"صد هجمات العدو".. ما أهداف المناورات المشتركة بين موسكو ونظام الأسد؟
في 5 يوليو/تموز 2023، بدأت تدريبات عسكرية بين روسيا ونظام بشار الأسد لمدة ستة أيام في سوريا، تشمل أنشطة مشتركة للطيران وأنظمة الدفاع الجوي والحرب الإلكترونية.
ولفت موقع "روسيا اليوم" إلى أن التدريبات تأتي في وقت أُحرز فيه تقدم كبير في حل الأزمة بسوريا بفضل جهود الاتحاد الروسي في السنوات الأخيرة، وفق زعمه.
ومع ذلك، يجب أن يكون الجيشان الروسي والسوري مستعدين لصد هجمات العدو بشكل مشترك، حيث لا يزال التهديد بزعزعة الاستقرار في سوريا قائما، كما يقول خبراء نقل عنهم الموقع.
ونقل عن تقرير لـ"مركز المصالحة الروسي في سوريا بين الأطراف المتحاربة"، أنه "يجرى خلال التدريبات العمل على قضايا الأعمال المشتركة للطيران والقوات ووسائل الدفاع الجوي والحرب الإلكترونية في صد الهجمات الجوية".
ويلفت الموقع إلى أن الجيشين الروسي والسوري يجريان مثل هذه التدريبات بانتظام. ولذلك، نفذت وحدات من القوات الخاصة السورية وأطقم القوات الجوية الروسية، في أبريل/نيسان 2023، عملية هجومية على مواقع من أسمتهم "الإرهابيين".
وفي إطار المناورات المستمرة، يذكر الموقع أن أطقم "Su-24" التابعة للقوات الجوية الروسية، إلى جانب المدفعية السورية، صدت أهدافا حرجة لعدو وهمي في صيف عام 2022.
وبالإضافة إلى التدريبات المشتركة، يوضح موقع روسيا اليوم أن القوات المسلحة الروسية تواصل تدريب جيش النظام السوري.
ففي أبريل 2022، أجرى المتخصصون الروس تدريبات شاملة للوحدات الهندسية السورية، واُستخدم بشكل خاص تدريب إزالة الألغام "UR-83P".
جهود روسية
تذكر "روسيا اليوم" أنه في خريف عام 2015، شنت روسيا، بناء على طلب من النظام السوري، عملية عسكرية في سوريا.
وكان هدفها، كما أوضح الموقع، "محاربة الجماعات الإرهابية (المقصود فصائل الثورة السورية) التي سيطرت بحلول ذلك الوقت على معظم أراضي الجمهورية العربية".
ومن الجدير بالذكر أن النظام السوري كان مسيطرا على المنطقة الساحلية والمناطق المحيطة بدمشق فقط.
وخلال "العملية الخاصة"، شاركت القوات الجوية الروسية بطائرات هجومية وقاذفات وطائرات هليكوبتر.
كما نفذت سفن البحرية التابعة لموسكو هجمات على الجماعات الثورية المسلحة بصواريخ "كاليبر كروز"، وفق الموقع.
وبالإضافة إلى تدمير عتاد هذه الجماعات، ودعم القوات المسلحة السورية، يشير الموقع إلى أن الجيش الروسي واجه مهمة التنسيق بين جميع التشكيلات المسلحة التي حاربت إلى جانب نظام دمشق، حسبما كتبت صحيفة "كراسنايا زفيزدا" الأسبوعية.
وتلفت الصحيفة إلى أن هذه المهمة حُلت بسبب إنشاء نظام تحكم في خريف عام 2015، دُمجت فيه جميع القوات المتحالفة مع دمشق. وفي نهاية عام 2017، أعلنت القيادة الروسية استكمال العملية في سوريا.
ثم في ديسمبر/كانون الأول 2018، أبلغ وزير الدفاع سيرغي شويغو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن انسحاب المجموعة الرئيسة للقوات المسلحة الروسية من سوريا.
وفي الوقت نفسه، في سوريا، يوضح الموقع أن القواعد الروسية استمرت في العمل، مع تقليص عددها إلى الموظفين الحاليين.
وبحسب المحللين، كانت نتيجة عملية القوات المسلحة الروسية في سوريا هزيمة الجماعات الإرهابية، بما في ذلك تنظيم الدولة، وفق وصف الموقع.
وصرح به سيرجي شويغو في عام 2018، أنه "حُرر 96 بالمئة من أراضي البلاد من الجماعات الإرهابية"، بحسب زعمه.
تطبيع وتهديد
وبالنظر إلى ما وصفه بـ "الجهود الروسية لحل النزاع في سوريا"، يقول الموقع إن موسكو "أسهمت أيضا في عملية التطبيع التدريجي للعلاقات بين الأسد ودول الشرق الأوسط، والتي دعم بعضها الجماعات التي حاربت ضد النظام في الصراع السوري".
لذلك، في مايو/أيار 2023، وافق وزراء خارجية جامعة الدول العربية على إعادة مقعد سوريا، بعد أن عُلقت عضوية دمشق عام 2011.
وفي عام 2023، يشير الموقع إلى زيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد لدولتي الإمارات ثم المملكة العربية السعودية (في إطار القمة العربية).
كما أفادت وسائل الإعلام، في أبريل 2023، أن سلطات النظامين السوري والمصري بدأتا مفاوضات أولية حول إعادة العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل، والتي كانت قد انقطعت قبل أكثر من عشر سنوات.
بالإضافة إلى ذلك، في مايو 2023، يشير الموقع إلى عقد اجتماع لوزراء خارجية روسيا وسوريا وإيران وتركيا في موسكو.
وبحسب الخبراء، فقد مهدت هذه المفاوضات الطريق للاتجاه نحو تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة، التي تعد أحد الأطراف الرئيسة في الصراع في سوريا.
وفي الختام، نقلا عن المحللين، يقول الموقع إنه "على الرغم من النجاحات التي تحققت في عملية حل الصراع في سوريا، لا تزال التهديدات العسكرية في البلاد قائمة".
ولهذا السبب، كما يقول الخبراء، "يواصل الجيشان الروسي والسوري العمل على إجراءات مشتركة لصد الهجمات"، بحسب زعم الموقع.
ووفق مركز المصالحة الروسي، يواصل جيش موسكو تسجيل ما أسماه "حالات فردية لانتهاكات وقف إطلاق النار" في منطقة خفض التصعيد في إدلب.
وفي هذا السياق، تحدثت تقارير محلية مطلع أبريل 2023، عن قصف ثلاثة مواقع لقوات النظام السوري من قبل جبهة نصرة أهل الشام والحزب الإسلامي التركستاني، بحسب زعمها.
كما أعربت عن القلق إزاء الانتهاكات المنهجية للتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة، والذي ينفذ رحلات جوية بطائرات بدون طيار في الأجواء فوق مناطق شمال سوريا، وفق ما ذكره موقع "روسيا اليوم".
ويؤكد أن "زيادة عدد الرحلات الجوية غير الخاضعة للتنسيق تؤدي إلى تصعيد التوتر، ولا تسهم في التعاون المتبادل والبناء".
وكما يلاحظ أليكسي بودبيريوزكين، مدير مركز الدراسات العسكرية والسياسية في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، فإن "الطموحات الأميركية في سوريا تخلق توترا داخلها".
وقال المحلل إنه "في ظل هذه الظروف، تحتاج موسكو ودمشق إلى العمل على زيادة القدرة القتالية لقواتهما في سوريا".