المشتبك العنيد.. إشادة واسعة ببسالة شهيد جديد في جنين ووعيد كبير للاحتلال

12

طباعة

مشاركة

موجة غضب واسعة أثارها اغتيال قوات الاحتلال الإسرائيلي القيادي في كتائب شهداء الأقصى، الجناح المسلح لحركة التحرير الوطني (فتح) مصطفى الكستوني، خلال اقتحام مدينة جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة.

وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، قد حظر بموجب مرسوم أصدره في 2007 عقب اتفاق مع الاحتلال "جميع المليشيات المسلحة والتشكيلات العسكرية أو شبه العسكرية غير النظامية"؛ ورفضته الأجنحة العسكرية للفصائل بما فيها كتائب شهداء الأقصى.

وتبع مرسوم عباس تسويات لأوضاع مطاردين من كتائب الأقصى، بالتنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي، بينها دمجهم في الأجهزة الأمنية أو تحديد تحركاتهم أو تسليم أسلحتهم، وهو ما رفضته عناصر كثيرة داخل الكتائب.

وكتائب شهداء الأقصى حركة مسلحة تأسست مع اندلاع انتفاضة الأقصى في 28 سبتمبر/ أيلول 2000، وتتسلح بأسلحة نارية عادية، لكن مجموعاتها التي تنشط في قطاع غزة طورت عتادها إلى الصواريخ "أقصى1 وأقصى2" وقذائف الهاون وغيرها.

وفي 17 أغسطس/آب 2023، أفادت وزارة الصحة الفلسطينية بأن الكستوني (32 عاما) استشهد إثر إصابته في الرأس والصدر والبطن، خلال العدوان على جنين، وأُعلن استشهاده فور وصوله إلى المستشفى الحكومي بهذه المدينة.

وأعلنت إصابة إحدى موظفاتها برصاصتين في البطن والصدر خلال اقتحام مدينة جنين؛ والذي نفذته قوات الاحتلال الإسرائيلي من عدة محاور، ما دفع المقاومين للاشتباك معهم، فدفع الاحتلال بتعزيزات عسكرية كبيرة.

واقتحمت قوات خاصة إسرائيلية البلدة القديمة من مدينة جنين، ومنطقة دوار المدينة المجاورة، وحاصرت أحد المنازل، فيما ساندتها بعد ذلك دوريات وآليات الاحتلال، ترافقها جرافة، وقد اشتبك مقاومون معها.

ونقلت وسائل إعلامية عن والدة الكستوني، تأكيدها أن جنود الاحتلال اقتحموا منزلهم، وقتلوا نجلها مصطفى رميا بالرصاص بعد أن اعتقلوا نجلها الثاني وشابا آخر خارج المنزل، كما أفادوا بأن قوات الاحتلال فجرت مخبزا في البلدة القديمة من مدينة جنين خلال عملية الاقتحام.

وتداول ناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #جنين، #مصطفى_الكستوني مقاطع فيديو وصورا توثق الدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي على جنين، خاصة تفجير المنزل الذي كان الكستوني يتحصن داخله. 

وهاجموا السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، واتهموها بالتواطؤ مع الاحتلال واتباع النهج الخياني التنسيقي وخذلان المقاومين وتسليمهم والسماح لقوات الاحتلال باقتحام جنين، مؤكدين أن السلطة ملتزمة عبر التنسيق الأمني والاتفاقيات الأمنية بحماية الكيان مهما كان الثمن.

خيانات السلطة

وتفاعلا مع الأحداث، رأى الباحث حذيفة عبدالله عزام، أن أفعال الاحتلال الثاني (سلطة أوسلو) تجاوزت كل الخطوط الحمراء.

وتساءل الصحفي حسين شاهيني: "كيف يمكن قراءة انسحاب الأجهزة الأمنية تزامنا مع اقتحام جيش الاحتلال لجنين وتنفيذه لعملية اغتيال ؟!". وكتبت حنان عيسى: "اغتالت قوات الاحتلال الشاب مصطفى الكستوني في مخبز ويفجر المخبز.. والله لو التف الشعب حول المجاهدين في جنين والناس نفسهم يطلعوا السلطة من جنين أخير لهم بألف مرة لأنهم قهر في قهر وجودهم ووجود سلاحهم".

وترحم أحد المغردين على شهيد كتيبة شهداء الأقصى في جنين، متوعدا بأن "الرد مسألة وقت".

وقال: "الخط الأحمر والخط الأخضر خلطو"، موجها رسالة إلى سلطة العار وإلى سلطة الاحتلال: "سألتم كثيرا ولم نجاوبكم لأن خططتنا كانت العدو، الآن أنتم والعدو واحد.. جاوبكم بالطريق".

