بعد خسارته أمام أردوغان.. هل يصمد "تحالف الأمة" المعارض حتى الانتخابات المحلية؟

12

طباعة

مشاركة

أدى فشل تحالف "الأمة" التركي المعارض في الفوز بالأغلبية في الانتخابات البرلمانية في 14 مايو/ أيار 2023، وخسارة الرئاسة في الجولة الثانية من الاقتراع، في 28 من ذات الشهر، إلى فتح باب المناقشات حول مستقبل هذا التحالف وأحزابه.

من ناحية أخرى، أدى فشل تحالف "الأمة" في الانتخابات إلى حدوث نقاشات داخل التحالف نفسه، وخصوصا لدى أحزاب "الشعب الجمهوري" و"الجيد" و"السعادة".

وفي حين أن هذه المناقشات داخل الأحزاب قد تؤثر على مستقبل التحالف نفسه، وكذلك على التوازن الداخلي للأحزاب.

هل انتهى؟

من الواضح أن أقوى وجهة نظر حول مستقبل تحالف "الأمة" هي أنه انتهى مع الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 28 مايو 2023.

إذ يعتقد السياسيون في تحالف "الأمة" ومعظم الصحفيين والأكاديميين الذين يدعمونه أنه "قد انتهى".

وحول مستقبله، قال النائب السابق لحزب "الشعب الجمهوري"، علي أوزغوندوز لـ"الاستقلال" إن "تحالف الأمة قد وصل إلى نهايته".

وتابع أوزغوندور في تقييمه: "من وجهة نظري، لو كان التحالف في السلطة أو لديه الأغلبية في البرلمان، سيصبح هناك التزام بالعمل معا فيما يتعلق بالنظام البرلماني والشؤون الحكومية. لكنني أعتقد أنه بعد خسارة الانتخابات، لم يعد له معنى".

لكن من زاوية أخرى، يفضل بولنت كايا، أحد مؤسسي تحالف الأمة ونائب حزب السعادة في إسطنبول، النظر إلى مستقبل التحالف من منظور مختلف.

إذ قسّم مستقبل أحزاب التحالف إلى قسمين، الأول هم العاملون على بعض الأهداف المحددة، ثم التعاون فيما بينهم خلال وقت الانتخابات.

وقال كايا لـ"الاستقلال": "الشراكات والأهداف السياسية بين الأحزاب هي ما ستظهر إمكانية استمرار التحالف من عدمه في هذه المرحلة"، متوقعا أن يختفي من الوجود حتى الانتخابات القادمة.

أما أمين شيرين، النائب السابق عن حزب العدالة والتنمية في إسطنبول، فيرى أنه "لا جدوى من استمرار تحالف الأمة بعد خسارة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية".

وأضاف النائب السابق أن "التحالف ليس في وضع يسمح له بالوفاء بأي وعد كان قد قطعه للشعب، لذلك ليس من الممكن التحدث عن استمراره".

ويعتقد سنان بايكنت، المستشار السابق لنائب حزب العدالة والتنمية في أنقرة توغرول توركيش، أن "تحالف الأمة قد تفكك بحكم الأمر الواقع".

وقال: "لا توجد علامة ملموسة على نجاح المعارضة، أعتقد أن تحالف الأمة قد انتهى، وأجد أنه من المحتمل جدا أن تعمل الأحزاب الليبرالية المحافظة داخله وفقا لأجنداتها الخاصة".

وأردف: من المحتمل أن يبذل حزب الجيد جهدا للانفصال عن "الشعب الجمهوري"، كما أن الأخير سيكون في صراع داخلي لفترة من الوقت.

وفي ذات السياق، فإن الصحفي محمود مصلحان، الذي يراقب الانتخابات والسياسة الداخلية التركية عن كثب، من بين أولئك الذين يعتقدون أن تحالف "الأمة" قد تفكك.

ويقول مصلحان، لـ"الاستقلال": "لقد تقبل التحالف أنه انهزم، بعدما كانت نقطة بدايته هي الانتخابات البرلمانية والرئاسية".

