غزة على شفا موت جماعي وترامب يدعي الضغط على نتنياهو.. وناشطون: حكام العرب بلا مروءة

“غزة تموت جوعا تحت حصار ظالم وعدوان لا يرحم”
"الفلسطينيون في غزة على شفا الموت الجماعي".. تحذير أطلقه المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع بسبب توسع رقعة المجاعة وانهيار القطاعات الحيوية بالكامل، وأكدت خطورته منظمة الأمم المتحدة، في وقت يواصل الاحتلال الإسرائيلي تصعيده على أرجاء غزة كافة.
وقالت حكومة غزة في بيان أصدرته في 25 أبريل/نيسان 2025، إن الكارثة الإنسانية في غزة تتفاقم بشكل متسارع ومخيف، مع استمرار الحصار الإسرائيلي الكامل وإغلاق المعابر منذ 55 يوما، مما أدى إلى تفشي المجاعة وتهديد حياة أكثر من 2.4 مليون إنسان.
وأطلقت ما أسمته "النداء قبل وقوع الكارثة"، وحذرت من أن "أي تأخير في الاستجابة سيُعد تواطؤا واضحا ومشاركة فعلية في الجريمة، ووصمة عار لا تُمحى من جبين الإنسانية والتاريخ"، مطالبة بفتح ممر إنساني فوري وعاجل لإنقاذ أكثر من 2.4 مليون فلسطيني.
ودعت حكومة غزة إلى تشكيل لجان دولية مستقلة للتحقيق في جريمة التجويع والقتل البطيء التي يرتكبها الاحتلال، مؤكدة أن "المجاعة باتت واقعا مريرا لا تهديدا، بعد تسجيل 52 حالة وفاة بسبب الجوع وسوء التغذية، بينهم 50 طفلا، في واحدة من أبشع صور القتل البطيء".
وأوضحت أن "أكثر من 60 ألف طفل يعانون من سوء تغذية حاد، بينما يشتكي أكثر من مليون طفل من الجوع اليومي الذي تسبب بالهزال وسوء البنية الجسمية وأصبحوا في بؤرة الخطر، في حين أُجبرت آلاف الأسر الفلسطينية على مواجهة الموت جوعا".
بدوره، أعلن المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، عدنان أبو حسنة، في تصريحات صحفية، نفاد مخزون الطحين من مخازن الوكالة في القطاع، قائلا إن المخابز في قطاع غزة مغلقة تماما.
وأشار إلى أن الوكالة وزعت 270 ألف كيس طحين خلال الشهرين الماضيين على سكان القطاع، موضحا أنها وصلت إلى مرحلة لا يوجد فيها ما توزعه من مواد غذائية على الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأكد أبو حسنة، أن القطاع يقف على أبواب مجاعة منتشرة، والعائلات تتضور جوعا، معلنا نفاد نحو ثلث المواد الطبية في غزة، وخلال 50–60 يوما لن تكون هناك أدوية إذا استمر الإغلاق، مع انهيار كامل للقطاع الطبي.
كما أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، نفاد جميع مخزوناته الغذائية في قطاع غزة، بعد منع الاحتلال دخول المساعدات الإنسانية إليه، منذ مارس/آذار 2025، عقب انقلابه على اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال "اليوم، سلم برنامج الأغذية العالمي آخر مخزوناته الغذائية المتبقية إلى مطابخ الوجبات الساخنة في قطاع غزة، ومن المتوقع أن ينفد الطعام من هذه المطابخ بالكامل في الأيام المقبلة".
وفي أعقاب الكشف عن تردي الأوضاع الإنسانية والمعيشية في القطاع نتاج الحصار والعدوان المتواصل، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إنه ضغط على رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أجل إدخال الغذاء والدواء إلى غزة.
وأضاف في تصريحات صحيفة على متن الطائرة الرئاسية الأميركية؛ إنه طرح مسألة غزة خلال مكالمة هاتفية مع نتنياهو، موضحا أنه قال للأخير: "علينا أن نتخذ موقفا جيدا تجاه غزة.. هؤلاء الناس يعانون".
وعندما سُئل عما إذا كان أثار مسألة فتح نقاط وصول لإدخال المساعدات إلى غزة خلال الاتصال، أجاب ترامب: "نعم"، مضيفا: "سنتولى ذلك.. هناك حاجة ماسة للأدوية والغذاء.. نحن نتولى ذلك".
الأمر الذي قابله ناشطون على منصات التواصل بسخرية واستهجان واسع، إذ تعد واشنطن داعما رئيسا للحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأعلن ترامب منذ وصوله لرئاسة أميركا لمرحلة ثانية دعمه المطلق لنتنياهو.
