مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية.. لماذا يعرض الإيرانيون عن المشاركة؟ 

12

طباعة

مشاركة

مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية الإيرانية، بدأ المرشحون تسجيل أسمائهم لخوض السباق الانتخابي مطلع مارس/آذار 2024 والذي سينتهي باختيار أعضاء البرلمان.

ويُعد تسجيل أسماء المرشحين خطوة أولية في إجراءات الاستحقاق الانتخابي التي ستستغرق عدة أشهر، يتعين عليهم بعدها أن يحصلوا على موافقة مجلس صيانة الدستور، الذي يملك الحق في استبعاد أي مرشح، وفق ما يُسمى بـ"رد الصلاحية".

وتأتي هذه الانتخابات بعد شهور من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، والتي اندلعت بسبب وفاة الفتاة مهسا أميني في سبتمبر /أيلول 2022، بعد توقيفها في مركز احتجاز، لانتهاكها قواعد اللباس والحجاب.

وتصاعدت بعدها الاحتجاجات التي وصلت إلى حد الدعوة للإطاحة بالنظام الحاكم.

الشعب غاضب

وقال موقع "إصلاحات نيوز" الإيراني، إن "ثمَّة شكوكا حول حجم المشاركة في الانتخابات المقبلة، على المستوى الشعبي، وعلى مستوى التيارات السياسية أيضا، وعلى رأسها التيار الإصلاحي".

وكانت نتائج الاستطلاعات التي أجريت على عينة من المواطنين في طهران قد أظهرت أن 58 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع لا يعرفون شيئا عن الانتخابات أصلا، وأن 35 بالمئة قد حسموا أمرهم بعدم المشاركة فيها.

كما أن هناك تكهنات بأن التيار الإصلاحي لن يكون له حضور كبير في هذه الانتخابات بسبب ما يحيط بها من قيود، أهمها التوسع في رد صلاحية المرشحين من جانب النظام الحاكم، لمنعهم من المشاركة في الانتخابات، ولضمان تفوق التيار المحافظ المتشدد.

وللاطلاع على رؤية التيار الإصلاحي لهذه الانتخابات، حاور موقع "إصلاحات نيوز"، المتحدث باسم جبهة الإصلاح، جواد إمام، والذي تحدث عن العوائق التي تحول دون المشاركة الشعبية الكثيفة، وتمنع التيار الإصلاحي من ممارسة حقه في التنافس على مقاعد البرلمان.

وافتتح إمام حديثه بالإشارة إلى المشاركة الشعبية، فأشار إلى أن "الشعب غاضب في الوقت الراهن من صناديق الاقتراع، وهو ما ظهر في الانتخابات الأخيرة عام 2020، التي شهدت تراجعا كبيرا في أعداد المقترعين، ومن المنتظر أن يتكرر ذلك بسبب أداء البرلمان والحكومة الحاليين".

وكانت الانتخابات البرلمانية لعام 2020، وانتخابات الرئاسة عام 2021، قد شهدت انخفاضا قياسيا في مشاركة الناخبين، والتي بلغت 42.5 بالمئة و48.8 بالمئة على التوالي، وانتهت الانتخابات في المرتين بسيطرة المعسكر المحافظ على جميع مفاصل السلطة.

وأكد إمام أن "تغيير هذا الوضع يقع على كاهل الحكومة، التي يجب أن تستعيد ثقة المواطنين فيها، وإذا لم يحدث ذلك فستظل المشاركة الكثيفة مجرد حلم بعيد المنال".

واستطرد: "لن تعود هذه الثقة إلا إذا شعر الناس بأن هناك حرية في الترشيح، وأن أصواتهم ستؤدي إلى وصول الأشخاص الذين يريدونهم إلى البرلمان".

ثم انتقل إمام إلى التعديلات التي أجريت على قانون الانتخابات، لتسمح بمزيد من التحكم في العملية الانتخابية، فأكد على أنها "تغلق مجال المشاركة في وجه التيارات السياسية".

