الغرب يتحدث عن غرق غواصة صينية نووية بميناء ووهان.. حقيقة أم ادعاءات؟
"الحكومة الصينية التزمت الصمت أمام هذه التقارير والتحليلات”
تحت وطأة التوترات الجيوسياسية والعسكرية المستمرة والمتصاعدة في محيطها، خاصة في بحر الصين الجنوبي، دأبت بكين خلال الآونة الأخيرة على تحديث وتطوير ترسانتها العسكرية بشكل ملحوظ، لا سيما أسطولها البحري.
وكشفت بعض الصحف العالمية عن مسؤولين حكوميين غربيين، رصدهم غرق غواصة صينية نووية جديدة في ميناء ووهان، كانت تحت التجربة والملاحظة.
وبحث موقع "إي ريفرينسيا" البرتغالي حقيقة الادعاءات الغربية حول غرق تلك الغواصة، مستعرضا تاريخا موجزا لأخبار وأحداث سابقة حول غرق بعض الغواصات الصينية خلال السنوات الماضية، موضحا عددا من الأدلة تشير إلى “صحة” المزاعم الغربية هذه المرة حول غرق تلك الغواصة.
تاريخ من الشكوك
وأشار الموقع البرتغالي، إلى أن "العمليات تحت سطح البحر هي أسرار دولة مُحاطة بالحذر الشديد، لذا ليس من المستغرب أن يكون التمييز بين الحقائق والخيال في القصص المتعلقة بها أمرا شاقا".
وأردف: "تتعلق القضية الأحدث بالغرق الظاهر لغواصة جديدة من فئة غواصات صينية، يُزعم أنها تعمل بالطاقة النووية".
وتابع: "ما يلفت الانتباه في هذه القصة لا يتعلق بفكرة الغرق في حد ذاتها، بل في إمكانية أن توسع الصين من إنتاج غواصات تعمل بالطاقة النووية".
وتتبع الموقع تاريخ بداية تلك القصة، حيث "تعود إلى أوائل عام 2024، حين لاحظ خبراء البحرية الذين يراقبون تطورات القوات المسلحة الصينية، من خلال صور الأقمار الصناعية، بناء فئة جديدة من الغواصات في حوض بناء السفن ووتشانغ، وهو حوض معروف ببناء الغواصات التقليدية في مدينة ووهان".
بعد ذلك، أشار الموقع إلى أن "صور الأقمار الصناعية كشفت في ربيع 2024، عن وجود بارجات ورافعات عائمة في رصيف الغواصة الجديدة".
وأردف: "في نهاية سبتمبر/ أيلول 2024، أفادت صحيفة (وول ستريت جورنال) بأن مصادر من الحكومة الأميركية أكدت أن فئة جديدة من الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية قد غرقت بالفعل في رصيف ووهان".
في المقابل، أشار الموقع إلى أن الحكومة الصينية "التزمت الصمت، ولا توجد تصريحات رسمية تؤكد هذا التقرير".
وتابع: "تجدر الإشارة إلى أنه من المستبعد جدا، أن يُسرب مصدر حكومي معلومات حساسة بهذا الشكل دون موافقة".
في ذات الوقت، رأى الموقع أن "هناك بعض الشكوك مبررة حول التكهنات بشأن صحة حادثة الغرق الأخيرة، إذ لطالما كانت هناك أخبار ووقائع تتحدث عن عمليات غرق لغواصات صينية".
فذكر أنه "قبل عام، كانت هناك قصص مشابهة عن غواصة نووية صينية مفقودة لم يتم الإبلاغ عنها".
وتابع: "كانت هذه الحالة تتعلق بفقدان غواصة نووية في البحر الأصفر (الجزء الشمالي من بحر الصين الشرقي الواقع ضمن المحيط الهادئ) متشابكة بفخاخ في قاع البحر، وقد أُكدت من قبل مصادر من الحكومة البريطانية".
وأكمل الموقع: "لم تحتوِ تفاصيل هذه القصة على صور أقمار صناعية مقنعة أو نشاط بحري لدعم استعادة الغواصة، وفي النهاية، نفى متحدث باسم وزارة الدفاع التايوانية وجود أي أدلة تدعم هذه القصة".
