الانقلاب العسكري في النيجر.. كيف يؤثر على التوازنات الغربية والروسية في إفريقيا؟ 

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع إيطالي الضوء على أسباب الاهتمام الغربي بتطورات الوضع في النيجر على إثر الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم.

وأشار "إنسايد أوفر" إلى قرب بازوم من الغرب وكذلك ما تمتلكه النيجر من ثروات باطنية، إلى جانب إمكانية أن تتجه البلاد على منوال جيرانها مالي وبوركينا فاسو إلى الابتعاد أكثر عن الغرب والتقرب من "العدو الروسي".

ورجح أن يكون للانقلاب العسكري الذي نفذه الحرس الرئاسي في 26 يوليو/تموز 2023، تداعيات مهمة للغاية على منطقة الساحل بأكملها، كما من شأنه أن يضع توازنات دولية دقيقة على المحك فيما يتعلق بالغرب وروسيا.

وحذر في تقريره من شبح نزاع مسلح جديد لا يشمل النيجر فحسب، بل يمتد إلى منطقة غرب إفريقيا بأسرها.

ولفت إلى أن ذلك "قد يحدث في سياق تعد فيه منطقة الساحل واحدة من أكثر المناطق غير المستقرة على هذا الكوكب اليوم نتيجة مزيج من العوامل يتصدرها الفقر والإرهاب والمنظمات الإجرامية".

ماذا حدث؟

انطلقت الأحداث في صباح 26 يوليو بعد أن كشفت مصادر محلية، عن تمركز عناصر بالزي الرسمي داخل وخارج القصر الرئاسي الواقع في وسط العاصمة، نيامي.

 بعد ذلك بوقت قصير، أفادت تقارير إعلامية أن عناصر من الحرس الرئاسي بقيادة الجنرال عبد الرحمن (يشتهر باسم عمر) تشياني شرعوا في محاولة للسيطرة على الحكم.

 مع ذلك بدا الوضع هادئا في نيامي ولم يسمع المواطنون إلا من وسائل الإعلام بمحاولة الانقلاب ولم ترد أنباء عن إطلاق نار ولا لحظات توتر في الشوارع.

فيما أكدت مصادر عسكرية إقليمية، منتصف الصباح، وقوع محاولة انقلاب وإغلاق عناصر من الحرس الجمهوري مداخل القصر الرئاسي واعتقال الرئيس محمد بازوم.

من جانبه، سلط الأخير بعد ذلك بقليل الضوء على تطور الوضع من خلال حسابه على موقع تويتر، مؤكدا أنه بخير ومستبعدا تنحيه أو إمكانية الحوار مع الانقلابيين.

في غضون ذلك، على المستوى الدولي، تلقى بازوم تضامنا ودعما من معظم الحكومات، بدءا من الدول الغربية.

وفي وقت متأخر من مساء 26 يوليو، ظهرت مجموعة من عشرة جنود على شاشة التلفزيون للإعلان رسميا عن تنحية بازوم وفرض حظر تجول ليلي، بالإضافة إلى إغلاق الحدود والمجال الجوي.

 وفي اليوم التالي، قال الجنرال تشياني في خطاب متلفز إن المجلس العسكري الذي يرأسه استولى على السلطة بسبب العديد من المشاكل في النيجر، بما في ذلك انعدام الأمن والمشكلات الاقتصادية والفساد، وأمور أخرى. 

مدبرو الانقلاب

أكد الموقع الإيطالي أن "الجنرال المعروف باسم عمر تشياني يعد المهندس الرئيس للانقلاب"، خصوصا مع الحديث قبلها عن نية الرئيس المخلوع في إقالته من منصبه.

أشار إلى أن تشياني لم يخطط ويُقدم على تنفيذ محاولة الانقلاب بمفرده بل كان إلى جانبه عناصر من مختلف إدارات الجيش.

فيما أعلن  رئيس أركان القوات المسلحة، عبده صديقو عيسى، تأييده استيلاء قوات من الحرس الرئاسي على السلطة.

وجاء في بيان حمل توقيعه إن "القيادة العسكرية للقوات المسلحة في النيجر قررت الموافقة على إعلان قوات الدفاع والأمن تجنب مواجهة دامية بين مختلف القوات".

