في ظل حكم العائلات.. هل تغيّر انتخابات البرلمان خارطة القوى بكردستان العراق؟

يوسف العلي | a year ago

12

طباعة

مشاركة

على وقع تحديد موعد انتخابات برلمان إقليم كردستان العراق، والترحيب الدولي الواسع الذي حظي به، برزت تساؤلات عديدة بخصوص مدى تغيّر الخريطة السياسية في المنطقة الكردية التي تتمتع بحكم ذاتي منذ عام 1991، وتحدها ثلاث دول (تركيا وسوريا وإيران).

ومنذ أن أصبح للأكراد العراقيين حكم ذاتي، ثم تحولهم إلى إقليم طبقا للدستور العراقي عام 2005، يقتسم الحزبان الرئيسان إدارة الحكم في كردستان العراق، وهما: "الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود البارزاني، والاتحاد الوطني، بقيادة بافل الطالباني".

إنهاء للأزمة

بعد تأجيل لأكثر من مرة نتيجة الخلافات السياسية بين الحزبين الحاكمين، أعلن رئيس كردستان العراق، نيجيرفان البارزاني في 4 أغسطس/آب 2023، تحديد يوم 25 فبراير/ شباط 2024، موعدا لإجراء الانتخابات البرلمانية للإقليم الكردي.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2022، مدّد برلمان الإقليم المؤلف من 111 مقعدا مدة دورته عاما إضافيا، مرجئا بذلك الانتخابات التي كان يفترض أن تجرى في الشهر نفسه، على خلفية نزاعات سياسية بين الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، بشأن كيفية تقسيم الدوائر الانتخابية.

وجاء في بيان صادر عن السلطة التشريعية للإقليم حينها أن التمديد خطوة "لقطع الطريق على حدوث فراغ قانوني وتمثيل مبدأ استمرارية المؤسسات الدستورية في إقليم كردستان العراق".

لكن المحكمة الاتحادية العليا في العراق (أعلى سلطة قضائية بالبلد) أصدرت في 30 مايو 2023، قرارا بعدم دستورية تمديد عمل برلمان كردستان لعام إضافي، بعد أن جدد لنفسه في العام 2022، معتبرة أن كل القرارات الصادرة عنه بعد تلك المدة "باطلة".

وعلى إثر ذلك، حددت السلطات الكردستانية موعدا لإجراء انتخابات البرلمان في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

لكن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بالعراق، أعلنت في كتاب رسمي موجه لرئاسة الإقليم، عدم قدرتها على تنظيم الانتخابات في ذلك الموعد لأسباب فنية.

واقترحت عبر قرار لمجلس المفوضين بتاريخ 18 يوليو 2023 "موعدا لإجراء انتخابات برلمان إقليم كردستان العراق في 18 فبراير 2024، أو أبعد من ذلك التاريخ"، وهو ما ردت عليه رئاسة الإقليم بتحديد موعد 25 من الشهر ذاته، الأمر الذي رحبت به المفوضية في اليوم نفسه.

ويأتي إعلان البارزاني بعد 5 أيام من اجتماع رفيع المستوى عقده الحزبان الرئيسان الكرديان، في مدينة السليمانية، أكدوا بعده الاتفاق بين الطرفين على "دعم إجراء انتخابات برلمان كردستان في الموعد الذي يحدده رئيس الإقليم، بعد التشاور مع الأطراف السياسية في كردستان".

ترحيب دولي

حظي الموعد الجديد لانتخابات الدورة السادسة لبرلمان كردستان العراق، باهتمام وترحيب من عدة دول كان في مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا وغيرها، إضافة إلى ممثلية الاتحاد الأوروبي.

وقالت السفيرة الأميركية في بغداد، ألينا رومانوفسكي، خلال تغريدة على "تويتر" في 4 أغسطس 2023: "نرحب بإعلان الرئيس نيجيرفان البارزاني موعد الانتخابات الإقليمية في 25 شباط 2024. انتخابات حرة ونزيهة وفي الوقت المناسب لكل ديمقراطية سليمة".

وكذلك رحبّت، روزي كيف، التي تشغل منصب القنصل العام البريطاني في أربيل (عاصمة إقليم كردستان) بإعلان البارزاني موعد الانتخابات البرلمانية، قائلة إن "بريطانيا دعمت مرارا إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشاملة دون مزيد من التأخير".

وأضافت عبر "تويتر" في 4 أغسطس 2023: "نحن نشجع جميع الأطراف على المشاركة البناءة وأصحاب المصلحة لضمان إجرائها في الوقت المناسب. هذه فرصة مهمة لأبناء إقليم كردستان العراق للمشاركة في العملية الديمقراطية وممارسة حقهم في التصويت".

وفي السياق ذاته، أبدت قنصلية هولندا في أربيل "تأييدها بشكل كامل إجراء انتخابات حرة وعادلة ونزيهة وشاملة بحيث يمارس جميع مواطني إقليم كردستان حقهم في التصويت"، حسبما نشرت على حسابها بموقع "تويتر" 4 أغسطس 2023.

وفي اليوم نفسه، رحبت السفارة الإيطالية في بغداد بإعلان البارزاني، وطالبت عبر "تويتر" بإجراء "انتخابات حرة ونزيهة"، مبينة أن "الحق في التصويت هو الركيزة الأساسية للديمقراطية وفرصة جيدة لمواطني إقليم كوردستان لإسماع أصواتهم".

