تحديات صعبة.. هل تبدأ السنغال مناهضة فرنسا مع حقبة الرئيس الجديد فاي؟

8 months ago

12

طباعة

مشاركة

أدى باسيرو ديوماي فاي، في 2 أبريل/نيسان 2024، اليمين الدستورية رئيسا جديدا للسنغال، بعد أن حقق الفوز من الدورة الأولى بحصوله على 54.28 بالمئة من الأصوات. 

وأعلن فاي، خامس رئيس في تاريخ البلاد وأصغرهم سنا (44 عاما) خلال خطاب فوزه أن أولوياته هي المصالحة الوطنية وتخفيف أزمة تكلفة المعيشة ومحاربة الفساد.

وفي تقرير عن التحديات التي تنتظر الرئيس السنغالي الجديد سواء داخليا وخارجيا خاصة فيما يتعلق بالعلاقات مع فرنسا، قال موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي إن الانتخابات التي أجريت في هذه الدولة الإفريقية شكلت "اختبارًا مهمًا للنضج الديمقراطي".

انتقال سلمي 

وقال إن "الرئيس المنتهية ولايته (ماكي سال) سيسلم السلطة وزمام الأمور دون صدامات كبيرة وبطريقة سلمية إلى نظيره المنتخب، في منطقة تتميز فيها معظم عمليات تسليم السلطة بالانقلابات العسكرية".

وتعد السنغال واحدة من الدول الإفريقية القليلة التي لم تشهد انقلابًا أو أحداثًا تسببت في زعزعة استقرار الإطار السياسي. 

وبعد أدائه اليمين الدستورية، أكد الموقع أهمية فهم النهج الذي ستتخذه حكومة داكار في المرحلة الراهنة خصوصا وأن الرئيس الجديد معروف بكونه "مناهضا للنظام" وفي المقام الأول معارضا لفرنسا. 

ويرى أن الاختيارات التي سيتخذها الرئيس الجديد قد تكون حاسمة في الأعوام المقبلة لا سيما في ظل المرحلة الدقيقة التي يمر بها الاقتصاد السنغالي.

وأشار الموقع إلى أن التصويت لصالح فاي "كان مرغوبا فيه من قبل الناخب السنغالي"، لافتا بالقول إن ناخبيه وجمهور المعارضة بشكل عام "انتزعوا" هذا الفوز بكل قوة وقبل وقت طويل من انطلاق الحملة الانتخابية. 

وذلك بعد أن حاول ماكي سال بكل الطرق الحفاظ على مكانه في السلطة برفضه في البداية "الادعاءات بأن ترشحه لولاية ثالثة أمر غير دستوري".

وفي عام 2016، عقد استفتاء  في السنغال  وتمت الموافقة على التعديلات الدستورية المقترحة ومن ضمنها تقليص فترة الرئاسة من 7 إلى 5 أعوام وتقليص فترة الرئاسة المسموح بها لكل رئيس إلى ولايتين فقط.

وكان سال قد فاز بولاية رئاسية أولى في عام 2012 استمرت  لمدة 7 أعوام وبفترة ثانية مدتها 5 سنوات في انتخابات 2019.

وقد أثارت تصريحاته جدلا واسعا بشأن هذا التعديل حين قال إنه "يلغي بشكل فعلي ولايته الأولى"، بحيث تبدأ فترتان جديدتان منذ تاريخ إجراء الاستفتاء وبذلك يحق له الترشح للانتخابات التي أقيمت أخيرا.

وعلى إثر اندلاع احتجاجات واتهامات ضده بالسعي للبقاء في السلطة عبر الفوز بولاية رئاسية ثالثة، حسم الرئيس المنتهية ولايته الجدل في يوليو/تموز 2023، وأعلن في خطاب بثه التلفزيون الرسمي عدم الترشح.

