من دبي إلى عمان مرورا بالرياض.. كيف تمد دول عربية إسرائيل بالبضائع؟
تقرير حصري بالصوت والصورة أعدته القناة 13 الإسرائيلية كشف وجود خط بري عربي ممتد من دبي مرورا بالسعودية والأردن ينتهي داخل الأراضي المحتلة، دعما لإسرائيل، وتجنيب اقتصادها هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
ومن خلال تقرير القناة العبرية الذي نشرته يوم 29 يناير/كانون الثاني 2024، تعبر الشاحنات التي تحمل اللوحات الإماراتية ومعها مختلف البضائع إلى إسرائيل.
فما قصة ذلك الخط؟ وما طبيعة عمليات النقل التي تتم من خلاله؟ ولماذا فضحت إسرائيل الأنظمة العربية المتورطة في تدشين ذلك الخط بهذه الطريقة؟
مسار التفافي
خلال التقرير كشف مذيع القناة 13 العبرية، أنه "للمرة الأولى، وبشكل شديد السرية، يتم افتتاح خط اقتصادي جديد، يلتف حول هجمات الحوثيين".
وأضاف: "هذا الخط يبدأ من موانئ دبي ويتحرك منها عن طريق السعودية وصولا إلى الأردن".
وأتبع أن "نهاية الخط على أبواب إسرائيل" ثم وصفه بأنه "يعمل بأقصى طاقته بلا توقف".
لكن المثير في كشف القناة الإسرائيلية، طبيعة الدقة في نقل تفاصيل عمليات الخط البري الإماراتي السعودي الأردني.
إذ زار مراسل القناة "أمير شوعان" مكان التسلم قرب معبر "جسر الأردن" الذي تستقبل من خلاله دولة الاحتلال البضائع.
وذكر شوعان أنه في الأسابيع الأخيرة، ومن وراء الحوثيين، بدأت تجربة لنقل البضائع عبر الممر البري وليس البحري، مبينا أن المكان يعد الأكثر سرية في الأردن.
وأظهرت مقاطع الفيديو التي وثقها المراسل عبر طائرة مسيرة طابورا من الشاحنات في الطريق إلى دولة الاحتلال متوقفة في الداخل الأردني.
��ترجمت لكم من العبرية إلى العربية
من #الامارات إلى #إسرائيل
هنا سنشاهد في التقرير الحصري بالصوت والصورة الذي أعدته القناة 13 الإسرائيلية عن #الخط_البري الممتد من #دبي مرورا بالسعودية والأردن والذي ينتهي بالمعبر الإسرائيلي، ومن خلاله يتم عبور الشاحنات التي تحمل اللوحات… pic.twitter.com/BuOjnyDtnv— مرشد سياحي للتاريخ الأندلسي (@Andalusrise) January 31, 2024
كيفية النقل
وحول كيفية النقل عبر المسار، كشفت القناة العبرية أن السفن التجارية تصل إلى الخليج العربي تحديدا في ميناء دبي.
ومن هناك تنقل البضائع عبر الشاحنات الكبيرة الخارجة من دبي، ثم تمر عبر صحراء السعودية الشاسعة وصولا إلى الأردن، لتصل عبر المعبر الأردني إلى دولة الاحتلال.
وقد تمكن مراسل القناة من أخذ تصريحات خاصة، عندما تحدث إلى أحد سائقي الشاحنات وقال له: من أين أتيت؟ فرد عليه: من إربد.. ثم سأله مرة أخرى: ماذا لديك بالداخل؟ ليرد عليه: فلفل، وأدوات حديد.
وحينما سأله المراسل عن الحرب في فلسطين، قال إنه ليس لديه رأي. وأورد أن الجنود الأردنيين بدأوا بالتوتر والقلق بعد أن عبر كادر القناة الحدود.
وتمكن المراسل أيضا من التحدث مع سائق آخر في الجهة الأردنية، وسأله من أين أتى وماذا يحمل في الشاحنة؟ فأجابه السائق "جهاد"، بأنه قادم من دبي ويحمل أدوات كهربائية.
