"عار رسمي عربي جديد".. موجة غضب عارمة عقب لقاء وزيرة خارجية ليبيا بنظيرها الإسرائيلي

12

طباعة

مشاركة

موجة غضب ليبية فلسطينية عربية أثارها إعلان وزارة خارجية الاحتلال الإسرائيلي عن "اجتماع سري" عقد وزيرها إيلي كوهين مع نظيرته الليبية نجلاء المنقوش في العاصمة الإيطالية روما، رغم عدم وجود علاقات رسمية بين الطرفين.

وبحسب المعلن من جانب الاحتلال في 27 أغسطس/آب 2023، فإن "الاجتماع عقد الأسبوع الماضي" بوساطة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، وهو الأول من نوعه على الإطلاق بين وزيري خارجية الطرفين.

ونقلت خارجية الاحتلال عن كوهين قوله: "تحدثت مع المنقوش عن الإمكانات الكبيرة للعلاقات بين البلدين، فضلا عن أهمية الحفاظ على تراث اليهود الليبيين بما يشمل تجديد المعابد والمقابر اليهودية في البلاد"، مضيفا أن "اللقاء خطوة أولى في العلاقة بين إسرائيل وليبيا".

وعلى وقع الخبر، خرجت احتجاجات واسعة في ليبيا، وأضرم محتجون النيران أمام مبنى رئاسة مجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية في العاصمة طرابلس، تنديدا بلقاء المنقوش مع كوهين.

ورددوا هتافات داعمة للقضية الفلسطينية، ورافضة لأي تواصل ليبي مع الحكومة الإسرائيلية، كما اقتحم متظاهرون في طرابلس مقر وزارة الخارجية دون احتكاك مع الأجهزة الأمنية، وطالبوا بإقالة الوزيرة ومحاسبتها.

بدوره، أوقف رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، وزيرة الخارجية عن العمل "احتياطيا" وأحالها للتحقيق على خلفية اللقاء، وهو ما لم يلق قبولا لدى الناشطين على موقع التواصل الاجتماعي إكس "تويتر سابقا" إذ أكدوا أن الاجتماع "تم بعلم الحكومة".

وطالبوا عبر تغريدات على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسم #نجلاء_المنقوش، بمحاسبة وزيرة الخارجية وإقالة الحكومة كاملة، واتهموها بالسعي للحصول على "الرضا الأميركي" في أعقاب رئاسة جو بايدن بالتودد إلى إسرائيل لضمان البقاء في السلطة.

وأعلن ناشطون رفضهم كافة مساعي التطبيع الليبي مع إسرائيل وذكروا بجرائم الكيان بحق الفلسطينيين وجددوا دعمهم للقضية الفلسطينية، موجهين التحية للشعب الليبي المناهض للتطبيع الذي انتفض استنكارا وإدانة للقاء المنقوش بكوهين.

تأديب المنقوش

وتفاعلا مع الأحداث، قال أستاذ الشؤون الدولية بجامعة قطر، محمد المختار الشنقيطي، إن "المنقوش تستحق أن تُعتقَل، ويُنقَش على جبينها شعار الثورة الليبية المجيدة، دم الشهداء ما يمشي هباء"، لأنها أساءت لذكرى الشهداء بهذا اللقاء الآثم مع وزير خارجية الكيان الزائل".

 

 

وكتب مختار الجديد: "لست مصدقا بعد أن المنقوش اجتمعت مع وزير خارجية الكيان الصهيوني.. إذا صح الخبر لا داعي للتظاهر ولا للتنديد، فقط يطبق عليها القانون وتحاكم وتسجن، صحيح أننا الآن عاجزون عن تحرير القدس، لكن هذا لا يعني أننا يمكن أن نبيعها أو نساوم عليها".

ورأى رامي محمد، أن "هذا الباب مادام فتح، لن يغلق إلا باغتيال المنقوش، لتكون عبرة لما يأتي بعدها".

غضب ليبي

وأعرب ناشطون ليبيون وخبراء عرب عن رفضهم القاطع واستنكارهم للقاء الذي جمع وزيرة الخارجية مع نظيرها الإسرائيلي في روما، واتهموا السلطة الليبية بشراء "الرضا الأميركي بود إسرائيل" ومساع التطبيع مع الكيان المحتل لضمان بقائهم في الحكم، وخلصوا إلى أن التطبيع مقابل التمديد.