ولاحقا، أعلن اللواء عمر تشياني، أنه أصبح رئيسا للمجلس الوطني لحماية البلاد. وقال في كلمة بثها التلفزيون الحكومي، إن الجنود استولوا على السلطة بسبب تدهور الوضع الأمني في البلاد.

تولى تشياني قيادة الحرس الرئاسي منذ تعيينه في منصبه في العام 2015 من قبل يوسفو محمدو، سلف محمد بازوم.

وبذلك، يعلق الموقع الإيطالي أن "الانقلاب حظي بتأييد جيش النيجر بأكمله، وهو ظرف كان حاسما في نجاحه".

ومنذ استقلالها عن فرنسا عام 1960 شهدت النيجر 4 انقلابات كان آخرها عام 2010، كما شهدت عدة محاولات أخرى فاشلة.

رئيس مقرب للغرب

ذكر إنسايد أوفر أن محمد بازوم "انتخب في مارس (آذار) 2021، في سياق غير مستقر على الإطلاق".

ويشرح "انتقال السلطة كان سلميا في النيجر، على عكس البلدان المجاورة عبر انتخابات ضمنت تسليما سلسا للسلطة، ولكن كانت هناك من ناحية أخرى، اتهامات بارتكاب تجاوزات وفساد".

 من جهتها، انتقدت أحزاب المعارضة المختلفة فوز بازوم، معتبرة أنه كان محسوما لصالحه لا سيما أنه كان الأكثر إخلاصا لسلفه محمد يوسفو.

واتهم الأخير بتعبيد الطريق أمام خلفه وضمن له فوزا انتخابيا في الجولة الثانية ضد رئيس سابق آخر هو مهمان عثمان.

وكان محمد يوسفو نفسه كان، قبل أيام قليلة من رحيله النهائي عن السلطة، ضحية محاولة انقلاب فاشلة، يقول الموقع.

وأشار إلى أن ولاية بازوم الرئاسية حافظت على نفس النهج في الاستمرارية مع سلفه، بينما عدت سياسته الخارجية قريبة جدا من الغرب.

يتجلى ذلك، بحسب إنسايد أوفر، من خلال الضوء الأخضر الذي منحه لوجود وحدات عسكرية أجنبية مختلفة في الأراضي النيجيرية.

بالإضافة إلى الجيش الفرنسي، يتمركز هناك أيضا جنود أميركيون وألمان وإيطاليون وكنديون.

أهمية النيجر

ويفسر بأن هذا الوجود المهم للوحدات الدولية في النيجر يعود إلى "الموقع الإستراتيجي في منطقة الساحل وللحدود المشتركة مع ليبيا، كما أنه يشكل نقطة مفصلية تربط بين شمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء".

وتتجلى أهمية البلد الإفريقي كذلك في إطلاق الحكومات الغربية عمليات تهدف إلى تدريب القوات المحلية لمواجهة ظهور الجماعات المتطرفة والإجرامية الناشطة في مجال الاتجار بالبشر وكذلك مكافحة المهربين الدوليين.

ويضيف إنسايد أوفر بأن النيجر "منطقة غنية كذلك بالمواد الخام، خاصة اليورانيوم الذي تستورد فرنسا، أكثر من ثلثه المستخدم في وقود محطات الطاقة النووية".

في الأثناء، أفادت تقارير إعلامية بإصدار النيجر بعد الانقلاب قرارا بوقف صادرات الذهب واليورانيوم إلى فرنسا، وفقا لموقع "ZagazOla" الأمني.

وتعد النيجر رابع أكبر منتج لليورانيوم في العالم وكانت قد زودت عام 2021، الاتحاد الأوروبي بما يقرب من 25 بالمئة من إمدادات هذه المادة لإنتاج الكهرباء.

ولفت إنسايد أوفر إلى أن سياسة بازوم المقربة من الغرب قُوبلت بنظرة سيئة من قبل منتقديه خاصة في ظل حقيقة أنها انفصلت عن سياسات جيرانه في مالي وبوركينا فاسو.

وهي بلدان دشن فيها استيلاء المجالس العسكرية على السلطة أخيرا سياسات بعيدة عن الغرب وأقرب إلى روسيا، يختم الموقع تقريره.