اختبار للديمقراطية

إلا أن هذا الإعلان لم يوقف محاولاته في البقاء في السلطة، على حد قول الموقع الإيطالي، في إشارة إلى شنه ما وصفها بحملة "قمع مكثفة في الأشهر الأخيرة ضد الأصوات الأكثر انتقادا له وسجن زعماء المعارضة".

 وأبرزهم المعارض الشرس عثمان سونكو، مؤسس حزب باستيف، الذي أصبح في السنوات الأخيرة مرجعاً لمعارضي سال. 

واتُهم سونكو بالتحريض على أعمال الشغب وزعزعة استقرار البلاد خلال الاحتجاجات.

 كما اعتقل مرشح الحزب الفائز بالانتخابات، فاي وظل في الأشهر القليلة في السجن بعد أن اتُهم بازدراء القضاء والتشهير بهيئة تشريعية وارتكاب أفعال تهدد السلم العام قبل أن يطلق سراحه مع بداية الحملة الانتخابية.

وبالإضافة إلى حملة القمع، حاول سال أيضًا تأجيل الانتخابات بذريعة وجود شكوك حول قبول ملفات بعض المرشحين العشرين لمنصب رئيس البلاد. 

إلا أن المجلس الدستوري السنغالي أبطل في فبراير/شباط 2024، قرار تأجيل الانتخابات الرئاسية من الخامس والعشرين من الشهر نفسه إلى 15 ديسمبر/كانون الأول.

وقضى المجلس بعدم دستورية القانون الذي أقرته الجمعية الوطنية في الخامس من فبراير، وأدى إلى إرجاء الانتخابات لمدة عشرة شهور، وإبقاء الرئيس ماكي سال في منصبه إلى حين انتخاب خليفة له.

وبذلك يستنتج الموقع الإيطالي بأن السنغاليين قرروا أولاً أن يطالبوا بقوة بحق التصويت وقرروا ثانياً لمن سيصوتون، أي لمرشح المعارضة فاي.

وقال إن الأخير نجح في حصد أصوات المعارضة و"تحويل احتمال انجراف البلاد نحو الاستبداد إلى اختبار للنضج الديمقراطي".

التحديات المستقبلية 

ويرى الموقع أن فاي والسنغال مقبلان في الوقت الحالي على المرحلة الأصعب، في إشارة إلى تحقيق الوعود ومواجهة التحديات المختلفة.

 وجزم أن الأمر لن يكون سهلاً على الإطلاق خاصة فيما يتعلق بالوعود التي قطعها الرئيس الجديد في محاربة الفساد ونظام السلطة السنغالي الحالي. 

أما  فيما يتعلق بالتحديات على المستوى الدولي، أشار إلى حديثه عن الحاجة إلى التحرر من فرنسا والفترة الاستعمارية. 

لذلك يتوقع أن "يتحرك" في إطار المشاعر المعادية لباريس التي تنتشر على نطاق واسع في إفريقيا وخاصة في الجزء الغربي من القارة.

في هذا الصدد، ذكر كذلك تعهده بإعادة التفاوض على العقود مع الشركات العاملة في مجال التعدين وفي السوق الناشئة للطاقة في السنغال، مؤكدا أهمية هذه النقطة خصوصا وأن داكار ستصبح في غضون عام مصدرا للغاز والنفط. 

ويذكر كذلك أن فاي يرغب في إعادة تقييم اتفاقيات الصيد مع الدول، حيث تتضاءل الموارد السمكية التي تدعم حوالي 600 ألف أسرة سنغالية.

كما قدم وعودا بشأن الإصلاح النقدي والتخلي عن عملة الفرنك الإفريقي المرتبطة بشكل وثيق بالبنك المركزي الفرنسي والتي تعد أداة استعمارية تستخدمها باريس في بعض بلدان القارة.

 وفي حال أنجز الرئيس السنغالي الجديد هذا الوعد، يتوقع الموقع الإيطالي أن يكون لذلك تأثير كبير سواء في إفريقيا أو في الداخل.