زيارة وزير خارجية إيران.. هل تنجح في إبعاد السعودية عن إسرائيل؟
في سياق عملية التقارب التي بدأت بين طهران والرياض منذ ما يقرب من 6 شهور، بوساطة صينية، أجرى وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، زيارة إلى السعودية، في 17 أغسطس/آب 2023.
وخلال الزيارة، أكد عبداللهيان على أهمية الوحدة والتعاون والحوار، مشددا على أن علاقات بلاده مع السعودية "تتخذ مسارا صحيحا".
وأشار الوزير الإيراني إلى أن اللقاء الذي عقد في مقر وزارة الخارجية السعودية "سيكون تمهيدا للقاء قادة البلدين"، دون تحديد موعد لزيارة الرئيس إبراهيم رئيسي للرياض بدعوة من العاهل سلمان بن عبد العزيز.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، قد أعلن أن عاهل السعودية دعا رئيسي لزيارة الرياض.
خطة واسعة
وحتى تتم هذه الزيارة التي يمكن أن تكون خلال الأشهر القليلة المقبلة، ترى صحيفة "روزكار" الإيرانية أنه من الضروري ذكر بعض النقاط حول مستوى التفاعلات بين إيران والسعودية.
أول هذه النقاط، أنه في الآونة الأخيرة، سافر العديد من المسؤولين الأميركيين إلى السعودية، ومن الأمثلة الواضحة على ذلك رحلة مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، والتي أرجعها معظم المحللين إلى خطة تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.
بالإضافة إلى ذلك، انتشرت أخبار كثيرة عن اقتراب الرياض وتل أبيب من عقد اتفاق، كان من أهمها موقف وزير خارجية إسرائيل، إيلي كوهين، الذي أعلن أنه يقترب من تطبيع العلاقات مع السعودية أكثر من أي وقت مضى.
وتظهر هذه القضايا أن أميركا وإسرائيل لديهما خطة واسعة لعملية تطبيع العلاقات، وأنهما استنفدا كل ما لديهما من قوة في هذا السبيل، وفق "روزكار".
لذلك، لابد من اعتماد دبلوماسية فاعلة في هذه المرحلة، من أجل زيادة مستوى التفاعل مع السعودية وإبعادها عن إسرائيل.
ويمكن أن تسرع زيارة وزير الخارجية الإيراني للرياض من عملية تحييد مخططات الولايات المتحدة وإسرائيل.
ثانيا، وفق الصحيفة، نهج إيران في المنطقة هو التفاعل مع جيرانها و"تقليل مستوى التوتر مع دول المنطقة".
وفي هذا السياق، يكتسب التعاون مع الدول العربية في الخليج، وخاصة السعودية، أهمية كبيرة.
ووفقا لحالة التفاعلات الإقليمية، يجب إدراج هذا النهج في جدول أعمال إيران قدر الإمكان.
ثالثا، تحتل السعودية "مكانة مهمة بين دول العالم الإسلامي، وهناك قدرات وإمكانيات عالية في هذا البلد، ويمكن استخدام هذه القدرات والإمكانيات لحل الأزمات الإقليمية إذا أصبحت العملية التفاعلية مع هذا البلد أكثر شمولا".
من ناحية أخرى، تسعى بعض الجهات الفاعلة مثل أميركا وإسرائيل إلى "زيادة مستوى التوتر في المنطقة قدر الإمكان، حتى لا يكون هناك أي احتمال لزيادة التفاعل بين دول المنطقة، ويستخدمون هذه القضية لتحقيق أهدافهم"، بحسب الصحيفة الإيرانية.
وتابعت: "اليوم، هناك العديد من القضايا التي يمكن حلها في المنطقة بزيادة التفاعلات السياسية بين إيران والسعودية، والواقع أن دور طهران والرياض في حل هذه القضايا هو التسهيل".
رابعا، اقترح الكثيرون زيارة وزير خارجية إيران للسعودية، تماشيا مع التطورات الأخيرة، لا سيما المفاوضات السياسية بين طهران وواشنطن، وتبادل الأسرى بين البلدين، والتي تدخلت فيها قطر بالوساطة، ولكن قصر الزيارة على التشاور فقط "هو تحليل خاطئ".
خامسا، تسعى السعودية إلى الحفاظ على تفاعلها مع جيرانها من أجل أداء دورها الإقليمي، وحل بعض الأزمات، ومنع حدوث توترات إقليمية جديدة.
تخفيف التوتر
وأهم مشروع تركز عليه المملكة بشكل خاص هو خطة تطوير مدينة "نيوم"، والتي توفر بالفعل الظروف لدخول دول مختلفة مثل الصين.