وأكدت ابنة وزير الخارجية الليبي الأسبق، فدوى صالح بويصير، أن "المنقوش ورموز السلطة لا يهمهم ليبيا والليبيين، والمهم هو البقاء في المنصب"، مستنكرة لقاء وزيرة خارجية ليبيا مع نظيرها الإسرائيلي "بينما الطرفين بينهم ملفات مازالت مفتوحة".

وأضافت: "ليبيا أصلا منقسمة وليست دولة واحدة وفى برقة (الشرق) وزير خارجية فهى تقيم علاقة وتعاون وهي وزيرة دولة منقسمة.. قرارات ليس لها علاقة بليبيا ولا بالشعب الليبى فقط لكسب أميركا والبقاء في مناصبهم".

وأكدت الأكاديمية الليبية، إيمان بوقعيقيص، أن "الشغف بالسلطة والمال والأضواء هي المحرك الحقيقي للقيم والمبادئ"، واصفة اليوم الذي أعلن فيه عن اللقاء الذي جمع وزيري خارجية ليبيا والاحتلال بأنه "من أسوأ الأيام التي مرّت على بلادي ليبيا".

وتساءلت: "هل سألتموهم على مخيم جنين؟ على الشهداء وأمهاتهم؟ على اغتصابهم لأرض فلسطيننا وما فوقها أم توسلتم إليهم ليُقنعوا أميركا ببقائكم في السلطة؟ هل من حقكم كسلطة منتهية الصلاحية خيانتنا؟".

 

ورأى الباحث في الشأن الإسرائيلي وتقاطعاته، صالح النعامي، أن "الكشف عن لقاء وزيرة خارجية ليبيا بوزير الخارجية الصهيوني في روما الأسبوع الماضي يشي باستفحال العقم"، متوقعا أن "ما حصل عليه عسكر السودان سيحصل عليه جماعة طرابلس".

وأشار إلى أن "الطرفين ناقشا حسب بيان الخارجية الإسرائيلية تقديم إسرائيل مساعدات إنسانية لليبيا"، متسائلا: "هل ليبيا، ذات الموارد الاقتصادية الهائلة تحتاج إلى مساعدات إنسانية من إسرائيل؟ أم أن جماعة طرابلس في تنافس مع حفتر على قلب أميركا؟".

وأوضح النعامي، أن "المشكلة أن الطريق إلى أميركا لم يعد يمر بإسرائيل، فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو غير قادر على ترتيب لقاء مع بايدن"، قائلا: "على كل لا توجد وجبات مجانية لدى الصهاينة، حيث أن الوزير الإسرائيلي أكد أنه ناقش مع الوزيرة الليبية سبل الحفاظ على إرث اليهود في ليبيا وترميم الكنس والمقابر اليهودية هناك".

وقال أستاذ العلوم السياسية الكويتي، عبدالله الشايجي، إن "حكومة الدبيبة وحدت الليبيين برغم انقسامهم بعد فضح وزير خارجية الاحتلال اجتماعا سريا مع وزيرة خارجية ليبيا في روما"، لافتا إلى "حرق الليبين صورتها وعلم إسرائيل".

وأضاف أن "المأزومة -إسرائيل- تستميت لتوسيع رقعة التطبيع بمباركة إدارة بايدن"، مستطردا: "لا يزال بعض العرب يؤمنون بأن رضاء أميركا يضمن بقاءهم في السلطة".

وكتب الصيدلي الليبي محمود بومطاري: "دائما أي شخص يريد التودد إلى أميركا يذهب إلى كلبها المدلل (الكيان الصهيوني) واضح أن حكومة الدبيبة أصبحت في سكرات الموت الأخيرة، ما دفعها للنزول لهذا الحضيض، ستصبح حكومة الدبيبة وبالتحديد المنقوش في مواجهة مباشرة مع الشعب، فالقضية الفلسطينية خط أحمر وليس للمساومات".

ونقل الصحفي عمرو فتح الله، عن أهالي وشباب بلدية تاجوراء، قولهم إن "حكومة الدبيبة أهانت الشعب الليبي بهذا الفعل الخبيث، ونطالب بإسقاط هذه الحكومة حالا، وتقديم المدعوة المنقوش استقالتها".

