صحيفة إسبانية: سيأتي يوم لا يطالب فيه المغرب بسبتة ومليلية فقط بل بالأندلس أيضا
"إذا استمرت الحكومة الإسبانية في سياستها الحالية إزاء المغرب، فسوف يأتي يوم لا تطالب فيه الرباط بسبتة ومليلية فحسب، بل بالأندلس أيضا".
هكذا تنقل صحيفة الإندبندينتي الإسبانية عن الضابط المغربي المنشق عبد الإله عيسو، الذي عمل أكثر من عقد في صفوف الجيش المغربي في إقليم الصحراء، وانتهى به الأمر بالفرار إلى إسبانيا.
وفي كتابه الذي نشره باللغة الفرنسية بعنوان "مذكرات جندي مغربي: الوجه الخفي للمملكة الساحرة"، يروي عيسو بالتفصيل فساد الجنرالات المغاربة، وتواطؤهم مع تجار المخدرات وتجار البشر وغيرها من المسائل الأخرى.
وفي حواره مع صحيفة الإندبندينتي، قال عيسو: "سافرت منذ بضعة أشهر إلى الجزائر. لقد تلقيت كل أنواع التهديدات. وصل بهم الأمر إلى درجة القول إن مصيري سيكون أكثر بشاعة من مصير جمال خاشقجي".
وأوردت الصحيفة أن عيسو يعد مراقبا مميزا للبلد المغاربي الذي عانى منذ أسابيع من زلزال خلّف ما يقارب حوالي ثلاثة آلاف قتيل وأظهر مرة أخرى بشكل صارخ الهاوية التي تفصل بين المناطق الحضرية والأخرى الريفية، حيث لا يزال التعليم ومياه الشرب والرعاية الصحية من الكماليات.
مساعدة إسرائيل
ويقول عيسو: "لم يبق فرد واحد في المغرب قادرا على تحدي سلطة الملك والنظام. لا توجد معارضة، وحتى الجيش أصبح عاجزا عن قيادة انقلاب".
كما يدعي أنه تعرض لعدة محاولات قتل على الأراضي الإسبانية. وفي سنة 2010، نجا من محاولة اختطاف في مدريد. ويضيف: "قبل عام تمكنت من الهروب من محاولة دهس بسيارة. يملك المغرب جيشا من الجواسيس في إسبانيا".
وفي كتابه، يروي المحلل العسكري سنوات خدمته في الجيش المغربي، ويستنكر الفساد ونقص الاستعداد وغياب الروح المعنوية في المؤسسة العسكرية.
وتعليقا على ذلك، قال الكاتب: "لقد تغير الجيش المغربي من حيث الأسلحة والموارد. لكن، لا تكمن مشكلته في المعدات، وخاصة منذ محاولات انقلاب سنتي 1971 و1972. لقد سلبوا العسكريين كرامتهم. هناك مشكلة معنوية خطيرة. يفتقر الجيش للروح المعنوية، ولا يملك رغبة في خوض معارك".
"لقد ظلوا في المؤسسة العسكرية للحصول على الرواتب، والعيش وتغطية نفقات عائلاتهم، لا غير. عندما كانت في الصحراء مواجهات كبيرة مع جبهة البوليساريو، رمى الجنود المغاربة أسلحتهم وفروا. أما أول من يفرّ في هذه الحالات، فهم الضباط".
ويواصل المحلل العسكري: "في الوقت الراهن، لا توجد معارك أو احتكاك مثلما كان في السابق. إنه سباق استنزاف. في الماضي، كان البوليساريو يسيطر على الفضاء الجوي دون طائرات، وبفضل نظام مضاد للطائرات أسقط العديد من المقاتلات المغربية. والآن، ترجحت كفة الميزان لصالح المغرب نظرا لامتلاكه طائرات دون طيار".
وفي سؤال الصحيفة عن عامل تحالف الرباط مع إسرائيل ودوره في تغيير المعادلة من حيث الموارد العسكرية، أشار عيسو إلى أن "ما يفعله المغرب هو مساعدة الاقتصاد الإسرائيلي".