وتابع: "عندما ننظر إلى البيانات التي أُدلي بها بعد ذلك، يمكننا أن نرى مثالا واضحا على انتهاء التحالف في ذلك اليوم، وتصريحات مسؤولي الحزب والافتقار إلى مستقبل واعد مما جعله أقل جاذبية".

مستقبل مرهون

من ناحية أخرى، يرى الصحفي حسن البصري أكديمير، أن مستقبل تحالف "الأمة" سيحدده انتخابات زعامة حزب الشعب الجمهوري. 

وفقا لأكديمير، حتى لو استمر كليتشدار أوغلو في قيادة "الشعب الجمهوري"، بسبب عدم رغبة زعيمة حزب "الجيد" ميرال أكشنار في وجوده، سيخرج حزبا "المستقبل" و"الديمقراطية والتقدم" من التحالف.

ورأى أنه لا يمكن لتحالف "الأمة" أن يستمر على نفس المسار الذي بدأه مع 6 أحزاب.

وفي آخر ملاحظاته، يقول أكديمير إن حزبي "السعادة" و"الديمقراطي" اختلفا مع قواعدهما المحافظة بانضمامهما إلى تحالف "الأمة"، لذا فكلاهما لن يرغب في المشاركة به مرة أخرى.

لذلك، يؤكد الصحفي أكديمير أن تحالف الأمة لن يستمر، وأن العديد من الأحزاب لن تنضم له في حال إعادة تأسيسه في المستقبل.

وفي لقاء تلفزيوني، رأى الأمين العام لحزب الجيد، أوغور بويراز، أن تحالف الأمة قد انتهى.

وقال بويراز: "بانتهاء الانتخابات، سيختفي التحالف كذلك. فبدءا من 28 مايو 2023، انتهى التحالف الانتخابي".

وقبل أداء القسم البرلماني، استقال 38 نائبا من أعضاء أحزاب "السعادة" و"الديمقراطية والتقدم" و"المستقبل" و"الديمقراطي" من كتلة حزب الشعب الجمهوري في البرلمان، الذي انتُخبوا على قوائمه.

ومن وجهة نظر أخرى بشأن مستقبله، قد يُعاد تأسيس تحالف "الأمة" في الانتخابات المحلية التي ستجرى في مارس/آذار 2024.

ولكن حتى أولئك الذين يصرحون بأن تحالف "الأمة" قد يجتمع مرة أخرى في الانتخابات المحلية، يقولون إن "هذا أمر مستبعد للغاية".

وصرح نائب حزب "السعادة" في هاتاي نجم الدين تشاليشكان، أنه "انتهت مرحلة واحدة من تحالف الأمة بدءا من 28 مايو 2023، وسيستمر في طريقه كمرحلة ثانية في الانتخابات التي ستجرى في مارس 2024".

وفي حديثه مع "الاستقلال"، يقول النائب تشاليشكان، إن "تحالف "الأمة" سيستمر في طريقه خلال الانتخابات المحلية، وخاصة في المدن الكبرى، كما ستنفذ أعمال مشتركة في العديد من المدن".

وصرح النائب عن حزب "السعادة" بولنت كايا بأن تحالف "الجمهور" الحاكم الذي تأسس تحت قيادة حزب "العدالة والتنمية" لم يتفكك ولا يزال مستمرا.

وأكد أن تحالف "الأمة" يجب أن يستمر في طريقه حتى ينجح في الانتخابات المقرر إجراؤها في مارس 2024.

كذلك صرح كورشات زورلو المتحدث باسم حزب "الجيد"، ثاني أقوى حزب في التحالف، أنهم سيقررون ما إذا كانوا سينضمون إلى تحالف "الأمة" من عدمه.

وسيجرى اتخاذ القرار في الانتخابات المقرر إجراؤها عام 2024 في مؤتمر الحزب خلال في يونيو/حزيران 2023، لكنه امتنع عن استخدام صياغة واضحة محددة.