وقبل يومين من إدلاء ترامب بتصريحاته حرّض وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، خلال زيارة يجريها للولايات المتحدة الأميركية، على قصف مخازن الأغذية والمساعدات في قطاع غزة.
وتداول ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية على منصتي "إكس" و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #غزة_بلا_خبز، #غزه_تموت_جوعا، #غزة_تباد، صورا ومقاطع فيديو توثق المعاناة التي يعانيها الفلسطينيون في القطاع، مستنكرين على الأنظمة العربية والغربية صمتها.
وأشاروا إلى أن الفلسطينيين يعانون أزمة غذائية حادة، وقد أصبحوا في غاية الاضطراب من شدة الجوع، ويصرخون طلبا للطعام وهم يحملون الأواني في أيديهم، مستنكرين تصاعد المجاعة حتى بات الفلسطينيون يحتضرون جوعا والموت يلاحقهم بسبب المجاعة ونفاد الدواء.
واقع المجاعة
ورصدا للواقع الذي تعيشه غزة، قال الصحفي محمد هنية: "فش طحين.. فش لحوم.. فش خضار.. الموجود باهظ الثمن.. فش مواد غذائية.."، مؤكدا أن المجاعة تتفشى بشكل مهول وكبير وعميق.
وأضاف: "في ناس مش لاقية تاكل.. في ناس ما بتلاقي وجبة بيومها.. في ناس بتنام جوعانة.."، متسائلا: "كيف نحكيها؟ كيف تستوعبوها؟".
وأكد الناشط الإنساني أدهم أبو سلمية، أن مجاعة غزة تدخل مرحلة الإبادة الصامتة، مشيرا إلى إعلان الأونروا نفاد الطحين، وإعلان برنامج الأغذية العالمي نفاد مخازنه الغذائية في غزة.
وأوضح أن الأسواق شبه خاوية، والأسعار تحتاج قروضا بنكية، ولا رواتب ولا مساعدات، لافتا إلى أن 300 ألف طفل مهددون بالموت جوعا، بينما العالم يُطبع مع الجريمة، ويقبل أن تُباد غزة بلا ضجيج.
وأعادت الناشطة المصرية المعارضة غادة نجيب، نشر تغريدة أبو سلمية، محملة مسؤولية الإبادة الصامتة والمجاعة التي تتعرض لها غزة، للنظام المصري.
وأكدت أن "عبدالفتاح السيسي وأعوانه شركاء في تجويع أطفال غزة".
وأوضح الصحفي يونس أبو جبل، أن "كيس الطحين فى غزة وزنه 25 كيلو 150 دولار..!!".
وأكدت المدونة أم حسام، أن الجوع المُستشري في قطاع غزة دفع النازحين والمواطنين للبحث عن الطعام في كل مكان، خاصة بعد توقف غالبية المطابخ الخيرية "التكايا"، عن العمل.
وأوضحت أن البحث عن السلاحف البحرية، التي تصل إلى شاطئ البحر لوضع بيضها في تلك الفترة، شاع خلال الفترة الماضية إذ يبحث عنها المواطنون والصيادون رغم قلتها، ويقومون بصيدها، ومن ثم ذبحها وتقطيعها، وتناول لحمها، أو بيعه.
وقالت أم حسام: "رغم أن لحوم السلاحف المذكورة لم يكن من الأكلات المعروفة في قطاع غزة في السابق، ولم يلتفت إليها أحد، إلا أنها أصبحت في ظل المجاعة من الأكلات المفضلة، والتي وصل ثمن الكيلوغرام الواحد من لحومها إلى 100 شيكل".
وأوضح المغرد راجي، أن أعراض نقص الغذاء بدأت تظهر على الناس، وهو واحد منهم، قائلا: "الواحد صاير يحس بدوخة، تركيز شبه معدوم، والمناعة صفر، دايما تعبان، ما في طاقة لأي شيء، والإجهاد مسيطر علينا طول الوقت".
وأضاف: "إحنا مش بس تحت القصف، إحنا كمان بنموت ببطء من الجوع والتعب. الوضع جد مأساوي، وما في مجال نصمد أكتر هيك".
صمت مستنكر
وتنديدا بالصمت العربي والعالمي على ما يتعرض له الفلسطينيون في غزة من تجويع متعمد، استهجنت الإعلامية مايا رحال، عجز 57 دولة عربية عن إدخال كسرة خبز وشربة ماء لشعب غزة الذي يتعرض لسلاح المجاعة من قبل الاحتلال.
وتساءلت: "من الذي يمنعها -الدول العربية- عن إرسال قوافل تتحدى فيها حصار غزة؟"، مشيرة إلى أن أكثر من 50 طفلا قتلوا بسبب سوء التغذية، والاحتلال يضغط على حماس باستخدام سلاح التجويع الذي هو أقوى بكثير من سلاح الرصاص.