على الصعيد ذاته، عد نائب القنصل الفرنسي في أربيل رودولف ريتشارد عبر بيان له في 4 أغسطس "تحديد موعد الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان خطوة كبيرة. من المهم أن يعمل جميع الأطراف ذات الصلة والأحزاب السياسية معًا من أجل عملية انتخابية تلبي المعايير الدولية".

وضمن ردود الأفعال المرحبة أيضا، شجعت القنصلية الكندية في أربيل عبر بيان لها في 4 أغسطس "جميع القوى والأحزاب على تكثيف جهودها لدعم انتخابات شفافة وحرة ونزيهة".

وفي ذات السياق، رحب سفير الاتحاد الأوروبي في بغداد فيلي فاريولا عبر تغريدة على "تويتر" في 4 أغسطس بتحديد موعد انتخابات الإقليم، وأكد أنه "يجب على جميع الأطراف التعاون لإنجاح العملية".

تغيير مستبعد

وبخصوص مدى تغيّر الخارطة السياسية بإقليم كردستان في الانتخابات البرلمانية المقبلة، استبعد الصحفي والباحث العراقي، بهاء الدين البرزنجي، حصول أي مفاجآت في صعود أو تصدر قوى جديدة في البرلمان الكردي المقبل، وتراجع الأحزاب التقليدية.

وأوضح البرزنجي لـ"الاستقلال" أنه "حتى لو حصل بعض التشظي في الحزبين الكرديين الرئيسين (الديمقراطي، والاتحاد الوطني) فلا أعتقد حصول تغير في الخارطة السياسية في إقليم كردستان، خصوصا أن العوائل المالية هي من تدير الحكم والسلطة هناك".

ولفت إلى أن "السلطة والمال والسلاح كلها محصورة في يد هذين الحزبين، والرئاسة لهما تتوارثها عائلتان فقط، هما: البارزاني، والطالباني، وهذه الحالة منذ بدايات الحكم الذاتي للإقليم عام 1991".

لكن البرزنجي توقع أن يكون التغيير فقط في السياسة الأمنية والخارجية، والبعض تحدث عن استبدال في الوجوه وتصدر شخصيات بالضد من حزب العمال الكردستاني، وقريبة من الولايات المتحدة الأميركية".

وأكد الباحث أن "إقليم كردستان يعيش تجربة ديمقراطية، ليست بالنزيهة ولا الشفافة، خصوصا مع غياب تكافؤ الفرص والدعم المالي والنفوذ في الإقليم بين جميع القوى السياسية، وهذه التجربة ذاتها نقلت إلى عموم العراق بعد عام 2003".

وأشار إلى أن " القوى السياسية التي تمتلك المال والسلاح والسلطة، هي من تتولى الحكم في العراق، وأن المجتمع الدولي يبارك أيضا إجراء انتخابات غير متكافئة بين القوائم والأحزاب التي تشارك فيها، ويسوّقون لها في المنطقة على أنها تجربة فريدة".

وشدد البرزنجي على أن "الولايات المتحدة في المحصلة تبحث عن مصالحها، بغض النظر عن الطرف الفائز، أو مدى قرب العملية الانتخابية من الشفافية والنزاهة".

وتابع: "إذا تقاطع الفائز مع مصالح الولايات المتحدة، فإن الأخيرة ستفتعل الأزمات الواحدة تلو الأخرى حتى تروض هذه الجهات".

واتهم الباحث الحكومات في إقليم كردستان بأنها أيضا "انتهازية وسحقت الشعب وخصوصا في قضية تأخير رواتب الموظفين، إضافة إلى تعاملها الضعيف ضد القصف الايراني المستمر، وتوغل حزب العمال الكردستاني".

وكانت آخر انتخابات أجريت لبرلمان الإقليم في 30 سبتمبر/أيلول 2018، قد تمخضت عن فوز "الحزب الديمقراطي الكردستاني" بالأغلبية، بواقع 45 مقعدا من أصل 111 مقعدا، بينما حصل غريمه التقليدي وشريكه في الحكم "الاتحاد الوطني الكردستاني" على 21 مقعدا.

ومن أبرز الأحزاب والحركات في الإقليم: حركة التغيير، الجيل الجديد، الاتحاد الإسلامي، الجماعة الإسلامية، الحزب الاشتراكي، حزب العمال الكادحين، الاتحاد القومي الديمقراطي، حزب بين النهرين الآشوري، والاتحاد الكلداني.

وينص قانون الانتخابات في الإقليم على تسمية رئيس الإقليم الجديد وتشكيل الحكومة من قبل الكتلة التي تحصل على أكبر عدد من مقاعد البرلمان.

وهذه الانتخابات تشرف عليها مفوضية الانتخابات العراقية الاتحادية في بغداد، وتراقبها بعثة الأمم المتحدة.

ويتولى برلمان كردستان العراق مسؤولية إقرار القوانين في المحافظات العراقية التي تخضع لسلطة حكومة إقليم كردستان. ومن بين مقاعده وعددها 111، يخصص 11 مقعدا للأقليات: خمسة للتركمان وخمسة للأشوريين ومقعد للأرمن.