احترس قبل أن تسجل على منافس "تويتر" .. هذه معلومات سيجمعها "ثريدز" عنك؟

12

طباعة

مشاركة

بسرعة تاريخية، ما إن أعلن الملياردير مارك زوكربيرغ، مالك فيسبوك وإنستغرام عبر شركته "ميتا" عن بدء عمل التطبيق الجديد "ثريدز" المنافس لـ"تويتر"، حتى حقق 30 مليون مشترك في أول 24 ساعة، واستمر تضاعف المشتركين.

خبراء التقنية ركزوا على الحرب التكنولوجية ذات البعد الاقتصادي الربحي، بين رجلي الأعمال زوكربيرغ وإيلون ماسك، واستغلال الأول تعثر منصة "تويتر"، لتوجيه ضربة للثاني ضمن المنافسة بين المليارديرين في مجال التكنولوجيا والربح.

فيما بحث آخرون مع نشطاء مواقع التواصل عن حجم حرية التعبير، من خلال رصد الفارق بين تويتر والتطبيق الجديد "ثريدز"، وأيهما آثر حرية، وأقل تجسسا على أسرار ومعلومات المشاركين.

تحقيق أمني

وبعد استحواذ ماسك على تويتر في 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، وعد بأن التطبيق سيسمح بـ"حرية كبيرة" في التعبير من خلال المنشورات، مقارنة بتطبيقات شركة "ميتا"، وآخرها "ثريدز"، بالمقابل استمر مالك فيسبوك في التضييق على حرية النشر عبر قيود مختلفة.

ولاحظ من عقدوا مقارنة، أن المعلومات التي يجمعها "ثريدز" عن المستخدمين للتطبيق الجديد (بمجرد التسجيل) تبدو غريبة وكأنها تحقيق أمني، حتى إنه يجمع معلومات شخصية بصورة أكبر عن أي تطبيق آخر عن المستخدم وأصدقائه أيضا.

ومع أن تطبيقات التواصل المجانية كافة تجمع معلومات عن المستخدمين لأغراض مختلفة لشركات الدعاية والسلع، وربما لبيعها لمن يدفع حتى ولو كانت أجهزة استخبارات، يظل السؤال عن ماهية المعلومات التي يجمعها "ثريدز" عنك وحجمها وخطورة استخدامها ضدك.

تقرير لموقع "وايرد" التقني، كشف في 6 يوليو/تموز 2023، أنه ضمن سياسة الخصوصية والبيانات لتطبيق "ثريدز" يمكن له الحصول على معلومات عديدة عنك بمجرد التسجيل.

وعقد مقارنة بينه وبين منصات،  Bluesky وMastodon وSpill وHive Social، إضافة إلى تويتر، ثم أكد أن "ثريدز" يجمع عنك "أكثر مما تجمعه المنصات الأخرى الشبيهة من بيانات".

وأوضح أن التطبيق سيحصل من المشتركين على كم هائل من البيانات الشخصية بناء على معلوماتك من سجلات الشراء أو التصفح، ومعلومات حساسة مثل الدين والعرق والميول الجنسية وحالة الحمل والبيانات البيومترية.

وذكر تحليل خبراء "وايرد" أنه في حالة استخدام التطبيق الجديد سيجمع عنك أيضا بيانات حول شخصيتك ويحللها، وبيانات مالية ومعلومات الاتصال، مثل العنوان الفعلي لك والبريد الإلكتروني والاسم ورقم الهاتف وسجل المشتريات بجانب الصور ومقاطع الفيديو ومحتوى الألعاب ومواد أخرى تضعها على جهازك.

وهو ما يعني أن منصة "ثريدز" ستتجسس فعليا على بياناتك داخل التطبيق وتحفظها لديه لاستغلالها وقتما تشاء ولمن تشاء، رغم أن "صاحبه (زوكربيرغ) سبق أن أعلن أنه يرفض الكشف عن بياناته الشخصية هو!".

ودفع هذا نشطاء للسخرية من المعلومات التي يجمعها "ثريدز" عنك وتوقعهم تسربها كما سبق أن فعل زوكربيرج في فيسبوك، وفق اتهامات سابقة وجهت له من مستخدمين.

وأوضح موقع "كوارتز" في 6 يوليو 2023 أن هذه المعلومات والبيانات التي يجمعها "ثريدز" عن أي شخص قد يتم إرسالها إلى "موفري الخدمة" و"شركاء التحليل"، والتي غالبا ما تكون رمزا لشركات الإعلان والتسويق التابعة لجهات خارجية.

وأكد أن التطبيق الجديد "يقوم بجمع بيانات حول عملك وشركتك ودورك في فريقك وسجل عملك وتقييمات أدائك وإرسالها إلى جهات خارجية!".

وأشار إلى أنه "يجمع أيضا بيانات عن جسمك وتفاصيل حول صحتك ولياقتك وتمارينك الرياضية لإرسالها إلى جهات خارجية".