وفسر ذلك بأن قانون الانتخابات "يوسع من دائرة الرقابة على الانتخابات، بداية من تسجيل الأسماء وحتى التصويت".

وأوضح إمام أن "صلاحيات الجهات الأمنية زادت، بالإضافة إلى سلطات مجلس صيانة الدستور، الذي يملك صلاحية منع الأشخاص من الترشح للانتخابات".

ويرفض الإصلاحيون التعديلات التي أجريت على قانون الانتخابات، ويرون أن القانون يسعى إلى تعزيز "الإجراءات الخاطئة"، من قبيل منح مجلس صيانة الدستور المكلف بتحديد أهلية المرشحين مزيدا من الصلاحيات، لمنع المرشحين غير المحافظين من دخول سباق الانتخابات.

خيبة أمل

وحول التيار الذي يقف وراء إقصاء التيار الإصلاحي، ويُبعد المواطنين عن صناديق الاقتراع، ويخلق حالة من خيبة الأمل، قال إمام إن "هذا التيار هو جبهة الصمود".

وجبهة الصمود، هي الجبهة المتطرفة التي تمثل التيار الأصولي المتشدد في إيران، والمقربة من المرشد الأعلى للثورة، علي خامنئي.

وأضاف إمام أن "هذا التيار يتحرك وفق أيديولوجية مصباح يزدي، وهو زعيمه الروحي".

واتهم المتحدث باسم جبهة الإصلاح، هذا التيار بأنه "لا يثمن تصويت الناس، وينظر دائما إلى تصويتهم على أنه مجرد نوع من الزينة".

وشدد على أن "أصوات الشعب اليوم لا تؤخذ في الحسبان، ليس هذا فحسب، بل لا يتم رؤية الشعب على الإطلاق".

وحذر من أن "هناك أمرا كارثيا، وهو عدم الشعور بالحاجة إلى حضور الناس ومشاركتهم".

واتهم إمام من يقفون وراء هذه الممارسات بأنهم يسعون إلى تهيئة الظروف من أجل أقلية صغيرة تحكم غالبية المجتمع، وهو ما يتعارض مع المصالح الوطنية ورضا الناس، ويلحق بالبلاد ضررا لا يمكن إصلاحه.

ثم انتقل بعد ذلك إلى تبعات الوضع الحالي، على افتراض استمرار الظروف الحالية وعدم تغيرها، فقال إن "عواقب إجراء هذا النوع من الانتخابات ماثلة أمام أعين الناس الآن، فالبرلمان الحالي فقد أهميته ومعناه، رغم أن هذا البرلمان هو المجلس التشريعي الوحيد في الدستور".

وأوضح إمام أنه "من خلال إجراء هذا النوع من الانتخابات، أصبح البرلمان والمؤسسات المنتخبة بلا معنى، وذلك بعد أن وجدت مؤسسات موازية تقوم بالتشريع، مثل المجلس الأعلى للثورة الثقافية، والمجلس الأعلى للفضاء السيبراني، والمجلس الأعلى لرؤساء القوى الثلاث (الرئاسة والبرلمان والقضاء) والمجلس الاقتصادي، وما في حكمهم".

وأكد أنه "من الخطأ الاعتقاد بأن وصول ممثل عن الشعب إلى البرلمان هو النجاح، لأن هناك العديد من الأدوات المقيدة التي يمكن أن تعرقل المجلس حال قيامه بممارسة دوره، وهذه الأدوات هي الجهات العليا التي يمكن ألا تسمح بتمرير القرار والموافقة عليه".

واستشهد إمام بموضوع انضمام إيران إلى مجموعة "FATF"، وهي مجموعة العمل المالي التي تتولى مهمة دراسة التقنيات واتجاهات غسل الأموال وتمويل الإرهاب وإعداد وتطوير السياسات المتعلقة بهذا الشأن محليا ودوليا. 

ولفت إلى أن "البرلمان صادق على الاتفاق، لكن (السادة) أوقفوا هذا القانون الذي مازال قابعا في مجمع تشخيص مصلحة النظام منذ سنوات عديدة ويدفع الناس ثمنه حتى الآن".