قدمت طلبا لشراء ما يصل إلى 48 طائرة من طراز "إف-35"، وهو رقم تجاوز عقبة رئيسة في البنتاغون، وفقا لتقارير متعددة نشرتها وكالة رويترز.

وستمثل هذه الطائرات أحدث مشتريات الأسلحة التي حصلت عليها المملكة حتى الآن، وتشكل جزءا من جهودها طويلة الأمد لتحديث جيشها.

لكن الصفقة المرتقبة متشابكة مع الدبلوماسية الإقليمية، فإسرائيل، الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تشغّل حاليا طائرات "إف-35"، لا تعارض نقل الملكية بشكل قاطع، لكنها حذّرت البيت الأبيض من أن أي خطوة يجب أن تأتي بمكافأة سياسية.

وقال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى: "أبلغنا إدارة ترامب أن توريد طائرات "إف-35" للسعودية يجب أن يكون رهنا بالتطبيع السعودي مع إسرائيل". 

وأضاف آخر أن توفير الطائرات "دون أي مقابل دبلوماسي" سيكون "خطأً وسيؤدي إلى نتائج عكسية".

ويقول المسؤولون الإسرائيليون: إن شاغلهم الرئيس هو الجغرافيا. فالأراضي السعودية أقرب بكثير إلى إسرائيل من القواعد التي تستخدمها الإمارات، والتي سبق أن حصلت على موافقة لشراء طائرات "إف-35" بموجب اتفاقيات التطبيع.

وقال أحد المسؤولين: "لا تستغرق رحلة طائرة "إف-35" من السعودية إلى إسرائيل سوى دقائق". مشيرا إلى أن إسرائيل ستطالب بقيود صارمة على القواعد ومجموعة جديدة من الضمانات الأمنية الأميركية للحفاظ على تفوقها العسكري النوعي، وهو التزام أقره الكونغرس عام 2008.

وأضاف الموقع: "خلف الكواليس، يعمل المفاوضون الأميركيون والسعوديون أيضا على وضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية دفاعية شاملة تمنح السعودية ضمانا أمنيا على غرار التعهد الصادر لقطر عام 2024".

"ورغم أن هذه الاتفاقية لا ترقى إلى مستوى معاهدة تتطلب موافقة مجلس الشيوخ، إلا أنها ستشير مع ذلك إلى شراكة أعمق". بحسب التقرير.

وقد زار مستشار الأمن القومي السعودي، مساعد العيبان، واشنطن أخيرا لدفع المحادثات قدما، بينما صرّح وزير الدفاع، خالد بن سلمان، بأن اجتماعاته الأخيرة مع وزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الدفاع بيت هيجسيث، ومبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف ركزت على "تعزيز التعاون الإستراتيجي".

وأوضح مستشارو الرئيس ترامب أنهم يسعون لتحقيق تقدم في مسار العلاقة بين إسرائيل والسعودية كجزء من الحزمة الأوسع. وقال الرئيس الأميركي: "آمل أن تدخل السعودية في اتفاقات أبراهام قريبا".

ويؤكد مسؤولون إسرائيليون وأميركيون أن الإدارة تحاول استغلال اجتماع ترامب مع محمد بن سلمان لتقليص الفجوات المتبقية بين السعودية وإسرائيل.

مسار القضية الفلسطينية

وأوضح الموقع الأميركي أن نقطة الخلاف الرئيسة هي إصرار المملكة على ما تسميه "مسارا موثوقا به، لا رجعة فيه، ومحددا زمنيا" لإقامة دولة فلسطينية مقابل التطبيع. لكن من جهته، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو الالتزام بهذه الشروط.

ويُقرّ المسؤولون الأميركيون بوجود فجوة، لكنهم يقولون: إنهم ما زالوا يتوقعون تحقيق تقدم خلال المناقشات هذا الأسبوع.

وقال الموقع الأميركي: "لا يبدو أن مخاوف استخبارات البنتاغون، رغم جديتها، قد أبطأت المسار السياسي؛ فقد صرّح مسؤول كبير في البيت الأبيض للصحفيين بأن الرئيس ترامب يوافق على بيع طائرات "إف-35" حتى مع تلك التحذيرات".

كما أشار مسؤولون في الإدارة الأميركية إلى سجل الرئيس ترامب في عدم التنبؤ بتصرفاته؛ فقد رجحت تقارير سابقة أنه لن يوافق على الصفقة، إلا أنه خلال أربع وعشرين ساعة فقط أكد مرتين علنا أن الولايات المتحدة ستواصل المضي قدما فيها.

وأضاف التقرير: "بالنسبة للسعودية، تمثل صفقة شراء الطائرات إشارة إلى إعادة ضبط كاملة للعلاقات مع واشنطن وتثبيت صعود محمد بن سلمان قبل اعتلائه المرتقب العرش".

"كما تشكل هذه الزيارة أول رحلة له إلى الولايات المتحدة منذ مقتل جمال خاشقجي عام 2018، الذي خلصت الاستخبارات الأميركية إلى موافقة ابن سلمان على قتله".

ويقول مسؤولون أميركيون وإسرائيليون: إنه بعد التقدم هذا الأسبوع، ستنتقل المفاوضات إلى قناة ثلاثية مباشرة تضم الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية، مع ربط صفقة طائرات "إف-35"، واتفاقية الدفاع، وخطوات التطبيع، جميعها في إطار واحد.

وفي الوقت الحالي، أصبحت الخطوط العريضة واضحة، حيث تريد المملكة حوالي 40 طائرة مقاتلة من أكثر الطائرات المقاتلة تقدما في العالم، وتريد إسرائيل التطبيع في المقابل، ويريد الرئيس ترامب إرثا إقليميا يتمحور حول اتفاقيات التطبيع.

وختم التقرير بالإشارة إلى أن "البيت الأبيض جاهز لما قد يكون أهم مجموعة من الاتفاقيات في الشرق الأوسط منذ عام 2020".