وأكدت شيماء سيف الدين، أن "المجاعة تفتك بأهل غزة؛ أطفالها ونساءها وشيوخها"، متسائلة: “متى يكسر العرب هذا الحصار حفظا لماء الوجه؟ أم ستظلون غثاء السيل؟ ”
وعرض الصحفي تركي الشلهوب، صورة لأطفال غزة، معلقا بالقول: "أنأكل الطعام وبني هاشم جوعى؟!".. قالها أحد كفار قريش.. وحُكام العرب اليوم لا مروءة الجاهلة ولا أخلاق الإسلام!".
وقالت المغردة لي لي: "شهرين يا عالم على خطر المجاعة وكنت أتساءل ماذا تنتظر دولنا للضغط لفتح المعابر.. "أضعف الإيمان" يا مسلمين إدخال الطعام والماء والدواء".
وتساءلت: "هل ينتظرون أن يسقط الأطفال وكبار السن في البث المباشر لينتفضوا! لكن مات 50 طفلا جوعا أمس ولا حياة لمن تنادي".
وأشارت أحد المغردات، إلى أن بعض الإسرائيليين في تل ابيب يتظاهرون حاملين صور أطفال غزة طالبين بإيقاف الحرب وبعضهم يقف مرتديا الأسود حاملين قدورا فارغة طالبين بإيقاف المجاعة وفتح المعابر لإدخال الطعام.
وقال: "صرنا نخجل أن نقول إننا عرب، وصارت العروبة التي كانت سابقا رمزا للشهامة والشرف اليوم عار.. آسفون يا فلسطين".
واستنكر حسن علاء الحاج، أننا "بتنا نعيش في زمن حيث يوجد 2 ونصف مليون إنسان في غزة يجتاحهم شبح المجاعة وقد توفي 52 شخصا منهم على الأقل جوعاً ناهيك عن الذين يموتون قصفا، والعالم ما زال يقف مُتفرجا صامتا".
واستنكرت إحدى المغردات، أن "غزة تموت جوعا تحت حصار ظالم وعدوان لا يرحم، تموت بصمتٍ والعالم يتفرج، لا طعام، لا دواء، لا مأوى".
وأكدت أن "ما يحدث في غزة مأساة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى"، مشيرة إلى أن القصف المتواصل، وسقوط آلاف الضحايا من المدنيين، خاصة الأطفال والنساء، يحدث والعالم يقف موقف المتفرج، أو يكتفي بالإدانات اللفظية دون أي تحرك فعلي لوقف النزيف.
سخرية واستهزاء
وفي سخرية واستهزاء بقول الرئيس الأميركي إنه ناقش مع نتنياهو وضع غزة وطلب منه أن يترفق بالقطاع، تهكم الصحفي فايد أبو شمالة، قائلا: "مش قادر أصدقك".
واستخف الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي سعيد زياد، بتصريحات ترامب، قائلا: "حنان ما بعده حنان".
وأوضح خبير إدارة الأزمات مراد علي، أن تصريح ترامب جاء نتيجة إصرار مراسلة صحفية حاصرته بالأسئلة، مما اضطره إلى الإدلاء بتلك العبارة على نحو عابر، في حين بدا جليًا من سلوكه ونبرة حديثه عدم اكتراثه الحقيقي بمعاناة أهل غزة أو بما يجرى هناك.
ورأى أن هذا المشهد يكشف كيف يمكن للإعلام أن يصنع أوهاما عن مواقف القادة السياسيين، حينما يُضخّمون كلمات مجتزأة أو يُلبسونها ثوب الحزم والاهتمام، رغم أن الواقع يكشف عكس ذلك.
وقال علي، إن المشهد أيضا يؤكد أن كثيرا من التصريحات "الإنسانية" الصادرة عن قادة القوى الكبرى ليست نابعة من قناعة أو التزام أخلاقي، بل تُنتزع أحيانا انتزاعا تحت ضغط الصحافة أو الرأي العام، ثم تُنسى بمجرد انتهاء الموقف الإعلامي.
وأكد أن في قضايا كبرى مثل مأساة غزة، يصبح من السذاجة التعويل على وعود عابرة لا تسندها إرادة سياسية حقيقية.
وسخر المحلل السياسي ياسر الزعاترة، من "حنان ترامب المفاجئ"، مشيرا إلى أن "عباراته كانت منتقاة كي لا يستفز صهاينته".
وتساءل: "لماذا نلوم عدوّا ونحن نرى أنظمة العرب (ومنها سلطة فتح) تكتفي بالمناشدات ولا تتخذ موقفا حيال "سلاح التجويع"؟!"
ووصف يونس سليمان، ترامب بأنه "رجل وقح يدعم قتل الناس وتشريدهم من وطنهم، ويطلب من القاتل ومجرم الحرب نتنياهو الرفق بهم!!".