"إبعاد عن روسيا وأسلحتها".. لماذا تحاول واشنطن جذب نيودلهي نحوها؟
استعرض موقع صيني مستجدات العلاقات الأميركية-الهندية، في وقت يتزايد فيه التوتر مع بكين التي تجمعها حدود مع الهند تمتد لـ3500 كيلومتر.
وأجرى رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، في 20 يونيو/ حزيران 2023 زيارة إلى الولايات المتحدة، وصفها السفير الأميركي لدى نيودلهي، إريك غارسيتي، بـ"التاريخية".
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، إن زيارة مودي بمثابة "لحظة تحول" في العلاقات الأميركية-الهندية.
جهود حثيثة
وتعليقا على ذلك، أفاد موقع "الصين نت" بأنه "من الواضح أن إدارة الرئيس جو بايدن قد وضعت آمالا كبيرة على السقوط الكامل للهند أمام المعسكر الأميركي هذه المرة".
وأشار إلى أن "الجانب الأميركي أعلن عن زيارة مودي قبل أكثر من شهر من إجرائها، كما دعا رئيس مجلس النواب الأميركي، كيفن مكارثي، رئيس وزراء الهند لإلقاء خطاب في اجتماع مشترك لغرفتي الكونغرس".
وحسب الموقع، فإن هذه هي المرة الثانية التي يلقي فيها مودي خطابا في جلسة مشتركة للكونغرس، منذ توليه السلطة عام 2014، الأمر الذي لم ينله سوى قادة معدودين، منهم رئيس الوزراء البريطاني الشهير، ونستون تشرشل.
ومن أجل تحقيق "نتائج تاريخية" خلال هذه الزيارة، أرسلت الولايات المتحدة والهند في الفترة الأخيرة مسؤولين كبار للتواصل والتشاور، حسب التقرير.
وفي نهاية يناير/كانون الثاني 2023، زار مستشار الأمن القومي الهندي، أجيت دوفال، الولايات المتحدة، وأطلق رسميا مع نظيره سوليفان المبادرة الأميركية الهندية بشأن التقنيات الحرجة والناشئة.
وفي 6 يونيو/ حزيران 2023، حضر وزير الخارجية الهندي، سوبرامانيام جايشانكار، "الحوار التجاري الإستراتيجي بين الهند والولايات المتحدة" في واشنطن.
وكان هدف الحوار تعزيز التنمية والتعاون في مجال التقنيات، مثل أشباه الموصلات، والفضاء، والاتصالات، والذكاء الاصطناعي، والدفاع والتكنولوجيا الحيوية بين البلدين.
وفي الفترة من 4 إلى 5 يونيو 2023، زار وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، الهند، وأعلن مع نظيره راجناث سينغ، إنشاء نظام لتعزيز التعاون الدفاعي بين البلدين.
وحسب التقارير التي صدرت بعد الزيارة، فإنه خلال السنوات القادمة ستشهد العلاقات بين البلدين تطورا في صناعة الدفاع، حيث سيعملان معا على تطوير التكنولوجيا الجديدة، وإنتاج المعدات العسكرية، وتعزيز التعاون بين الشركات الناشئة في مجال الدفاع.
وحسب الموقع، فإنه بعد 9 أيام من زيارة أوستن، زار سوليفان نيودلهي للتحضير لزيارة مودي إلى الولايات المتحدة.
وأوضح أنه "من خلال التقارير المتاحة، يمكننا أن نرى أن الولايات المتحدة بذلت جهودا حقيقية لجذب الهند إليها".
ووافقت الولايات المتحدة على نقل تكنولوجيا محركات الطائرات النفاثة من الولايات المتحدة إلى الهند، كما وافقت أيضا على بيع 31 طائرة مسيرة مسلحة من طراز MQ-9B للهند.
سخية للغاية
وشدد الموقع على أن "الولايات المتحدة سخية للغاية تجاه الهند، وبطبيعة الحال، فإن لديها ما تطلبه في المقابل".
أولا، هناك رغبة في تخفيض تدريجي لاعتماد الهند على روسيا في المجال العسكري والدفاعي، وذلك عن طريق تقويض العلاقات الروسية-الهندية، حسب التقرير.
فلطالما كانت روسيا هي أكبر مورد للأسلحة للهند، ورغم تنويع نيودلهي لمصادرها وزيادة استيرادها من مصادر أخرى بدءا من عام 1999، فإن الاعتماد على روسيا لا يزال يشكل أكثر من 50 بالمئة من احتياجاتها العسكرية.
أما الهدف الثاني، للولايات المتحدة من التعاون مع الهند، فهو المنافسة الإستراتيجية مع الصين، حسب التقرير.
