المقاومة تصد توغل الاحتلال.. حفاوة بهزائم إسرائيل وانقسام في مجلس حربها
أكد ناشطون أن انتصارات المقاومة في غزة تهز الكيان
انتصارات جديدة حققتها المقاومة الفلسطينية على مدار الأيام القليلة الماضية، رفعت بها فاتورة خسائر جيش الاحتلال الإسرائيلي ودفعته في 16 مايو/أيار 2024، لإعلان مقتل 5 جنود وإصابة 16 آخرين في تفجير مبنى مفخخ في منطقة جباليا شمالي قطاع غزة.
وجاء الاعتراف الإسرائيلي بعدما أفادت مصادر إسرائيلية في 15 مايو، بمقتل وجرح 20 جنديا في تفجير المبنى، تزامنا مع قرار جيش الاحتلال توسيع اجتياحه البري لمخيم جباليا.
وأعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، في بلاغ عسكري، عن تدمير ناقلة جند صهيونية بقذيفة "الياسين 105" وإيقاع طاقمها بين قتيل وجريح بمعسكر جباليا.
وفي بيان عسكري آخر أصدرته في 16 مايو، قالت القسام إنها استهدفت دبابتين وناقلة جند إسرائيلية بقذائف الياسين 105 وأوقعت طاقمها بين قتيل وجريح، وفجرت جرافتين في جباليا ورفح بقطاع غزة.
وفي سياق آخر، أعلنت شرطة الاحتلال عن إصابة خمسة جنود، إثر صدمهم بسيارة بالقرب من القاعدة التقنية للقوات الجوية في حيفا شمال فلسطين المحتلة.
وفي خطاب غير مسبوق، خرج وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت، في مؤتمر صحفي، مطالبا رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بخطة واضحة لإدارة غزة بعد الحرب، معلنا أنه سيعارض أي حكم عسكري للقطاع لأنه سيكون دمويا.
ورد نتنياهو على غالانت قائلا إن القضاء على حماس دون ذرائع هو الشرط الأول لليوم الثاني للحرب، وأنه ليس مستعدا لاستبدال السلطة الفلسطينية بحكم الحركة.
فيما ندد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بتصريحات غالانت، وطالب باستبداله لتحقيق أهداف الحرب.
كما طالب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، نتنياهو بأن يخير غالانت بين تنفيذ سياسة الحكومة أو الاستقالة، قائلا إن “وزير الدفاع أعلن فعليا دعمه لإقامة دولة فلسطينية مكافأة للإرهاب وحماس”، وفق تعبيره.
وعقب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، على ما يطلق عليه "اليوم التالي للحرب"، ومواقف الاحتلال بشأن إدارة الوضع في غزة، والقول بإخراج الحركة من المشهد، قائلا: "نحن نقول إن حماس وجدت لتبقى".
وأضاف في كلمة له بمناسبة الذكرى الـ76 لنكبة فلسطين، أن إدارة القطاع بعد الحرب ستقررها الحركة مع الكل الوطني، مستندة في ذلك إلى المصالح العليا لأهالي غزة، والتسهيل عليهم في كل ما يتعلق بمرحلة ما بعد الحرب، وإلى الرؤية الوطنية الناظمة لوحدة الضفة والقطاع.
الناشطون احتفوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #غزه_مقبرة_الغزاة، #جباليا، #غزة، #القسام، وغيرها، بالملاحم البطولية التي تسطرها المقاومة الفلسطينية على مختلف جبهات القتال خاصة في جباليا، متداولين كلمة هنية ومشيدين بقوتها.
وأعربوا عن سعادتهم بإقرار الاحتلال الإسرائيلي لخسائره في اعتراف علني بثقل المعارك وبأس المقاومة وقدراتها العسكرية والتكتيكية.
وأكد ناشطون أن انتصارات المقاومة تهز الكيان، متحدثين عن دلالات حرب التصريحات التي برزت بين وزير الجيش ورئيس وزراء الاحتلال، وما تمثله من انقسامات داخلية بين قادة مجلس الحرب.
حفاوة بالانتصارات
وحفاوة بانتصارات المقاومة، قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري: "في موروثنا الديني الذي نجله يوجد في كل شهر ثلاثة أيام يطلق عليها الأيام البيض، وقياساً على ذلك فإن اليوم وأمس وأول من أمس يمكن أن نطلق عليها الأيام البيض للمقاومة الفلسطينية لعظم النتائج التي حصدتها المقاومة من قتل وتدمير لقوات الاحتلال في جباليا والزيتون ورفح، بوركت السواعد".