ويقول الصحفي الإسرائيلي إن "مشهد الشاحنات هذا بلوحات إماراتية على أرض إسرائيل، هو تنفيذ للاتفاقية الإبراهيمية" في إشارة إلى اتفاقية التطبيع بين الإمارات والكيان التي وقعت عام 2020.
كما أشار إلى أنه بعد وصول الشاحنات إلى داخل دولة الاحتلال، يعملون على تفريغها، ثم يتسلمها سائقون إسرائيليون لتوزيعها في جميع أرجاء المستوطنات.
واختتم التقرير بأن نقل البضائع عبر هذا الجسر البري الجديد إلى إسرائيل، يستغرق 5 أيام فقط.
الخبر الأهم
وقد علقت على ذلك الخط الكاتبة الإسرائيلية الأميركية "أوليا كيلين" عبر حسابها بموقع "إكس" قائلة: "خط الشاحنات من دبي إلى حيفا يعمل بمباركة سعودية.. يوم ونصف من القيادة بدلا من أسبوعين في البحر، وتوفير كبير في التكاليف".
وأضافت: "هذا هو الخبر الأكثر أهمية بالنسبة للشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، ولادة محور سياسي اقتصادي قوي".
��ترجمت لكم من العبرية إلى العربية
من #الامارات إلى #إسرائيل
هنا سنشاهد في التقرير الحصري بالصوت والصورة الذي أعدته القناة 13 الإسرائيلية عن #الخط_البري الممتد من #دبي مرورا بالسعودية والأردن والذي ينتهي بالمعبر الإسرائيلي، ومن خلاله يتم عبور الشاحنات التي تحمل اللوحات… pic.twitter.com/BuOjnyDtnv— مرشد سياحي للتاريخ الأندلسي (@Andalusrise) January 31, 2024
ويأتي تدشين الخط البري التجاري في ظل حصار خانق تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، وإغلاق معبر رفح، بما يمنع مرور المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين الذين يتعرضون لحرب إبادة غير مسبوقة.
إذ تتكدس مئات الشاحنات المملوءة بآلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية عند معبر رفح، ولا يدخل منها إلى غزة المحاصرة سوى عدد محدد لا يتجاوز في أحسن الأيام 80 شاحنة.
كما تدخل بعد أن يتم تفتيشها من قبل جنود الاحتلال، ووسط عجز عربي وعالمي عن حلحلة الوضع المأساوي.
وكانت صحيفة معاريف العبرية، قد كشفت في 12 ديسمبر/كانون الأول 2023، عن اتفاق بين الإمارات وإسرائيل، يقضي بإنشاء جسر بري بين ميناءي حيفا ودبي، لـ"تجاوز تهديد الحوثيين" للسفن التي تمر عبر البحر الأحمر.
وأوردت "معاريف" أنه في ظل الحرب المستمرة على غزة، جرى توقيع اتفاق مع شركة "بوريترانس" للخدمات اللوجيستية التي تتخذ من الإمارات مقرا لها، والتي تعمل بالتعاون مع موانئ دبي العالمية، يتم بموجبه تشغيل جسر بري لنقل البضائع على طريق يربط دبي والسعودية والأردن بميناء حيفا والعكس.
وذكرت الصحيفة العبرية أنه من المتوقع أن يوفر المعبر البري، الذي حصل على موافقة وزارة الجيش والحكومة الإسرائيلية، 80 بالمئة من الوقت عن الطريق البحري.
كما يوفر بديلا أسرع للمرور عبر قناة السويس، ويحقق حلا للمشاكل الأمنية عن طريق البحر، بسعر منافس.
وأوردت أنه كجزء من الاتفاقية، سيتعاون الطرفان في مجال النقل البري للبضائع على طريق "الجسر البري" بحيث يمكن لوكلاء الشحن ومقدمي خدمات النقل استخدام منصة تراكانت "Trucknet" الإسرائيلية، لتبسيط النقل على الطريق.
شركة مصرية
لم يقف التعاون مع إسرائيل عند مشروع الخط البري على الإمارات والسعودية والأردن، بل كان هناك تورط مصري.
ففي 27 ديسمبر 2023، نشر موقع "مدى مصر" المحلي، أن شركة "WWCS" المصرية، انضمت إلى اتفاقية الجسر البري الذي يصل بين الإمارات وإسرائيل.
لتضع بذلك مسارا جديدا للجسر يمر عبر مصر، ليمتد من ميناء جبل علي في الإمارات، مرورا بالأراضي السعودية، إلى ميناءي حيفا وإيلات في إسرائيل، ثم إلى موانئ بورسعيد والعين السخنة.
وذكر الموقع أن الشركة المملوكة لرجل الأعمال المصري، هشام حلمي، وقعت عقدا مع شركة تراكانت الإسرائيلية لتكون الوكيل الحصري لخدماتها الإلكترونية المقدمة للشاحنات عبر المسار الجديد إلى مصر.
وقال: "إن الجسر البري ليس طريقا جديدا وإنما مساران عبر طرق قديمة في الإمارات وإسرائيل والسعودية واﻷردن".
وأوضح أن "الشركة الإسرائيلية تخطط عبر تطبيقاتها الذكية أقصر وأفضل مسار للشاحنات، وفقا لحجمها ولنقاط التحميل والتفريغ، كما تقدم أثناء الرحلة تتبعا فوريا للشاحنات وحالات الشحن".
ثم اختتم بأن الشركة المصرية ستتيح استخدام منصة الشركة الإسرائيلية عبر تطبيق على الهواتف المحمولة.
وذلك لمساعدة سائقي الشاحنات على مسارات الطريق، وستختص الشركة المصرية بالشاحنات التي تمر من إسرائيل إلى مصر.
على المكشوف
وفي حديثه لـ"الاستقلال" قال الناشط الفلسطيني "جمال حساسنة": "إن الجسر البري الذي يمد إسرائيل بالمساعدات ويجنبها خطر هجمات الحوثيين والمقاومة، هو فصل من فصول (خيانة) الأنظمة العربية لفلسطين، ولقضايا الأمة ولشعوبها قبل كل شيء".
وأضاف: "نحن في زمن التطبيع والتعاون المكشوف، إسرائيل اتخذت تلك الإستراتيجية منذ زمن طويل، وهي التي تجبر الأنظمة والقيادات على إعلان التطبيع بدلا من التعاون الخفي القديم".
وذكر أن "حكومة الاحتلال تعمدت كشف مسار الجسر البري (بغض النظر عن الأبعاد الأمنية) لأن المكاسب السياسية المتعلقة بذلك الكشف أكثر كثيرا من الدعم أو إدخال البضائع".
وأتبع: "رسائل حكومة (بنيامين) نتنياهو مفادها أن الدول الإقليمية الكبرى (السعودية والإمارات) تتعاون معنا وتسعى إلى خدمتنا، وأننا نقيم علاقات وثيقة معهم تأتي بالنفع على إسرائيل".
واستطرد: "قرأت يوما مقالة قديمة للأديب المصري عباس العقاد يتحدث عن أن الكيان الصهيوني محكوم بالفشل، لأنه نبت في أرض غير أرضه وجغرافيا تحاربه من جميع الاتجاهات، واستخدم تعبير أن المحيط والخليج سيلفظون الكيان إلى البحر".
وعقب الباحث الفلسطيني: "لم يدر بخلد العقاد أن الزمن سيدور ويأتي اليوم الذي يمد فيه العرب يد العون والمدد للكيان، ويتركون أبناء جلدتهم يقتلون ويبادون ويحاصرون.. إنه زمن سيقف عنده التاريخ طويلا، وسيدوّن بمداد من العار".