واستطرد: “بالنظر إلى ما سبق، فإن تفاصيل قصة عام 2023 تعكس كذلك تفاصيل حادثة سابقة”، موضحا: "في عام 2003، رصد صياد صيني منظار غواصة تعمل بالديزل من فئة (مينغ) معطلة، وكان جميع أفراد الطاقم قد توفوا اختناقا على الأرجح بسبب عمليات غير صحيحة أثناء تشغيل محركات الديزل لشحن البطاريات".
قصة مختلفة
رغم ذلك، يعتقد الموقع أن هناك ما يجعل هذه القصة الأخيرة مختلفة عن القصص السابقة، "فأولا، تؤكد صور الأقمار الصناعية غرق غواصة جديدة من فئة أكبر على الرصيف، مع تقارير موثوقة من مصادر حكومية تشير إلى أن هناك محطة طاقة نووية جديدة تم تركيبها".
وأردف: "ثانيا، كانت الصين تبني غواصات تقليدية بنظام الدفع المستقل عن الهواء (AIP) مثل فئة (يوان) لسنوات، والتوسع في أنظمة الطاقة النووية المساعدة يعد أمرا منطقيا وليس جديدا".
وتابع الموقع: "ففي الثمانينيات، حاول السوفيت استخدام محطة الطاقة النووية VAU-6، لتمديد قدرة غواصاتهم التي تعمل بالديزل على البقاء تحت الماء لفترات أطول".
وأضاف: "كما أن استلهام الصين ذلك النسق من السوفيت ليس جديدا أيضا، إذ إن صواريخها الباليستية المضادة للسفن هي في الواقع اختراع سوفيتي".
ونقل موقع "إي ريفرينسيا" عن الخبير البحري الصيني أندرو إريكسون، من معهد دراسات البحار الصيني، إشارته إلى تصريحات علنية أدلى بها أميرال صيني عام 2017 "تدعم فكرة أن هذه الغواصة الجديدة صُممت لدمج الطاقة النووية".
وأكمل: "كما انتشرت الأخبار المتعلقة بتوسيع المنشآت في حوض بناء السفن للغواصات النووية الوحيد المعروف لبناء الغواصات النووية في الصين، في هولوداو ببحر الصين الأصفر، لتشير إلى إمكانية تركيب أنظمة طاقة نووية في الغواصات التي يتم إنتاجها في ووتشانغ".
واتضح أن "فئة جديدة وأكبر من الغواصات، بُنيت بواسطة حوض لبناء السفن معروف ببناء غواصات تقليدية صينية متقدمة".
وحول أسباب الغرق، قال الموقع البرتغالي: "من المحتمل أن تكون هذه الغواصة الجديدة قد غرقت في المرفأ بسبب فيضان، إما نتيجة لفتحة لم يتم تنظيفها بشكل جيد، مما حال دون إغلاقها، أو بسبب عمل غير صحيح في حوض بناء السفن".
ولفت الانتباه إلى أن "البحرية الأميركية واجهت تجربة مشابهة في عام 1969 مع الغواصة (غيتارو)".
وتوقع الموقع أن تكون تلك الغواصة الغارقة نووية بالفعل، قائلا: "بالإضافة إلى ذلك، نظرا للاهتمام الصيني والخبرة السوفيتية مع الأنظمة المساعدة للطاقة النووية في الغواصات التقليدية، لا يمكن استبعاد إمكانية أن تكون هذه الفئة الجديدة من الغواصات تعمل بالطاقة النووية".
ودعا إلى "أخذ الحذر الضروري حتى يُقدَّم تقرير رسمي أكثر شمولية عن هذا الحادث".
كما قدم تفسيرا آخر لحجم هذه الفئة الجديدة من الغواصات، فقال: "ربما، كما يتكهن البعض، يُعزى الأمر لبناء نظام جديد لإطلاق الصواريخ العمودية من الغواصات".
ورأى أن "الدرس الأكبر من هذه القصة، هو إدراك التوسع المحتمل في قدرة الصين على إنتاج الغواصات النووية".
وبحسب الموقع، فإن هذه الغواصات "تتميز بمقاومة أطول تحت الماء، ومدى سرعة أكبر، وقدرة أكبر على تشغيل أجهزة استشعار متقدمة، مما يجعلها مفترسا بحريا من الدرجة الأولى".
واختتم: "تدرك الصين ذلك وتسعى لتوسيع أسطولها من الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية".