انتصاراتها في سوريا ولبنان والعراق واليمن أثارت شهيتها.. هل الأردن هدف إيران القادم؟ 

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة ألمانية الضوء على خارطة السيطرة الإيرانية في المنطقة، حيث تستحوذ طهران ويعلو نفوذها في كل من اليمن ولبنان وسوريا والعراق وفلسطين 

ولفتت صحيفة "مينا واتش" إلى أن "الأردن قد يكون الضحية التالية للإيرانيين، بخاصة وأنه يشهد اضطرابات وصراعات داخلية قد تستغلها طهران، فضلا عن وجود أعداد كبيرة من اللاجئين داخله، ما يسهل عملية تجنيد العملاء والوكلاء"، حسب مزاعم التقرير.

نفوذ ما بعد الربيع

وكتب الأكاديمي الأميركي، كينيث بولاك، في أحد تحليلاته: "كان من المفترض أن تمهد موجة ثورات الربيع العربي، التي هزت الشرق الأوسط واكتسحت خمسة من أكثر الأنظمة الاستبدادية صرامة، الطريق أمام ديمقراطيات جديدة، لكنها للأسف أثبتت أنها خيبة أمل كبيرة لملايين العرب المتفائلين والغرب"، وفق الصحيفة.

وأضاف أنه "حتى الانسحاب المتسرع لإدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما الأميركية من العراق عام 2011 أفاد إيران فقط، والتي عرفت كيف تستغل كل هذه الأحداث بمهارة".

وفي هذا الصدد، أوضحت الصحيفة الألمانية أنه "بقيادة قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، الذي قُتل في هجوم صاروخي أميركي عام 2020، نجحت طهران في الدفاع عن مواقفها ومصالحها في جميع أنحاء المنطقة ضد هجمات الجماعات العربية السنية خلال هذه الفترة".

و"شرع سليماني في إنشاء ميليشيات -معظمها شيعية- في المنطقة، ونشرها لدعم حلفاء إيران ووكلائها وعملائها، ثم استخدمها لاحقا لشن هجوم مضاد لغزو مناطق جديدة"، وفق "مينا واتش".

واستطردت: "ونتيجة لهذه الإجراءات، تطور تحالف قوي متماسك في التضاريس التي سيطرت عليها إيران، من العراق إلى سوريا ولبنان واليمن، وبات هذا التحالف يتمدد في المناطق التي يتقلص فيها وجود التحالفات المدعومة من الولايات المتحدة مع انسحاب واشنطن بشكل متزايد من المنطقة".

وحول مناطق نفوذ الإيرانيين، قالت الصحيفة: "بيروت سقطت في يد حزب الله، وبغداد باتت في أحضان مليشيات الحشد الشعبي الشيعية، والعاصمة اليمنية صنعاء لـ(مليشيا) الحوثيين".

وأردفت: "بينما ظلت دمشق في يد عشيرة رئيس النظام بشار الأسد وحلفائها العلويين، رغم احتجاجات المسلمين السنة، الذين يمثلون أكثر من 80 بالمئة من سكان سوريا".

وبخصوص الطريقة التي تسيطر بها إيران على المنطقة، ذكر التقرير أن "التعدي الإيراني كان في بعض الحالات انتصارا عسكريا صريحا، لكنه في حالات أخرى كان استيلاء تدريجيا على السلطة، من خلال الرشوة والابتزاز واغتيال المعارضين والفساد السياسي والعنف في الشوارع".

وختتمت الصحيفة هذا المحور بالتأكيد على أن "طهران وحلفاءها الذين أحكموا بالفعل قبضتهم على لبنان وسوريا والعراق واليمن، يزيدون من إحكام هذه القبضة عاما بعد عام".

الضحية التالية

ووفقا لتحليل الأكاديمي الأميركي، نقلت الصحيفة الألمانية أن "الأردن سيكون الضحية التالية لإيران في المنطقة"، ويعزو ذلك إلى عدد من العوامل والأسباب، منها الموقع الجغرافي للمملكة الهاشمية.

وأوضحت أن "المملكة تشترك مع سوريا في حدود طويلة، وتمتلك إيران بالفعل جيوشا كبيرة وشبكة مترامية الأطراف من العملاء والوكلاء، رغم الجهود الإسرائيلية لوقف تمددها"، وفقا للأكاديمي بولاك.

