تصفية داخلية أم عملية إسرائيلية أميركية.. ماذا وراء تحطم طائرة رئيسي؟
اتصلت طهران بأنقرة وطلبت طائرات مجهزة بأجهزة الرؤية الليلية
في سيناريو مختلف عما هو متداول، توقعت صحيفة تركية أن يكون الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان قد تعرضا لعملية تصفية داخلية أو اغتيال بفعل أيادٍ خارجية.
ولم تستبعد صحيفة حرييت في مقال للكاتب "عبدالقادر سيلفي"، احتمال اغتيال رئيسي وعبداللهيان ضمن الصراع الداخلي على السلطة أو بتورط أميركي إسرائيلي.
وفي 20 مايو/أيار 2024، أعلن التلفزيون الإيراني الرسمي وفاة رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان والوفد المرافق لهما بحادث تحطم مروحية، قبلها بيوم، في محافظة أذربيجان الشرقية (شمال غرب).
وجرى الحادث، خلال طريق عودتهما من مراسم افتتاح سد على الحدود بين إيران وأذربيجان، في 10 مايو، بمشاركة الرئيس إلهام علييف.
دور أكنجي
وكشفت موقع تحطم المروحية، طائرة مسيرة تركية من طراز "أكنجي" شاركت في أعمال البحث عن موقعها بناء على طلب إيراني من السلطات التركية.
واستطاعت فرق الإنقاذ الوصول إلى حطام المروحية بعد جهود استمرت 15 ساعة. واستدرك الكاتب: بعد تحطم الطائرة بدأت حركة كبيرة بين أنقرة وطهران.
إذ طلبت إيران من تركيا تقديم المساعدة في عمليات البحث والإنقاذ عن مروحية الرئيس إبراهيم رئيسي.
واتصلت طهران بأنقرة وطلبت طائرات مجهزة بأجهزة الرؤية الليلية تستطيع التحليق على ارتفاع منخفض في ظروف رؤية منخفضة.
بناءً على ذلك، بدأت تركيا بالتحرك لإرسال الطائرات المجهزة بأجهزة الرؤية الليلية إلى موقع تحطم طائرة الرئيس.
وأشار الكاتب التركي إلى أن مهمة الطائرة بدون طيار "أكنجي" التركية في البحث عن المروحية أظهرت نجاحها وفعاليتها.
ولكنها في المقابل كشفت أيضا عن ثغرات ونقاط ضعف في منظومات السلاح الإيرانية الضخمة، نظرا لعجزها عن إيجاد المروحية باستخدام طائراتها.
إذ إن إيران أيضا تمتلك طائرات بدون طيار، ولكنها ليست مجهزة بنفس مستوى التجهيزات التقنية المتاحة في الطائرات التركية بدون طيار، حيث تستمر "أكنجي" التركية في الطيران لمدة 7 ساعات و 20 دقيقة.
ولفت الكاتب التركي إلى أن الإحداثيات التي قدمتها إيران تبين أنها غير صحيحة، حيث حددت طائرة "أكنجي" إحداثيات موقع سقوط الهليكوبتر وقد أبلغت إيران بذلك.
في هذا الوقت، جرى بث صور حية من موقع الحادث بواسطة الطائرة بدون طيار وتبين أنه لا يمكن أن ينجو أحد من هذا الحطام.
وقد طلب الجانب الإيراني إغلاق البث المباشر، مشيرا إلى أنه بعد تقديم التوضيحات اللازمة يمكن فتح الصورة للجمهور، وفي النهاية جرى الوصول إلى الهليكوبتر.
حادث مشابه
وأردف الكاتب: أعاد تحطم مروحية الرئيس الإيراني، حادثة اغتيال محسن يازجي أوغلو مؤسس وزعيم حزب الاتحاد الكبير التركي (BBP)، مرة أخرى إلى الأذهان فالحادثتان متشابهتان.
وتوفي يازجي أوغلو عقب حادث سقوط لطائرة مروحية كان يستقلها برفقة 5 أشخاص آخرين بالقرب من مدينة كهرمان مرعش، في 25 مارس/ آذار 2009، قبيل أيام قليلة من عقد الانتخابات المحلية.
وكان يتوقع أن يتبوأ مناصب سياسية مهمة في البلاد، بسبب ما ملكه من قدرة على التأثير في الجماهير ومخاطبة الأتراك ذوي النزعات القومية والمحافظة.
وبعد 3 أيام من البحث عن حطامها عثر على جثته هو وخمسة مرافقين له بين الثلوج.
وبعد وقوع المروحية كان الصحفي المرافق إسماعيل قونيش الوحيد الذي بقي على قيد الحياة، واتصل أكثر من مرة على فرق الإسعاف والشرطة لطلب النجدة من أجل إرشادهم إلى موقع الحطام.