كما يجمع بيانات حول نشاط الويب الخاص بك وتفاعلات صفحة الويب (بما في ذلك الإعلانات) والمصدر الذي قمت من خلاله بالوصول إلى روابط سلاسل الرسائل وقد يتم إرسال هذه المعلومات إلى طرف ثالث أيضا.

أيضا تقوم منصة "ثريدز" بجمع البيانات حول موقعك، وقد يتم جمع الصور أو مقاطع الفيديو أو التسجيلات الأخرى للمستخدم، بالإضافة إلى "معلومات الموقع المستندة إلى عنوان IP" وإرسالها إلى جهات خارجية.

وفي حال رغبت في حذف كل هذه المعلومات عنك، سيكون عليك إلغاء تحميل حساب ثريدز وإنستغرام وفيسبوك.

أطنان من البيانات

أيضا ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير نشرته في 7 يوليو 2023 حول الخصوصية أن "التطبيق الجديد مجرد نسخة جديدة تواصل تُراكم قدرا أكبر من البيانات عنك على مر السنين".

وأوضحت أن شركة "ميتا" تجمع عبر التطبيق الجديد الكثير من البيانات عن المستخدمين مثل، الصحة واللياقة، والمشتريات، والمعلومات المالية، والموقع، وجهات الاتصال، والقائمة تطول.

وذكرت أن المشكلة هي أن هذه القائمة من المعلومات والبيانات التي يتم جمعها عنك لا يُعرفونك في أي سياق ولأي سبب أو تحت أي ظروف سيتم استخدامها.

وقالت الصحيفة إن كنت من مستخدمي فيسبوك وإنستغرام، فهذا يعني أن شركة "ميتا" ستراكم قدرا كبيرا من البيانات عنك على مر السنين، مقدمة نصائح للمستخدمين.

ومن النصائح، "أضف كلمات مخفية لإبقاء ردودك نظيفة، واختر من يمكنه الإشارة إليك أو الرد عليك في سلاسل الرسائل".

يجمع "ثريدز" أيضا بيانات تحليلية عن الصحة والوضع المالي والمشتريات وتاريخ الشراء ومعلومات الدفع، وأيضا حول المحتوى الموجود على جهاز المستخدم من صور وتسجيلات صوتية ومقاطع فيديو وغيرها.

فيما يجمع "تويتر" أطنانا من بيانات المستخدمين مثل ثريدز، وبينها معلومات لتتبعك مثل سجل المشتريات وتحركاتك وبيانات الاتصال على غرار البريد الإلكتروني ومحتوى هواتف المستخدم وتاريخ البحث.

كما يفعل نفس الأمر فيما يتعلق بالإعلانات والتسويق وتحليل بياناتك لهذا الغرض، لكنه لا يقوم بتحليل محتويات البريد الإلكتروني الخاص بك والرسائل النصية.

ويذكر أن التطبيق متاح في أكثر من 100 دولة، ولكن ليس في الاتحاد الأوروبي، حيث تسود مخاوف تنظيمية سترجئ إطلاقه.

وتحظر قوانين الاتحاد الأوروبي، نقل البيانات بينما لا تجد تطبيقات مواقع التواصل أي عوائق في الدول العربية والإسلامية، وتجمع منها بيانات ضخمة تنقل للدول الأوروبية.

وتخضع "ميتا" لقانون الأسواق الرقمية الجديد الذي يفرض قواعد مشددة على شركات الإنترنت الكبرى في دول الاتحاد الأوروبي.

وإحدى تلك القواعد تقيد نقل البيانات الشخصية بين المنتجات المختلفة، كما سيكون الحال عليه بين إنستغرام وثريدز، وسبق أن ضُبط زوكربيرغ من قبل الهيئات الناظمة الأوروبية وهو يقوم بذلك عندما اشترى واتساب.

الفارق بينهما

موقع "أكسيوس" الأميركي أوضح في 6 يوليو 2023 أن "ميتا" تعشق التقليد، مؤكده أنه مع إطلاق "ميتا" لتطبيق "ثريدز"، عاد الجدل حول ما أسماه "آلة ميتا للتقليد".

ورأى الموقع أن "ثريدز" محاولة متجددة من ميتا في "استنساخ التطبيقات الأخرى".

وأشار إلى أن "ثريدز" لا يعد فقط محاولة من "ميتا" لتقويض "إيلون ماسك مالك تويتر أثناء تعثره"، بل يأتي أيضا ضمن إستراتيجية طويل المدى من الشركة في "استنساخ" ومحاولة التغلب على مزايا التطبيقات الأخرى.

وهذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها "ميتا" استنساخ خدمات التطبيقات والبرامج المختلفة، إذ استنسخت 12 تطبيقا على الأقل، وأضافت مزايا من برمجيات متعددة.

ولكنها في غالبية هذه الحالات كانت تفشل في الاستمرار بتقديم الخدمات إما بسبب ضعف الإقبال عليها أو عدم قدرتها على مجاراة التطبيقات الأصلية.

وأشار التقرير إلى أن بعض محاولات الاستنساخ كانت نتيجتها ناجحة، مثل منشورات "ريلز" التي تنافس بها تيك توك أو "ستوريز" التي تنافس بها سناب شات.

وأوضح أن محاكاة وتقليد "ميتا" لبعض التطبيقات تسبب في إغلاق بعضها بعد بضعة أشهر.

وحول ما الذي يمتلكه تويتر ولا يتوفر في ثريدز؟ ذكر موقع "أكسيوس" أن "هناك عدة نقاط ليست متوفرة في الوقت الحالي على تطبيق ثريدز، بينما يعد تويتر رائدا فيها".

وهي "موجز المتابعين"، حيث يتوفر الآن موجز خوارزمي رئيس واحد فقط على "ثريدز" يتضمن منشورات من الأشخاص الذين تتابعهم وغيرهم من الأشخاص المشهورين في الخدمة، عكس تويتر.

أيضا لدي "تويتر بلو" ميزة "زر إعادة التحرير"، أي تعديل رسائلك، بينما لا يمكنك تعديل مشاركاتك بعد النشر على "ثريدز".

وقالت إن عدد الأحرف (الحد الأقصى) على ثريدز يبلغ 500 حرف، أي أكثر من تويتر، ولكن لا شيء ينذرك بأنك قد تجاوزت هذه العتبة حتى تنشر.

كذلك يمكنك البحث عن حسابات أخرى عبر ثريدز، ولكن ليس عن الكلمات الموجودة في المنشورات مثلما يوجد  على تويتر.

إضافة إلى المراسلة المباشرة، وهي ميزة على تويتر، بينما لا يمكنك إرسال رسائل خاصة من خلال "ثريدز"، وسيتعين عليك العودة إلى إنستغرام من أجل ذلك.

صراع مليارديرات

منذ أن تم إطلاق تطبيق "ثريدز" والحديث يدور حول أنه أكبر تحدٍّ لتويتر ومالكه، والذي نجح في الوقت الراهن في صد أي منافسين محتملين من التطبيقات والمواقع المشابهة التي ظهرت مثل "بلو سكاي" و"ماستودون".

ويرى خبراء أن "ثريدز" يبدو أقرب منافس لتويتر، إذ ذكر تقرير صحيفة "وول ستريت جورنال" أن "ثريدز" يتفوق على معظم منافسي تويتر السابقين، لأنه يستخدم إنستغرام لبناء قاعدة على الفور.  

ويرى نشطاء أن ماسك أكثر وضوحا من زوكربيرغ، حيث يفرض رسوما على المشتركين مقابل الحصول على ميزات إضافية في تويتر لأنه رجل أعمال يريد جني الأرباح مثل غيره من رجال الأعمال. 

لكنه مع ذلك وسع مساحة الحريات على موقع التواصل الأشهر في العالم بعد سنوات عصيبة في ظل إدارته السابقة.

في المقابل، فإن زوكربيرغ تحول لـ"ديكتاتور وإنسان مخادع" حيث لم يتورع عن تسريب بيانات المشتركين وخنق حرية التعبير على فيسبوك وإغلاق آلاف الحسابات لأتفه الأسباب وأحيانا بدون أسباب.

وتعهد ماسك في 8 يوليو أن يُحطم منصة زوكربيرغ قائلا: "سأحطمك يا فتى السحلية"، في إشارة ساخرة إلى علامة تطبيق "ثريدز".

وقالت وكالة "رويترز" البريطانية في 6 يوليو 2023 إن منصة تويتر هددت باتخاذ إجراء قانوني ضد تطبيق ثريدز بعدما نجح في استقطاب الملايين، عبر الاحتيال وسرقة بيانات وخبراء من تويتر.

ونقلت الوكالة عن موقع "سيمافور" أن محامي تويتر، أليكس سبيرو، أرسل رسالة إلى الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا"، زوكربيرغ، يبلغه بهذه الخطوة.

وقال سبيرو في رسالته إن "تويتر ينوي تطبيق حقوق الملكية الفكرية الخاصة به بصرامة، ويطالب شركة ميتا باتخاذ خطوات فورية للتوقف عن استخدام أي أسرار تجارية خاصة بتويتر أو غيرها من المعلومات السرية للغاية".

ويرى نشطاء أن تأسيس المنصة الجديدة هو "جزء من صراع أكبر وأوسع" بين المليارديرات داخل الولايات المتحدة، استعدادا لأهم انتخابات في تاريخ أميركا عام 2024.

وعدوا زوكربيرغ أداة من أدوات "الدولة العميقة" في الولايات المتحدة، وإطلاقه لموقع "ثريدز" على عجل ودون المرور بالفترة التجريبية المعروفة يرتبط بالانتخابات الأميركية.