وأتبع: "كذلك يجمع الأردن حدود مع العراق، وهي البلد التي باتت حكومته معرضة بشكل متزايد للأخطار الإيرانية، وأقل قدرة على منع إيران من تنفيذ أنشطتها، وأصبح عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين أقل ارتباطا بالمسار السياسي والعسكري للبلاد".

وأضاف: "هذا فضلا عن أن البلاد تقع على حدود الضفة الغربية، حيث تعمل حركات المقاومة الفلسطينية، مثل حماس والجهاد الإسلامي، بتمويل وتسليح وتدريب واستشارة إيرانية.

وعليه، وفقا لبولاك، فإن "إيران قادرة -عبر عملائها ووكلائها- على التسلل إلى الأردن من 3 جبهات".

بالإضافة إلى ذلك، لفتت الصحيفة الألمانية إلى أن "البلد يشهد صراعات واضطرابات داخلية يمكن لإيران استغلالها".

جدير بالذكر أن الأردن يعيش فيها نحو 3 ملايين لاجئ، إضافة إلى عدد سكان يبلغ حوالي 8 ملايين أردني.

ولأن غالب هؤلاء اللاجئين من أصول عراقية وسورية وفلسطينية، ويعيشون حالات شعورية مضطربة بسبب تدهور الأوضاع، فإن ذلك "يخلق أرضا مثالية بالنسبة لإيران لتجنيد عملائها ووكلائها".

وبحسب الصحيفة، فإن "ما يقرب من 60 بالمئة من سكان الأردن هم من الفلسطينيين، كما تزعم أن العديد من منظمات المجتمع المدني لديهم مرتبطة بالجماعات المدعومة من إيران في الضفة الغربية وقطاع غزة".  

في الوقت نفسه، أشارت الصحيفة إلى أن "الملك عبد الله وعائلته تسببوا في عزل العديد من النخب الأردنية، حتى في مجتمع الضفة الشرقية الموالي الذي يشكل قاعدة سلطة النظام الملكي، منذ أن جلب البريطانيون القوة الهاشمية إلى السلطة في عمان بعد الحرب العالمية الأولى". 

وضع سيء

ومن الناحية الاقتصادية، قال الأكاديمي الأميركي إن "الأردن في وضع سيء للغاية"، ووصفها بأنها "متسول يعتمد بشكل مزمن على نزوات الغرباء في العطاء". 

كما أن الأردن تتكون من أراض قليلة صالحة للزراعة، ولا تمتلك إلا القليل من الموارد الطبيعية وتعاني من نقص مزمن في المياه، وفق الصحيفة الألمانية.

وتبعا لذلك، لفتت "مينا واتش" إلى حقيقة أن "البلاد تعيش عاما بعد عام فقط بفضل  الصفقات التجارية مع إسرائيل والمساعدات من الغرب ودول الخليج".

ومع ذلك، يعتقد بولاك أن خسارة الأردن أمام إيران ستكون "كارثية". 

ويوضح ذلك قائلا: "خسارة الأردن ستسمح لإيران وحلفائها ووكلائها باستخدام الشبكات الفلسطينية شديدة الترابط بين الأردن والضفة الغربية للتسلل إلى إسرائيل، وتحريض الفلسطينيين في الضفة الغربية ودعم حماس وحركات المقاومة الأخرى في غزة".

وأوضحت الصحيفة أنه "لا شك في رغبة إيران في تدمير إسرائيل، والذي كان دائما هدف الجمهورية الإسلامية على المدى الطويل". 

وأتبعت: "وإذا نجحت إيران في الإطاحة بالنظام الأردني، كما فعلت مع الآخرين، فقد يصبح تدمير إسرائيل فجأة احتمالا أكثر واقعية على المدى القصير". 

وأضافت الصحيفة، نقلا عن بولاك، أن "انتصارات إيران في سوريا ولبنان والعراق واليمن أثارت شهيتها فقط، ولم تشبعها". 

ومن وجهة نظر إيرانية، بحسب الصحيفة الألمانية: "ليس هناك هدف تال أفضل من الأردن". 

وبحسب الصحيفة، اختتم بولاك تحليله قائلا إن "الجيش الإسرائيلي وأجهزة المخابرات الإسرائيلية توصلوا بالفعل إلى هذا الاستنتاج، ومن الأفضل للولايات المتحدة أن تتفق مع هذا الرأي".