وأضاف: "لأن الأسلحة التي يتم شراؤها من إسرائيل ليست مجانية. زيادة عن ذلك، تبيع إسرائيل أسلحة للمغرب بأسعار باهظة. إنها ثروة طائلة. يملك المغرب ديونا خارجية ضخمة ويستمر في شراء الأسلحة. في المقابل، تملك الجزائر فائضا".
تعاون قديم
وأشارت الصحيفة إلى أن تعاون المغرب مع إسرائيل ليس جديدا. وتعليقا على ذلك، أوضح عيسو أن "هذه الحقيقة متعارف عليها داخل الجيش، وليس لدى المغربيين العاديين. يعود تاريخ هذه المساعدة إلى فترة حرب الصحراء، عندما لم يكن أمام الحسن الثاني خيار سوى طلب المساعدة من إسرائيل.
ونظرا للصداقة الوطيدة التي تجمعه بإسرائيل، أرسلوا له بعض المستشارين العسكريين، الذين اقترحوا بناء جدار مثل ذلك الذي أقاموه في فلسطين. وهذا هو ما أنقذ المغرب في الصحراء لأن البوليساريو جعل الأمر عسيرا أمام المغرب".
وأورد المحلل أنه لا يعتقد أن "أسلحة إسرائيل قادرة على سد الفجوة بين الجزائر والمغرب من حيث الموارد العسكرية. وحتى مع هذه الأسلحة، فإن الفارق لا يزال كبيرا جدا، وخاصة على مستوى الروح المعنوية للجيش".
وتابع: يعيش الجيش الجزائري حياة أفضل حتى من الجيش الإسباني. لقد اعتنت بهم الدولة جيدا. في الجزائر، يحكم الجيش، وتعد المؤسسة العسكرية مزودة بكل شيء وبشكل جيد".
ونوه المحلل العسكري إلى أن "المغرب يتجه نحو الفوضى، حيث أصبح بلدا بلا ملك. وليس من المعروف من يحكم البلاد".
وأضاف: "البعض يقول إن (السياسي اليهودي المغربي) أندريه أزولاي هو الذي يقود زمام الأمور (...) ويقول آخرون إنها الأوليغارشية المالية. أو ربما جميعهم في نفس الوقت. لا يهتم الملك بأي شي، يسعى فقط وراء سعادته الشخصية (...)".
سياسة ضعيفة
وحول مدى إظهار إسبانيا صورة الضعف تجاه جارتها، قال عيسو إنه "إذا استمرت إسبانيا في التصرف كما فعلت حتى الآن، فسوف يأتي يوم لا يطالب فيه المغرب بسبتة ومليلية فحسب، بل بالأندلس أيضا".
وأضاف: "سيقولون إن الأندلس كانت ملكنا حتى سنة 1492. وإذا استمرت إسبانيا في التراجع، فسوف يستمر المغرب في الضغط، وهذا أمر طبيعي".
وتابع: وقد أرسل المغرب العديد من الرسائل، من وضع العلم الإسباني رأسا على عقب خلال مأدبة سانشيز مع محمد السادس، إلى إدراج سبتة ومليلية على الخريطة على الموقع الإلكتروني للسفارة المغربية في مدريد".
ونقلت الصحيفة عن عيسو أن "المخابرات المغربية تملك جيشا من الجواسيس في إسبانيا. ومن المثير للدهشة أن هناك أشخاصا من أصل مغربي، يحملون جنسية مزدوجة، ينشطون في الأحزاب السياسية في المغرب وفي نفس الوقت في الأحزاب السياسية الإسبانية".
"وهم أشخاص لهم وزنهم. وبطبيعة الحال، يدينون بولائهم للمغرب. إنهم يتجسسون لصالح المغرب، إلا أن المركز الوطني للاستخبارات الإسبانية لا يفعل شيئا أمام هذا الوضع"، يؤكد عيسو.