مسؤولية الحكومة

وأكد ناشطون أن تصرف ووزيرة الخارجية الليبية ليس فرديا وإنما نهج جناح داخل اللوبي المتنفذ في قرارات الحكومة، وقد يكون بأوامر وتوجيهات من رأسها المتمثل في الدبيبة نفسه.

وخاطب أبو مالك الصغير، حكومة الدبيبة وأصحاب القرار السياسي في ليبيا قائلا: "ما فعلته المنقوش تم بعلمكم وبموافقتكم ولا داعي للإنكار".

إدانات عربية

وأعرب ناشطون عرب عن رفضهم وإدانتهم للقاء المنقوش مع نظيرها الإسرائيلي، مشيدين بموقف الشعب الليبي الرافض للتطبيع والذي أعلن رفضه للقاء بالخروج والاحتجاج في الشوارع والميادين.

وعّد الصحفي والإعلامي التونسي، سمير الوافي، اللقاء التطبيعي المفاجئ "زلزالا" في منطقة شمال إفريقيا التي لم تبق صامدة فيها أمام المد التطبيعي سوى الجزائر وتونس، وسط تطبيع مصري ومغربي وليبي.

وقال الصحفي المصري وائل قنديل: "إذا لم تجد ما يصيبك بالقرف اليوم إليك هذا الخبر: نجلاء المنقوش تلتقي وزير الخارجية الصهيوني"، موضحا أن "هذا اللقاء هو الأول في التاريخ لمسؤول ليبي مع الاحتلال".ورصدت الصحفية اللبنانية، فاطمة فتوني، الرفض الليبي للتطبيع مع الاحتلال، ونشرت مقطع فيديو يوثق هتافات الليبين: "لا لا للتطبيع.. الشعب الليبي مش حيبيع"، موجهة تحية من القلب إلى الشعب في ليبيا.

ورأى فهد المالكي، أن وزيرة خارجية ليبيا "أضاعت مستقبلها بزيارة الصهيوني في إيطاليا، وتقول أن الزيارة خاصة"، مؤكدا أن الشعب الليبي "حر لا يقبل التطبيع".

 

استنكار فلسطيني

وهاجم ناشطون فلسطينيون وزيرة الخارجية الليبية، مستنكرين ما أعلنته تل أبيب عن اجتماع إسرائيلي ليبي في إيطاليا.

وصنف الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، ياسر الزعاترة، لقاء وزير خارجية "الكيان" مع نظيرته الليبية بأنه "عار رسمي عربي جديد"، مستنكرا أن "كالعادة الكيان هو من يعلن".

وأشار إلى أن بيان كوهين تحدث عن أهمية العلاقات، وعن "أهمية الحفاظ على تراث اليهود الليبيين، بما يشمل تجديد المعابد والمقابر اليهودية في ليبيا"، قائلا: "إنه زمن حفتر، لأنه رأس المصيبة، ومن فتح باب الودّ مع الكيان، ولو تحكّم لرأينا عجبا".

 

 
قال الناشط الإنساني، أدهم أبو سلمية، إن "لقاء وزيرة خارجية ليبيا يمثل سقوطا أخلاقيا وسياسيا واستهانة في الدم الليبي الشقيق، وخذلان لدماء الشهداء الزكية التي لطالما رفعت راية الانتصار للحق من زمن عمر المختار وصولا  لشهداء الثورة"، معربا عن أسفه على أن "ليبيا في طريقها لمستنقع التطبيع".

وتساءل في تغريدة أخرى: "إذا كانت الحكومة الليبية جادة في رفض التطبيع مع الصهاينة ومنسجمة مع الإرادة الشعبية التي نراها الآن، فلماذا تستمر في اعتقال عدد من الفلسطينيين في سجن طرابلس منذ العام 2016؟!!! والتهمة: دعم وتوفير السلاح للمقاومة الفلسطينية.. لمصلحة من يستمر اعتقالهم؟!".

 

لكاتب الفلسطيني، يحيى بشير، إلى أن "المنقوش لم تكتفِ بطعن تاريخ وتضحيات الشعب الليبي الأصيل ضد الاستعمار الإيطالي هذا أولا، بل وتمادت لتمُد يد السلام نحو احتلال جديد بصيغة وهوية ممسوخة تسمى إسرائيل".

وقال: "لا أعلم ما الذي يدفعها وغيرها للتطبيع، لكن المؤكد أن أولئك لم يسمعوا يوما بالشرف".