فيما قال الكاتب والمحلل السياسي ياسين عز الدين، إن المعارك الحالية في جباليا والزيتون ورفح تظهر لنا العبقرية الإستراتيجية للمقاومة.
وأضاف أن في بداية الهجوم البري على غزة عملت المقاومة على امتصاص الضربة وتجنبت الدخول بمواجهة مباشرة مع جيش الاحتلال، كان هنالك كمائن وهجمات خاطفة لكن الأولوية كانت للحفاظ على ما لديها.
وأشار عز الدين، إلى أن الاحتلال ظن أن المقاومة تكبدت خسائر كبيرة لهذا تراجعت ضرباتها لكنها كانت تنتظر اللحظة المناسبة، وبنفس الوقت كانت تدرس أساليب وخطط جيش الاحتلال إلى أن أصبحت تحركاته كالكتاب المفتوح أمام المقاومة.
وتابع: "بعد أن سرح الجيش معظم قوات الاحتياط وقرر العودة لمهاجمة جباليا والزيتون وبدء الهجوم على رفح، مستخدمًا عدد قوات أقل من المستخدمة في بداية الحرب واجهت مقاومة أكثر شراسة".
وقال الشاعر تميم البرغوثي: "كل ما ظن نتنياهو أنه أنجزه عسكرياً منذ بداية الحرب حتى رفح بينت جباليا اليوم أنه وهم، المقاومة بخير، وفي بعض المواقع تبدي كفاءة تفوق كفاءتها في أول الحرب، لم يبق شيء في جعبة إسرائيل".
وأضاف "حكام عرب؟ لن يجدوا أشد صهينة من حكامنا الآن!، تفوق تقني؟ أنفاقنا غلبت طائراتهم! تقسيمنا كفلسطينيين؟ قسمونا منذ عشرين سنة ولم يفلحوا! إن لم يأمَن المشروع الصهيوني الآن فلن يأمن أبداً".
فيما رصد الصحفي أحمد منصور خسائر الاحتلال في جباليا وفق مصادر إسرائيلية وبيانات القسام، ومنها "تفجير مبنى مفخخ بجنود إسرائيليين في جباليا شمال شرقي غزة ومصرع وجرح نحو 20 منهم".
ولفت إلى قول القسام إنها قتلت 12 جنديا إسرائيليا في عملية مركّبة بجباليا، وإفادة وسائل إعلام إسرائيلية بأن 5 طائرات "هليكوبتر" تقوم بعمليات إخلاء جنود من الفرقة "98"سقطوا نتيجة حدث صعب في شمالي غزة إلى مستشفى "سوروكا".
وأوضح منصور، أن وسائل إعلام إسرائيلية، نشرت معلومات عن مقتل 5 مظليين في غزة، وأعلنت وقوع 15 إصابة بينها 9 بحالة خطرة من جراء إطلاق قذيفة صاروخية تجاه قوات "الجيش" الإسرائيلي شمالي غزة.
معركة جباليا
وتعقيبا على إعلان جيش الاحتلال مقتل ضابط و4 جنود من لواء المظليين وإصابة 8 آخرين خلال معارك جباليا، تساءل الصحفي والكاتب ياسر أبو هلالة: "هذا انكسار ولا انتصار؟".
وأكد أن 8 أشهر صمود هو انتصار غير متوقع، والمختل من يعتقد أن حماس ستحرر القدس في 8 أشهر، موضحا أن مفاهيم النصر والهزيمة في حروب التحرير مختلفة، والمهم أن ثمة من يراهن على انكسار حماس وهزيمتها ومن يراهن على صمودها أي انتصارها.
وحث أبو هلالة، على الاستمرار بالمطالبة بمقاطعة العدو بريا وجويا وبحريا اقتصاديا وسياسيا.. والباقي على حماس، لافتا إلى أنه سُمح بنشر "أسماء خمسة قتلى من جيش الدفاع الإسرائيلي تم إخطار عائلاتهم.