فعلى المدى القصير، باعت الولايات المتحدة أسلحة ومعدات متطورة إلى الهند، مثل طائرات بدون طيار من طراز MQ-9B، والتي تدعم وتعزز ثقة الهند في استمرار "المواجهة" مع الصين على طول الحدود.
وعلى المدى المتوسط والطويل، من الضروري بالنسبة لواشنطن تشكيل ما يسمى بـ"الردع المتكامل" ضد الصين من خلال دمج "إستراتيجية الهند والمحيط الهادئ" بين واشنطن ونيودلهي، وإمكانية التشغيل البيني لأنظمة تكنولوجيا الأسلحة، وفق الموقع.
أما الهدف الثالث - حسب التقرير- فهو أن تصوغ واشنطن سياستها تجاه نيودلهي من منظور إستراتيجيتها العالمية، ومع ذلك، يعتقد بعض الخبراء الأميركيين أن ذلك قد يكون مقامرة سيئة بالنسبة لواشنطن.
"ناهيك عن أنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تحل محل روسيا كشريك رئيس للهند في التعاون الدفاعي على المدى القصير، لأن أنظمة الأسلحة في الولايات المتحدة والهند مختلفة للغاية"، وفق التقرير.
وأكد "الصين نت" أن "الأهم من ذلك أن نيودلهي تسعى للحصول على التكنولوجيا العسكرية المتقدمة من واشنطن بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاجها الدفاعي المحلي، بدلا من مجرد إدراج أنظمة الأسلحة الخاصة بها ضمن المعسكر الأميركي".
تحذير مسبق
ومنذ وصول مودي إلى السلطة، جعل توطين الإنتاج الدفاعي جزءا مهما من مبادرة "صنع في الهند"، بهدف تقليل الاعتماد على الواردات الدفاعية، وفق التقرير.
وتابع: "لقد أدت العديد من مواقف الهند الأخيرة إلى زيادة توقعات الولايات المتحدة بشأن تحول إستراتيجي من الهند تجاهها".
فعلى سبيل المثال، فيما يتعلق بالنزاع الروسي-الأوكراني، عقد مودي اجتماعا مع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في 20 مايو/ آيار 2023، في خطوة تبدو أقرب إلى الموقف الغربي.
"وفيما يتعلق بسياساتها تجاه الصين، تعرض نيودلهي بين الحين والآخر مواقف حازمة تجاه بكين"، وفق التقرير.
"ومع ذلك، يبدو أن كل هذا هو نوع من التمويه الذي تجيده الهند ببراعة، حيث تلتقط بدقة متطلبات الولايات المتحدة في مواجهة روسيا واحتواء الصين"، حسب الموقع الصيني.
وأكد أنه "بالنسبة لواشنطن، فإن أمنياتها الطيبة سيُحكم عليها في النهاية بأنها كانت بمثابة محاولة الحصول على الماء من سلة الخيزران عبثا"، في إشارة إلى أنها محاولات فاشلة.
وبرر الموقع ذلك بأن "الهند تسعى فقط للاستفادة من الجوانب الإيجابية التي تقدمها الولايات المتحدة من وجهة نظر إستراتيجية"، مؤكدا أنها ليست بحاجة إلى أن تكتسب صفة "حليف" أميركي، ولا تنوي تحمل أي التزامات تتعلق بتحالفها مع الولايات المتحدة.
وحول هذه النقطة، أوضح نائب مستشار الأمن القومي الهندي، فيكرام مصري، في يونيو/ حزيران 2023، أن بلاده "لا ترى نفسها حليفا عسكريا لأية دولة".
وقال المسؤول الهندي: "نحن شركاء مع العديد من الدول، بما في ذلك شركاء في المجال العسكري والدفاعي".
وأشار بشكل مباشر إلى أن "مبيعات الأسلحة بين الهند والولايات المتحدة لا تعني أنهما حليفان".
ويرى الموقع الصيني أن "الشراكة بين الهند والولايات المتحدة في مجالات وأبعاد مختلفة يُتوقع أن تكون مصدر خيبة أمل متبادلة في المستقبل".
ومن أجل تجنب أي تأثير سلبي من خيبة الأمل المتوقعة -كما حدث في فترات تاريخية سابقة- وجهت مراكز الفكر في كل من الهند والولايات المتحدة "تحذيرا" مسبقا لحكوماتهم، وفق التقرير.
وأكدت هذه المراكز أن "على الحكومتين توخي الحذر، فكلما ارتفعت توقعات الطرف الآخر كلما زادت خيبة الأمل"، حسب "الصين نت".