بايدن يصدق على المعونة العسكرية للسيسي كاملة لأول مرة.. ما المقابل؟

2 months ago

12

طباعة

مشاركة

لأول مرة في عهده، قرر الرئيس الأميركي جو بايدن في 11 سبتمبر/ أيلول 2024 إعفاء مصر من الشروط المتعلقة بحقوق الإنسان، ومنح نظام عبدالفتاح السيسي المعونة العسكرية كاملة دون تقسيطها بقيمة 1.3 مليار دولار.

وأبلغ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الكونغرس أنه سيتنازل هذا العام عن الاشتراطات المتعلقة بمبلغ 225 مليون دولار (من إجمالي المعونة)، المتعلقة بسجل مصر في مجال حقوق الإنسان، وذلك استنادا إلى "مصلحة الأمن القومي الأميركي".

مرجعا ذلك إلى "أهمية الدور الذي تلعبه مصر في تعزيز الأمن الإقليمي، بما في ذلك جهود التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة".

وفي تقرير علقت فيه على هذه الخطوة، وصفت صحيفة "نيغريزيا" الإيطالية قرار وزارة الخارجية الأميركية بأنه يشكل "تغييرا كبيرا في سياسة واشنطن الخارجية تجاه القاهرة".

والمعونة الأميركية لمصر هي مبلغ ثابت سنويا تتلقاه مصر من الولايات المتحدة في أعقاب توقيع اتفاقية السلام (التطبيع) المصرية الإسرائيلية عام 1978.

حيث أعلن الرئيس الأميركي في ذلك الوقت جيمي كارتر، تقديم معونة اقتصادية وأخرى عسكرية سنوية لكل من مصر وإسرائيل، تحولت منذ عام 1982 إلى منح لا ترد بواقع 3 مليارات دولار لإسرائيل، و2.1 مليار دولار لمصر، منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية.
 

تغيير لافت

وذكرت الصحيفة أن أميركا كانت قد علقت في 2023 جزءا من المساعدات العسكرية لمصر، بسبب عدم إحراز تقدم في ملف حقوق الإنسان.

ولكن هذا العام تم الإفراج عن 95 مليون دولار من المساعدات تحت مزاعم الجهود المصرية لتحسين أوضاع السجناء السياسيين، وتحديث بعض التشريعات ذات الصلة.

وكانت إدارة بايدن قد أعلنت في سبتمبر 2023 أنها قررت التنازل عن قيود حقوق الإنسان وتقديم مساعدات بقيمة 235 مليون دولار لفائدة القاهرة معللة ذلك بـ"المزايا الأمنية التي ستحصل عليها الولايات المتحدة في المقابل". 

وفي عام 2022، حجبت واشنطن ما قيمته 130 مليون دولار، وسمحت بالإفراج عن 75 مليون دولار من المساعدات العسكرية، كما تلقت القاهرة 95 مليون دولار أخرى بموجب استثناء قانوني يتعلق بتمويل مكافحة الإرهاب وأمن الحدود.

وفي عام 2021، حجبت الولايات المتحدة أيضا ما قيمته 130 مليون دولار بسبب وضع حقوق الإنسان في مصر، ومنحتها 200 مليون دولار من المساعدات العسكرية.

ويدل قرار واشنطن هذا العام على الأهمية المحورية للقاهرة، بالنسبة للرئيس الأميركي، في المفاوضات الجارية في مصر وقطر للتوصل إلى هدنة دائمة في غزة، على حد قول الصحيفة الإيطالية.

إلا أنها ألمحت إلى فشل هذه المفاوضات الشاقة في حل مسائل مختلفة مازالت عالقة، على غرار مدة المرحلة التمهيدية المؤدية إلى هدنة دائمة.

 إلى جانب إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الذين مازالوا لدى فصائل المقاومة الفلسطينية والأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

فضلا عن الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من غزة، بما في ذلك محور فيلادلفيا الذي يفصل القطاع عن مصر.

وساطة منحازة

أرجعت الصحيفة الإيطالية عدم التوصل إلى الاتفاق بين إسرائيل وحماس على وجه التحديد إلى “الموقف غير الحازم بالشكل الكافي من جانب الولايات المتحدة تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو”.