نزاعات داخلية

كان لخسارة تحالف "الأمة" في الانتخابات البرلمانية والرئاسية تأثير سلبي على حزب "الشعب الجمهوري". 

فبعد خسارة الانتخابات، بدأت مطالب "التغيير" ضد كمال كليتشدار أوغلو في الظهور داخل حزب "الشعب الجمهوري".

وكان رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، أول من طالب بتغيير رئيس حزب "الشعب الجمهوري" والمرشح الرئاسي كمال كليتشدار أوغلو.

بدوره، أدلى رئيس حزب "الشعب الجمهوري"، كمال كليتشدار أوغلو، بتصريحات واضحة للغاية في برنامج تلفزيوني في 10 يونيو 2023. 

 صرح بأنهم نجحوا في الانتخابات على الرغم من ضغوط الصحفيين الذين وجهوا له أسئلة في البرنامج الانتخابي، وأعطى رسالة مفادها أنه يجب إبقاء أكرم إمام أوغلو في بلدية إسطنبول.

ورد أكرم إمام أوغلو على كلمات كليتشدار أوغلو في المؤتمر الصحفي الذي عقده بالقول: "يجب أن نفكر في إسطنبول وتركيا"، ونقل رسالة مفادها أنه سيكون مرشحا للرئاسة العامة لحزب "الشعب الجمهوري" في المؤتمر الذي سيعقد.

واتهمت وسائل الإعلام المعارضة كليتشدار أوغلو، الذي لم يستقل من رئاسة حزب الشعب الجمهوري بعد خسارته الانتخابات، بأنه مثل الرئيس رجب طيب أردوغان يريد أن يكون "الرجل الوحيد"، وفق وصفها.

في خطابه في 13 يونيو 2023، قال كليتشدار أوغلو إن "التغيير سيمهد الطريق لي في المؤتمر الذي سيعقد ويمكن للجميع أن يكون مرشحا".

بعد تصريح كليتشدار أوغلو، أعلن رئيس المجموعة البرلمانية لـ "الشعب الجمهوري" أوزغور أوزيل أنه أصبح مرشحا للرئاسة العامة للحزب في المؤتمر الذي سيعقد في الخريف.

إلى جانب تحالف "الأمة" المعارض، أثرت إعادة انتخاب أردوغان على حزب "الشعب الجمهوري" أكثر من غيره.

ومن غير المعروف ما إذا كان كليتشدار أوغلو سيُعاد انتخابه في المؤتمر المقرر عقده في الخريف، لكن من المؤكد أن هذا الاجتماع سيكون مثيرا للجدل بشدة.

داخل حزب "السعادة"، الذي أسسه رئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان، تتهم المعارضة الداخلية، التي أطلقت على نفسها اسم "هيئة اتفاق هيمانا"، قيادة الحزب بالانحراف عن مسار المؤسس.

كانت "هيئة اتفاق هيمانا" تفكر منذ البداية بضرورة ضم حزب "السعادة" إلى تحالف "الجمهور" الذي أسسه أردوغان، وليس "الأمة".

وأصدرت "هيئة اتفاق هيمانا" بيانات متعددة منذ تأسيس تحالف "الأمة"، كان آخرها قبل فترة وجيزة من الانتخابات الرئاسية، ودعت فيه إلى عدم منح التحالف وكليتشدار أوغلو أصوات الحزب.

وقال إلياس تونغوتش، أحد أهم الشخصيات في جناح المعارضة في حزب "السعادة"، والذي كان يعمل بشكل وثيق مع الراحل أربكان، إن الحزب ارتكب خطأ بانضمامه إلى تحالف "الأمة".

وذكر تونغوتش في خطابه أن رئيس حزب "السعادة" تمل كاراملا أوغلو استبعد أولئك الذين عارضوه، وأكد أنهم "سيواصلون القتال داخل الحزب". 

ورغم الصمت العميق داخل "السعادة" بعد الانتخابات، فإن مصادر مقربة من الحزب تؤكد أن هذا "الصمت هو الهدوء الذي يسبق العاصفة".