وفي تغريدة كبطاقة تعريفية بشهيد جنين، أوضح الدكتور فايز أبو شمالة، أن شهيد اليوم أبو علي الكستوني، من مدينة جنين، وتهمته أنه عاشق فلسطين، ومكان ميلاده مدينة الأبطال جنين، ومكان استشهاده، أرض الكرامات، أرض الأنبياء والصالحين.

تعريف بالشهيد

وتحدث ناشطون عن الشهيد وتداولوا صورا قديمة له إبان فترة طفولته يظهر خلالها صلابته ومقارعته للاحتلال ومشاركته في فعاليات الانتفاضة الثانية، وعدوها دليلا على روح المقاومة العالية لدى الشهيد. 

وعرض الناشط سعيد نشوان، صورتين للكستوني الأولى له في طفولته يقاوم الاحتلال بالحجارة، والثانية في شبابه حاملا سلاحه.

وأوضح أن الصورة لمصطفى قمبع (ابو علي) في عام 2002، كان في طفولته يقارع دبابات الميركافا التي كانت تقتحم مخيم جنين، واشتد عوده وحمل السلاح وأصبح مطلوبا للاحتلال.

وأضاف أن قمبع استشهد صباحا بعد خوضه اشتباكا مع الجيش الإسرائيلي الذي حاول اعتقاله وفشل، لافتا إلى أن الاحتلال أعلن عن إصابة جندي أثناء العملية.

وعرضت ميرا عساف صورا مشابهة، موضحة أن بين الصورة الأولى والثانية 20 عاما ظل فيها أبو علي (مصطفى قمبع الكستوني) يقارع الموت، الدبابات، والرصاص، والاحتلال، وكان يرمي حجرا وصار يطلق رصاصة.

وأكدت أن الصورتين مسيرة حياة لطفل فلسطيني كبر وصار المقاوم والأسير والجريح ثم الشهيد.

وأوضح مغرد آخر، أن الشهيد الكستوني أسير سابق، وشقيق لأسيرين هما سامر قمبع المعتقل منذ شهر كانون الأول 2022، وما زال موقوفاً، وهاني قمبع الذي تم اعتقاله صباح اليوم، داعيا الله أن يتقبل العمر والدم.

وعرضت مشيرة أحمد العقاد، صورة للكستوني مكتوبا عليها "المشتبك العنيد شهيدا بطل اشتباك جنين"، موضحة أن قمر جنين اليوم البطل مصطفى الكستوني أحد أبرز المطلوبين للاحتلال في جنين، الذي سبق أن رفض عروضا من السلطة مقابل تسليم سلاحه. وعلقت إحدى المغردات، على صورتي الشهيد، قائلة: "الطفل الظاهر في الصورة الأرشيفية الملتقطة عام 2003 هو المطارد مصطفى الكستوني أبو علي، ابن كتائب شهداء الأقصى، ارتقى شهيدا صباح اليوم في مخيم جنين بعملية إعدام جبانة نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي، بعد 20 عاما على التقاط هذه الصورة". وقال الناشط محمد رضوان العويني: "المجد لجنين بل لفلسطين وأبطالها الذين يرسمون حدود الوطن بالدم".

وتحدث المحلل السياسي ياسر الزعاترة، عن دلالات عملية اغتيال الاحتلال للكستوني، قائلا: "تسلّلت قوة خاصة من جيش الاحتلال إلى المنطقة الشرقية من جنين، اكتشفها الأبطال فدارت اشتباكات عنيفة؛ ارتقى خلالها البطل مصطفى الكستوني".

وأضاف: "هنا يتسلل الغزاة والذعر يتملكهم، ولا يدخلون متبخترين كما كانوا من قبل.. وتلك معادلة جديدة لها ما بعدها بإذن الله"، واصفا صورة الشهيد بأنها وجه فلسطين الأجمل هذا الصباح.

تشييع الشهيد

وتداول ناشطون مقاطع فيديو من تشييع جثمان الشهيد في جنين، يظهر خلالها الحشود الضخمة التي خرجت لوداعه مرددين التكبيرات ومتوعدين الاحتلال.

وحيا الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية حماس، المقاومة الباسلة في جنين التي تواصل تصديها  لاقتحامات جيش العدو الصهيوني وتشتبك معه بكل بطولة وفدائية.

وأكد أن جنين ستبقى عاصمة المقاومة وقلعة المجاهدين ولن يكسرها كل إجرام العدو، بل سيزيدها عنفوانا وثورة.

وقال إن دماء الشهداء التي تروي أرض جنين ستكون على الدوام وقودا لتصعيد الانتفاضة.