في إشارة إلى عدم ممارسة واشنطن ضغوطا على حكومة نتنياهو المتطرفة لوقف عدوانها على غزة.

وبحسب قولها، من مصلحة الأخير استمرار الصراع في غزة وتوسعه إلى البلدان المجاورة مثل لبنان، في ظل التوترات الداخلية والمظاهرات الكبيرة المناهضة لائتلافه الحكومي المتطرف.

علاوة على ذلك، تتهم الصحيفة كلا من واشنطن والقاهرة باتخاذ مواقف منحازة لإسرائيل وبالتالي تعدهما "جزءا من المشكل الذي أدى إلى الفشل في إنهاء الحرب".

وأشارت كذلك إلى رفض نظام السيسي إعادة فتح معبر رفح بشكل دائم ودخول آلاف اللاجئين الفلسطينيين إلى المناطق العازلة التي أنشئت على الحدود بين سيناء وغزة.

وبذرائع أمنية، انتقدت كذلك "منع السيسي غالبا دخول الجرحى الفلسطينيين أيضا لتلقي العلاج على الأراضي المصرية".

انتهاكات متواصلة

وفي السياق، استنكرت "نيغريسيا" تواصل انتهاكات حقوق الإنسان في القاهرة مثل التعذيب والاختفاء القسري وتواصل احتجاز آلاف السجناء السياسيين.

مثل المرشح الرئاسي السابق عبدالمنعم أبو الفتوح والناشط اليساري علاء عبد الفتاح، وذلك رغم استئناف المساعدات العسكرية الأميركية إلى القاهرة.

وتذكر مطالبة بعض النواب الأميركيين ومراكز بحث معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان بربط زيادة حصة المساعدات الأميركية بشرط احترام الحقوق.

وقالت إن بلينكن برر في العام الماضي، كما في عام 2024، تقديم مساعدات عسكرية لنظام السيسي بأنها "تندرج في إطار الأمن القومي الأميركي".

 ووضع بذلك جانبا المخاوف التي أثارتها وزارة الخارجية فيما يتعلق بالقمع المتواصل الذي يتعرض له المصريون منذ الانقلاب العسكري عام 2013.

ولفتت إلى أن الرئيس السابق والمرشح الجمهوري لانتخابات عام 2024، دونالد ترامب، كان أقل انتقادا بكثير للنظام المصري مشيرة خاصة إلى وصفه السيسي بأنه "ديكتاتوره المفضل".

وانتقدت كذلك المزاعم الأميركية بشأن إحراز تقدم في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان بمصر مشيرة في هذا الصدد إلى ما قاله متحدث الخارجية الأميركية من قبيل “إقرار الولايات المتحدة بالخطوات التي اتخذتها مصر في مجال حقوق الإنسان”. 

وكان قد أشار في تصريحاته إلى مشروع قانون بشأن الإصلاحات القضائية والإفراج عن أكثر من 950 سجينا سياسيا منذ سبتمبر 2023.

من جانبها، ترى مختلف مراكز الفكر والرأي الدولية أن موجات إطلاق سراح النشطاء في الأشهر الأخيرة أعقبتها اعتقالات تعسفية جديدة للمعارضين السياسيين، بما المحتجون على العدوان في غزة.

من جانب أخر، ترى الصحيفة أن السيسي يحاول في ولايته الرئاسية الثالثة تلميع صورته الدولية وتذكر زيارته لإسطنبول في السادس من سبتمبر ولقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد توتر للعلاقات وقطيعة لأكثر من عقد.

أما غايته الثانية كانت دائما، بحسب الصحيفة، استعادة الحصول على المساعدات العسكرية الأميركية كاملة لتأكيد "التطبيع التام للعلاقات" مع الولايات المتحدة.

إلا أنها خلصت إلى القول إنه "لا توجد إشارات ملموسة على أن مسار إعادة التأهيل الجيوسياسي لنظام السيسي يتضمن مساحة أكبر للتعددية والمعارضة ".