احتجاجات وغليان مستمر.. هل الوضع السوري ينذر بحرب جديدة واسعة النطاق؟

12

طباعة

مشاركة

حالة غليان في سوريا تنذر بأن البلاد بعيدة كل البعد عن السلام، في ظل ارتفاع حدة التوترات على المستوى الداخلي وتواصل الاحتجاجات.

ومر صيف 2023 في سوريا "حارا" بالنسبة للمشهد السياسي السوري، وبلغ ذروته أوائل أكتوبر/ تشرين الأول 2023 الذي تميز بتجدد عدم الاستقرار.

ومنذ أغسطس/آب 2023، امتدت الاحتجاجات على مدار الأسابيع إلى مناطق أخرى من السويداء إلى درعا، مهد ثورة 2011، مرورا بحلب وإدلب حيث خرج مئات السوريين إلى الشوارع ضد النظام.

تراكم الأزمات

وقال معهد "الدراسات السياسية الدولية" الإيطالي إن "الحرب في سوريا لم تنته بعد حتى لو بدا أن هذا البلد العربي قد اختفى من وسائل الإعلام ومن أجندات الحكومات الغربية". 

وأضاف "من ناحية، لا يبدو أن موجة الاحتجاجات في محافظة السويداء، جنوبي البلاد، ستنتهي على المدى القصير إلى المتوسط". 

واعتبر المعهد أن "6 أكتوبر 2023 كان فوضويا بشكل خاص وشكل في الوقت نفسه مثالا على تراكم الأزمات المحلية في سوريا".

والإشارة إلى هجوم شنته مسيّرة ضد أكاديمية عسكرية في حمص، حيث كان يجري حفل تخرج، ما أسفر في حصيلة رسمية عن سقوط 80 قتيلا و240 جريحا بينهم مدنيون وأطفال، فيما أكدت مصادر أخرى أن عدد الوفيات لا يقل عن مئة.

ورغم عدم الإعلان رسميا عن الجهة المسؤولية عن الغارة، ردت قوات النظام إلى جانب القوات الجوية الروسية بضربات مكثفة في مناطق ريفية مختلفة بين حلب وإدلب، آخر معاقل الثوار.

على جانب آخر، هددت الحكومة التركية، في 4 أكتوبر 2023، بشن ضربات جوية جديدة في سوريا والعراق بعد الهجوم الإرهابي على مقر وزارة الداخلية في أنقرة مطلع أكتوبر، والذي أعلن حزب العمال الكردستاني (بي كا كا) مسؤوليته عنه. 

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن "التحريات الأمنية والاستخبارية أظهرت أن منفذي الهجوم دخلا تركيا من الأراضي السورية وتلقيا تدريبات في الداخل التركي".

وأكد أن "كافة البنى التحتية والفوقية ومنشآت الطاقة التابعة لحزب العمال الكردستاني الإرهابي في سوريا والعراق باتت أهدافا مشروعة لقواتنا الأمنية والعسكرية والاستخبارية".

وبعد ذلك مباشرة، في الفترة ما بين 5 و6 أكتوبر 2023، شنت القوات التركية عشرات الغارات ضد التشكيلات التي يقودها الأكراد في العراق وسوريا.

وهذه التشكيلات جزء من قوات سوريا الديمقراطية، التي تسلحها وتدعمها الولايات المتحدة وتهيمن عليها وحدات حماية الشعب الكردية التي تصنفها أنقرة جماعات إرهابية. 

وقال المعهد الإيطالي إن "الوضع كان من الممكن أن يتدهور بعد أن أسقطت طائرة أميركية من طراز F-16 مسيرة تركية شاركت في الغارات، لأنها كانت تحلق في منطقة قريبة جدا من قاعدة أميركية في المنطقة". 

وأشار إلى أن "الحادثة تعد الأولى من نوعها على الإطلاق لتصادم عسكري لدولتين من دول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلا أن مكالمة هاتفية بين رئيس البنتاغون لويد أوستن ووزير الدفاع التركي يشار جولر، مكنت من وقف التصعيد".

وبالتالي، بحسب المعهد، "لن يكون لهذه الحادثة أي متابعة، إلا أنها تسمح بفهم اللعبة الأميركية الصعبة في المنطقة العالقة بين دعم قوات سوريا الديمقراطية والاستحالة الفعلية لحمايتها من حملات أنقرة إلا من خلال تواجدها في المنطقة".

صراع مرير

وأردف المعهد بأن الوضع في محافظة دير الزور شمال شرقي سوريا "مختلف ولكنه مهم بنفس القدر".

وأوضح أن "المحافظة السورية الشاسعة والغنية بالموارد، شكلت أرضا خصبة لصراع مرير على السلطة بعد انهيار تنظيم الدولة".

وساهمت قوات سوريا الديمقراطية "بشكل كبير في الإطاحة بتنظيم الدولة، لكنها اليوم تعيش أزمة غير مسبوقة"، وفق وصف المعهد الإيطالي. 

وخلافا للمناطق الأكثر تحضرا في الساحل الغربي، يرتبط السكان العرب في هذه المنطقة بنسيج اجتماعي مرتبط بشكل وثيق بالمكون القبلي.

وذكر المعهد أن "العديد من العشائر المحلية شاركت بنشاط في القتال ضد تنظيم الدولة، ودعمت قوات قسد في حربها، لكن بمجرد سقوط العدو المشترك، عادت الاحتكاكات مجددا".

ولفت إلى أن "القبائل العربية بدأت تدريجيا في التعبير عن سخطها من عبء الاقتصاد المحلي المتعثر والنهج الخشن الذي تتبعه أجهزة الأمن المحلية بقيادة قسد".

واستطرد المعهد: "رغم أن المنطقة غنية بالنفط والغاز، إلا أن الفساد والحظر المفروض على استخراج النفط، أدى في الواقع إلى إغلاق المستشفيات والبنية التحتية المدنية".

وتابع: "كما أجبر الارتفاع الكبير في أسعار السلع الأساسية آلاف الأشخاص على مغادرة المنطقة إما للخارج أو إلى محافظة الحسكة القريبة". 

وبشكل عام، بدأ يظهر نوع من الاستياء تجاه قيادة يُنظر إليها على أنها جسم غريب خاصة في منطقة ذات أغلبية عربية ديمغرافيا، يؤكد المعهد الإيطالي.

وانفجر الوضع السوري في أغسطس/آب 2023، فيما تعمل الولايات المتحدة لـ"تجنب حرب واسعة النطاق".

وانتشرت الحركات الاحتجاجية مجددا بعدة مناطق في الوقت الذي يحاول فيه نظام الأسد استعادة مكانته على الساحة الدولية.

وأكد المعهد على "أهمية انفجار السخط واندلاع الاحتجاجات ضد الظروف المعيشية في محافظة السويداء الجنوبية معقل الأقلية الدرزية، والتي تتركز بشكل رئيسي في جنوب سوريا".

وقال إن "رد النظام بزيادة الرواتب والمعاشات التقاعدية للموظفين العموميين لم يكن كافيا، لتهدئة الساحات التي ظلت ممتلئة بالمتظاهرين وأعلام الطائفة الدرزية والشعارات المطالبة بسقوط النظام الحاكم".

واعتبر المعهد رفع بعض المتظاهرين الأعلام الأوكرانية "علامة واضحة على الاحتجاج والسخرية من روسيا، الداعم الرئيسي مع إيران لنظام دمشق".