وقال الباحث علي أبو رزق، إن اليوم هو يوم معسكر جباليا بامتياز، أو لنَقُل إن جباليا اليوم هي عروس فلسطين، لافتا إلى أن أكثر من خمس عمليات نوعية منذ الصباح في المعسكر، أهمها عملية "تفجير المبنى" والتي قتلت وأصابت عشرين جنديا، حسب المصادر التي أعلنت عنها الجزيرة.
وأضاف أن هذه الإنجازات ليست لأن المعسكر صمد ولم يسقط أو يستسلم بعد مائتي يوم من المعارك فقط، بل لأن هناك حسابا قديما يود أبناؤه أن يدفعه الاحتلال، منذ المجازر التي ارتكبها بحق آبائهم وأجدادهم في مجزرة المعسكر في انتفاضة عام 1987، ومنذ الجريمة التي ارتكبها الاحتلال بحق رمز المعسكر وعائلته الشيخ نزار ريان، صاحب مقولة "لن يدخلوا معسكرنا" الشهيرة.
وأكد أبو رزق، أن الأبناء والأحفاد وأحفاد الأبناء كبروا وأصبحوا جنودًا وقادة، أصبحوا مجموعات وسرايا وكتائب وألوية، وباتوا لا يدقُّون جدار الخزان فحسب، بل يكسروا رأس من تسوِّل له نفسه أن يضعهم فيه…!
وقالت الصحفية منى الزملوط، إن جيش الاحتلال لم يتعلم الدرس في خانيونس، إن شاء الله يتعلمه في جباليا، مضيفة أن "هذا الجيش الغبي غرقان في غزة، غير قادر الخروج منها بدون نصر منعا للحرج".
وأضاف أن الجيش أيضا غير قادر على الوصول إلى الأسرى، ويتخبط بقتل المدنيين والأطفال عسى أن يجد أسيرا واحدا، وتساءلت بسخرية: “هل هذا الجيش الذي يرعب؟ هل هذا جيش أصلا؟”
وأوضح أحد المغردين، أن باعتراف جيش الاحتلال بمقتل 5 جنود إسرائيليين في معارك جباليا شمال غزة، ترتفع حصيلة قتلى جيش الاحتلال إلى 9 قتلى ولأول مرة يتعرض لخسائر كبيرة كهذه بجنوده (خلال مده قصيرة).
وأضاف أن المعارك في جباليا عنيفة ومسلحي القسام أصبحوا يقاتلون بشدة لتشتيت جيش الاحتلال عن معارك "رفح"، قائلا: "يبدو أن حماس أيقنت فعليا أنها تقاتل وحدها وأن إيران تخلت عنها لذا لابد من المقاومة الشرسة.
مأزق نتنياهو
وتحت عنوان "لماذا نتنياهو في ورطة؟"، قال السياسي أحمد رمضان، إن أكثر من يدركُ مأزقه هو جيشه المنهك، تحدث عن حربٍ قصيرة، فإذا هي في شهرها الثامن، ثم وعد بالقضاء على غزة، فإذا بها تغلي وتنتفض في وجهه، وهدد باحتلال القطاع وإعادة الاستيطان، فإذا به ينسحب تحت وقعِ ضربات موجعة
وهذا ناهيك عن إخفاق في استرداد أسرى، وفشل في وقف الصواريخ، وتنصيب سلطة بديلة، وعجز عن وقف مقاومة صُلبة عنيدة.
وأكد رمضان، أن خيارات نتنياهو ضيقة وإسرائيل أمام أشهر صعبة، ويراوغ من أجل إفشال صفقة الأسرى، لكنَّ أوراقه باتت بالية، وفرصته تتضاءل، وأعداءه كثر، والاستياء منه يتصاعد، لدرجة بات يخشى على نفسه من مصير مجهول!.
وأكد الناشط الإنساني أدهم أبو سلمية، أن الحرب ما قبل رفح وجباليا ليست كما بعدهما، قائلا إن نتنياهو من مأزق إلى مأزق أكبر، وكأن 7 مايو كان ورقة التوت التي فضحت عبثيّة حربه.
وأشار إلى أن أكبر ضباط الكيان صرّحوا اليوم لهآرتس أن إسرائيل في حرب "تعليمية" مع حماس، لأنها كالحرباء تغير من تكتيكاتها، مثالا هي تركز الآن أكثر على تفخيخ المباني، هذا التكتيك الذي عدوه جزءا من استعدادات الحركة لحرب طويلة الأمد.
ولفت أبو سلمية، إلى أن الصحيفة أضافت أن تقديرات الجيش ليست صحيحة فيما يتعلق بالبنية التحتية لحركة حماس ويمكن أن تكون القدرات أكبر بكثير مما يتوقع الجميع!
وأشار الباحث والمحلل السياسي محمد الأخرس، إلى أن مسؤولين صهاينة وفي الإعلام العبري يتردد على لسانهم جملة لا تأخذ حظها كثيرا من الاهتمام في الصحافة العربية مفادها أن "(زعيم حماس في غزة) السنوار يدير الحرب أفضل من نتنياهو".
وقالت إن هذا الجانب لم يُسلط عليه الضوء بعيدا عن الأداء الميداني المُبهر للمقاومة، فإدارة الحرب مسألة شديدة الخطورة والحساسية وعليها يُبنى الاتجاهات الكبرى للصراع.
انقسامات إسرائيلية
وتحت عنوان "تصدّع في مجلس الحرب الصهيوني.. هذه دلالاته"، أشار الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة، إلى أن ملاسنة غير مسبوقة بين نتنياهو ووزير الدفاع (غالانت)، وبيني غانتس (عضو المجلس أيضا) يدعم الأخير.
ولفت إلى أن غالانت دعا نتنياهو "إلى اتخاذ قرار والإعلان أن إسرائيل لن يكون لها سيطرة مدنية على قطاع غزة"، وقال: "أنا أطرح الموضوع في مجلس الوزراء دون إجابة".
وأكد الزعاترة أن هذه الملاسنة والتصدّع في مجلس الحرب ليست بعيدة أبدا عن الخسائر الفادحة التي يمنى بها جيش الاحتلال، بخاصة خلال الأيام الماضية، والتي سيُعلن عن المزيد منها خلال الساعات القادمة.
وأوضح أن التصدّع شمل دوائر في الجيش عبر استقالات وملامح تمرّد، وكل ذلك بدعوى أن عدم حسم نتنياهو لسؤال "اليوم التالي"، هو سبب فشل الجيش.
وقال الباحث السياسي سعيد زياد، إن خطاب وزير حرب العدو مفصلي، يعبر عن عظم المأزق الداخلي، وعمق الأثر الذي تتركه الهزائم المتتالية في نفوس قادة الكيان.
وأكد أن هذا الخطاب منطلق من خشية ميدانية حقيقية، رعبا من المعارك الدموية في حال طال بقاء الجيش في غزة، وبالتالي سنكون أمام خلاف كبير بدأ يطفو للسطح اليوم بشكل علني بعد أن ظل حبيس الغرف المغلقة شهورا.
وقال زياد: "يبدأ غالانت بالكذب ويقول إن القسام بات يقاتل على شكل عمليات فردية أو خلايا، ويقول إنه تم تفكيك قدرات كثير من الكتائب، وكأن الذي يقتلهم في جباليا أشباحاً لا ينتمون للقسام".
وأكد أن هذا ليس خلافا بين وزير الحرب ورئيس الحكومة فحسب، بل نتحدث عن خلاف عنيف بين الجيش ورئيس الحكومة، وهو ما ينذر بمعضلة كبيرة في صفوف الاحتياط، وربما القوات النظامية، يصل حد التمرد، كما تنبأ بعض قادة العدو.
وأوضح زياد، أن هذه هي أول مرة في تاريخ إسرائيل يعقد وزير الحرب مؤتمرًا صحفيا (خلال الحرب) ويهاجم فيه رئيس الوزراء، وقيادة الحكومة.
ولخص الكاتب والباحث ماجد أبو دياك، أسباب الخلافات الإسرائيلية المتصاعدة، ومنها صمود المقاومة وإيقاعها الخسائر الفادحة بالاحتلال.
وأضاف أن فشل جيش الاحتلال في مواجهة المقاومة دفع غالانت لإلقاء اللوم على نتنياهو، والأخير بادله نفس الشيء، ولكن الفشل هو لإسرائيل بكاملها، وليس فشلا لهذا القائد أو ذاك.
وأكد أن اليوم التالي لحماس والذي يختلفون عليه غير موجود أصلا ولن يكون، وهذا ما أكده فشل جيش الاحتلال في جباليا والزيتون ورفح، حينما واجه مقاومة وكأننا في الأيام الأولى للحرب.