أضف إلى ذلك أن السعودية بدأت في اكتساب الاعتراف بها كوسيط في العالم، والمثال على ذلك هو اجتماع مدينة جدة في 5 أغسطس 2023، الذي عقد حول الحرب الروسية الأوكرانية، والذي لم يسفر عن نتيجة محددة.
وبهذه الاتجاهات والأحداث، تبحث السعودية عن وضع مستقر في المنطقة وخال من التوتر مع دول الجوار.
وفي هذا الصدد، قالت الصحيفة إن "إيران تتمتع بمكانة مهمة، وتتطلع السعودية لتحسين مستوى علاقاتها معها".
ورأت أن "التقييم النهائي لزيادة التفاعلات بين إيران والسعودية، هو أن هذه التفاعلات لها مزايا عديدة، للمنطقة وللعالم الإسلامي، ومن أهمها تحييد مخططات التآمر الإقليمية التي تمارسها الولايات المتحدة وإسرائيل".
وذكرت أن "الأميركيين يسعون إلى إقامة علاقات علنية بين السعودية وإسرائيل من أجل دفع خططهم إلى الأمام، وأيضا لإزالة التحديات التي تواجه هذا النظام، وقد ازدادت هذه التحركات بشكل كبير في الآونة الأخيرة.
ولفتت إلى أنه "في هذا الصدد، يجب استخدام جميع القدرات المتاحة لزيادة التفاعل السياسي مع الجيران، وخاصة السعودية، من أجل التغلب على مؤامرات الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة".
فيما كتبت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية، في تحليلها لزيارة وزير الخارجية الإيراني، فقالت إن هذه هي الزيارة الأولى لكبير الدبلوماسيين الإيرانيين إلى الرياض في السنوات الماضية، وبعد الاتفاق بين البلدين على التهدئة بوساطة الصين.
وأضافت الوكالة أن رحلة الوزير الإيراني إلى الرياض تتم بينما يحاول السعوديون والإيرانيون تخفيف حدة التوتر بين بلديهما اللذين يعد كل منهما المنافس الرئيس للآخر في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات، لا سيما مع تقدم البرنامج النووي الإيراني، والحرب التي تقودها السعودية في اليمن، والأمن عبر الممرات المائية في المنطقة.
علاقات متوترة
وختمت صحيفة "روزكار" تقريرها عن زيارة وزير الخارجية الإيراني للرياض بسرد التطورات التي طرأت على العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة، فقالت إن زيارته هذه جاءت بعد أن تبادل البلدان السفراء، ورافقه في رحلته إلى السعودية سفير طهران الجديد لدى المملكة، وهو علي رضا عنايتي.
وكان آخر مسؤول إيراني كبير زار المملكة هو وزير الخارجية السابق، محمد جواد ظريف، عام 2015، لتقديم العزاء في وفاة الملك عبدالله بن عبد العزيز.
ثم قطعت العلاقات بين البلدين عام 2016، بعد أن هاجم محتجون إيرانيون المقرات الدبلوماسية السعودية في إيران، احتجاجا على إعدام رجل الدين الشيعي البارز، نمر النمر، مع 46 شخصا آخرين.
وبعد هذه التطورات، بدأ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مسيرة الوصول إلى السلطة، وهدد بمهاجمة إيران، وقارن المسؤولين فيها بالزعيم الألماني النازي، أدولف هتلر.
وفي خضم هذه التوترات، انسحبت الولايات المتحدة من جانب واحد من الاتفاق النووي الإيراني مع القوى العالمية.
واتهمت بعد ذلك إيران بارتكاب سلسلة من الهجمات، بما في ذلك الهجوم على قلب صناعة النفط في السعودية عام 2019، وهو الهجوم الذي أدى إلى خفض إنتاج النفط الخام السعودي إلى النصف بشكل مؤقت.
وقالت الصحيفة إن "الدين يلعب أيضا دورا رئيسا في التوترات بين إيران والسعودية، التي تعد نفسها زعيمة العالم الإسلامي السني، لوجود الكعبة فيها".
وعلى الجانب الآخر، تعد الحكومة الإيرانية نفسها "حامية الإسلام الشيعي".
ومع ذلك، وبعد وباء فيروس كورونا وانسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، أعادت الدول العربية في منطقة الخليج، بما في ذلك السعودية، تقييم كيفية إدارة العلاقات مع إيران.
وفي مارس/ آذار 2023، توصلت السعودية وإيران إلى اتفاق توسطت فيه الصين لاستعادة العلاقات الدبلوماسية.