رغم السعادة المعلنة.. لماذا تخوفت أوروبا من زعزعة استقرار روسيا بعد تمرد فاغنر؟ 

12

طباعة

مشاركة

توقفت صحيفة ألمانية عند ردود الفعل المختلفة داخل الأوساط الأوروبية على المشهد الروسي، والذي تماوج بين السعادة والقلق، عقب تمرد مرتزقة "فاغنر" على موسكو في 23 يونيو/ حزيران 2023.

وقالت صحيفة "تيليبوليس" إن "بعض الأوساط تتحدث عن أفراح سرية سادت حكومات القارة الأوروبية إبان أحداث التمرد التي أحدثتها قوات فاغنر في روسيا، وذلك رغم عدم وضوح الرؤية المستقبلية آنذاك".

واستدركت: "في نفس الوقت، روقب المشهد الروسي بقلق بالغ من الخبراء الأمنيين والسياسيين والدبلوماسيين في بروكسل، حيث تصوروا أن تزعزع الاستقرار في موسكو يعني موجات من اللاجئين، وتهديدات نووية أكبر، ووجود عسكري روسي متزايد في مناطق أخرى".

تأثيرات عميقة

وأشارت الصحيفة الألمانية إلى ما وصفته بـ"السعادة الخفية التي شعر بها الغرب عقب تمرد فاغنر".

وكتب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البوندستاغ الألماني، مايكل روث، النائب عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، عن "إذلال (الرئيس فلاديمير) بوتين" وعما "إذا كان النظام الإجرامي الروسي يتعثر بشكل خطير".

لكن داخل الاتحاد الأوروبي، لفتت الصحيفة إلى أن "اللهجة كانت مختلفة بشكل واضح".

وقالت: "يراقب خبراء الأمن في بروكسل وخبراء السياسة الخارجية بقلق بالغ الوضع في روسيا، في أعقاب انتفاضة مرتزقة فاغنر". 

ورأت أن "نتائج الاضطراب التي حدثت في روسيا لم تتضح بعد بشكل كامل، أو أنها لم تُقيم بشكل صحيح على الصعيدين المحلي والدولي، وذلك حسب ما أشار إليه خبيران أمنيان بارزان في الاتحاد الأوروبي، خلال الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية في لوكسمبورغ".

وأشار الرئيس الدائم للجنة العسكرية للاتحاد الأوروبي، الجنرال روبرت بريجر، إلى "احتمالية حدوث حالة من عدم الاستقرار السياسي الداخلي للاتحاد الأوروبي". 

كما حذر الجنرال بريجر ونائب رئيس العمليات في الاتحاد الأوروبي، هيرفي بليجن، من "حدوث تأثيرات عميقة للانتفاضة، حيث يمكن تصور موجة من اللاجئين وتهديدات نووية أكبر ووجود عسكري روسي متزايد في مناطق أخرى"، وفق الصحيفة الألمانية.

وخلال مداولاتهم الداخلية، قالت الصحيفة إن وزراء الخارجية اتفقوا على أن "ردود الفعل الحذرة السابقة يجب أن تستمر حتى لا يُروج لروايات كاذبة عن النفوذ الغربي". 

قوية في إفريقيا

وأوضحت الصحيفة، وفقا للتقارير الداخلية، أن "الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي متأكدون من أن الانتفاضة لن يكون لها تأثير على الحرب في أوكرانيا". 

ويتوافق ذلك مع تقييم فريق عمل المجلس المعني بالسياسة الخارجية ومكافحة الإرهاب، بحسب "تيليبوليس". 

ففي منتصف يونيو/ حزيران 2023، أشار فريق العمل إلى "النفوذ المتزايد باستمرار لروسيا في إفريقيا، لا سيما في التفاعل بين القوات الحكومية ومرتزقة فاغنر".

وذكرت الصحيفة أنه "في البلدان الإفريقية التي تتواجد فيها فاغنر، هناك زيادة في التلاعب بالمعلومات والتدخل في شؤون الدول".

وفي رأي الصحيفة، يبدو أن "هدف موسكو هو استقطاب الخطاب ودق إسفين بين الدول المعنية والاتحاد الأوروبي". 

من ناحية أخرى، أكدت الصحيفة أنه "بعد تمرد فاغنر، لم تكن الرؤية غير واضحة وضبابية عند بروكسل فقط"، وإنما أيضا كانت غير واضحة داخل روسيا نفسها.

وأضافت: "في روسيا، على سبيل المثال، عُلق بحذر على نبأ لقاء بوتين مع (زعيم فاغنر) يفغيني بريغوجين وقادته".

وتساءلت: "هل بوتين الآن أقوى أم أضعف بعد تمرد اليوم الواحد لفاغنر؟".

وعقبت على هذا التساؤل بقولها إن "الروسيين أنفسهم لا يملكون إجابة واضحة ودقيقة لهذا السؤال".

عودة إلى المأزق

وتعتقد الصحيفة أن "الحدث يعطي انطباعا بانتصار القيادة العسكرية على فاغنر المتمردة".

وبالنظر إلى جميع الاحتمالات، تذهب "تيليبوليس" إلى أن ما حدث يعزز "تقدم المزاج الوطني القومي المتزايد في روسيا"

حتى أن "رواية الحرب الغربية ضد روسيا أصبحت فعالة الآن بشكل أكبر من ذي قبل".

كما لفتت الصحيفة إلى أن "القوى الداعمة للديمقراطية والمؤيدة لأوروبا أُضعفت بشكل كبير بسبب الهجرة منذ بداية الحرب".

وحول الطيف السياسي الغالب في روسيا حاليا، قالت تيليبوليس: "في الواقع، أصبح حاليا يتراوح بين عدد قليل من ليبراليي النظام المتبقين، وبين الجبهة البلشفية القومية المتقاطعة من أقصى اليمين واليسار المتطرف".

وتحدثت الصحيفة الألمانية عن اجتماع بوتين وبريغوجين في الكرملين، والتي ترى أنه "أعاد حالة الجمود التي كانت سائدة في الأشهر التي سبقت التمرد". 

وأوضحت: "فمن ناحية، توجد القيادة العسكرية التقليدية التي تعمل بحذر، والتي تُنتقد كفاءتها بشكل مستمر، ومن ناحية أخرى، هناك المتهورون بين الضباط والجنود والمدونين العسكريين الذين يطالبون بنوع مختلف تماما من القمع".

وهو ما يشير إلى أن "هناك تباينا داخليا يمثل تحديا مهما لبوتين ومنظومة حكمه"، تقول  "تيليبوليس".

وأكدت الصحيفة على حقيقة أنه "حتى لو لم يكن بالإمكان التنبؤ بالتطورات السياسية المحلية، فلا يبدو أن حكم بوتين في خطر مباشر، لا سيما في حالة عدم نجاح أوكرانيا في تحقيق اختراق عسكري لشبه جزيرة القرم أو البحر الأسود".