إلا أن فرق الإنقاذ وصلت إلى موقع الحطام بعد 3 أيام ليجدوهم جثثاً هامدة.
واتضح أن فرق البحث عن مروحية محسن يازجي أوغلو كانت تبحث في اتجاه معاكس ولم يتم توجيهها إلى المكان المناسب.
وفي ذلك الوقت لم يكن لدينا طائرات بدون طيار ذات معدات تقنية عالية، يقول الكاتب.
وذكر أن الأوساط التركية لا تزال لليوم تذكر أثر منظمة غولن المصنفة إرهابيا في تحطم مروحية يازجي أوغلو ورفاقه.
فواحدة من أقوى آثار الاغتيال في تحطم المروحية هو أن جهاز تحديد المواقع جرى تفكيكه بعد تحطم المروحية.
إذ إن هناك مزاعم تفيد بوجود فريق خاص ذهب إلى حطام المروحية بعد سقوطها وفكك جهاز تحديد المواقع عنها، مما حال دون إنقاذ يازجي أوغلو وأصدقائه بعد الحادث.
وجرى التأكد لاحقا أن الضباط الذين وصلوا إلى الحطام في اليوم السابق للعثور على جثة محسن يازجي أوغلو كانوا قد فككوا الأجهزة التي تظهر سجلات الرحلة.
وكشف اعتقال هؤلاء الأشخاص في عملية منظمة غولن عن أصابع الاتهام وراء اغتيال يازجي أوغلو.
صراعات السلطة
واستدرك الكاتب: يُربط تحطم مروحية الرئيس الإيراني رئيسي بالصراعات الداخلية للسلطة في البلاد، مشيرا إلى بعض الأسئلة والنظريات المهمة التي تدعم هذا الوضع.
أولها أن سفر الرئيس رئيسي على متن مروحية لا تصدر إشارة "جهاز تحديد المواقع الطارئ" يثير علامات استفهام.
وهذه الأجهزة عادة ما تكون موجودة في الطائرات والمروحيات وتُستخدم لنقل معلومات الموقع في حالات الطوارئ.
ثانيا، على الرغم من نجاح المروحيتين الأخريين في إكمال الرحلة، إلا أن تخصيص مروحية ذات تجهيزات غير كافية للرئيس يُعد أمرا مشكوكا فيه.
ثالثا، ومن المثير إقلاع الرئيس في رحلة وسط ظروف جوية تعد خطرة للطيران بالمروحيات.
رابعا، هناك صراع على القيادة الدينية في إيران بسبب تقدم عمر المرشد الأعلى علي خامنئي، ورئيسي كان أحد المرشحين القويين لهذه القيادة.
وفي هذا السياق يذكر أيضا مجتبى ابن المرشد الحالي الذي كان أحد المنافسين الرئيسين للرئيس الراحل، والذي فُتِح الطريق الآن أمامه لخلافة والده.
خامسا، لا يُركز الحادث فقط على رئيسي، بل يشمل أيضا وزير الخارجية الذي يعد قوة مهمة داخل النظام الإيراني ومن بين المرشحين لرئاسة الجمهورية في المستقبل. وإذا كان الحادث نتيجة لعملية اغتيال فقد يعد ذلك استهدافا لشخصيتين مهمتن في آن واحد.
واستدرك الكاتب: كان رئيسي من المؤيدين لتقارب إيران مع أذربيجان، عائدا من افتتاح مشترك مع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف.
وهناك تساؤلات حول ما إذا كانت القوى المعارضة لهذا التقارب هي من أسقطت الهليكوبتر.
إذ جرى التخلص من الرئيس الأذربيجاني الأسبق "أبوالفاز التشيبي" عبر انقلاب مشترك بين إيران وروسيا بسبب دعمه فكرة الوحدة مع جنوب أذربيجان داخل الأراضي الإيرانية.
وأضاف الكاتب: تشير الشكوك أيضا إلى إسرائيل والولايات المتحدة، خاصة بعد التوترات الأخيرة بين تل أبيب وطهران بسبب العدوان على غزة.
وحيث إن إسرائيل لا تستطيع تنفيذ مثل هذه الأعمال بدون دعم من الولايات المتحدة، كانت إسرائيل وأميركا وراء العديد من الأحداث السابقة مثل اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني والهجمات التي وقعت عند قبره.
وإذا نجحت إسرائيل في القضاء على الرئيس الإيراني، فسيكون ذلك سابقة في تاريخ الاغتيالات العالمية، وفق الكاتب.
وختم قائلا: أتوقع أن إيران، التي تمر بمثل هذه الاختبارات بنجاح، ستتجاوز هذه الأزمة أيضا دون الوقوع في الفوضى أو الاضطرابات، خاصة أن مركز القوة في النظام الإيراني يكمن في يد خامنئي وليس الرئيس.